خطير .. كاتب بريطاني يكشف أسرار السيسي التي لا يعرفها أحد
* الرئيس كان شخصا غير معروف للجمهور المصري قبل ربيع عام 2011
* سلاح "السرية التامة" التي يجيدها ابرز مفاتيحه السياسية
* يرى انه "ليس بالضرورة الذهاب الى تطبيق القالب الغربي للديمقراطية"
* توقع في رسالة الماجستير أنه "ليس هناك ما يضمن أن تتحد قوات الشرطة والجيش مع الأحزاب الحاكمة الناشئة في الديمقراطيات الوليدة".
على الرغم من ان الحديث عن شخص المشير عبد الفتاح السيسى اصبح ملء السمع والبصر الان بعد ما قام به من عمل فاجأ الجميع به حتى من كانوا يتمنوه في وقوفه بصلابة وشجاعة أمام تنظيم الإخوان المسلمين والإطاحة بهم من رأس السلطة في مصر، وما ترتب على ذلك من إفساد للمخططات الأمريكية والإسرائيلية لتقسيم العالم العربي الى دويلات متفككة الى جانب انحياز الرجل للشارع بما يمتلكه من مقومات واخلاقيات المؤسسة العسكرية وعقيدتها .
لكن تختلف في نفس الوقت نظرة الأشخاص الى السيسي وتتباين وجهة النظر المصرية عنها في الدول العربية، وكلاهما يختلفان عن رؤية ومنظور الثقافة وطريقة التحليل الغربية، ومن هنا نود أن نعرف كيف يرى الغرب ومثقفيه السيسي، وماذا كانوا يتوقعون منه وكيف يفسرون أفعاله وخطواته وما هي تنبؤاتهم بالنسبة له في المرحلة القادمة من حكم مصر، ففي مقال مطول للبروفيسور روبرت سبرنجبورج، الأستاذ بجامعة كينجز كوليدج بالعاصمة البريطانية لندن، شرح فيه رؤيته ووجهة نظر الغرب للمشير السيسي بناءا على ما لديه من معلومات جمعها من عدة مصادر، ليرصد بها بداية رحلة المشير منذ دخوله الكلية الحربية وحتى ترشحه لرئاسة الجمهورية.
ويقول د. سبرنجبورج أن السيسي كان شخصا غير معروف تقريبا للجمهور المصري قبل ربيع عام 2011، ولم يكن أحد يتوقع أن يصبح السيسي هو الرئيس القادم لمصر بتلك الطريقة المفاجئة، وربما كان هذا الارتفاع الملحوظ والسريع في مسيرة الرجل يشهد على قوة الجيش السائدة في مصر وقدرة المشير على تسخير تلك القوة لصالحه ولصالح مؤسسته التي ينتمي اليها بفخر.
ويرى سبرنجبورج أن مفتاح تلك المهارة السياسية هو سلاح "السرية التامة" التي يجيدها، بجانب دوره كخبير إستطاع خداع خصومه ودفعهم الى التفكير انه كان ضابطا محترف لكنه غير طموح، في حين أنه كان يمثل شخصية جذابة بالنسبة للجمهور المصري باعتباره الرجل القوي القادر على قيادة بلدهم للخروج من المستنقع السياسي في مرحلة ما بعد مبارك. فمن هو هذا الضابط الغامض، وكيف ولأي غرض سوف يحكم مصر؟. ويرى سبرنجبورج أن السيسي هو نتاج القيادة العسكرية العليا في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، كما يوحي مساره الوظيفي وتحالفاته الشخصية بالكثير. فقد ولد في القاهرة في 19 نوفمبر 1954 وتخرج من الأكاديمية العسكرية في عام 1977، ثم تدرب في المملكة المتحدة في الخدمات المشتركة بكلية القيادة والأركان عام 1992، وحصل على درجة الماجستير في كلية الحرب للجيش الأمريكي في عام 2006. وبدأ تدرجه الوظيفي في وقت مبكر، وترقى إلى قائد بسلاح المشاة بالجيش الثاني ثم قائد المنطقة العسكرية الشمالية، ثم عين نائب مدير، ثم مدير الاستخبارات العسكرية والاستطلاع، ليصبح أصغر عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد الانتفاضة التي أطاحت بحسني مبارك في 25 يناير 2011... وبعد ذلك عين قائدا أعلى للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع والإنتاج الحربي في أغسطس 2012 من قبل الرئيس المعزول محمد مرسي والذي قام بعزله لاحقا إستجابة لرغبة الشعب المصري وعلق الدستور وقام بوضع حكومة مؤقتة في يوليو 2013 في أعقاب الاحتجاجات الجماهيرية الواسعة والمعارضة لحكم مرسي، وأخيرا رقي إلى رتبة المشير في يناير 2014، وأعلن الترشح للرئاسة.
