الشيطان أفلس تركيا .. الليرة تهبط لأدنى مستوى لها على الإطلاق
انخفضت الليرة إلى أقل مستوى لها عند 7.49 مقابل الدولار، متجاوزة أدنى مستوى قياسي سابق لها والبالغ 7.236 والذي تم تسجيله خلال أزمة العملة التركية في أغسطس 2018.
تعرضت العملة التركية لضغوط متزايدة وسط ارتفاع معدلات التضخم، وتزايد البطالة، وتباطؤ النمو
والآن لديها أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا في منطقة الشرق الأوسط.
يتوقع المحللون أن يستمر ضعف الليرة التركية، حيث يحذر الكثيرون من حدوث ركود اقتصادي كامل لتركيا.
تراجعت العملة التركية إلى أدنى مستوى لها في التاريخ، حيث صعد الدولار الأمريكي مقابل الليرة إلى مستوى لم يشهده منذ ما يقرب من عامين بعد أن قامت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية بتقييد معاملات المستثمرين الأجانب المقومة بالليرة.
وقد تعرضت العملة لضغوط متزايدة مع ارتفاع معدلات التضخم، وتزايد البطالة، وتباطؤ النمو. والآن، لدى تركيا أكبر عدد من حالات الإصابة بفيروس كورونا على مستوى منطقة الشرق الأوسط. وقام البنك المركزي التركي بسحب ملايين الدولارات من احتياطياته من العملات الأجنبية لشراء الليرة ودعمها أمام الدولار. وفي وقت سابق أعلنت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية عن قيود جديدة على قيام الأجانب بإجراء معاملات بالليرة في محاولة لمنع المضاربات والبيع على المكشوف.
أدت هذه الخطوة الى نتائج عكسية، فقد استمر انخفاض الليرة على مدى اليومين التاليين، مع ارتفاع الدولار بعدها بنسبة 0.6% ووصول سعر الشراء اللحظي الى 7.49 مقابل الدولار متجاوزًا أدنى مستوى قياسي سابق للعملة وهو 7.236 للدولار والذي سجل خلال ذروة أزمة العملة في أغسطس 2018.
وللتذكرة، في هذا الوقت وقبل عامين، كان يمكن للدولار أن يشتري ما يقرب من 4 ليرات. وقال براد بيتشيل، الرئيس العالمي لتداول العملات الأجنبية في شركة جيفريز للاستثمار، في مذكرة تحليلية صدرت خلال الشهر الجاري: "يبدو الأمر مجرد مسألة وقت قبل الوصول الى مستوى 7.2500 وما بعدها". وأضاف "يضع المسؤولون قناع الثقة عند مخاطبتهم للأسواق، ولكن السوق بدأ يعي أن المسئولون يدعون غير الحقيقة والواقع".
كان الاقتصاد التركي يقع تحت ضغط بالفعل قبل أن يضرب فيروس كورونا العالم. والآن، بعد حوالي عامين من انهيار العملة التركية، والديون المرتفعة والاحتياطيات الأجنبية التي تتلاشى سريعاً، أصبح البلد الذي يبلغ عدد سكانه 82 مليون نسمة في وضع سيئ خاصة مع محاولات تخفيف الآثار الناجمة عن وباء كورونا. وكان معدل البطالة قد سجل بالفعل حوالي 14% في شهر يناير، قبل أن يتأثر الاقتصاد بالوباء، وأصبحت صناعة السياحة الضخمة في طريقها إلى التهدم في المستقبل القريب.
رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منتصف شهر أبريل الماضي وبشكل صريح أي اقتراح للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، وهو قرار وصفه أحد كبار المحللين في الأسواق الناشئة على أنه "غبي" في وقت يقول فيه خبراء اقتصاديون إن تركيا تفتقر إلى الموارد الاقتصادية والمالية اللازمة لتحمل مثل هذه الأزمة. ويقوم أردوغان بشجب المحللين والناقدين لسياساته مرارًا وتكرارًا ويؤكد أن اقتصاد تركيا صامد.
احتمالات الإنقاذ من قبل الاحتياطي الفيدرالي أبعد ما تكون عن التحقق
قلة ثقة المستثمرين في العملة التركية تنبع أيضًا من حالة عدم اليقين تجاه الطريق المحتمل الآخر للإنقاذ، وهو خطوط مبادلة الدولار مع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، حيث يبدو هذا الأمر غير مرجح حتى الآن. وكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد عرض اتفاقيات مبادلة الدولار لعدد من الدول في شهر مارس، منها المكسيك والبرازيل، ولم تكن تركيا من بينها.
وقال أجاث ديماريس، المدير المسئول عن التوقعات العالمية في قسم المعلومات الاقتصادية، لشبكة سي إن بي سي CNBC: "لا يزال مجلس الاحتياطي الفيدرالي مترددًا في تلبية طلب تركيا بخطوط مبادلة للدولار بسبب المستوى العالي من تسييس البنك المركزي التركي". وقع البنك المركزي التركي في السنوات الأخيرة بشكل متزايد تحت سيطرة أردوغان، مما أدى إلى هروب المستثمرين وتراجع ثقتهم بشأن مستوى الاستقلالية التي تتمتع بها السلطات النقدية في البلاد.
وقال ديماريس "سيستمر ضعف الليرة طالما تشكك المستثمرون في مصداقية البنك المركزي وقدرته على الدفاع عن العملة".
وكان قسم المعلومات الاقتصادية، لشبكة سي إن بي سي CNBC قد توقع ركودًا اقتصادياً لمدة عام كامل في تركيا، حيث "سينهار قطاع السياحة فيها، مما سيزيد الضغط على العجز المالي المزدوج وعلى الليرة الهشة بالفعل"، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تضخم بأسعار الوقود، طبقاً لتحذيرات قسم المعلومات الاقتصادية، لشبكة سي إن بي سي CNBC في أبريل الماضي. ويحذر محللون الآن من أن الليرة قد تستمر في الانخفاض بالقيمة لتصل إلى مستويات قياسية جديدة.
ويقول ديماريس: "يمكن توقع المزيد من الانخفاضات الحادة في قيمة الليرة هذا العام مع استمرار التوسع الائتماني، وزيادة عجز الحساب الجاري، ولا يزال البنك المركزي غير قادر على استعادة مصداقيته تجاه المستثمرين الأجانب".