الموجز
الأحد 10 نوفمبر 2024 05:22 صـ 9 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

مبارك ظلمني وانتقمت منه..ومش عايزة أنبش الماضي لأنه كله ”جروح وآهات” .. حكايات صادمة عن ”العشق والدم ” في حياة ”عروسة البحر ” شريهان

يطلقون عليها حورية البحر لكنها بكل تأكيد أجمل حورية فى الكون ..دقّت الشهرة أبوابها في سن مبكرة، بعد أن اكتشف موهبتها الفنان عبد الحليم حافظ، وهي ابنة الثمانية أعوام، لتصعد بعد ذلك على سلم النجومية بسرعة الصاروخ، فتخطف بسحر طلتها قلوب الملايين من جمهور مصر والوطن العربي في وقت وجيز، لكن بقدر ما عاشت من أعوام زخرفتها أضواء الشهرة والمجد، كانت سنوات العذاب على فراش المرض في انتظارها، تنذر بحياة أكثر بؤسًا عن ذي قبل، حياة سلبتها ضحكتها العالية، وجمالها المعهود، لكنها فاجأت المِحن بعزيمة لا تفتر، لتعود بعد 9 أعوام، داعبها فيها الموت مرات ومرات، بنفس روح الإقبال على الحياة، وكأن شيئًا لم يكن.

حزن ودموع ورحلة من العذاب مع المرض عاشتها الفنانة الاستعراضية شريهان، صاحبة ، امتدت لسنوات في مستشفيات باريس، لكن سبقها الحادث الشهير الذي كاد يودي بحياتها، وظل لفترة طويلة حديث الصحف آنذاك، لما أحاط به من غموض، لم يُكشف حتى هذا اليوم، لأسباب غير معلومة.

حادث الإسكندرية وبداية المعاناة في 24 مايو من عام 1989، وأثناء عودتها من الإسكندرية، تعرضت شريهان لحادث سير مروّع، كاد يقضي على حياتها بالفعل، وتسبب لها في إصابات بالغة الخطورة وكسور في العمود الفقري، فسافرت على الفور إلى فرنسا، لإجراء عدة عمليات متتالية، وصل عددها إلى 30 عملية، بجانب تركيب 40 مسمارًا في عمودها الفقري، وإلزامها بارتداء قميص من "الجبس"، وهو شيء صلب وقاس يشبه الدروع الواقية، وإذا خلعته كانت تشعر بتفكك مفاصل الظهر، وعنه قالت : "أصبحت كلعب الأطفال التي لا تعمل إلا بالبطاريات وبطارياتي هي هذا الحزام". نجحت شريهان بفضل عزيمتها القوية فى أن تختصر مدة علاجها، فاستطاعت الوقوف على قدميها بعد 14 يومًا فقط بدلًا من شهر، لدرجة بهرت الأطباء المعالجين لها، على حد تعبيرها، لكنها استمرت في الخضوع لجلسات العلاج الطبيعي لمدة 14 شهرًا من أجل تليين العظام، خاصة بعد زرع 3 فقرات في عمودها الفقري.

تم تقييد الواقعة على أنها مجرد حادث سير، وحفظت في المحضر رقم "13ح"، شرطة سيدي جابر، لكن في تلك الفترة ترددت الأنباء حول تورط جهات في ذلك الحادث، بعدما كشفت بعض الصحف عن قصة الحب التي كانت تجمع شريهان بأحد نجلي شخصية مهمة، الذي صمم على الزواج منها، فاعترضت أسرة الرئيس على زواج نجلها من فنانة، ودبّرت الحادث للتخلص من شريهان، خاصة وأن تعلق "الشاب " بها أخذ يتزايد يومًا بعد يوم، وقيل إنه هدد بالانتحار إذا لم يتزوجها. وأفادت تلك الأنباء أن نجل الشخصية المهمة كان يتردد على الاستوديوهات لحضور البروفات التي كانت تقيمها شريهان في التليفزيون، وهو ما أكدته إعتماد خورشيد، التي ارتبط اسمها بقضية انحراف جهاز المخابرات المصرية في الستينيات في لقاء تليفزيوني عن الالقاء بشريهان من اعلى احد الاسطح .
من جانبها، علقت الفنانة على ذلك الأمرعام 2013، قائلة: "هذه شائعات وسبق وكذبتها كثيرا، لكنه وغيره أخذهم الإعجاب بما أقدمه"، مضيفة: "أنا لا أريد أن أتحدث في هذا الموضوع ولا أريد أن أنبش في الماضي، لأن الماضي مليء بالجروح والآهات"، لكنها أوضحت في نفس الحوار أنها: "على كل الأحوال لم أكن أحب مبارك لأنه ظلمني وظلم آلاف المصريين، وكنت من أوائل الذين خرجوا عليه في الثورة المصرية".

و استعادت الفنانة الاستعراضية عافيتها بعد حادث السير، وعادت إلى جمهورها في عام 1993، بمواصلة تقديم الفوازير، والمشاركة في المسرحية الشهيرة "شارع محمد علي"، مع هشام سليم والمنتصر بالله ووحيد سيف وفريد شوقي، وظلت متألقة حتى تم دعوتها للتكريم في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عام 2002، وذلك عن دورها في فيلم "العشق والدم"، لكنها امتنعت عن الذهاب، وبعثت برسالة قصيرة قالت فيها: "أنا أمر بأزمة صحية تمنعني من الحضور، ولكن كل شكري لكم ولتقديركم للفيلم ولدوري فيه، وأطلب منكم الدعاء".


كان علمها بإصابتها بمرض السرطان في 24 سبتمبر من عام 2002، وراء عدم حضورها للتكريم، والبعث بهذه الرسالة المؤثرة، التي تساقطت على أثرها دموع الحاضرين المهرجان، والأسوأ أن سرطان الغدد اللعابية الذي أصاب شريهان، أحد أشرس وأخطر أنواع السرطانات والذي لا يصيب عادة إلا واحدا من بين كل 10 ملايين إنسان، مما ترتب عليه ضرورة السفر إلى فرنسا لبدء رحلة جديدة من المعاناة.


أجرت شريهان جراحة خطيرة في الجانب الأيمن من وجهها لاستئصال الورم، ودخلت غرفة العمليات لمدة 18 ساعة متواصلة، وتم استبدال عضلة من الخد الأيمن والغدة اللعابية، لتخضع بعد ذلك لعدة عمليات تكميلية، يقال إنها وصلت إلى ما يقرب من 100 عملية.

و بعد سنوات طويلة من الصراع مع المرض الخبيث، ظلت خلالها بعيدة تمامًا عن الأضواء، ظهرت أخيرًا الفنانة شريهان في يوم 28 يناير من عام 2011، لتشارك في إسقاط نظام "مبارك"، ومعها ابنتها "لؤلؤة"، وكان لظهورها أثر قوي في نفوس الكثيرين، خاصة أنها مثال حي للتحدي والإرادة، وبالفعل ظلت معتصمة حتى سقط "مبارك" في 11 فبراير، لكن كثيرين ربطوا بين ثوريتها المفاجئة، والحادث الذي تعرضت له في أوائل التسعينيات.

رغم كل تلك التقلبات التي تعرضت لها شريهان، فإنها لم تتخل عن روحها المرحة المقبلة على الحياة، والاستمتاع بكل لحظة فيها، بل حرصت على مشاركة جمهورها اللحظات السعيدة في حياتها الآن، عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وكأن البؤس لم يعرف إلى نفسها سبيلًا.