ويرى سبرنجبورج أن "المسار السياسي" للسيسي في الجيش المصري وخارجه، هو نفس المسلك الذي أنتج كل من الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات، بينما تم اختيار مبارك من قبل السادات نائبا للرئيس على وجه التحديد لأنه كان ضابط بالقوات الجوية وقد قال السادات وقتها أن مبارك لا يملك من الشعبية والكاريزما ولا ولاء القوات اللازم للقيام بانقلاب عسكري ضده، لكن بعد إغتيال السادات عام 1981، استقر الأمر في نهاية المطاف على اختيار مبارك كرئيس ثم وضع قائد عام ساح المشاة "الباهت" الشخصية، محمد حسين طنطاوي، باعتباره مجرد رئيس تنفيذي للجيش مع مكافأة الموالين بالترقيات والمحسوبية التي إنتشرت في أركان القوات المسلحة ذات الاقتصاد الكبير والمستقل عن الدولة. وكان السيسي واحد من الرجال المفضلين بالنسبة للمشير طنطاوي.
فقد تلقى السيسي التدريب الخارجي اللازم ونمت علاقاته الاتصالات وتم "تلميعه" بواسطة محترفين في القيادة المشتركة للخدمات في المملكة المتحدة، وكليةJSCSC ، وفي كلية الحرب في الجيش الأمريكي، وكملحق عسكري في الرياض بالمملكة العربية السعودية.
ويضيف سبرنجبورج أنه بعد أن أنشأ السيسي الأسس المهنية للقيادة العسكرية والعلاقات الشخصية داخل سلك الضباط وهو أمر في غاية الأهمية، تم تصعيده إلى منصب آخر أكثر حيوية وأهمية وهو نائب رئيس الاستخبارات العسكرية، وهو الجهاز ذو المسؤولية الأساسية والمضطلع بالرقابة على الضباط. وكان طنطاوي قد قام بترقيته ليكون عضوا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة كرئيس للإستخبارات العسكرية، وذلك خلال الفترة التي كان يحكم فيها مصر بعد أن تم إسقاط مبارك، وكان إسم السيسي في البداية غير مدرج بين الـ20 ضابطا الذين يشكلون المجلس العسكري، ثم أصبح أصغر الأعضاء سنا، ومن الواضح أن السيسي تم وضعه في المجلس العسكري من قبل طنطاوي بسبب ولائه الشخصي والمواهب السياسية التي يتمتع بها.
ويورد سبرنجبورج بعض أفكار السيسي التي وضعها في عام 2006، حين أرُسل الى كلية الحرب في الجيش الأمريكي للحصول على درجة الماجستير، فيشير الى أن السيسي في ورقة بحثية، كان يناقش مسألة الديمقراطية في الشرق الأوسط، فحذر السيسي من انه "ليس بالضرورة الذهاب الى تطبيق القالب الغربي للديمقراطية".
وقال إن "الديمقراطية"، هي مثل العلمانية، من غير المرجح أن تلقى ترحيبا واسعا من الغالبية العظمى من شعوب الشرق الأوسط، الذين هم أتباع مخلصون للعقيدة الإسلامية، لكن بدلا من ذلك، كتب السيسي أنه "لا يمكن فهمها دون فهم مفهوم "الخلافة الإسلامية"، ونظام الحكم السياسي والديني المشترك في الأراضي الإسلامية في القرون الستة الأولى بعد وفاة النبي محمد، وقد عكست تلك الفترة قيم "النزاهة والعدالة والمساواة والوحدة والمحبة"، ويوضح سبرنجبورج قائلا: ومع ذلك، لم يتحدث السيسي عن تطبيق الشريعة الإسلامية. وقد توقع السيسي أيضا في رسالته أنه "ليس هناك ما يضمن أن تتحد قوات الشرطة والجيش مع الأحزاب الحاكمة الناشئة في الديمقراطيات الوليدة".
