الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:51 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

وزراء الخارجية و الدفاع و العدل : لن نسمح بمطاردة مواطن أمريكى !

ياسر بركات يكتب عن: ترامب يتحدى المحكمة الجنائية الدولية !

ترامب
ترامب

شنت الإدارة الأمريكية هجوما حادا على المحكمة الجنائية الدولية وعلى قرارها بالقيام بملاحقة عناصر من القوات الأمريكية والتحقيق في احتمال قيامهم بجرائم حرب. وأصدر الرئيس الأمريكي أمرا تنفيذيا يمنع المحكمة من مقاضاة إي مواطن أمريكي أمامها، فارضا عقوبات على أعضائها. وقبلها فرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على مسئولي المحكمة، تصل إلى حد التهديد والإكراه، وتمثل محاولة غير مقبولة للتدخل في حكم القانون.

القرار الأمريكي أثار سلسلة من الانتقادات الدولية، فالاتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه البالغ من الإجراءات التي أعلنت عنها واشنطن. كما أبدت الأمم المتحدة موقفا مشابها، وقالت إنها ستتابع المسألة. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: "لقد لاحظنا بقلق هذه التقارير حول الأمر التنفيذي الذي يجيز عقوبات ضد أفراد معينين في المحكمة الجنائية الدولية". وأضاف "ندرك أنه كانت هناك تصريحات سابقة لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأن أي قيود مفروضة على الأفراد سيتم تنفيذها بشكل متسق مع التزامات الدولة المضيفة بموجب اتفاقية مقر الأمم المتحدة". وفي مقابل التنديد الذي صدر من جهات دولية عدة، رحب بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بالقرار الأمريكي، واصفا المحكمة بأنها مسيسة.

يقع المقر الرسمي للمحكمة الجنائية الدولية في هولندا، وتحديدا في مدينة لاهاي. وتأسست رسميا عام 2002، بعدما أقرت الأمم المتحدة مشروع إنشاء المحكمة عام 1998. وتعد المحكمة الجنائية الدولية هيئة مستقلة عن الأمم المتحدة، من حيث الموظيفين والتمويل إلا أن هناك اتفاقا بين المنظمتين يحكم طريقة تعاطيهما من الناحية القانونية. وتعمل المحكمة على مقاضاة المتهمين بتهم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وكل الأفعال اللا إنسانية التي تتسبب في معاناة أو آذى جسدي أو نفسي. ويسمح نظام المحكمة بمقاضاة دول على جرائم ارتكبت في دول أخرى. كما يسمح نظام روما الأساسي الذي تستند إليه المحكمة بمقاضاة الدول غير الأعضاء على الجرائم التي ترتكب في دول أخرى تمارس فيها المحكمة مهامها. وحاليا يبلغ عدد الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية 104 أعضاء من مختلف دول العالم. وسنة 2002 أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل، سحب توقيعهما على قانون المحكمة، ثم تلتهما دول أخرى.

في مؤتمر صحفي مشترك لوزير الخارجية مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر ووزير العدل وليم بار ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين، أعلنوا فيه أن الإدارة الأمريكية لن تسمح بمقاضاة أي جندي أو مواطن أمريكي أمامها، لأن الولايات المتحدة لا تعترف بسلطتها، متهمين إياها بالفساد وبأنها قامت ولا تزال بممارسات مسيسة لا تمت بصلة إلى العدالة واحترام حقوق الإنسان سواء بالنسبة إلى الأمريكيين أو لحلفاء وشركاء الولايات المتحدة.

بومبيو قال إن الرئيس ترامب بتوقيعه الأمر التنفيذي يمنع أي ملاحقة جنائية بحق الأمريكيين، ويؤكد تصميم إدارته على الدفاع عن القيم الأمريكية وتاريخ الولايات المتحدة في الدفاع عن حقوق الإنسان وعن المحاكمات العادلة التي لطالما شدد عليها النظام القضائي الأمريكي. وأضاف بومبيو أن الولايات المتحدة ترفض قرار المدعي العام في المحكمة بإجراء محاكمات زائفة حول أفغانستان، مؤكدا أنه حتى ولو استمر في هذه المقاضاة فهذا سيكون عملية زائفة وقد يكون هناك إدانة ولا يوجد أي ضمانة بمحاكمة عادلة.

