الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:56 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب: أيام الدكتورة هالة..خطة إنهاء الحظر فى عيد الفطر على مكتب الرئيس


عقوبات رادعة للمخالفين قبل فتح المنشأت وإعادة تشغيل المصانع
البرلمان يضع إجراءات مشددة كشرط لعودة التعايش مع كوفيد 19
الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة فى الدول العربية يعيد ترتيب أولويات الحظر بعد موقف مصر
إلى أن يتوصل العالم إلى لقاح لفيروس كورونا المستجد، ستظل الحكومات تراقب قرارات تخفيف القيود، فتمضي تارة في التوسع بإجراءات التخفيف، ثم قد تضطر أحياناً أخرى إلى العودة لفرض القيود. وبهذا الشكل وضع الفيروس العالم أمام خيارين كلاهما مُر: إما اختيار سيناريو التعايش مع الفيروس وإما المخاطرة بانهيار الاقتصاد.
غالبية دول العالم انحازت للخيار الأول الذي ستكون كلفته ظهور موجة ثانية من الإصابات بالفيروس، ستختلف شدتها من دولة إلى أخرى، وفقاً لمعدلات الإصابة التي حدثت عندها في الموجة الأولى. ولم تختر دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وبريطانيا خيار فرض قيود التباعد الاجتماعي مع بدايات ظهور أزمة فيروس "كورونا" المستجد، فشهدت معدلات عالية جداً من الإصابات والوفيات. والدول التي أجبرتها معدلات الإصابة المرتفعة على فرض القيود بالآونة الأخيرة، ستكون الموجة الثانية من الإصابات فيها أخف وطأة في حالة تخفيف الإجراءات الاحترازية.
هاجس تفشي موجة ثانية من وباء "كورونا" يهيمن على العالم، في الوقت الذي بدأت عدة دول في تطبيق خطة تدريجية لتخفيف تدابير حجر صارمة عزلت نصف البشرية. ويجد قادة العالم أنفسهم أمام وضع غير مسبوق، يحتّم عليهم فرض تدابير وقائية مشددة، ترافق إعادة فتح القطاعات الاقتصادية بمستويات مختلفة خلال الأسابيع المقبلة. وتوقعت دراسة أمريكية أن يستمر انتشار وباء "كوفيد - 19" لفترة طويلة تتراوح بين 18 شهراً وعامين، وبالتالي أن تستمر إجراءات العزل، مستبعدة السيطرة عليه دون تطوير ثلثي سكان العالم مناعة ضده. كما رجحت الدراسة التي أصدرها مركز أبحاث الأمراض المعدية في جامعة "مينيسوتا" أن يستمر الفيروس في الانتشار عبر موجات عدَّة قد تستمر حتى عام 2022، و"حتى تطور المجتمعات مناعة القطيع".
نتائج اختبارات الأجسام المضادة التي أجريت في نيويورك على عينة عشوائية من المواطنين، أظهرت أن شخصاً واحداً على الأقل من كل خمسة أشخاص أصيب على الأرجح بفيروس "كورونا" المستجد. ولم ينظر الأمريكيون لهذه النتيجة بوجهة نظر سلبية، رغم أنها تكشف أن معدل الإصابات أعلى بكثير مما هو معلن، ولكن تم الترويج لها على أنها عامل مساعد على اتخاذ قرار رفع بعض إجراءات الإغلاق، وفتح الأعمال مجدداً؛ لأن نسبة كبيرة من المواطنين صارت لديهم المناعة التي تسمح بعدم انتشار الفيروس مجدداً.