ويشير سبرنجبورج الى أن أول قرار للسيسي اتخذه في اليوم الذي وضع فيه الرئيس المعزول مرسي في السجن هو تعيين الجنرال "محمد فريد التهامي" كرئيس للمخابرات وهو المنصب الحساس للغاية الذي كان مرسي قد وضع فيه قبل بضعة أشهر أحد الموالين له. وكان الجنرال التهامى، أقدم من السيسي بثماني سنوات، وهو كان بمثابة معلمه الأول في سلاح مشاة الميكانيكية ثم في المخابرات. ويقول سبرنجبورج ان الجنرال تهامى كان من الموالين لمبارك ولطنطاوي، تم تقاعد من الجيش في منصب مدير هيئة الرقابة الإدارية، وهي منظمة لمكافحة الفساد الحكومي ولكنها تستخدم في المقام الأول للتغطية على فساد من هم في السلطة، بما في ذلك ضباط الجيش – على حد قول سبرنجبورج !.
ويشير سبرنجبورج الى أن هناك ما يتردد عن أن حملة السيسي الإنتخابية تحتوي على عدد من الرجال الذين ينتمون للمؤسسة العسكرية ورجال النظام السابق لمبارك، مثل سمير فرج، الذي كان هو أيضا في سلاح المشاة الميكانيكية والاستخبارات، والذي تم تعيينه من قبل مبارك كمحافظ للأقصر ورئيس دار الأوبرا المصرية، والذي اتهم بقضايا فساد واسعة، ويشاع أن يكون مساعد الحملة الرئيسي، كما يوجد ايضا مساعد وزير الدفاع السابق للشؤون المالية والإدارية، اللواء محمود نصر، وهو الرجل الذي قد يكون من حيث الفكر "حامل أختام" شبكة المحسوبية المترامية الاطراف التابعة لمبارك وطنطاوي.
كما يوجد بالحملة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وهو المدافع الأشرس عن عبد الناصر وأحد المقربين له، ويعتقد أن يكون مستشار الحملة الرئيسي، وكذلك عمرو موسى وزير الخارجية السابق ثم رئيس الجامعة العربية، وكان قد تم تعيينه من قبل السيسي للإشراف على صياغة الدستور المدعوم من الجيش، ويعتبر موسى، الذي كان معروفا بكونه قريبا من المجلس العسكري، حتى أنه أشيع أنه المرشح المحتمل للمجلس، يدعم تماما سعي السيسي للرئاسة.
ويقول سبرنجبورج أنه برغم أن الموضوع الرئيسي للحملة الإنتخابية يتركز حتى الآن على مكافحة الإرهاب، إلا أن الخطاب الذي يتغلب على حديث السيسي يشتمل بشكل كبير على إشارات دينية إسلامية، فقد أعلن على سبيل المثال، أن المصريين يجب أن "يضعوا ثقتهم في الله والجيش والشرطة المدنية لنقل مصر إلى الحرية والاستقرار والتقدم، هذا بينما نجد أن سياسته الاقتصادية تتسم بالغموض، وقد تم تعليق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتعتبر شروط الصندوق التي سيفرضها للحصول على قرض بمثابة انتحار سياسي لأي مرشح يرتبط بها. لكن على جانب آخر، يحاول السيسي استئناف المفاوضات مع الرأسماليين المصريين الهاربين في المنفى، وهو يفترض أن يقوم باستدراجهم لإعادة أموالهم مرة أخرى إلى مصر، وقد أعلن الحد الأدنى للأجور لموظفي القطاع العام، كما أن لديه حزمة تحفيز إقتصادي بشكل عام. لكن في غضون تلك الأسابيع، تتكثف الأزمة الاقتصادية بشكل سريع للغاية، كما تتجلى في ارتفاع معدلات البطالة والفقر والتضخم، وزيادة الدين الحكومي، وانقطاع الكهرباء، وهروب رأس المال وغياب السياح.
ويرى سبرنجبورج أن السيسي استطاع بمهارة تجنب أي لوم مباشر عليه، والقى الكرة في ملعب رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي وحكومته التعساء، والذي استقال من منصبه في فبراير الماضي وسط انتقادات لفشله في التعامل مع المشاكل الاقتصادية في مصر.
