ياسر بركات يكتب عن: ليلة ذبح الدجاجة .. أردوغان يُقبل حذاء بوتين لتأجيل النهاية
خريطة التوازنات الدولية تضع رأس المغرور على المقصلة
الشعب التركى يطالب بجمجمة القاتل
بعد سقوط الجنود الأتراك
معركة كلامية بين فريدون أوغلو ومندوب سوريا فى الأمم المتحدة .. وفضائح تمويل داعش تظهر على الهواء
أردوغان الرجل الذى أخذ الأتراك إلى الجحيم
روسيا تعلن حالة الطوارىء على السواحل السورية
وتتهم أنقره بالتضليل
تركيا لم تبلغ أجهزة المخابرات بتواجد جنود لها في المنطقة
وزارة الدفاع الروسية ترسل سفينتين مزودتين بصواريخ كروز
بعد أن وصل التوتر بين الجانبين إلى حافة الحرب
التاريخ السرى للصراع
الروسى ـ التركى
الجيش الروسي يحتل المركز الثاني على العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية من بين 138 دولة
الجيش التركي في المركز الحادي عشر، بفارق كبير في الإمكانات والقدرات العسكرية.
القوات الأساسية بالقوات المسلحة الروسية لديها أكثر من مليون مقاتل
، مقابل 355 ألفا للجيش التركي،
القوات الاحتياطية بالجيش الروسي نحو 2 مليون جندي،
قوات الاحتياط بتركيا 380 ألف جندي.
روسيا تنفق سنويا نحو 48 مليار دولار
أما الجيش التركي فتبلغ موازنته 19 مليار دولار.
مع تزايد وتيرة العنف في محافظة إدلب شمال غربي سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، استمر الانقسام بين معسكرين أحدهما يضم روسيا وسوريا والآخر به الولايات المتحدة وتركيا، خلال جلسة طارئة عقدها مجلس الأمن، مساء الجمعة.
عقد مجلس الأمن جلسته بعد التصعيد الأخير في إدلب الذي قتل خلاله عشرات الجنود الأتراك والسوريين، حيث تبادلت فيها الأطراف الأربعة توزيع الاتهامات، فيما دعت بريطانيا وأعضاء آخرون لوقف إطلاق نار في الشمال السوري. واتهمت واشنطن موسكو ودمشق بمخالفة اتفاق "أستانا"، مشددة على ضرورة وقف إطلاق النار "فورا" في منطقة إدلب. وفي المقابل، قال المندوب الروسي لدى المجلس فاسيلي نيبينزيا، إن الجنود الأتراك الذين قتلوا مؤخرا، كانوا موجودين في مناطق منزوعة السلاح في انتهاك لاتفاق التهدئة، مشددا على أن بلاده تعمل على مكافحة الإرهاب في سوريا.
مندوب سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري، اتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتحويل الجيش التركي إلى ذراع لتنظيم الإخوان. وقال الجعفري إن "نظام أردوغان ضرب بعرض الحائط مبادئ حسن الجوار"، معتبرا وجود القوات التركية بعيدا عن نقاط المراقبة دليلا على دعمها للجماعات الإرهابية، مثل جبهة النصرة و"داعش". ورد عليه مندوب تركيا لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، قائلا إن "وجودنا في الشمال السوري لحماية المدنيين"، مضيفا أن "(الرئيس السوري بشار) الأسد لا يمثل الشعب السوري ولا يستحق الرد عليه".
خلال الجلسة، أجمع ممثلو عدد من الدول، في مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، على وصف اتفاق أستانا بالميت، ودعوا إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في إدلب، تحت مظلة مجلس الأمن الدولي. وفي وقت سابق من الجمعة، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إن الولايات المتحدة تدرس خيارات لمساعدة تركيا بعد مقتل 33 جنديا تركيا في هجوم للقوات الحكومية السورية المدعومة من روسيا في إدلب. وذكر بومبيو في بيان، أن "الولايات المتحدة منخرطة مع الحلفاء الأتراك، وتدرس خيارات لمساعدة تركيا في صد هذا العدوان مع سعينا لوقف وحشية نظام الأسد وروسيا وتخفيف المعاناة الإنسانية في إدلب".
