ياسر بركات يكتب عن: حكاية ثمانية قرود فى معمل التجارب الصينى!
شركة الأدوية العالمية سينوفاك تستعد لإنتاج لقاح جديد
والأمين العام للأمم المتحدة: العالم بحاجة إلى تطوير طريقة العلاج
من بينها سوريا واليمن وليبيا والكاميرون
لبنان والسودان وتونس وفلسطين العراق والجزائر
مؤشرات زلزال العالم الاقتصادى
خريطة الدول الأكثر تعرضا للانهيار خلال 6 شهور قادمة
لا أحد ينكر أهمية المنفعة الذاتية وتحقيق المصلحة الوطنية أو القومية، لكن ينبغي أن يتم ذلك ضمن سياق أخلاقي يضمن ألا تتحقق المصالح الذاتية على حساب مصالح الآخرين، وفي العالم سعة من الخير تضمن تحقق مصالح الجميع، ولا يمكن أن يطمئن أحد إلى تحقق مصلحته وضمان استمرارها ما لم تتحقق مصالح الآخرين ضمن ميزان يؤمّن حداً أدنى من العدل. ولا ننكر أن الأخبار التي تحدثت أواخر العالم الماضي عن انتشار وباء في الصين لم تثر بقية بلدان العالم كثيراً. لكن الوباء سرعان ما خرج من الصين ليهدد العالم كله. لكن العجيب هو أن ينشغل كبار قادة الرأي في العالم بإشعال فتيل الصراعات حول كرسي قيادة العالم، وبالترويج لقيام حرب عالمية ثالثة، وبشيطنة الصين حيناً، واتهام الولايات المتحدة حيناً آخر، وتأجيج الصراع بين دولتين عظميين.. وكأن العالم لن يكتفي بما دمره فيروس كورونا، بل يحتاج إلى دمار أكبر!
منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أطلقت، يوم الجمعة، مبادرة "تاريخيّة" تجمع عدة دول، بينها فرنسا وألمانيا، لتسريع إنتاج اللقاحات والعلاجات والفحوص الخاصة بفيروس كورونا المستجد، مع ضمان تكافؤ الفرص في الحصول عليها. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدانوم جيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي افتراضي شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن ذلك يمثل "تعاوناً تاريخياً لتسريع تطوير وإنتاج وتوزيع متكافئ للقاحات والفحوص التشخيصية والعلاجات ضد كوفيد-19". وأضاف أن "العالم بحاجة إلى هذه الأدوات ويحتاجها بشكل سريع... نواجه تهديداً مشتركاً لا يمكننا هزيمته إلا باتباع نهج مشترك".
بالتزامن، انتعش السباق لتطوير لقاح في العالم بمشاركة كل الدول والمختبرات الكبرى وشركات الأدوية، بعدما أعطت السلطات الاتحادية الألمانية المكلفة المصادقة على اللقاحات، يوم الأربعاء، الضوء الأخضر لمختبر "بايوتيك" والمجموعة الأمريكية العملاقة لصناعة الأدوية "فايزر" لإجراء تجارب سريرية على البشر. ويجري حالياً، حسب خبراء، اختبار خمسة مشروعات لقاحات على البشر في العالم. وبانتظار هذا اللقاح الذي يتطلع العالم بأسره إلى الحصول عليه، والذي يمكن أن يكون ذلك محور منافسة شرسة، ليستمر الوباء في تأجيج أزمة اقتصادية عالمية تداعياتها غير مسبوقة. وفي عالم توقف عن العمل، لا يزال قادة الدول يحاولون تطويق آثار أزمة اقتصادية وصفها "صندوق النقد الدولي" و"منظمة العمل الدولية" بالأسوأ منذ 1945.
