شروق الشمس كاد أن يتسبب في وفاتها.. حكاية نزهة ليلى مراد التي تحولت لحادث دموي
يرغب الجمهور دائمًا في الإطلاع علي حياة نجومهم المفضلين، خاصة حياة نجوم الزمن الجميل التي كان يملأها البساطة والجمال والتلقائية، فهناك الكثير من المواقف الطريفة والأخري الإنسانية التى حدثت معهم بعيدًا عن عيون جمهورهم لكنهم ظلوا يتحدثون عنها في حوراتهم النادرة.
ويعتبر الفنانة ليلى مراد من أبرز الفنانيين الذين حدثت لديهم العديد من المواقف الغريبة التي ظلت تحكى عنها لسنوات طويلة، حيث كشفت ليلى في إحدي حوارتها النادرة عن أحد المواقف الصعبة الذي كانت ستتسبب في وفاتها ولكن القدر أنقذها من الموت بأعجوبة.
حيث صرحت ليلى مراد إنها سافرت ذات مرة إلى لبنان فى رحلة للاستجمام والراحة وأقامت فى أحد الفنادق الكبيرة هناك، مضيفة: "كان من عادتى أن أصعد إلى الجبل كل يوم لأستمتع بشروق الشمس، فهذا المنظر من أجمل المناظر التى ترتاح لها نفسى، وكنت قد اتفقت مع أحد سائقى السيارات على أن يضع سيارته تحت تصرفى طوال مدة إقامتى فى لبنان، فكان يمر على كل صباح ويذهب بى إلى أعلى الجبل".
وآشارت مراد إلى أنها ذات يوم شعرت بانقباض شديد وضيق جعلها تعدل عن فكرة الذهاب لنزهتها المعتادة، وعندما جاء السائق اعتذرت له، مشيرة:" بعد ساعة من انصراف السائق هبت عاصفة شديدة اجتاحت كل ما أمامها، ووقعت حوادث مؤسفة فوق الجبل وسقطت سيارات كثيرة، من بينها السيارة التى اعتدت التنزه فيها، حيث صعد السائق إلى الجبل مع زبائن آخرين، وأصيبوا إصابات مختلفة".
وأختتمث قيثارة الفن حديثها بأنها شكرت الله كثيرًا لأنها أنقذها من هذا الحادث بعد أن علمت ما حدث للسائق والركاب، مشيرة إلى أنها لو كانت ذهبت كعادتها للجبل فى هذا اليوم لتعرضت لهذا الحادث وربما فقدت حياتها لولا ترتيبات القدر.
ولدت الفنانة ليلي مراد فى ١٧ فبراير ١٩١٨ فى الإسكندرية لأسرة يهودية الأصل وكان اسمها ليليان إبراهيم زكى مراد، سافر والدها ليبحث عن عمل بالخارج وانقطعت أخباره لسنوات، لذلك اضطرت فيها للدراسة بالقسم المجاني في مدرسة الراهبات للبنات وتعرضت أسرتها للطرد من المنزل بعد نفاذ أموالهم وتخرجت بعد ذلك من هذه المدرسة.
بدأت الغناء وهى في سن الرابعة عشر، وتعلمت الغناء على يد والدها والملحن المعروف داود حسنى الذي اكتشف موهبتها فى الغناء، و بدأت المشاركة فى الحفلات الخاصة والعامة بشكل محدود، ثم تقدمت للإذاعة كمطربة عام ١٩٣٤ ونجحت، بعدها سجلت اسطوانات بصوتها، عام ١٩٧٣ ثم قامت بالتمثيل لأول مرة أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في فيلم "يحيا الحب" ثم جذبت أنظار الفنان يوسف وهبي لتقدم معه فيلمها الثاني "ليلة ممطرة" نهاية عام ١٩٣٩.
ليلى مراد تربعت على عرش السينما المصرية، بعدد أفلام كبير يحمل اسمها، بينها "ليلى بنت المدارس، وليلى بنت الريف، وليلى بنت الأغنياء"، وبثنائية مع المخرج والمنتج والممثل أنور وجدي، الذي صنع نجاحها على شاشة السينما ولكن زواجها به أثّر عليها عاطفيًا وإنسانيًا بشكل لم يكن إيجابيًا دومًا، حيث كان يحتكرها فنيًا، كما حدثت بينهما مناوشات كثيرة، لدرجة أن الصحف وقتها اتهمته بأنه وراء إطلاق إشاعة تبرع ليلى مراد بمبلغ مالي ضخم لإسرائيل، وهو الأمر الذي أحبطها كثيرًا وأثر على شعبيتها، وعانت مرارًا كي تنفي هذا الخبر الكاذب، الذي ربط حينها برغبة أنور وجدي بالإنتصار في صراعه معها، والإنتقام منها بعد الطلاق، حيث تزوجها عام ١٩٤٥ وأشهرت إسلامها بعدها بعام، ثم انفصلا بعد ٨ سنوات.
وهذا الأمر كان مربكًا للفنانة ليلي مراد التي قدمت فيلمين فقط بعد الإنفصال القاسي عن صانع نجوميتها وأزماتها على السواء أنور وجدي، ثم قررت اعتزال التمثيل تمامًا، وحينها كانت قد أكملت للتو السابعة والثلاثين، وهي في عز شهرتها، وكانت قدمت ٢٨ فيلم غنائي فقط، ولم تنجح المحاولات لإثنائها عن القرار المفاجئ، حيث كان آخر أفلامها "الحبيب المجهول" مع حسين صدقي عام ١٩٥٥.
تزوجت ليلى بعد انفصالها عن أنور وجدي، من الطيار وجيه أباظة، أحد الأعضاء البارزين في حركة "الضباط الأحرار".، فهي كانت زيجة قصيرة أنجبت خلالها ابنها الأكبر أشرف، وبعد الطلاق من أباظة تزوجت من المخرج الكبير فطين عبد الوهاب وزرقت منه بنجلها الممثل زكي فطين عبد الوهاب.
قدمت خلال مسيرتها الفنية أكثر من ١٠٠٠ أغنية، بين الوطنية والعاطفية والدينية، بإمضاء أيقونات ملحني عصرها، محمد عبد الوهاب ومنير مراد ورياض السنباطي ومحمد فوزي، وغيرهم، وكانت تحضر بين حين وآخر في أعمال غنائية وحفلات بعد اعتزالها العمل التمثيلي ولكن كان التفرغ الأكبر لطفليها وكانت قد أشارت في أحاديث عدة فيما بعد إلى أنها كانت تقدّر العائلة كثيراً، وكانت تتمنى أن تعيش زواجاً ناجحاً ومستقراً، فاستعاضت عن ذلك بالتفرغ لابنيها، حتى فارقت الحياة قبل ربع قرن من الزمان، في ٢١ نوفمبر عام ١٩٩٥ بمستشفى مصر الدولي بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز ٧٧ عامًا تاركة خلفها مشوار فني متميز.