الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 06:00 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

هل تتأثر العلاقات السعودية الهولندية بصعود اليمين المتطرف ؟

اليمين المتطرف في هولندا
اليمين المتطرف في هولندا

تتسم العلاقات السعودية الهولندية بالقوة والرسوخ، وتمتد جذورها إلى أكثر من قرنين من الزمن، حيث بدأت هولندا بالاعتراف بتأسيس السعودية في عام 1932، وتأسست القنصلية الهولندية في جدة بالفعل في عام 1869.

منذ ذلك الحين، تطورت العلاقات التجارية بين البلدين بشكل ملحوظ، حيث وصل حجم التبادل التجاري بينهما إلى حوالي 12 مليار دولار أمريكي في عام 2023. تشمل الصادرات السعودية إلى هولندا النفط والغاز والمنتجات الزراعية، فيما تشمل الصادرات الهولندية إلى السعودية المنتجات التكنولوجية والأدوية والمعدات الصناعية.

وفيما يخص التعاون الثقافي، اتسعت الشراكات بين البلدين في السنوات الأخيرة، حيث تبادلا زيارات فنية، كما تنظم السفارة الهولندية في الرياض العديد من الفعاليات الثقافية لتسليط الضوء على التراث الثقافي السعودي.

على الرغم من هذه العلاقات الراسخة، يظهر المستقبل إمكانية تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، حيث تسعى السعودية وهولندا جاهدين لتعزيز التعاون في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية. ومع ذلك، يطرح السؤال حول تأثير صعود اليمين المتطرف في هولندا على هذه العلاقات الثنائية الحيوية.

العلاقات السعودية الهولندية في نقاط:

  • تعود العلاقات السعودية الهولندية إلى القرن السابع عشر، عندما حصل التجار الهولنديون على تصريح بالعبور عبر أراضي الجزيرة العربية.
  • تطورت العلاقات بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث تعززت في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية.
  • وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، فقد شهدت السنوات الأخيرة زيادة مطردة في حجم التبادل التجاري بين البلدين، حيث بلغ إجمالي قيمة التجارة بين البلدين في عام 2023 حوالي 10 مليارات دولار.
  • عززت زيادة الزيارات للمسؤولين الهولنديين للمملكة، العلاقات السياسية والاقتصادية، وأدت إلى التعاون الاقتصادي في مجالات مثل الاستثمار والطاقة.
  • وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية، فقد دأبت الدولتان على تعزيز التعاون بينهما في مختلف المحافل الدولية، كما تبادلتا الدعم في العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
  • أصبح الحج بعد استعمار هولندا لإندونيسيا، أحد جوانب العلاقات مع المملكة، وتم افتتاح القنصلية الهولندية بجدة في 1869م.
  • كانت هولندا من أوائل الدول التي اعترفت بالمملكة العربية السعودية في 1926م.
  • بدأت العلاقات الدبلوماسية في 1968م، حيث أنشأت المملكة بعثتها الدبلوماسية في لاهاي.
  • عكست زيارات منظمات حقوق الإنسان التطور الإيجابي بشأن التعاون في مجال حقوق الإنسان، مثل زيارة منظمة "لجنة هلسنكي" في 2006م.

صعود اليمين المتطرف في هولندا

فاز حزب "من أجل الحرية" بزعامة خيرت فيلدرز بـ 37 مقعداً، وهو أكبر عدد من المقاعد في تاريخ الحزب. ومثَل فوز الحزب حلقة جديدة ضمن حلقات صعود تيارات اليمين المتطرف في أوروبا.

ويُعد فيلدرز من أكثر السياسيين خبرة في هولندا، والمُشرّع الأطول في مدة عمله بالبرلمان الهولندي.

  • يُعزى صعود الحزب إلى عدة عوامل، منها:
    • موقفه المتشدد من قضايا الهجرة.
    • تهدئة حدة بعض خطاباته وخططه العنصرية.
    • الحديث عن الحد من الدعم الهولندي لأوكرانيا.
    • السياق السياسي الهولندي الذي سمح بضخ دماء جديدة في المشهد السياسي، وكانت في معظمها من تيار اليمين المتطرف.
    • إعلان زعيمة "حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" عن تحالف محتمل مع حزب فيلدرز.

توجهات رئيس الحزب تجاه الإسلام

  • توجهات عنصرية:

يتبنى خيرت فيلدرز يتبنى مواقف حادة وعنصرية تجاه المسلمين والإسلام والمهاجرين، ووصف الإسلام بأنه "أيديولوجية شمولية"، مما يبرز توجهه المعادي للدين الإسلامي.