مختبرات العالم تسارع إلى تطوير لقاح للفيروس. وبدأت تجارب سريرية واعدة على البشر في كل من ألمانيا وبريطانيا هذا الأسبوع، فيما يقيّم العلماء فاعلية عشرات الأدوية في تخفيف أعراض المرض. وفي هذا السياق، أعلن مختبر صيني أن لقاحاً تجريبياً أجري على القرود وفّر "حماية كبيرة" لهذه الحيوانات ضد فيروس كورونا المستجد. وأعطي اللقاح الذي استخدمت فيه نسخة خاملة من الفيروس لثمانية قرود، حقنت بالفيروس بعد ثلاثة أسابيع، وفقاً لبحث نشرته شركة إنتاج الأدوية "سينوفاك بايوتيك". وقال المختبر الذي نشر هذه النتائج في 19 أبريل على موقع "بيو آر إكسيف"، إن "القرود الأربعة التي تلقّت جرعة عالية من اللقاح لم يكن لديها أثر للفيروس في الرئتين بعد سبعة أيام من إصابتها به". أما القردة الأربعة الأخرى التي تلقت اللقاح بجرعات أقل، تبين أن كمية الفيروس ازدادت في جسدها لكنها تمكنت من مقاومة المرض.
كما بدأت شركة "سينوفاك" التجارب السريرية للقاح نفسه لدى البشر منذ 16 أبريل. وعلق عالم الفيروسات فلوريان كرامر من كلية أيكان للطب في نيويورك على "تويتر" بقوله: "هذه أكثر البيانات ما قبل السريرية جدية التي أراها عن لقاح تجريبي". فيما قالت عالمة المناعة لوسي ووكر من "يونيفرسيتي كوليدج" في لندن، إن "السؤال المطروح يتعلق بما إذا كانت هذه الحماية ستستمر لفترة طويلة، أم لا".
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أعلن أن هزيمة الوباء تتطلب "أقصى جهود في التاريخ على صعيد الصحة العامة". وتابع متحدّثاً خلال مؤتمر صحفي عبر الفيديو: "العالم بحاجة إلى تطوير وإنتاج لقاحات وعلاجات وطرق تشخيص آمنة وفعالة ضد الوباء، وتوزيعها بشكل عادل. لا لقاح أو علاج لدولة أو منطقة أو نصف من العالم، بل لقاح وعلاج يكون معتدل السعر وآمناً وفعالاً، يمكن إعطاؤه بسهولة ويكون متوافراً في كل أنحاء العالم، للجميع في كل مكان". أما الرئيس الفرنسي، فقال بنبرة تفاؤل: "سنواصل الآن تعبئة جميع دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين لدعم هذه المبادرة. ويحدوني الأمل في أن نتمكن من التوفيق بين الصين والولايات المتحدة حول هذه المبادرة المشتركة، لأن المعركة مشتركة، ولا ينبغي أن يكون هناك انقسام حتى نكسب هذه المعركة".
أما الولايات المتحدة الأمريكية فأعلنت أنها لن تشارك في هذه المبادرة، وقال متحدث باسم البعثة الأمريكية في جنيف لوكالة "رويترز": "لن تكون هناك مشاركة رسمية أمريكية... نتطلع لمعرفة المزيد عن المبادرة لدعم التعاون الدولي في تطوير لقاح في أقرب وقت ممكن". وانتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منظمة الصحة العالمية، واتّهمها بالبطء في رد الفعل على تفشي المرض و"تركيز اهتمامها بالصين"، وأعلن تعليق التمويل لها.
معنى هذا الكلام هو أن الوباء سوف يعيد خارطة الاهتمام السياسي بطريقة مختلفة، وسوف يضاعف من درجة الاهتمام القومي في الدول، وسوف يتضاعف القلق الدولي من تكرار مثل هذه الأزمة، وسوف تفكر الدول في بناء منظومة سياسية ونظرية تستعين بها في وقت الأزمات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالصحة، أخيرا ليس هناك من شك أن العالم قد أصيب بفقدان البصر السياسي حول كثير من قضاياه؛ ليس لأن وباء كورونا يتسيد الساحة الدولية اليوم، لكن السبب يعود إلى أن العالم سوف يغير من قياساته البصرية بشكل دقيق ومباشر وقد يشهد العالم انفراج كثير من الأزمات الدولية بشكل لم يكن متوقعا.
