حكايات من التاريخ.. حاكم روما المجنون الذي أراد إحضار القمر وعيّن حصانه بالبرلمان
مرّ الكثير من الطغاة على صفحات كتب التاريخ في فترات زمنية مختلفة، واستطاع بعضهم أن يترك بصمة لا تٌنسى في سجلات القسوة أو الجنون، ولكن الحاكم الروماني جاليكولا، هو من استطاع أن يتفوق على الجميع ليصبح أشهر الطغاة الرومان وأغربهم.
ويصف بعض المؤرخين جاليكولا بأنه كان أكثر من مجرد طاغية، بل كان نموذجًا للشر وجنون العظمة، وتقمص دور الإله في الأرض، حتى وصل جنونه إلى أنه طلب من أعوانه أن يحضروا له القمر، وبكى لعدم الحصول عليه، وعين حصانه بمجلس الشيوخ، كما صنع مجاعة بنفسه حتى يتذكره التاريخ.
وما زاد من جنونه وبطشه أن الشعب كان خائفا منه، وكذلك كان رجاله، رغم أنه كان بامكانهم أن يجتمعوا ويقضوا عليه. إلا أنهم استسلموا للخوف.
قتل من يدعو بالشفاء
ومن المواقف الجنونية للطاغية جاليكولا أنه تظاهر ذات يوم بأنه سيموت، فبادر أتباعه بالدعاء له بالشفاء، بل منهم من بالغ في التهور ودعا أن يأخذ الإله روحه بدلا من الحاكم، بينما وعد آخر أن يعطي مائة قطة ذهبية إن شُفي.
وفجأة خرج عليهم جاليكولا يبشرهم أنه لم يمت، وأن على كل من قطع وعدا ان يفي به، فقتل الشخص الأول، وأخد مائة قطعة ذهبية من الثاني.
تعيين الجواد في مجلس الشيوخ
وذات يوم جاءت اللحظة التي ستودي بحياته، حيث دخل إلى مجلس الشيوخ ممتطيا صهوة جواده، ولما أبدى أحد الأعضاء اعتراضه، أجابه جاليكولا: "لا أدري لما يبدي العضو المحترم اعتراضه على دخول جوادي المحترم على الرغم من أنه أكثر أهمية من العضو، فيكفي أنه يحملي"، وطبعا كعادة الحاشية هتفوا له وأيدّوا قوله.
وأصدر قرارًا بتعيين جواده عضوًا بمجلس الشيوخ، وطبعا هلّل الأعضاء لحكمة جاليكولا، وانطلق جاليكولا في عبثه حتى النهاية، فأقام احتفالا بتعيين جواده، وكان لزاما على الاعضاء أن يحضروا بملابسهم الرسمية للاحتفال.
ويوم الحفل تفاجئ الحاضرون أن المأدبة لم يكن بها سوى التبن والشعير ! فلما اندهشوا قال جاليكولا: إنه شرف عظيم أن يأكلوا من صحائف ذهبية ما يأكله حصانه، وهكذا أذعن الجميع لرغبة الطاغية وأكلوا التبن والشعير ! إلا واحدا كان يدعى "براكوس" رفض ذلك، فغضب جاليكولا وقال له: من أنت لترفض أن تأكل ما يأكله جوادي؟ وأصدر قرارا بتنحيه من منصبه، وتعيين حصانه بذلا منه. وبالطبع هلل الحاضرون بفم ملئ بالقش والتبن وأعلنوا تأييدهم لذلك المجنون.
نهاية الحاكم المجنون
ولكن الموقف لم يمر بسلام، حيث ثار براكوس وصرخ في وجه "جاليكولا" والأعضاء معلنًا الثأر لشرفه، وصاح في أعضاء مجلس الشيوخ: إلى متى يا أشراف روما نضل خاضعين لجبروت "جاليكولا"؟ وقدف حدائه في وجه الحصان، وصرخ يا أشراف روما افعلوا مثلي، استردوا شرفكم المهان.
وبالفعل استجاب الأشراف للنداء، واشتعلت المعركة بالأطباق وبكل شيء وصلت إليه أيديهم، وتجمع الاعضاء وأعوان جاليكولا عليه حتى قتلوه، وقتلوا حصانه أيضا، ولما وصل الخبر إلى الشعب، خرج مسرعًا وحطم تماثيل "جاليكولا" وأيضا تماثيل أفراد عائلته.
أقرأ أيضا
حكاية أغرب صداقة في التاريخ بين الملكة فيكتوريا وخادمها المسلم