واعتبر بومبيو أنه بدلا من أن يكون هناك مجموعة من القضاة المحلفين هناك مجموعة من القضاة لا يخضعون لأي محاسبة أمريكية. لذلك سنتصرف بالطريقة التي تتصرف بها أي دولة مسئولة عن طريق ملاحقة أي جهة وسنحاسب من يلاحق عناصرنا. وأضاف أن الولايات المتحدة ترحب بالانتقاد المتزايد للمحكمة الدولية من قبل دول أخرى كبريطانيا وألمانيا واليابان والتي أدت إلى وقف تلك الإجراءات في وقت سابق، لكن لسوء الحظ تم إلغاء هدا القرار وأطلقوا تحقيقا جديدا ونحن لا يمكننا أن نقبل بذلك وبالمحاكمات الزائفة، وهذا ما تقوم به أيضا المحكمة ضد إسرائيل عبر قيامها بتحقيقات زائفة ضدها نتيجة ما تقول إنه جرائم حرب في الضفة الغربية وغزة، والتي من الواضح أنها "محاكمات سياسية" غير عادلة ضد إسرائيل بحسب قوله. وأكد بومبيو أن هناك أخطارا يتعرض لها الحلفاء والشركاء وخلال 18 عاما كان هناك أربع إدانات فقط من مقاضاة ألف شخص، ورغم ذلك قدم القضاة طلبا برفع رواتبهم بنسبة 26% وهذا يلقي الضوء على الفساد في تلك المحكمة. وأعلن بومبيو أن الإدارة الأمريكية اتخذت قرارين، الأول يفرض عقوبات ضد مسؤولي المحكمة المنخرطين في قضايا ضد العناصر الأمريكية والحليفة وبأن التصنيف سيتم كل حالة على حدة أو ضد كيانات.

ثانيا وسعت الولايات المتحدة من القيود على تأشيرات الدخول لهؤلاء المنخرطين في هذه التحقيقات، وهذا يشمل أيضا أفراد أسرهم، قائلا "نحن لسنا سعداء باتخاذ هذه الإجراءات لكن الولايات المتحدة لن تسمح لهؤلاء الأعضاء وأفراد أسرهم بالمجيء إلى الولايات المتحدة والتمتع بحرية التحرك فيها فيما هم يقومون بملاحقة وتقييد حرية تنقل الأمريكيين المدافعين عن الحريات". وختم بالقول إن في الولايات المتحدة قانونا قضائيا وجنائيا هو الأفضل وهي قادرة على القيام بملاحقة المنتهكين ومقاضاتهم وتحترم حقوق الإنسان، "ولا يمكن أن ننسى أبدا التزام أمريكا بالعدالة أو أن ننسى جرائم أوغندا أو يوغسلافيا التي ساهمنا فيها بفعالية ونحن نحاكم بشكل أفضل من محاكمات المحكمة الجنائية الدولية".

تعود خلفية الأزمة إلى مارس الماضي، حينما أعطت المحكمة الجنائية الدولية الضوء الأخضر للتحقيق في جرائم حرب محتملة وجرائم ضد الإنسانية في أفغانستان بين عامي 2003 و2014، بما في ذلك جرائم يُزعم أن القوات الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية (سي أي أيه) قد ارتكبتها. وتمثل هذة الخطوة أحدث إجراءات الإدارة الأمريكية ضد المنظمات والاتفاقيات الدولية، وهو ما شمل حتى الآن اتفاق باريس للمناخ، واتفاق نافتا للتجارة الحرة في أمريكا الشمالية، واتفاقيات دولية أخرى.