على مدى الأعوام الماضية لم تتوقف المنظماتُ الدوليةُ الأجنبية المختلفة، بأنواعها وأصنافها (الإنسانية وغيرها)، عن التشنيع، في بيانات وتقارير، على معظم الدول العربية والإسلامية، في أوقات متفاوتة خلال مرحلة ما قبل كورونا، متهمةً في مزاعمها (ذات اللغة الغليظة واللهجة الحادة) هذه الدول بالتقصير والتراخي، مستهجنةً بعض الممارسات (إن وجد أقل القليل منها). كما اعتادت هذه المنظمات، صاحبة النظريات الباهتة والأصوات العالية، أن تدعي ادعاءات وتزعم مزاعم، مطالبةً بتطبيق العدالة والمساواة حفاظاً على حياة الإنسان وكرامته وسائر حقوقه، بغض النظر عن الجنسية والديانة والمعتقد. واليوم، وبعد أن اجتاح وباء كورونا العالم بأسره، وعمّ وباؤها الذي ابتُلي به العالم كله، فأذهل وأدهش الدول العظمى وأذعنت له، وخيّم شبحه المخيف على البشرية وأرعبها، مما أوجد تداعيات خطيرة ومخيفة على اقتصاديات دول العالم التي اجتاحها المرض الغامض، وشكل صدمة لشعوبها.. لا تكاد تسمع حساً لهذه المنظمات التي كان صوتها في الماضي هو الأعلى في توجيه الانتقادات والاتهامات (بالكذب والزور، طبعاً) للدول العربية والإسلامية.
وفي غضون ذلك تكثر حالياً التقارير والدراسات التي تحذّر من "زلزال" اقتصادي واجتماعي في الشرق الأوسط وأفريقيا. وبمعزلٍ عن التسمية شكلا ومضموناً، تلوح مؤشرات مقلقة، فثمّة دول كسوريا واليمن وليبيا والكاميرون ومالي دمّرت الحروب مقوّمات اقتصادياتها، ودول مثل لبنان والسودان وتونس وفلسطين تمر بأزمات اقتصادية ومالية خانقة، ودول مثل العراق والجزائر خسرت جزءاً مهماً من دخلها جرّاء هبوط أسعار النفط. في كل هذه الحالات فاقمت متطلبات مكافحة فيروس كورونا من الأزمات ورتّبت أعباء غير متوقعة على الميزانيات العامة. وفي مجمل هذه البلدان يشكّل السكان الذين يعيشون على خط الفقر أو تحته نسبة عالية، ونبّهت منظمة الصليب الأحمر ومنظمات حقوقية إلى أن هذه النسبة زادت بسبب الحجر المنزلي ووقف النشاط الاقتصادي وفقد الكثيرين أعمالهم، حتى أن هذه الظروف القسرية قلّصت قدرة كثيرين على توفير سبل العيش لأسرهم.
إن إيجاد طريق استراتيجي منظم لتفادي تفاقم الأزمات، سيكون سبيلاً لتجنيب الاقتصاديات ودولها أن تُلدغ من ذات الجحر مرتين، ولكي لا نستبدل "كورونا فيروسية" بـ"كورونا اقتصادية" خانقة للمؤسسات والمجتمعات والحكومات، وبما يضمن منح ثقة أكثر متانة للإنتاج المحلي، والعمل على دفع إمكاناته وتغذيتها، وتعزيز قدرة المؤسسات القومية، وفك ارتباط مصير الدول الوطنية مع إملاءات وخطط المؤسسات الدولية كالبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية.. والكثير من الوقائع تؤكد على ضرورة ذلك، ولعل أحدثها إيقاف الولايات المتحدة الأمريكية، دعمها عن منظمة الصحة العالمية في وقت لا يعد مناسباً مهما كانت الأسباب.
لقد تحول "المدى البعيد" إلى مدى واسع بإصلاحاته، قريب بأهمية إنجازه بالسرعة القصوى تفادياً لانهيار اقتصادي عالمي، من خلال تعاضد عريض من الاستجابات السياسية والإصلاحات المؤسساتية، وتفعيل القرارات اللازمة والداعمة للجهات المتضررة، لإعادة ضبط كفتي الميزان الاقتصادي الذي يترتب عليه الكثير، وبذلك تكون الدول في كافة أحوالها (في الشدة والرخاء) على أهبة الاستعداد لاستقلالية تامة واكتفاء ذاتي كفء، وذلك ما يمكن اعتباره ضرورة في الوقت الذي بعثرت فيه الظروف موازين القوى الاقتصادية العالمية، وخسفت باقتصاديات لم تعان على هذا النحو من قبل.