ألمانيا سبقت الولايات المتحدة في إجراء هذه الاختبارات؛ حيث أجري مركز "هيلمهولتز" لأبحاث العدوى في "براونشفايج"، مئات الآلاف من اختبارات الأجسام المضادة للمواطنين أسبوعياً، تمهيداً لمنحهم "شهادات مناعة" التي تسمح لهم بالعودة إلى العمل والخروج من منازلهم والتنقل، في وقت سابق عن بقية المواطنين. وعلى النقيض من هذه الدول التي تتخذ قرار التعايش مع "كورونا" بناء على اختبارات الأجسام المضادة التي تنبئ بتشكل "مناعة القطيع" لدى مواطنيها، فإن الدول الأخرى مثل الصين وأغلب الدول العربية، والتي لم تشهد معدلات إصابة مرتفعة معرضة لموجات من الإصابة ستكون أشد من الموجة الأولى، مع تخفيف القيود، ما لم تتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع حدوث ذلك.
بعد أن خففت الصين من القيود التي فرضتها على مدينة "ووهان" مصدر وباء فيروس "كورونا"، قررت في 24 أبريل الماضي غلق مدينة هاربين التي يقطنها 10 ملايين شخص؛ خشية أن تكون بؤرة جديدة للوباء، وذلك بعد ظهور عدد من الإصابات بالمدينة، ينذر بموجة ثانية من الإصابات بالفيروس.
ما فعلته الصين هو ما تؤكد عليه منظمة الصحة العالمية في تعليماتها للدول التي ترغب في تخفيف القيود. وقالت الدكتورة داليا سمهوري، مديرة برنامج التأهب واللوائح الصحية الدولية في إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحفي نظمته إدارة الإقليم الثلاثاء الماضي، إنه قبل اتخاذ قرار تخفيف القيود، يجب أن يكون لدى النظام الصحي القدرة على رصد أي بؤرة جديدة للإصابة للتعامل معها بشكل سريع، كما يجب أن تكون الدولة على يقين من قدرة نظامها الصحي على استيعاب حالات الإصابة المتوقعة عند تخفيف القيود، كما يجب أن يكون هناك تحديد للمجموعات الأكثر عرضة للخطر، وتكثيف التوعية بين هذه المجموعات للالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي.
أكثر من دولة عربية أعلنت خطة التعايش مع "كورونا"، والتي تهدف إلى التقليل من أعداد الإصابات في الموجة الثانية المتوقعة مع تخفيف القيود، فأجرى البرلمان المصري تعديلات تشريعية على القانون 137 لسنة 1958، ليتيح لوزيرة الصحة إصدار قرارات بفرض ارتداء الكمامات في وسائل المواصلات العامة والمراكز التجارية، وفرض عقوبات على من يرفض ذلك. ومنذ أيام عرضت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة على مجلس الوزراء خطة تتضمن اتباع كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة بصورة دقيقة وحاسمة في شتى المنشآت، وإعادة تقييم الوضع الوبائي كل 14 يوماً، واتخاذ قرارات جديدة في ضوء تلك النتائج.
ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الصحية بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية قال خلال مؤتمر صحفي عقده بمقر الإقليم في 6 أبريل الماضي: "ربما تضطر الدول بعد تخفيف الإجراءات إلى التشديد مرة أخرى، ثم التخفيف مرة ثانية، والعودة إلى التشديد وهكذا". وأضاف خلال المؤتمر: "ومع الاعتراف بحجم الخسائر الاقتصادية والاجتماعية لهذه الإجراءات، فإنه لا بديل عنها، حتى يكون هناك لقاح معتمد للفيروس".
ماذا عن العالم العربي؟
تقول دراسة صادرة عن الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية لانتشار فيروس كورونا على الوطن العربي إن الأزمة أثرت في قطاعات مختلفة في دول مجلس التعاون الخليجي، وأشارت إلى أن القطاع الاقتصادي قد تحمَّل فجأة تبعات ما حدث بشكل لم يكن متوقعًا؛ وهو ما دفع الدول لاتخاذ إجراءات تحد من الآثار السلبية على منشآت الأعمال في محاولة منها لتقليل الضرر على الأسواق، وتجنُّب ما يمكن تجنُّبه، والمرور الآمن من هذه الفترة، مثل مساعدة المصانع والمنشآت الأكثر تضررًا، وتخصيص مبالغ ضخمة لتوفير الخدمات الصحية ومستلزماتها.