منذ ديسمبر الماضي، تمكنت قوات الجيش السوري من استعادة مناطق واسعة في إدلب، مما أدى الى نزوح نحو مليون سوري من منازلهم. وبعدما منيت بأفدح خسائر في هجوم واحد منذ بدء تدخلها العسكري في سوريا في 2016، طلبت أنقرة دعم المجموعة الدولية، ملوحة بتهديد فتح أبواب الهجرة مجددا إلى أوروبا. وعقد حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي إليه أنقرة، الجمعة، اجتماعا طارئا بطلب من تركيا بموجب المادة 4 من الاتفاقية التي يمكن أن تلجأ إليها دولة عضو إذا اعتبرت أن "سلامة ووحدة أراضيها واستقلالها السياسي والأمني" بات مهددا.
تركيا ناشدت، يوم الجمعة، المجموعة الدولية على إقامة منطقة حظر جوي في شمال غربي سوريا لمنع طائرات الجيش السوري وحليفته روسيا من شن ضربات. وقال مدير الإعلام لدى الرئاسة التركية إن "المجموعة الدولية يجب أن تتخذ إجراءات لحماية المدنيين وإقامة منطقة حظر جوي" في منطقة إدلب. وفي محاولة واضحة للضغط على الاتحاد الأوروبي للحصول على المزيد من الدعم، أعلنت أنقرة أنها لن توقف بعد الآن المهاجرين الراغبين في التوجه إلى أوروبا من تركيا، ما يثير مخاوف عودة أزمة الهجرة الخطيرة التي هزت القارة الأوروبية عام 2015.وفي إسطنبول، وضعت حافلات تحت تصرف المهاجرين الراغبين في التوجه نحو الحدود اليونانية، بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام التركية.
صور ملتقطة من طائرات بدون طيار أظهرت عشرات المهاجرين يعبرون الحقول حاملين حقائب على ظهرهم متوجهين نحو الحدود اليونانية. وأظهر مقطع فيديو نشرته وكالة أنباء تركية زورقا مطاطيا محملا بمهاجرين يغادر غرب تركيا متجها إلى جزيرة ليسبوس اليونانية في بحر ايجه. واتخذ قرار "فتح الأبواب" خلال اجتماع أمني طارئ ترأسه الرئيس رجب طيب أردوغان، ليل الخميس الجمعة، لمواجهة هذا الوضع، أعلنت اليونان أنها عززت الدوريات على الحدود بعد الإعلان التركي. وقال مصدر حكومي إن "اليونان شددت حراسة أراضيها ومعابرها البحرية إلى أقصى درجة ممكنة"، فيما أفاد مصدر في الشرطة أن الدوريات على الحدود تضاعفت.
كانت تركيا قد هددت عدة مرات في السابق "بفتح الأبواب" إلى أوروبا أمام المهاجرين، ما يعتبره المراقبون وسيلة ضغط على دول الاتحاد الأوروبي التي لا تزال تحت وطأة أزمة الهجرة التي شهدتها في صيف 2015. وتستضيف تركيا على أراضيها حوالي أربعة ملايين مهاجر أو لاجئ غالبيتهم من السوريين، وتخشى موجة جديدة من النزوح من إدلب حيث لجأ حوالي 900 ألف شخص إلى منطقة قريبة من الحدود التركية منذ ثلاثة أشهر بحسب الأمم المتحدة.
المواجهات بين القوات التركية والسورية ألقت بثقلها على التعاون الوثيق الذي تطور في السنوات الماضية بين أنقرة وموسكو في عدة مجالات مثل الملف السوري والدفاع والطاقة. والجمعة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الجنود الأتراك الذين استهدفهم قصف قوات الجيش السوري، الخميس، كانوا ضمن "وحدات مقاتلة من مجموعات إرهابية". وقالت الوزارة إن "عسكريين أتراكا كانوا في عداد وحدات مقاتلة من مجموعات إرهابية تعرضت لنيران جنود سوريين" في محافظة إدلب. وأشارت إلى أن الجانب التركي لم يبلغ عن وجود قوات له في المنطقة المعنية وأنه "لم يكن يفترض أن توجد هناك". وبموجب الاتفاق الروسي - التركي يفترض أن تبلغ القوات التركية الموجودة في محافظة إدلب، روسيا بمواقعها بهدف تجنب حوادث مسلحة، لكن تركيا سارعت إلى رفض التفسير الروسي.