والأمين العام للأمم المتحدة: العالم بحاجة إلى تطوير طريقة العلاج
من بينها سوريا واليمن وليبيا والكاميرون
لبنان والسودان وتونس وفلسطين العراق والجزائر
مؤشرات زلزال العالم الاقتصادى
خريطة الدول الأكثر تعرضا للانهيار خلال 6 شهور قادمة
لا أحد ينكر أهمية المنفعة الذاتية وتحقيق المصلحة الوطنية أو القومية، لكن ينبغي أن يتم ذلك ضمن سياق أخلاقي يضمن ألا تتحقق المصالح الذاتية على حساب مصالح الآخرين، وفي العالم سعة من الخير تضمن تحقق مصالح الجميع، ولا يمكن أن يطمئن أحد إلى تحقق مصلحته وضمان استمرارها ما لم تتحقق مصالح الآخرين ضمن ميزان يؤمّن حداً أدنى من العدل. ولا ننكر أن الأخبار التي تحدثت أواخر العالم الماضي عن انتشار وباء في الصين لم تثر بقية بلدان العالم كثيراً. لكن الوباء سرعان ما خرج من الصين ليهدد العالم كله. لكن العجيب هو أن ينشغل كبار قادة الرأي في العالم بإشعال فتيل الصراعات حول كرسي قيادة العالم، وبالترويج لقيام حرب عالمية ثالثة، وبشيطنة الصين حيناً، واتهام الولايات المتحدة حيناً آخر، وتأجيج الصراع بين دولتين عظميين.. وكأن العالم لن يكتفي بما دمره فيروس كورونا، بل يحتاج إلى دمار أكبر!
منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أطلقت، يوم الجمعة، مبادرة "تاريخيّة" تجمع عدة دول، بينها فرنسا وألمانيا، لتسريع إنتاج اللقاحات والعلاجات والفحوص الخاصة بفيروس كورونا المستجد، مع ضمان تكافؤ الفرص في الحصول عليها. وقال رئيس منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدانوم جيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي افتراضي شارك فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، إن ذلك يمثل "تعاوناً تاريخياً لتسريع تطوير وإنتاج وتوزيع متكافئ للقاحات والفحوص التشخيصية والعلاجات ضد كوفيد-19". وأضاف أن "العالم بحاجة إلى هذه الأدوات ويحتاجها بشكل سريع... نواجه تهديداً مشتركاً لا يمكننا هزيمته إلا باتباع نهج مشترك".
بالتزامن، انتعش السباق لتطوير لقاح في العالم بمشاركة كل الدول والمختبرات الكبرى وشركات الأدوية، بعدما أعطت السلطات الاتحادية الألمانية المكلفة المصادقة على اللقاحات، يوم الأربعاء، الضوء الأخضر لمختبر "بايوتيك" والمجموعة الأمريكية العملاقة لصناعة الأدوية "فايزر" لإجراء تجارب سريرية على البشر. ويجري حالياً، حسب خبراء، اختبار خمسة مشروعات لقاحات على البشر في العالم. وبانتظار هذا اللقاح الذي يتطلع العالم بأسره إلى الحصول عليه، والذي يمكن أن يكون ذلك محور منافسة شرسة، ليستمر الوباء في تأجيج أزمة اقتصادية عالمية تداعياتها غير مسبوقة. وفي عالم توقف عن العمل، لا يزال قادة الدول يحاولون تطويق آثار أزمة اقتصادية وصفها "صندوق النقد الدولي" و"منظمة العمل الدولية" بالأسوأ منذ 1945.