دعا في برنامجه الانتخابي إلى حظر القرآن والمساجد والمدارس الإسلامية، ومنع الحجاب في المباني الحكومية.

  • تصريحات جدلية:

يستند فيلدرز إلى تصريحات جدلية تتعلق بالإرهاب والدين الإسلامي، وأنتج سابقًا فيلمًا قصيرًا بعنوان "فتنة" حاول فيه ربط الدين الإسلامي بالإرهاب.

  • تأثر بأحداث سابقة:

فسر فيلدرز توجهاته المناوئة للمسلمين بتأثره باغتيال المخرج ثيو فان جوخ في عام 2004، الذي كان مناهضًا للإسلام، وأشارت مراكز أبحاث إلى توجهاته الإسرائيلية كإحدى العوامل التي تؤثر في مواقفه.

  • دعوات للتشدد:

طالب فيلدرز بحظر القرآن والمساجد وجميع المدارس الإسلمية، كما دعا إلى حظر الحجاب في المباني الحكومية، كما يسعى إلى فرض سياسات تقييدية تجاه المجتمع الإسلامي في هولندا.

توجهات الحزب ورئيسه تجاه الدول العربية

تثير تصريحات السياسي الهولندي اليميني، خيرت فيلدرز، موجة من الجدل، خاصةً في ظل انحيازه لإسرائيل ومواقفه من القضية الفلسطينية واللاجئين.

وقد سبق لفيلدرز أن هاجم المغاربة في هولندا ودعا إلى تقليل أعدادهم، كما تعهد بالحد من اللجوء وهاجم المملكة العربية السعودية.

وتتسبب تصريحات فيلدرز العنصرية بصدامات مع المسلمين والعرب، وهناك مخاطر من أن يأخذ هذا الأمر طابعاً مؤسسياً إذا ما نجح في الحصول على منصب سياسي حكومي أو رئاسة الوزراء.

توجهات الحزب تجاه المملكة

توترت العلاقات بين هولندا والمملكة العربية السعودية في عام 2013، بعد أن قام زعيم حزب الحرية الهولندي، خيرت فيلدرز، بتوزيع ملصقات مسيئة تشبه العلم السعودي.

قام فيلدرز بتغيير عبارة "لا إله إلا الله" على العلم السعودي إلى عبارات مسيئة للإسلام، مما أثار استياء المملكة العربية السعودية ودفعها إلى النية في فرض عقوبات اقتصادية على هولندا.

وتصاعد التوتر بين البلدين بعد أن استخدم فيلدرز ملصقات تحمل رموزاً سعودية مشوهة خلال حملته الانتخابية في عام 2013.

وفي خطوة رسمية، أعلنت وزارة الخارجية الهولندية عن نية المملكة العربية السعودية فرض عقوبات اقتصادية على هولندا، استجابةً للتصرفات "المهينة" لزعيم الحزب اليميني.

من جانبها، أكدت الحكومة الهولندية على عدم تبنيها لتصرفات فيلدرز، وتأكيدها أنها لا تعبر عن آراء الحكومة الرسمية.

ويأتي هذا التوتر في سياق العلاقات المتوترة بين هولندا والمملكة العربية السعودية، والتي تعود إلى مواقف الحكومة الهولندية المناهضة للإسلام.

تغير التوجه السياسي ونتائج الانتخابات

رفض زعيم حزب الحرية الهولندي، خيرت فيلدرز، التصنيف بأنه يميني متطرف، مؤكدًا أن هولندا تعتمد على التوافق وأن اليمين المتطرف ليس له تأثير كبير في بلاده.

وادعى فيلدرز أنه تجاوز فكرة اليمين المتطرف في هولندا، وصب تركيزه على التوافق والمعاملة العادلة للسكان الأصليين.

استفاد حزب فيلدرز من هذا التوجه نحو الاعتدال، حيث زاد عدد مقاعده في البرلمان من 17 إلى 37.

يرى فيلدرز أن الهجرة الجماعية تسبب في تجاهل السكان الأصليين وسوء المعاملة تجاههم، مما يؤدي إلى اندماجهم في اليمين المتطرف.

لجعل حزبه أكثر قبولًا للتيار الرئيسي، قام فيلدرز بتغيير خططه السابقة حول حظر القرآن والمدارس الإسلامية والمساجد.