مع تزايد حدة التوتر في المنطقة، أرسلت وزارة الدفاع الروسية سفينتين حربيتين مزودتين بصواريخ كروز (موجهة) قبالة الساحل السوري، متهمة أنقرة بالمسئولية عن مقتل الجنود الأتراك في إدلب. ويتواجد جنود أتراك في مناطق بإدلب بتنسيق بين موسكو وأنقرة حسب اتفاقية خفض التصعيد بين الجانبين، لكن روسيا قالت إن تركيا لم تبلغ عن وجود جنود لها في المنطقة التي استهدفت بالقصف السوري. وأوضحت موسكو أنه ما كان ينبغي أن يكون الجنود الأتراك في المنطقة وفقا للمعلومات التي قدمتها تركيا، مشيرة إلى أن روسيا فعلت كل شيء لفرض وقف كامل لإطلاق النار من جانب الجيش السوري بعدما علمت بمقتل أتراك.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تشهد تصعيدا بين تركيا وروسيا بسبب الملف السوري، ففي نوفمبر 2015 وصل التوتر بين الجانبين إلى حافة الحرب من إسقاط أنقرة مقاتلة روسية. ووفقا لترتيب "جلوبال فير باور"، يحتل الجيش الروسي المركز الثاني على العالم خلف الولايات المتحدة الأمريكية من بين 138 دولة، فيما يحل الجيش التركي في المركز الحادي عشر، بفارق كبير في الإمكانات والقدرات العسكرية.
القوات الأساسية بالقوات المسلحة الروسية لديها أكثر من مليون مقاتل، مقابل 355 ألفا للجيش التركي، ويبلغ عدد القوات الاحتياطية بالجيش الروسي نحو 2 مليون جندي، في حين يبلغ عدد قوات الاحتياط بتركيا 380 ألف جندي. وبالنظر إلى موازنة وزارتي الدفاع في البلدين، نجد أن روسيا تنفق سنويا نحو 48 مليار دولار وفقا لموقع "جلوبال فير باور" لعام 2020، أما الجيش التركي فتبلغ موازنته 19 مليار دولار.
على مستوى القوات الجوية، يمتلك الجيش الروسي 4163 طائرة (873 طائرة مقاتلة، منها 742 مقاتلة هجومية)، كما تمتلك 424 طائرة نقل، و497 طائرة تدريب، و127 طائرة للبعثات العسكرية، ويضم الجيش الروسي 1522 طائرة هليكوبتر، منها 531 هليكوبتر هجومية. وفي المقابل نجد أن الجيش التركي يمتلك (1055 طائرة)، (206 طائرات مقاتلة)، كما تمتلك 80 طائرة نقل، و276 طائرة تدريب، و18 طائرة للبعثات العسكرية، ويضم الجيش التركي 497 طائرة هليكوبتر، منها 100 هليكوبتر هجومية.
بالنظر إلى القوات البرية، يمتلك الجيش الروسي 12950 دبابة، و27038 مدفعا، بالإضافة إلى 6083 مدفعا ذاتي الدفع، 4465 مدفعية ميدان، 3860 بطارية صواريخ.. في حين يضم الجيش التركي 2622 دبابة، و8777 مدفعا، بالإضافة إلى 1278 مدفعا ذاتي الدفع، و1260 مدفعية ميدان، و438 بطارية صواريخ. وعلى صعيد القوات البحرية، يمتلك الجيش الروسي أسطولا هائلا يضم 603 قطع بحرية، كما يمتلك حاملة الطائرات العملاقة "أدميرال كوزنتوف"، بالإضافة إلى 62 غواصة، و16 مدمرة، و10 فرقاطات، و79 طرادا، و41 قطعة للدوريات الساحلية، و48 قطعة مضادة للألغام.
على الطرف الآخر، تضم البحرية التركية 149 قطعة، وصفر من حاملات الطائرات، و12 غواصة فقط، بالإضافة إلى صفر آخر من المدمرات، و16 فرقاطة وهي القطعة البحرية الوحيدة التي تفوق فيها الجيش التركي على نظيره الروسي، و10 طرادات، و35 قطعة لدوريات السواحل، و11 قطعة مضادة للألغام.
في محاولة لوقف لغة التصعيد بين موسكو وأنقرة، هرعت تركيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" طالبة عقد اجتماع على مستوى سفراء دول الحلف، يوم الجمعة، لإجراء مشاورات بشأن التطورات في سوريا بموجب المادة 4 من معاهدة الحلف، وذلك بعد مقتل 33 جنديا تركيا في غارة جوية على إدلب.