مختبرات العالم تسارع إلى تطوير لقاح للفيروس. وبدأت تجارب سريرية واعدة على البشر في كل من ألمانيا وبريطانيا هذا الأسبوع، فيما يقيّم العلماء فاعلية عشرات الأدوية في تخفيف أعراض المرض. وفي هذا السياق، أعلن مختبر صيني أن لقاحاً تجريبياً أجري على القرود وفّر "حماية كبيرة" لهذه الحيوانات ضد فيروس كورونا المستجد. وأعطي اللقاح الذي استخدمت فيه نسخة خاملة من الفيروس لثمانية قرود، حقنت بالفيروس بعد ثلاثة أسابيع، وفقاً لبحث نشرته شركة إنتاج الأدوية "سينوفاك بايوتيك". وقال المختبر الذي نشر هذه النتائج في 19 أبريل على موقع "بيو آر إكسيف"، إن "القرود الأربعة التي تلقّت جرعة عالية من اللقاح لم يكن لديها أثر للفيروس في الرئتين بعد سبعة أيام من إصابتها به". أما القردة الأربعة الأخرى التي تلقت اللقاح بجرعات أقل، تبين أن كمية الفيروس ازدادت في جسدها لكنها تمكنت من مقاومة المرض.
كما بدأت شركة "سينوفاك" التجارب السريرية للقاح نفسه لدى البشر منذ 16 أبريل. وعلق عالم الفيروسات فلوريان كرامر من كلية أيكان للطب في نيويورك على "تويتر" بقوله: "هذه أكثر البيانات ما قبل السريرية جدية التي أراها عن لقاح تجريبي". فيما قالت عالمة المناعة لوسي ووكر من "يونيفرسيتي كوليدج" في لندن، إن "السؤال المطروح يتعلق بما إذا كانت هذه الحماية ستستمر لفترة طويلة، أم لا".
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أعلن أن هزيمة الوباء تتطلب "أقصى جهود في التاريخ على صعيد الصحة العامة". وتابع متحدّثاً خلال مؤتمر صحفي عبر الفيديو: "العالم بحاجة إلى تطوير وإنتاج لقاحات وعلاجات وطرق تشخيص آمنة وفعالة ضد الوباء، وتوزيعها بشكل عادل. لا لقاح أو علاج لدولة أو منطقة أو نصف من العالم، بل لقاح وعلاج يكون معتدل السعر وآمناً وفعالاً، يمكن إعطاؤه بسهولة ويكون متوافراً في كل أنحاء العالم، للجميع في كل مكان". أما الرئيس الفرنسي، فقال بنبرة تفاؤل: "سنواصل الآن تعبئة جميع دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين لدعم هذه المبادرة. ويحدوني الأمل في أن نتمكن من التوفيق بين الصين والولايات المتحدة حول هذه المبادرة المشتركة، لأن المعركة مشتركة، ولا ينبغي أن يكون هناك انقسام حتى نكسب هذه المعركة".
أما الولايات المتحدة الأمريكية فأعلنت أنها لن تشارك في هذه المبادرة، وقال متحدث باسم البعثة الأمريكية في جنيف لوكالة "رويترز": "لن تكون هناك مشاركة رسمية أمريكية... نتطلع لمعرفة المزيد عن المبادرة لدعم التعاون الدولي في تطوير لقاح في أقرب وقت ممكن". وانتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منظمة الصحة العالمية، واتّهمها بالبطء في رد الفعل على تفشي المرض و"تركيز اهتمامها بالصين"، وأعلن تعليق التمويل لها.
معنى هذا الكلام هو أن الوباء سوف يعيد خارطة الاهتمام السياسي بطريقة مختلفة، وسوف يضاعف من درجة الاهتمام القومي في الدول، وسوف يتضاعف القلق الدولي من تكرار مثل هذه الأزمة، وسوف تفكر الدول في بناء منظومة سياسية ونظرية تستعين بها في وقت الأزمات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالصحة، أخيرا ليس هناك من شك أن العالم قد أصيب بفقدان البصر السياسي حول كثير من قضاياه؛ ليس لأن وباء كورونا يتسيد الساحة الدولية اليوم، لكن السبب يعود إلى أن العالم سوف يغير من قياساته البصرية بشكل دقيق ومباشر وقد يشهد العالم انفراج كثير من الأزمات الدولية بشكل لم يكن متوقعا.