بينما فاز حزب فيلدرز بمزيد من التأييد، يشعر بعض المسلمين في هولندا بالقلق والخوف من الفترة المقبلة، خاصةً مع توقعات بسياسات أكثر صرامة تجاه الإسلام.

مدى تأثير صعود اليمين المتطرف في هولندا

من المتوقع أن يكون للتحول السياسي المتمثل في صعود اليمين المتطرف في أوروبا تأثير كبير على السياسة الخارجية الهولندية.

من غير المرجح أن يتمكن حزب الحرية من تنفيذ أجندته المتطرفة بالكامل، حتى لو تمكن من تشكيل حكومة. فهناك العديد من الأحزاب الأخرى في البرلمان الهولندي التي ستعارض سياسات الحزب المتطرفة.

ومع ذلك، من المرجح أن يتمكن حزب الحرية من تحقيق بعض المكاسب، مثل تقليل الهجرة وفرض قيود أكثر صرامة على الإسلام.

يظل صعود اليمين المتطرف في هولندا مصدر قلق للمجتمع الأوروبي. فهذه الأحزاب تروج لخطاب الكراهية والعنصرية، مما قد يؤدي إلى زيادة التوترات الاجتماعية والتوترات بين المجتمعات المختلفة.

مستقبل العلاقات السعودية الهولندية

يمكن أن يكون لصعود اليمين المتطرف في هولندا تأثيرًا على العلاقات الهولندية مع المملكة العربية السعودية في عدة طرق؛

أولاً، قد يؤدي إلى زيادة التوترات بين البلدين، خاصةً في ظل المواقف المتشددة التي يتخذها اليمين المتطرف تجاه الإسلام، فحزب الحرية، الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات الهولندية الأخيرة، يُعرف بمواقفه المعارضة للهجرة والدين الإسلامي، وقد أدلى زعيم الحزب، خيرت فيلدرز، بالعديد من التصريحات المعادية للإسلام، مما أثار انتقادات من المملكة ودول أخرى.

إذا شكل حزب الحرية حكومة، فمن المرجح أن تتصاعد التوترات بين هولندا والسعودية، فقد يسعى الحزب إلى اتخاذ إجراءات ضد المؤسسات الإسلامية في هولندا.

ثانيًا، قد يؤدي إلى تقييد التعاون بين البلدين في بعض المجالات، مثل التعاون الثقافي، فحزب الحرية يعارض التعاون مع الدول الإسلامية، ويعتقد أن هذه الدول لا تحترم القيم الغربية. وقد يؤدي هذا الموقف إلى تقييد التعاون بين هولندا والسعودية في المجالات الثقافية، مثل التبادل الطلابي والثقافي.

ثالثًا، قد يؤدي إلى تباطؤ نمو العلاقات بين البلدين بشكل عام، فصعود اليمين المتطرف في هولندا قد يرسل رسالة إلى المملكة العربية السعودية بأن هولندا أصبحت دولة غير صديقة للإسلام. وقد يؤدي هذا إلى تباطؤ نمو العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات.

ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن العلاقات السعودية الهولندية قوية ومتينة، وقد تستمر في النمو على الرغم من صعود اليمين المتطرف في هولندا، فهناك العديد من العوامل التي تدعم العلاقات بين البلدين، مثل المصالح الاقتصادية المشتركة والرغبة في التعاون في مختلف المجالات.

حماية العلاقات السعودية الهولندية

وفيما يلي بعض العوامل التي قد تدعم استمرار العلاقات السعودية الهولندية على الرغم من صعود اليمين المتطرف:

  • المصالح الاقتصادية المشتركة: تعتمد هولندا على السعودية كمصدر مهم للنفط والغاز، كما تعتمد السعودية على هولندا كمصدر مهم للمنتجات التكنولوجية.
  • الرغبة في التعاون في مختلف المجالات: تسعى كل من السعودية وهولندا إلى تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية.
  • العلاقات الشخصية بين قادة البلدين: تتسم العلاقات الشخصية بين قادة البلدين بالود والتفاهم، مما قد يساعد على التغلب على التحديات التي تواجه العلاقات بين البلدين.

في الختام، من المحتمل أن يؤثر صعود اليمين المتطرف في هولندا على العلاقات السعودية الهولندية، ولكن من غير المرجح أن يؤدي إلى تدمير هذه العلاقات. فالعلاقات بين البلدين قوية ومتينة، وقد تستمر في النمو على الرغم من التحديات التي تواجهها.