من ذرية الحسن والحسين وخالد بن الوليد..وجده اقنع نابليون بالخروج من الأزهر وقاد الثورة ضد الحملة الفرنسية..وشارك في حرب أكتوبر..معلومات عن الجوهري الذي تخلى عن الرتبة العسكرية من أجل كرة القدم..وحصل على تكريم ملكي من الأردن
رمز من رموز الكرة المصرية، استطاع أن يحفر لنفسه مكانة مميزة في كرة القدم، وبسبب شعبيته الجماهيرية الجارفة، ظل الأسطورة محمود الجوهري قابعا في ذاكرة عشاق ومتابعي الكرة، ودائما ما كانوا يرددوا: "جوهري جوهري"، وذلك يدل على حبهم لموهبته والتاريخ الكبير الذي جعله الأفضل في التاريخ كلاعب ومدرب.. في هذا التقرير "الموجز" تستعرض معلومات قد لا تعرفها عن حياة الجنرال محمود الجوهري.
ولد محمود نصير يوسف الجوهرى، فى 20 فبراير عام 1938، ويعتبر من ذرية الإمامين الحسن والحسين وخالد بن الوليد، فجده الأكبر الشيخ أحمد الجوهري الكريمي الخالدي، من ذرية الحسنيين في مصر، أحد قادة ثورة القاهرة الثانية ضد الحملة الفرنسية 1799، وهو من أقنع نابليون بونابرت بالخروج من الأزهر، حسب كتاب "مدينة حلوان عبر التاريخ".
حصل على شهادة الكلية الحربية وبكالوريوس العلوم العسكرية في يوليو 1957، وعمل ضابطا بسلاح الإشارة، إلى ما يقرب من 20 عاما ويعتبر واحدا من الذين شاركوا في حرب أكتوبر عام 1973 برتبة مقدم، وخرج من القوات المسلحة عام 1977 برتبة عميد.
بدأ مشواره الكروي، فى صفوف ناشئي الأهلي تحت 18 سنة في موسم 1954-1955، وفى الموسم التالى، ضمه حسين مدكور للمنتخب العسكرى أمام الاتحاد السوفيتى، وذلك في المباراة التي جمعت بين الفريقين، وانتهت بالتعادل بهدف لكل منهما، وخلال11 موسما قضاها لاعبا، حقق 6 بطولات دورى وحقق كأس مصر 3 مرات، ودورى منطقة القاهرة 1958، وكأس الجمهورية المتحدة 1961.
وأصبح لاعبًا دوليًا، حيث شارك أمام منتخب ألمانيا الغربية بطل العالم "1954" وديا بالقاهرة "1958"، وساهم فى فوز المنتخب بكأس الأمم الأفريقية الثانية بالقاهرة ونال لقب هداف البطولة برصيد 3 أهداف سجلها كلها في مرمى إثيوبيا في مباراة واحدة "هاتريك"، وطوال مسيرته كلاعب شارك مع المنتخب الوطني في 25 مباراة دولية.
وبالرغم من أن مسيرة "الجوهري" لم تكن طويلة في كرة القدم كلاعب، لكنها كانت مليئة بالإنجازات والبطولات، وأنهت الإصابة مسيرته التي استمرت لـ10 سنوات، ليقرر الإعتزال بعدما تعرض لقطع في الرباط الصليبي عام 1965.
تتلمذ الجوهري كمدرب على يد معلمه عبده صالح الوحش، بعد أن اتجه لتدريب النادي الأهلي في عام 1982 وحقق معه أول بطولة إفريقية في تاريخ المارد الأحمر وهي بطولة دوري أبطال إفريقيا بالعام نفسه، وفي موسم 1983-1984 حقق بطولة كأس مصر، وفي عام 1985 قام بتدريب الشارقة الإمارتي لفترة قصيرة ثم عاد لتدريب الأهلي مرة أخرى في نفس العام، قبل أن ينتقل لتدريب النادي الأهلي السعودي عام 1986، وعام 1988 درب المنتخب المصري، وحقق مع الفراعنة حلم التأهل لكأس العالم 1990، وقاد المنتخب الوطنى للفوز بالميدالية الذهبية فى دورة الألعاب العربية 1992 التى أقيمت فى سوريا، ثم استقال في يوليو 1993 بعد إخفاقه في التأهل لكأس العالم 1994، وتولى تدريب نادي الزمالك عام 1993 وأحرز معه بطولة إفريقيا للأندية، والسوبر الأفريقي الذي حصل عليه الزمالك بعد الفوز على النادي الأهلي، ليصبح الجوهري المدرب المصري الأول الذي قام بتدريب قطبي الكرة المصرية.