على مدى الأعوام الماضية لم تتوقف المنظماتُ الدوليةُ الأجنبية المختلفة، بأنواعها وأصنافها (الإنسانية وغيرها)، عن التشنيع، في بيانات وتقارير، على معظم الدول العربية والإسلامية، في أوقات متفاوتة خلال مرحلة ما قبل كورونا، متهمةً في مزاعمها (ذات اللغة الغليظة واللهجة الحادة) هذه الدول بالتقصير والتراخي، مستهجنةً بعض الممارسات (إن وجد أقل القليل منها). كما اعتادت هذه المنظمات، صاحبة النظريات الباهتة والأصوات العالية، أن تدعي ادعاءات وتزعم مزاعم، مطالبةً بتطبيق العدالة والمساواة حفاظاً على حياة الإنسان وكرامته وسائر حقوقه، بغض النظر عن الجنسية والديانة والمعتقد. واليوم، وبعد أن اجتاح وباء كورونا العالم بأسره، وعمّ وباؤها الذي ابتُلي به العالم كله، فأذهل وأدهش الدول العظمى وأذعنت له، وخيّم شبحه المخيف على البشرية وأرعبها، مما أوجد تداعيات خطيرة ومخيفة على اقتصاديات دول العالم التي اجتاحها المرض الغامض، وشكل صدمة لشعوبها.. لا تكاد تسمع حساً لهذه المنظمات التي كان صوتها في الماضي هو الأعلى في توجيه الانتقادات والاتهامات (بالكذب والزور، طبعاً) للدول العربية والإسلامية.
وفي غضون ذلك تكثر حالياً التقارير والدراسات التي تحذّر من "زلزال" اقتصادي واجتماعي في الشرق الأوسط وأفريقيا. وبمعزلٍ عن التسمية شكلا ومضموناً، تلوح مؤشرات مقلقة، فثمّة دول كسوريا واليمن وليبيا والكاميرون ومالي دمّرت الحروب مقوّمات اقتصادياتها، ودول مثل لبنان والسودان وتونس وفلسطين تمر بأزمات اقتصادية ومالية خانقة، ودول مثل العراق والجزائر خسرت جزءاً مهماً من دخلها جرّاء هبوط أسعار النفط. في كل هذه الحالات فاقمت متطلبات مكافحة فيروس كورونا من الأزمات ورتّبت أعباء غير متوقعة على الميزانيات العامة. وفي مجمل هذه البلدان يشكّل السكان الذين يعيشون على خط الفقر أو تحته نسبة عالية، ونبّهت منظمة الصليب الأحمر ومنظمات حقوقية إلى أن هذه النسبة زادت بسبب الحجر المنزلي ووقف النشاط الاقتصادي وفقد الكثيرين أعمالهم، حتى أن هذه الظروف القسرية قلّصت قدرة كثيرين على توفير سبل العيش لأسرهم.
إن إيجاد طريق استراتيجي منظم لتفادي تفاقم الأزمات، سيكون سبيلاً لتجنيب الاقتصاديات ودولها أن تُلدغ من ذات الجحر مرتين، ولكي لا نستبدل "كورونا فيروسية" بـ"كورونا اقتصادية" خانقة للمؤسسات والمجتمعات والحكومات، وبما يضمن منح ثقة أكثر متانة للإنتاج المحلي، والعمل على دفع إمكاناته وتغذيتها، وتعزيز قدرة المؤسسات القومية، وفك ارتباط مصير الدول الوطنية مع إملاءات وخطط المؤسسات الدولية كالبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية.. والكثير من الوقائع تؤكد على ضرورة ذلك، ولعل أحدثها إيقاف الولايات المتحدة الأمريكية، دعمها عن منظمة الصحة العالمية في وقت لا يعد مناسباً مهما كانت الأسباب.
لقد تحول "المدى البعيد" إلى مدى واسع بإصلاحاته، قريب بأهمية إنجازه بالسرعة القصوى تفادياً لانهيار اقتصادي عالمي، من خلال تعاضد عريض من الاستجابات السياسية والإصلاحات المؤسساتية، وتفعيل القرارات اللازمة والداعمة للجهات المتضررة، لإعادة ضبط كفتي الميزان الاقتصادي الذي يترتب عليه الكثير، وبذلك تكون الدول في كافة أحوالها (في الشدة والرخاء) على أهبة الاستعداد لاستقلالية تامة واكتفاء ذاتي كفء، وذلك ما يمكن اعتباره ضرورة في الوقت الذي بعثرت فيه الظروف موازين القوى الاقتصادية العالمية، وخسفت باقتصاديات لم تعان على هذا النحو من قبل.