هل يجوز الاشتراك في مسابقات صناديق الحظ؟.. المفتي يرد
الاشتراك في صناديق الحظ... تحت عنوان المعاملات المالية الحديثة، نشرت دار الإفتاء المصرية، الحكم الشرعي حول الاشتراك في مسابقات صناديق الحظ، التي تنتشر حاليًا على المواقع والمنصات الإلكترونية، حيث تعتمد هذه المسابقة على اختيار المتسابق لرقمٍ مِن عدَّة أرقامٍ تُعرَض له، أو عدَّة صناديق مرقَّمة حقيقيَّة أو افتراضية تظهر له على الشاشة إلكترونيًّا، ويحصل المتسابق على محتوى الصندوق الذي اختاره أيًّا كان، وقد يكون الصندوق فارغًا، ويُشترط في تلك المسابقة دفعُ ثمن محدَّد لكلِّ مرَّة يرغب فيها المتسابقُ في التَّجربة واختيار رقمٍ جديد، ولا يسترد اللاعب ذلك المال، بل يخسره.
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤال يقول صاحبه:" ما حكم الاشتراك في مسابقات صناديق الحظ؟"
حكم الاشتراك في مسابقات صناديق الحظ
أجاب عن السؤال الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، قائلًا إن الاشتراك في مسابقة "صناديق الحظ" المسؤول عنها ما هو إلا مخاطرةٌ ومراهنةٌ، إما على المكسب باختيار رقمٍ أو صندوقٍ مشتملٍ على ما له قيمة ومنفعة للمتسابق، وإما على الخسارة للمال المدفوع كقيمةٍ للاشتراك باختيار الرقم أو الصندوق الفارغ، فكان من المقامرة المحرَّمة شرعًا؛ لأنه لا يدري هل يحصل على عِوضِ ما دَفَعَه من مالٍ أم لا، مع خسارته تلكَ الأموالَ المدفوعة.
هل مسابقات الحظ حرام؟
وأضاف المفتي أن الاشتراك في مثل هذه المسابقات يؤدي بالمشترك إلى حالةٍ مِن اختلال الحالة النفسية، حيث يكون مترقبًا مترددًا بين خوف الخسارة وأمل المكسب الكبير، كما أنه يضر بالمجتمع؛ فإنه إذا أمَّل النَّاسُ الحصولَ على الربح مِن مثل هذه الطرق السهلة في نظرهم -تقاعَسُوا عن الأعمال، وضيَّعوا الأموال، وهو ما يُحدِث اضطرابًا في توازن المجتمع اقتصاديًّا، كما يُعزِّز مِن روح التباغض والتحاسد في المجتمع، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ﴾ ]، وقد تقرَّر في الشرع الشريف أنَّ العملَ على رفع الضرر واجبٌ؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» أخرجه الأئمة: مالكٌ في "موطَّئه"، وأحمد في "مسنده"، وابن ماجه في "سننه"، ومِن قواعد الفقه الكليَّة أنَّ "الضَّرَرَ يُزَال"، كما في "الأشباه والنظائر" للإمام جلال الدين السُّيُوطِي (ص: 83، ط. دار الكتب العلمية).
حفظ المال من مقاصد الشريعة
لفت إلى أن الشريعةُ الإسلاميةُ، جعلت حِفظَ المال مِن مقاصدها الكبرى، فأناطت بذلك ثُلَّةً مِن الأحكام الشرعية الضابطة للمعاملات المالية بين الناس، تَرفع عنهم مراعاتُها الشقاقَ والاختلاف، وتحفظ أموالَهم مِن شتَّى صور الضياع، مِن نحو غشٍّ، وقِمَارٍ ونهبٍ وخِداع وغير ذلك مما منعه الشرع الشريف، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188].
مسابقة صناديق الحظ
أضاف" علام" أن مسابقة صناديق الحظ" عبارة عن منافسةٍ مدَارُها على النَّصيبِ والحظِّ في اختيار الصندوق أو الرَّقم الفائز المشتمل على المكسب، وتجنب اختيار الصندوق أو الرقم الفارغ الخاسر، مع التزام المتسابق بدفع مبلغ مالي يتيح له إجراء عملية الاختيار في تلك المسابقة، ولا يقبل الاسترداد حتى مع الخسارة.
وقال المفتي: إن الاشتراك في مسابقاتٍ مشروطةٍ بدفع مبالغ ماليةٍ، مع تردُّد النتيجة فيها بين الكسب والخَسارة، بحيث إذا أصاب في الاختيار رَبِحَ، وإلا خَسِرَ كلَّ مالِه أو بعضَه -يُعَدُّ صورةً مِن صور المقامرة؛ لِمَا فيه من المخاطرةِ، و"كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ خَطَرٌ فَهُوَ مِن الْمَيْسِرِ"، كما قال الإمام ابن سِيرِين ونقله عنه الإمامُ الزَّمَخْشَرِي في "الكشاف".
معنى الميسر وحكمه في الإسلام
أوضح أنه قد حرَّم اللهُ اتِّخَاذَ الميسر وسيلةً للكسب، فقال جَلَّ وَعَلَا في محكم التنزيل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾، وجاء في السُّنَّة النبوية المطهرة عن قَيْس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ رَبِّي حَرَّمَ عَلَيَّ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ.. الحديث» أخرجه الأئمة: ابن أبي شيبة في "المصنف"، وأحمد في "المسند"، والبيهقي في "السنن الصغرى" وقال: "ورُوِّينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: الميسر: القمار"، فالميسر هو القمار، وسُمِّيَ بالميسر اشتقاقًا مِن اليُسر؛ إذ يحصل فيه المقامِرُ على المال بيُسرٍ وسهولةٍ إن كان له نصيبٌ في المكسب، وإلا خسر ما قدَّمه مِن المال.
وتابع: قد حدَّد الشَّرع الشريف للعباد طُرُقَ الكسب الحلال، وأسبابَ المِلك، ولم يَجعل المقامرةَ سببًا منها، وقد أجمع الفقهاءُ على حرمة الميسر والمقامرة، ونقل الإجماعَ على ذلك غيرُ واحدٍ مِن العلماء.
اقرأ ايضا:
هل تجب الزكاة على ذهب المرأة إذا بلغ النصاب؟.. مستشار المفتي يُجيب