ورغم ذلك فقد أشار أحد استطلاعات الرأي أن ثلثي المصريين يوافقون السيسي على أدائه، وربما يرجع ذلك إلى أن الجيش لا يزال هو المؤسسة الأكثر ثقة في البلاد، فهناك حوالي 90٪ من المصريين يعبرون عن دعمهم للمشير ولرسالته في استعادة الاستقرار بحكم حملتة على الإسلاميين؛ وهو يحظى بصورة الضابط الأنيق، جنبا إلى جنب مع صورة الورع المسلم الذي يحمل الاحترام التقليدي للمرأة والمسيحيين، وهو رجل حذر بخصوص السياسات الموضوعية، لا سيما الاقتصاد.
ويرى سبرنجبورج أن السيسي يتجنب المسائل الحرجة وهو في ذلك يبدو "شعبيا" جدا، ويرجع ذلك إلى مهارته وخلفيته العسكرية والتنشئة التقليدية في حي الجمالية الشعبي بقلب القاهرة التاريخية، وهو أقرب في هذا لوصف "الفهلوة" التي يحبها المصريين والتي ربما تمكنه من القيام بدور القيادة.
ويجيب قائلا أن هناك بالفعل نوع من النفاق دائما ما يسود الصورة الرئاسية المتوقعة، وهي أنه يتم تشبيهه بـ"ناصر" جديد. لكنه لا يمكن أن يكون ناصر جديد، على الرغم من جهوده المحتملة في محاكاته وتأكيد الابنة هدى عبد الناصر بأنه سيكون مثله إلا فيما يتعلق بشيء حيوي واحد، وهو الاستبداد العسكري، لكن من المؤكد أنه لا يمكن أن يكون ناصر جديد بسبب التغيير العميق في السياقات الخارجية والداخلية على حد سواء، فقد انتهت الحرب الباردة ودور مصر الإقليمي تضاءل كثيرا، لكن السيسي يسعى لإحياء الكبرياء القومية، وربما في جزء منه للتعويض عن المشاكل الداخلية هو أمر لا مفر منه. ويضيف سبرنجبورج أن تعاملات السيسي الأخيرة مع روسيا، بما في ذلك توقيت رحلته لموسكو لإتمام صفقة الأسلحة، كان القصد في جزء منها هو إطلاق حملته الرئاسية الإنتخابية، كما أنه في هذه الزيارة يستحضر ذكريات عبد الناصر وتلاعبه مع الغرب بتوجهه الى جانب السوفييت. لكن في الواقع، فإن أي صفقة أسلحة مع موسكو تعتبر في جزء كبير منها غطاء سياسي ليخفي الاعتماد المستمر للجيش المصري على الولايات المتحدة من كونه تأكيد للاستقلال الحقيقي لمصر عن أمريكا.
أما بالنسبة للاقتصاد المحلي، يقول سبرنجبورج أن السيسي يحاول مرة أخرى أن يسير في ظل عبد الناصر، بل يبدو أن ظل ناصر يلوح في الأفق بشكل أكبر من السيسي نفسه، الذي يعتبر بالفعل أن الحقبة الجديدة هي مرحلة المشاريع الكبرى، تماما كما فعل ناصر مع سد أسوان ومختلف المشاريع الأخرى.
وفي هذه الحالة، يمكن أن يكون المشروع الحقيقي هو التطوير المقترح لمنطقة قناة السويس، والتي يجري تسويقها كقوة دافعة لمستقبل مصر المشرق كاقتصاد ناشئ ورائد.، على الرغم من أن هناك عناصر إرهابية تحاول تعطيل الملاحة في هذا الممر المائي من خلال استهداف السفن التي تقوم بالمرور في القناة، لكن هذا لن يقلل من أهمية القناة التي تحمل حوالي 8٪ من التجارة البحرية العالمية.
ويشير سبرنجبورج الى أنه في حين أن التنمية في هذه المنطقة تعتبر من الأمور المنطقية اقتصاديا وكذلك من المنظور الأمني، فسوف يتم تعثر المشروع من خلال قضايا الحكم نفسه التي تعطل التنمية الشاملة في مصر، على الرغم من أن الصينيين والروس قد يشتركون فيه إنطلاقا من الحسابات الأمنية الخاصة بهم. وعلاوة على ذلك، تم اختيار مشروع القناة في جزء منه لأن تلك المنطقة هي مركز هام جدا من مراكز نفوذ الجيش، وبالفعل يسيطر الجيش على معظم أراضيها، مما يشكل فرصة جيدة، على الأقل في رأي السيسي، وبالنسبة للجيش لإظهار براعته في إدارتها، حين يقوم الجيش بتوليد المزيد من الإيرادات لصالحها، من خارج الميزانية الاقتصادية الإجمالية للبلاد.
