ناجح إبراهيم يحلل شخصية شيخ الأزهر
قال الدكتور ناجح إبراهيم، المفكر الإسلامي، إن الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، في كل يوم يكسب أرضًا جديدة، حيث إنه في رحلة دعوية واحدة في كازاخستان وأوزبكستان وإيطاليا والفاتيكان وقبلها في إندونيسيا وماليزيا وألمانيا كسب أنصاراً وحلفاء جدد لدعوته الوسطية ومنهجه المتزن.
وأضاف لـ "الموجز": من قبل كسب البابا تواضروس رأس الكنيسة الأرثوذكسية، وأقام علاقة وثيقة بالكنيسة، وتوج هذه العلاقة الجيدة بإنشاء بيت العائلة المصرية الذي ساهم في حقن دماء كثيرة ووقف نزاعات طائفية كان استغلالها في لحظات معينة كفيل بإشعال وطن بأسره.
وتابع: وكسب البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وتبادل معه عدة زيارات ونجح في دعوته لمصر فكانت من أنجح زياراته، علاوة على أنه دعا أسقف كانتر برى ونوابه بالكنيسة الانجيلية إلي مؤتمر القدس وإلي مؤتمر "الاسلام والغرب.. تنوع وتكامل" الذي مثل نموذجاً لانفتاح الأزهر على العالم كله في عهد شيخه الزاهد الدكتور أحمد الطيب، إذ نجح المؤتمر في استضافة بعض رؤساء الدول السابقين الذين يحظون بمكانة أدبية كبيرة في بلادهم مثل رئيس أوكرانيا وألبانيا والبوسنة والهرسك والجبل الأسود وأمين الجميل رئيس لبنان الأسبق، فضلاً عن استضافته لبعض الطوائف اليهودية المناهضة للصهيونية في مؤتمر القدس ومنحهم فرصة الحديث في المؤتمر.
واستطرد قائلًا: وكان الأزهر من الذكاء بحيث تحرك بدعوته ولم ينتظر الآخرين ليأتوه، واهتم بالآخرين فاهتموا به وشاركهم همومهم وقضاياهم فشاركوه همه، فقد ارتحل "الطيب" إلى معظم بلاد العالم وفي كل مرة كان يكسب أرضاً جديدة وحلفاء مخلصين عرفهم براءة الإسلام من الإرهاب والتخلف وأن دعوته تبشر ولا تنفر، تبني ولا تهدم، تهدي ولا تكفر، تحيي ولا تقتل، تجدد ولا تبدد، تجمع بين النص والعقل والأصالة والمعاصرة، وكان فيها يتعفف عن متاع الدنيا ويرفض هدايا الملوك والأمراء ويكرر مسيرة العلماء الزاهدين فتهفو القلوب لتجرده.
وأشار إلى أن شيخ الأزهر كان ذكياً حينما استضاف في كل مؤتمراته رموزاً لعلماء الشيعة المعروفين بالاعتدال وعدم سب الصحابة أو بيع دينهم من أجل إمبراطورية فارسية بالحديد والنار علي حساب العرب أو بيع دينهم لعشرات الميلشيات التي لا تختلف كثيراً عن الميلشيات التكفيرية سوى أنها أكثر دقة وانضباطاً بالريموت كنترول الذي يحركها.
وأوضح أن بيت الزكاة التابع لمشيخة الأزهر، هو رافد جديد من روافد صناعة الخير والإحسان التي يشرف عليها الأزهر وتمنحه قوة تعوضه عن أوقاف المساجد التي لم تستفد منها الدعوة الإسلامية طوال 70 عاماً منذ تأميمها.
ولفت إلى أنه يحسب للإمام الطيب استعانته بالعلامة الدكتور إسماعيل سراج الدين للإشراف على مكتبه الأزهر، الذي ربط بينها وبين مكتبة الكونجرس، واستضاف مديرتها متحدثة في مؤتمر "الإسلام والغرب".
وذكر أن "الطيب" استعان بذكائه بكل الأطياف واستغل بعض إمكانيات الأزهر المهدورة، فوظف إعلام الأزهر في تغطية مؤتمراته وألزم كل الكليات بعمل مؤتمرات علمية دائمة في كل موضوعات الساعة فبعث فيها الروح، لاسيما أنه قام بإصلاحات كبيرة داخل الأزهر لم يشعر بها الكثيرون، حيث كان الأزهر مستباحاً من جميع التيارات الفكرية بدءً من التكفير مروراً بالوهابية والتنظيمات الحركية وانتهاءً باليسار والاشتراكية والإلحاد.
وقال: كل هؤلاء كانوا يعبثون في البيت الأزهرى ويسوقونه إلى الخلف، فوضع قاعدته الذهبية "أنه لن يولى في الأزهر إلا من يحمل فكر الأزهر الوسطى" وألغى أنماطاً من الإهمال والتسيب كانت سائدة قبله، وتعفف عن الرد عن كل من شتموه وآذوه ظلماً وزوراً، حتي علموا أنه جدير بالمكان والمكانة.
وأضاف: لم يجعل الأزهر مصادمًا للحكومات ولا ألعوبة في يدها، لم يجعل الأزهر يدور في فلك أحد وجعل له شخصيته المستقلة التي تخدم الدين والوطن ولا تخدم أحداً سواهما.
وأوضح أن أحمد الطيب تولى مهام مشيخة الأزهر في ظروف عصيبة، تولاه وقد شارف علي الموت الاكلينيكي فأعطاه قبلة الحياة، وكان متقوقعاً علي نفسه مخترقاً محاصراً من الجميع، فإذا به ينتصر علي هؤلاء وينفض الغبار عن كاهله ويكسب في كل يوم أرضاً جديدة بإخلاصه وزهده وتقديمه للدين علي الدنيا.