”ما أصعب أن تتكالب الأوجاع والأحزان دفعة واحدة”
وائل الدحدوح ”جبل غزة” الذي حرّكت مأساته مشاعر وزير الخارجية الأمريكي
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، استطاع الصحفي وائل الدحدوح، مراسل قناة الجزيرة، أن يصبح رمزًا للمقاومة والصمود الفلسطيني الذي يتحدى الاحتلال بصبر كبير لا يحتمله إلا أصحاب العزائم القوية.
وخلال الساعات الماضية، تلقى الدحدوح- الذي يتواجد حاليًا في قطر للعلاج من إصابة خطيرة ألمّت به أثناء تغطية العدوان الإسرائيلي- فاجعة جديدة تُضاف إلى خسائره السابقة لأفراد أسرته، والتي أستقبلها بقوة تحمل تفوق الجبال.
وكتب الدحدوح رسالة تفطر القلوب ناعيًا والدته التي توفيت أمس الأحد في أثناء تواجدها بقطاع غزة.
وائل الدحدوح ينعى والدته
وقال الدحدوح عبر حساباته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي : إنا لله وإنا إليه راجعون، فما أصعب أن تتكالب الهموم والأوجاع والأحزان على قلب المرء وحياته دفعة واحدة، وما أصعب أن يكون من بين ذلك أوجاع الفقد التي تتناوشنا من كل جانب في عام الحزن.. اليوم فقدنا بابًا من أبواب الجنة وخسرنا قلبًا كان يلهج لنا وللمسلمين بالدعاء صباح مساء أمي الحبيبة.
وأضاف الدحدوح عن والدته: حبيبتي أمي نظيرة المرأة الصالحة المؤمنة الطيبة الحنونة فقدنا من لا يعرف الحقد ولا الحسد ولا الغل ولا الكره طريقا إلى قلبها ولا يعرف القيل والقال طريقا إلى لسانها"، وتابع :"هي الملاك على هيئة بشر التي أمضت عقودًا من العمر في التعب والشقاء والكبد والحزن والفقد والفقر بصبر وإيمان ورضى عمر قلبها بكل المعاني الطيبة والجميلة.
وتابع: نظرة الوداع وقبلة الوداع وشحنة تحسس جسدها الطاهر بسبب البعد والغربة والإصابة.. واحدة من خنساوات فلسطين كافحت منذ نعومة أظافرها وجاهدت ورابطت وربت الشهداء والجرحى والمعتقلين في سجون الاحتلال.. أنجبت لفلسطين ستة عشر ولدا وبنتا بقي لها منهم أحد عشر اثنان من الخمسة استشهدا في ميادين الوغى.
واختتم وائل الدحدوح نعيه، قائلًا: رحمك الله يا أمي يا مهجة روحي وبلسم قلبي وسكينة نفسي وبركة الحياة وجمالها والله أرجو أن تجتمعي مع أحبائك من العائلة في فردوس رب العالمين حبيبك حمزة وحبيتك أم حمزة وحبيبك محمود ودلوعتك شام وكل الشهداء.. أما نحن فسوف نتصبر ونتجلد على هذا الفقد وعلى هذه الحياة بحلوها ومرها بحول الله وقوته ولطفه وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أسرة وائل الدحدوح
وتعتبر أسرة وائل الدحدوح مثالًا حقيقيًا لإباء أبناء غزة المقاومين الذين فقدوا أعز من لديهم في شهور قليلة جراء الحرب، ففي يوم 25 أكتوبر الماضي، تلقى مراسل الجزيرة الذي عٌرف بلقب "جبل غزة"، خبر استهداف منزل لجأت إليه أسرته مع عائلة ثانية، في مخيم النصيرات، جنوب قطاع غزة.
وأدى القصف الإسرائيلي يومها إلى مقتل أكثر من 12 شخصًا، من بينهم زوجة الدحدوح، آمنة، وابنه محمود (16 عامًا)، وابنته شام (6 سنوات)، وحفيده الرضيع آدم.
خسائر وائل الدحدوح
ولم تتوقف الخسائر عند هذا الحد، ففي يوم 15 ديسمبر، تعرض الدحدوح لإصابة خطيرة في يده أثناء الغارة استهدفته مع زميله سامر أبو دقة، خلال تغطية غارة جوية طالت مدرسة في خان يونس، وهي الواقعة التي استشهد فيها أبو دقة أمام نظر الدحدوح.
كما بثت قناة الجزيرة، تقريرًا سابقًا يلخص مسيرة الدحدوح، أكّد أنه فقد أكثر من 20 شخصا من أقاربه، بينهم أخوته وأبناء عمومته، في غارات إسرائيلية على مدى السنوات الأخيرة.
مقتل حمزة الدحدوح
ولأن المصائب لا تأتي إلا لأصحاب العزائم، فقد تلقى وائل الدحدوح الصدمة الكبرى يوم 7 يناير، حينما استشهد ابنه البكر حمزة صاحب الـ27 عامًا، والذي سقط مع زميله المصوّر مصطفى ثريا (29 عامًا)، جراء صاروخ من طائرة إسرائيلية مسيّرة استهدف السيارة التي كانا يستقلانها قرب منطقة المواصي جنوبي غربي قطاع غزة"، وفق موقع قناة الجزيرة.
وكان مصطفى وحمزة في مهمة لتغطية أخبار النازحين لصالح قناة الجزيرة، وقال الجيش الإسرائيلي في تعليقه على الضربة، إنه استهدف "إرهابيًا كان يشغل مسيرة شكلت خطرًا على عمليات" عناصره.
ورفضت عائلتا ثريا والدحدوح تلك المزاعم، وقالتا إن توصيف الصحفيين بالإرهاب "مفبرك" و"زائف".
رسالة وزير الخارجية الأمريكي إلى وائل الدحدوح
وأثار قصة وائل الدحدوح اهتمام وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، والذي قال إنه يشعر بـ"أسف شديد" لمقتل حمزة، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة، في اليوم التالي لمقتل الصحفي الشاب.
وقال بلينكن: "آسف جدًا جدًا على الخسارة التي لا يمكن تخيلها والتي عانى منها زميلكم وائل الدحدوح. أنا أب أيضًا، ولا أستطيع تخيل الفظاعة التي عاشها ليس مرة واحدة، بل مرتين".
أقرأ أيضا: