القبطى الذي حفظ القرآن وماري منيب تسببت في عزوفه عن الزواج وبعد طرده من المسرح أصيب بالإكتئاب حتى وفاته.. أحزان واجهت ملك الكوميديا بشارة واكيم
يعتبر الفنان بشارة واكيم، من أهم نجوم الزمن الجميل فهو خلق لنفسه مكانة خاصة واستطاع أن يحلق بالمسرح في سماء النجومية، فبجانب أبداعه في المسرح أستطاع بشارة أن يقدم أعمال مميزة في السينما وتنوعت أدواره بين التراجيديا والكوميديا، وفي السطور المقبلة يرصد "الموجز" أبرز المحطات في مسيرته الفنية.
ولد الفنان بشارة واكيم في ٥ مارس عام ١٨٩٠ بمحافظة القاهرة في حي الفجالة، تعلم في مدرسة "الفرير"، وفي عام ١٩١٧ تخرج من مدرسة الحقوق، وبسبب الحرب العالمية خسر بعثته لدراسة الحقوق في فرنسا.
عشق الفن منذ طفولته ولكن عائلته رفضت عمله في الفن بشكل قاطع، لكنه قرر أن يتحداهم وبدأ عمله كعضوًا في فرقة عبد الرحمن رشدي ثم فرقة رمسيس مع يوسف وهبي ثم كون فرقة خاصة به فيما بعد، وعندما انضم بشارة إلى فرقة جورج أبيض اضطرته أحد مشاهد التمثيل إلى حلق شاربه، وطرده أخيه الأكبر من المنزل لأنه رأى أنه تخلى عن رمز الرجولة ليعمل مشخصاتي، فأضطر للمبيت فى أروقة المسرح.
بدأ بشارة مسيرته الفنية في السينما عام ١٩٢٣ وكان أول ظهور له من خلال فيلم "برسوم يبحث عن وظيفة"، لينقطع عن السينما لخمس سنوات بسبب إنشغاله بإعداد فرقته المسرحية، ثم عاد للسينما عام ١٩٢٨ بفيلم "تحت سماء مصر"، لينقطع عن السينما مرة أخري لمدة ستة سنوات ليعود عام ١٩٣٤ بفيلم "ابن الشعب"، وبعد ذلك لم يبتعد عن السينما وكان يقدم في العام الواحد أكثر من فيلم.
أتقن واكيم اللهجة الشامية وذلك بعدما اكتسبها من جيرانه بالفجاله، كما كان يتقن اللغة الفرنسية مما ساعده فى ترجمة وتعريب العديد من المسرحيات الغربية، كما كان يتقن اللغة العربية إتقانًا شديدًا، وحرص على دراستها وهو ما دفعه لحفظ القرآن الكريم رغم ديانته المسيحية، وهذا ساعده فى هوايته بكتابة الشعر الموزون، حتى أن الفنان أنور وجدى نصحه بنشر أشعاره فى ديوان ولكنه رفض معتبرًا هذه القصائد أمرً خاصًا به.
بشارة وكيم كان يهوى القراءة أما هوايته المفضلة كانت صيد السمك وكان يشاركه النجم عماد حمدي في رحلات الصيد، وعمله في الفن أيضًا كان سببًا في فسخ خطبته من أول فتاة أحبها، كما فشل في الحب مرة أخرى بعدما عرض على الفنانة ماري منيب الزواج لكنها رفضته، فاتخذ قرارًا بعدم الزواج نهائيًا، ولكن ترددت بعد الأقاويل أن لم يكن فشله في قصص حبه هو السبب الرئيسي في عزوفه عن الزواج، لكن دعوة والدته "روح إلهي يبتليك بجوازة تهد حيلك"، تسببت في خوفه من فكرة الزواج بشكل عام.
ولإرتباط بشارة بالمسرح والقراءة كانت أول انتكاسه مرضيه له علي المسرح وهو يقف بجانب نجيب الريحاني خلال "مسرحية الدنيا لما تضحك"، وأصيب بالشلل المؤقت، وعندما تأزمت حالته الصحية، طلب منه نجيب الريحاني أن يستريح قليلاً، فلم يتقبل بشارة، واستمر في العمل حتى انهار يومًا مما استدعى حجزه داخل المستشفى، ولكنه أقنع الطبيب إذا تركوه يذهب إلى المسرح يوميًا للمشاهدة فقط فسوف تتقدم صحته، وبالفعل سمحوا له بالذهاب إلى المسرح يوميًا لمدة ساعة واحدة، وتحسنت حالته الصحية.
والغريب في الأمر هو تدابير القدر التي جعلت وفاة نجيب الريحانى تسبق وفاة بشارة واكيم، وأصيب الأخير بأزمة نفسية فور سماع الخبر، وبعد رحيل صديقه نجيب، خشي أن تغلق فرقته أبوابها، فانضم للفرقة لكي تبقى وبمرور الوقت والأيام بدأ يهاجمه المرض مرة أخري، حيث فوجىء بمدير الفرقة يطلب منه أن يستريح في منزله، ويعتبر نفسه في إجازة مدفوعة الأجر، لأن صوته أصبح واهنًا، وحركته بطيئة على المسرح أثناء تجسيده للشخصيات، ودمعت عيناه عندما علم أن زملاءه وتلاميذه في العرض هم من يقولون ذلك، فتقدم باستقالته، وانتقل لفرقة الكوميديا المصرية، وقدم من خلالها مسرحية "خطف مراتي" مع الفنانة كاميليا، لكن ظلت كلمات مدير فرقة الريحاني تتردد على مسامعه، وإلإساءة التي تلقاها من تلاميذه كانت سببًا في تدهور حالته الصحية والنفسية، حتي توفي في عام ١٩٤٩ وهو يقرأ مسرحية جديدة كان من المُفترض أن يقوم بتمثيلها، لكن القدر لم يكتب له أن يؤديها علي المسرح.