وفي عام 1996 قاد منتخب عمان في كأس الخليج قبل عودته إلى مصر ليقود المنتخب مرة أخرى، وحقق لقب كأس الأمم الإفريقية 1998 ليصبح أول من يفوز باللقب الأفريقي كلاعب ومدرب بعدما قاد الفراعنة للقب البطولة في بوركينا فاسو، وفي يوليو 1999، استقال من تدريب مصر عقب الخسارة الكبيرة بنتيجة 5-1 أمام السعودية في كأس القارات في المكسيك، لكنه عاد لفترة رابعة في مارس 2000، بعد الخروج من الدور الأول في كأس الأمم الأفريقية، وفي عام 2002 أنهى مشواره مع منتخب مصر بعد خروجه من دور الثمانية في كأس الأمم الإفريقية وإخفاقه في الوصول لكأس العالم 2002، ثم اتجه لتدريب منتخب الأردن من عام 2002 حتى عام 2007 ليقوده إلى التأهيل لدور الثمانية في كأس آسيا 2004.
الخجول في سعادته واحتفالاته، اللبق في حديثه، الذي لا ينكر فضل أحد عليه، ولا يعاير أحد بما صنعه له، حتى الأهلي الذي أدار له ظهره، ولقب بـ"الجنرال" بسبب طريقته الخاصة والمشهورة في إدارة المعسكرات مع المنتخب والتي يتحاكى عنها الجميع، إذ اتسم بالصرامة والجدية والإخلاص والاجتهاد في عمله، وأكثر من ذلك مما جعله يتمكن من السيطرة على أبرز مشاغبي الكرة المصرية من بينهم "إبراهيم سعيد وعمرو زكي".
قدم أعظم إنجازات مصر الكروية المشرفة، قبل أن يعود إلى مصر في عام 2007، ويعمل كمستشار في الإتحاد المصري لكرة القدم حتى عام 2009، وتولي منصب مستشار الاتحاد الأردني لكرة القدم، بداية من 2009، وأثناء وجوده لممارسة مهام عمله في العاصمة عمان، أصيب بجلطة دماغية، أدت إلي نزيف حاد بالمخ يوم الخميس الموافق 30 أغسطس عام 2012، لينتقل على إثر ذلك، إلى أحد المستشفيات في العاصمة الأردنية عمان، حيث أعلن الأطباء وفاته إكلينيكيا، وفي صباح يوم الإثنين 3 سبتمبر عام 2012، توفي محمود الجوهري، عن عمر يناهز الرابعة والسبعين، إثر أزمة قلبية حادة.
أقيمت له جنازة عسكرية في الأردن، شارك فيها الأمير علي بن الحسين، ونقل إلى القاهرة في طائرة عسكرية، وفي القاهرة كان في استقباله، نجوم الكرة المصرية، والذين حملوا نعشه علي أكتافهم وودعوه لمثواه الأخير.
كان حزين قبل رحيله، لعدم نيل التكريم اللائق في بلاده، على الرغم من النجاحات التي حققها، بينما حظي بالكثير من التشريف خارج مصر، وقام العاهل الأردني بتتويج عطاءه الكبير مع الكرة الأردنية بتكريم ملكي، حيث منحه وسام العطاء المتميز خلال استقباله له في القصر الملكي في عمان بعد أن أنهى مسيرته مع الكرة الأردنية التي وضع لها العديد من أسس التطور ليس على مستوى المنتخب الأول فقط وإنما على مستوى المنتخبات السنية والأندية أيضاً.