ويشير سبرنجبورج الى آنه في الواقع، منذ أن أصبح السيسي هو الحاكم الفعلي للبلاد، فإن وتيرة تعاقد الحكومة مع شركات يسيطر عليها الجيش قد ازداد بشكل ملحوظ، مما يشير إلى رغبته في تعزيز سيطرته على الضباط وكذلك خططه للدور المستقبلي الجيش.
وباختصار، فإن الجيش تحت رئاسة المشير سيقوم بتوسيع نفوذه بعد الى مزيد من الاقتصاد والدولة، أكثر مما فعل في عهد عبد الناصر، وفي هذا يوجد لدى السيسي بالفعل كل الفرص للنجاح، فالمكونات المؤسسية الثلاث للدولة وهي الجيش، والداخلية، والمخابرات العامة، هي بالفعل تحت سيطرته، وهو ما لم يستطع أيا من أسلافه أن يتمكن منه تماما في أي وقت مضى، وفي حين كان ناصر والسادات ومبارك يلجأون لبناء الأمن وجهاز أمن الدولة أو وكالات الاستخبارات التابعة لوزارة الداخلية من أجل تحقيق التوازن قبالة القوات المسلحة، نجد أن السيسي لا يوجد لديه مثل هذه الحاجة، ويتضح هذا بشدة في الحملة الأمنية لمكافحة التمرد الإخواني الجاري حاليا، وتستمد الحملة قوتها من اتحاد كل من القوات العسكرية والأمنية التابعة للداخلية، ومرة أخرى يعكس هذا الموقف نهجا جديدا يوضح كيف أن المشير لديه الهيمنة على كليهما.
أما بالنسبة للمجالات السياسية المباشرة من حيث البرلمان والأحزاب السياسية، فليس لدي السيسي حاجة اليهم، فكما فعل ناصر، يمكن صياغة الحزب الواحد لمزاحمة المعارضة في الانتخابات البرلمانية. وفي الوقت الحاضر، يعتمد السيسي على الجيش، وعلى عناصر أخرى من الدولة العميقة والتكنوقراط التي ورثها من عهد مبارك لإدارة حملته الانتخابية، مما يشير الى أنه يأمل أن يحكم بنوع من النسخة الرئاسية للملك عبد الله الثاني ملك الأردن أو الملك محمد السادس في المغرب، وتحقيق التوازن قبالة مختلف الأحزاب السياسية والقوات الخاضعة له مع الاعتماد على الدولة العميقة لترسيخ جوهر حكمه، وبهذه الطريقة يمكن للسيسي استخدام القوى السياسية والجهات الفاعلة المستقلة اسميا كمادة لامتصاص الصدمات السياسية وتحميلها مسؤولية أي إخفاق يحدث في حين يقوم بالتلاعب بها أيضا حتى لا تتجمع في كيان واحد معارض له، وفي الوقت الحاضر، يوجد لدى العديد من هذه الجهات السياسية الفاعلة استعداد لقبول هذا الدور.
وحتى إذا لم يفعلوا ذلك، فإنه لا يزال لديه الخيار لحشد حزب سياسي تحت وصايته، على الرغم من أن هذا الأمر قد يشكل إما ضعف أو طموح مغرور من جانبه.
ويشير سبرنجبورج الى أنه ورغم الدعم الهائل للمشير السيسي على نطاق واسع في مصر، إلا أن كثير من المصريين يخشون العودة الى التسلطية العسكرية، لكن السيسي هو ضابط موهوب ومسيس للغاية، وهو الذي نجح في إنقاذ الجيش والدولة العميقة من الدمار على أيدي الثوار أو الإخوان، والآن هو يجني ثمار أدائه المتميز، لكن يأتي الخطر من أن طموحاته، جنبا إلى جنب مع مصالح المؤسسة العسكرية ربما تكون كبيرة أكثر من اللازم.
ويتساءل سبرنجبورج ما هو نوع الرئيس الذي قد يكون عليه السيسي؟