تفاصيل يوم بكت فيه الإنسانية على رحيل ”داهية العرب” أنور السادات
لا يزال يوم اغتيال الزعيم الراحل أنور السادات، باكيا، ساقطا من ذاكرة التاريخ، فهو اليوم الذى كان شاهدا على ارتكاب يد الخسة والندالة كبرى الجرائم فى حق البشرية، بعدما استباحت دماء قائد الحرب والسلام، استباحت دماء من خطط ووجه لتحرير أرض الكنانة، وسيظل مشهد إطلاق الرصاص على الزعيم الراحل مقززا للإنسانية، ولا يختلف اثنان على أنه بين كل قطرة دماء سالت من جسد زعيم العرب، تسابقت دعوات المصريين مع المحاكمات القضائية على منفذى العملية الإجرامية بالهلاك، وسيظل مشهد رحيل الرئيس السادات فى ذكرى تحريره الأراضى المصرية، شاهدا على الخيانة التى تعرض لها الوطن.
بدأت أحداث يوم السادس من أكتوبر 1981 الذى تم اغتيال السادات فيه بلحظة استيقاظه من نومه ورفضه ارتداء القميص الواقى من الرصاص، ولم يختلف أحد على المشهد الذى عرضه فيلم أيام السادات فى السينما المصرية، عندما استوقفت جيهان السادات، الزعيم الراحل وطالبته بارتداء قميصه الواقى فاعترض وقال لها نصا "أنا هكون بين ولادى"، وذلك بالتزامن مع تحذيرات أجهزة جمع المعلومات للرئيس الراحل من حضور حفل تخرج الكليات والمعاهد العسكرية.
وبينما كانت منطقة المنصة على موعد مع الزغاريد التى تعبر عن الفرحة والسعادة بانضمام خريجى الكليات والمعاهد العسكرية، إلى صفوف القوات المسلحة، كانت الأقدار تخبئ الحزن والألم والصرخات والعويل للسيدات اللاتى كن مستعدات بالزغاريد للتعبير عن فرحتهن، ووصل موكب الرئيس الراحل السادات، إلى مكان الاحتفال، واستقبلت المدفعية السادات، بإطلاق الطلقات تحية من القوات المسلحة لقائدها الأعلى، ثم اتجه إلى المنصة وصافح القادة الحاضرين وجلس فى مكانه متصدرا المنصة الرئيسية .
كان الصوت الملائكى للراحل الشيخ عبدالباسط عبد الصمد، علامة بدء الاحتفالية، ثم ألقى وزير الدفاع كلمته، وانتقل الرئيس السادات إلى نصب الجندى المجهول، ووضع إكليلا من الزهور، وقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء، ثم عزفت الموسيقى سلام الشهيد، وبعدها عاد الرئيس السادات إلى المنصة، وهو المشهد الذى كان يتكرر سنوات بعد انتصارات أكتوبر، وبدأ طابور العرض العسكرى بالمدرعات والوحدات الراكبة وظهرت فى سماء منطقة المنصة طائرة هليوكوبتر تحمل فريق مصر للقفز الحر بالبراشوت، وتقدمت فرق الأبطال ناحية السادات، لتقديم التحية له والقادة العسكريين وكبار الضيوف من السلك الدبلوماسى، ثم تقدمت عروض سلاح المدفعية، بالتزامن مع ظهور طائرات الـ 29 والميراج فى سماء العرض، والتى قدمت عروض الأكروبات الجوية، وبينما كانت عقارب الساعة تقترب من الواحدة إلا دقيقة توقفت عربة من عربات المدفع أمام المنصة وتقدم قائدها الضابط خالد الاسلامبولى بمدفعه الرشاش، وبجواره آخر عسكرى يحمل بندقية آلية، وفاجئ الإسلامبولى المنصة بإلقاء قنبلة يدوية تدميرية تبلغ قوتها 5 أمتار لكن الأقدار أوقفت مفعولها حيث لم تنفجر، فيما ألقى شريكه قنبلة أخرى فى وجه الفريق عبد رب النبى حافظ، رئيس الأركان ولم تنفجر هى الأخرى.
ولم ينتبه أحد إلى مثل هذه المحاولة منذ بدايتها فأطلق الإسلامبولى، قنبلة دخان آملا أن تنفجر وسط المنصة، وهو ما حدث، وسادت حالة من الهرج والمرج، وانطلقت الصرخات، فتقدم القتلة بتوجيه الرصاص من مدفع رشاش وثلاث بنادق آلية فى اتجاه المنصة، فما كان من البطل المغوار إلا أن وقف كالأسد ينتفض جسده ليعلن قوته وعدم رهبته من الموت، ولم تستغرق عملية الاغتيال أكثر من 3 دقائق، وحاول القتلة وهم كل من : الملازم أول خالد الإسلامبولي، الملازم أول سابقا عبدالحميد عبدالسلام، الملازم أول احتياطي مهندس عطا طايل من مركز تدريب المهندسين والرقيب متطوع حسين عباس، الهروب لكنه تم ضبطهم، وتم نقل جثمان السادات إلى مستشفى المعادى العسكرى بطائرة، وفشلت كل محاولات إنقاذ السادات، حيث تم إعلان وفاته بعد وصوله المستشفى بحوالى ساعتين .
من جانبها أعلنت جيهان السادات، قرينة الرئيس الراحل أنور السادات، أن يوم السادس من أكتوبر لا ينسى أبدًا، فهو عنوان الفرح والحزن، قائلة : في الأيام الأخيرة كنت عارفه أنه هيتم اغتيال الرئيس السادات، وكان عندي الاحساس ومش عايزه اصدقه ورافضاه"، موضحة: "حتى بعد مرور العديد من السنين بيفضل الوجع موجود وميتنسيش أبدًا".