حكايات نور الهدي.. اكتشفها يوسف وهبي ودمرتها أم كلثوم..صامت رمضان رغم أنها مسيحية
يحل اليوم ذكري ميلاد الفنانة نور الهدي والتي ولدت في 21 ديسمبر عام 1924، تميزت بصوت رقيق، وظهر تميزها وموهبتها الفنية خلال الحفلات المدرسية التي كانت تشترك بها، وحينما أُتيحت لها أولى فرصها مع يوسف وهبي، والذي أطلق عليها لقب أم كلثوم لبنان، واستطاعت بصوتها منافسة مطربات عصرها في ذلك الحين، وهو ما كان سببًا في تكوين عداوات بين الكثيرين، وبخاصة كوكب الشرق أم كلثوم.
ولدت نور الهدي في تركيا وهي من أصول لبنانية وأسمها الحقيقي الكسندر نقولا بدران، بدأت موهبتها منذ نعومة أظافرها، حيث أهلتها طبقات صوتها القوية من المشاركة في التراتيل بالكنيسة.
وأثناء زيارة الأسرة إلى لبنان، وتصادف وجود الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي أثنى على الصغيرة التي استمع إليها وهى تنشد قصيدة "يا جارة الوادي" لأمير الشعراء أحمد شوقي، دون أن يدري كلاهما، أن الطفلة ستقف أمام موسيقار الأجيال يومًا ما، وذلك عام 1946، من خلال فيلم "لست ملاكًا"، بل ويتشاركان سويًا في دويتو غنائي من كلمات الشاعر حسين السيد "شبكوني ونسيوني قوام، وفاتوني ولا حتى سلام، يا خسارة عِشرة الأيام".
وكان أكتشافها من خلال يوسف بك وهبي، الذي آمن بموهبتها، واختار لها اسمًا فنيًا يلازمها طيلة مشوارها وهو "نور الهدى"، وعرض عليها النزول إلى مصر حيث الشهرة والمجد والأضواء، فرقصت فرحًا وكادت يغمى عليها، وبالفعل أرسل لها تذكرة السفر، ووافق يوم قدومها مصر ليلة ٢٦ رمضان، وكان المسلمون جميعًا يحتفلون بليلة القدر، فندرت فيما بعد أن تصوم شهر رمضان كله مع المسلمين حتى آخر يوم في عمرها رغم كونها مسيحية، وقد كان، وقدمت معه في بدايتها فيلمي "جوهرة"عام 1943، و"برلنتي" عام 1944، وقدمت عددا من الأغنيات وكانت منافسة شرسة، وسط عمالقة الفن في هذا التوقيت أمثال أم كلثوم، وليلى مراد.
ونجحت نور الهدى، في تكوين ثنائي ناجح مع الموسيقار محمد فوزي، من خلال تقديم نحو 4 أفلام، وهن فيلم "مجد ودموع"، و "قبلني يا أبي"، و "نرجس"، و"غرام راقصة"، وقدما سويًا عددًا من الأغنيات، منها "هغني، أنا مش حلوة، عايز أقولك، أوبريت ألف ليلة وليلة".
وتوالت أعمالها ومن أشهر افلامها "شباك حبيبي"، مع أنور وجدي، والمطرب عبدالعزيز محمود، " عايزة اتجوز"، و"ماتقولش لحد"، ومن أشهر القصائد والموشحات التي نجحت نور الهدى في تأديتها، "ياجارة الوادي، تباركت يارب من خالق، يارب سبح بحمدك كل شئ، لما بدا يتثنى، هل هلال العيد"، ومن أفلامها "الأنسة بوسة، أميرة الأحلام، حياة حائرة، الشرف غالي، المستقبل المجهول".
وبالرغم من تألق نورالهدى فنيًا، إلا أن مشوارها كان قصيرًا لم يسفر إلا عن مايقرب من 25 فيلمًا فقط، بعد أن قررت العودة إلى لبنان بعد أخر أفلامها "حكم قراقوش"عام 1953 أمام زكي رستم، بعد أن حاصرتها الضرائب، ولم تساندها نقابة الموسيقيين وقتها بل قررت منعها من الغناء في الحفلات، وأن يقتصر غناءها في السينما فقط، الأمر الذي شكّل عبئًا عليها.
وكل هذا جاء بسبب غيرة بعض الفنانات المصريات، اللاتي أعتبرنها أتت من بيروت لتسرق منهن بريق الشهرة، وكثرت الشكاوى ضدها من الفنانات أمثال ليلى مراد ورجاء عبده وأم كلثوم التي حرضت البعض ضدها، لذا قامت إدارة الشؤون العامة بعدم تجديد إقامتها، وقامت مصلحة الضرائب بمنعها من تقديم أي حفلات في القاهرة والاكتفاء بغنائها في الأفلام فقط، ورغم شهرتها وقتها، إلا أنها لم تحقق ذات النجاح على أرض لبنان، وقدمت أعمالًا لم تحقق أية أرباح من ورائها.
وعندما عادت لمصر في الستينيات قدمت حفلة أو حفلتين وحلقة مع سمير صبرى في برنامجه الشهير آنذاك «النادى الدولى»، وسرعان ما عادت مرة أخرى للبنان لتعيش الباقى من عمرها ست بيت بلا زوج أو أولاد، تعيش فقط على معاش والدها وترعى أختها وأولادها وأحفادها بعد مجد وبريق فنى كبير لكنه قصير، حتى رحيلها في مثل هذا اليوم 9 يوليو من عام 1998.