كما تناولت البُعد الاجتماعي كأحد جوانب التأثير المباشر لتطبيق إجراءات التصدي للفيروس؛ إذ يعيش أغلب السكان حالة من الترقب التي تؤثر بشكل من الأشكال في نمط حياتهم اليومي المعتاد؛ الأمر الذي ظهر جليًّا في موجة زيادة المشتريات التي سادت في بداية الأزمة، إلا أنها سرعان ما استقرت، إضافة إلى تضرُّر نسبة من العمالة، بل تسريح بعضهم، أو الاقتطاع من رواتبهم؛ الأمر الذي دفع بالحكومات لتقديم برامج لإعادة هيكلة قروض المنشآت، وتوفير منح وإعانات، وتأجيل سداد مدفوعات؛ بهدف ضمان الحفاظ على الموظفين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، واستمرارية منشآت أعمالهم.
من ناحية أخرى، حاولت الدراسة التنبؤ بالانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية على تلك الدول، وكيفية التعامل معها بشكل صحيح وفعّال؛ بهدف تقليل الضرر الناجم عن هذه الأزمة، والاستفادة من الفرص الاستثمارية المحتملة؛ فذكرت أن الانكماش الاقتصادي الناتج من أزمة كورونا، الذي أصبح حقيقة نعيشها الآن، يشير إلى تعقيد مهمة التنبؤ بالمستقبل من حيث أي من الاتجاهات سوف تسلكه هذه الأزمة؛ فبالرغم من وجود عناصر وتأثيرات مشتركة بين الأزمات العالمية عمومًا إلا أن الوضع بالنسبة لأزمة كورونا جاء مختلفًا، ومحاولة مقارنة آثار أزمة "سارس" عام 2003، أو الأزمة المالية العالمية عام 2008 على سبيل المثال، بالأزمة الحالية لا تؤتي ثمارها؛ لأن العالم وقتذاك كان مختلفًا عن العالم الآن بشكل يُفقد هذه المقارنات مردودها؛ وذلك ما يجعلنا نرى تخبط الخبراء حول الاتجاه الذي تأخذه الأزمة، ولاسيما أن الأوضاع تتطور بسرعة متناهية، وتأخذ اتجاهات مختلفة؛ وهو ما يزيد الأمر تعقيدًا.
ولعل أهم المخاوف التي أوردتها الدراسة التي تخيم على دول مجلس التعاون الخليجي هي تباطؤ نمو الاقتصاد كله، مع تضرر المنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر لعدم قدرة أغلبها على التصدي لتبعات أزمة عالمية بهذا الحجم من جهة، إضافة إلى التشديد على أن الإجراءات والجهود والبرامج الصحية التي اتخذتها دول المجلس كان لها أكبر الأثر في الحفاظ على مستويات متدنية من الإصابات بالفيروس، والسيطرة عليه. هذا بجانب برامج الدعم المالي والاقتصادي لمنشآت الأعمال بالمنطقة، وكذا الحفاظ على الأمن الغذائي وسلاسل الإمدادات.
بصفة عامة، ورغم اختلاف الرؤى ووجهات النظر، وجب علينا التنبيه إلى ضرورة عودة الأنشطة الاقتصادية بصورة أقرب إلى الطبيعي لضمان استمرارية الحياة بشكل آمن؛ فهذا هو السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، ودعم الاقتصاد. ولعل الفرص الاستثمارية المهمة التي نتجت من هذه الأزمة الاستثمار في قطاعات الاتصالات وتقنية المعلومات؛ باعتبارها ركيزة أساسية من ركائز التنمية في المرحلة المقبلة، وتشكِّل خدماتها دعائم للكثير من القطاعات الأخرى، إضافة إلى مشاريع التعليم والتدريب عن بُعد، والتجارة الإلكترونية والتوصيل، والمستلزمات الصحية والأدوية.