من جانبه، قال مسئول بالاتحاد الأوروبي إن هناك خطرا من الانزلاق إلى مواجهة عسكرية دولية مفتوحة في إدلب، عقب سقوط عدد كبير من الجنود الأتراك يوم الخميس شمال شرقي سوريا. وفي محاولة لابتزاز الاتحاد الأوروبي، قال مسئول تركي رفيع المستوى، الجمعة، إن بلاده اتخذت قرارا بعدم التصدي لمحاولات هجرة اللاجئين السوريين صوب أوروبا برا وبحرا.. وأوضح أنه صدرت تعليمات للشرطة التركية، وخفر السواحل، وقوات أمن الحدود بالانسحاب، وترك المجال مفتوحا أمام المهاجرين. وفي المقابل، قررت اليونان تعزيز إجراءات المراقبة على الحدود البحرية والبرية مع تركيا بعد التطورات التي وقعت الليلة الماضية في إدلب السورية.. حيث تعد اليونان هي البوابة الرئيسية لمئات الآلاف من اللاجئين الذين تدفقوا من تركيا في نزوح جماعي عامي 2015 و2016 إلى أوروبا.
بعد أيام من إرسال بوتين قواته إلى قاعدة حميميم في سوريا، أسقطت مقاتلة تركية أخرى روسية من طراز "سوخوي 24" قرب الحدود السورية في 24 نوفمبر 2015. أراد أردوغان اختبار مدى دعم حلفائه في "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) ومدى جدية "القيصر" في العودة إلى الشرق الأوسط وحدود "ناتو". بوتين سارع إلى اعتبار الحادثة "طعنة في الظهر" أو "خيانة عثمانية". وقدم قائمة الطلبات من "السلطان". لم يكن من خيار أمام أردوغان سوى الاعتذار عن إسقاط الطائرة الروسية بعدما اكتشف أن الدعم "الأطلسي" لن يصل إلى حد تفعيل المادة الخامسة من ميثاقه بالدفاع عن الدول الأعضاء في الحلف. ومن لحظتها، راحت تركيا تغازل "الجار الروسي" الجديد على الحدود الجنوبية.
بوتين معروف بأنه صائد الفرص. كانت محاولة الانقلاب ضد أردوغان في منتصف يوليو 2016 فرصة ذهبية لـ"القيصر". ميّز موقفه عن حلفاء أردوغان في "الأطلسي". سارع للاتصال بـصديقه الجديد للتعبير عن "رفض روسيا القاطع للأعمال غير الدستورية والعنف في حياة الدولة". قطف الثمار بأن انتقلت العلاقات بين موسكو وأنقرة من معالجة آثار إسقاط الطائرة والاعتذار إلى تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بتوجيهات من رأس الهرم في دولتين مركزيتين. انتقلا من الشكوك إلى التعاون الحذر إلى محاولات التحالف فى مشاريع استراتيجية عملاقة طُرحت بين البلدين. رفع ميزان التبادل التجاري. "السيل التركي" لنقل الغاز الروسي عبر البحر الأسود وصولاً إلى تدشينه في بداية 2020.
هل يمكن أن تفوز روسيا استراتيجياً بتسليم منظومة صواريخ "إس 400" إلى دولة عضو في "حلف شمال الأطلسي"؟ نعم، نجح بوتين في بيع ثم تسليم ونشر وتشغيل هذه المنظومة في بلد يضم ثاني أكبر جيش في "ناتو" وتقع فيها قاعدتان للحلف، إحداهما تضم قنابل نووية يُفترض أن تكون موجّهة ضد روسيا حالياً والاتحاد السوفياتي سابقاً.
لم يمر هذا الاختراق من دون عقاب أمريكي. عقوبات اقتصادية. تجميد مساهمة تركيا في برنامج تطوير درة الصناعة الجوية الأمريكية "إف 35". وقف صفقة لتزويدها بهذا النوع من الطائرات. تجميد نشر قاعدة صواريخ "باترويت". التردد في تلبية مطالبة أنقرة بنشر هذه القواعد وتبادل الاتهامات عن الأسباب.
وفّر التعاون الروسي - التركي في قضايا كبرى دولية وثنائية مساحة لمقايضات وتفاهمات على الأرض السورية. في نهاية 2016، دخلت قوات الحكومة إلى شرق حلب بعد خروج المعارضة. دخل الجيش التركي وفصائل موالية إلى "درع الفرات". الهدف فصل طرفي إقليم كردستان، الذي تعده مهدداً لأمنها القومي. في بداية 2018، خرجت فصائل معارضة من أرياف حمص ودمشق ودرعا بالتزامن مع دخول فصائل أخرى بدعم أنقرة إلى عفرين ضمن عملية "غصن الزيتون". الهدف منع وصول إقليم كردستان إلى البحر المتوسط. في خريف 2019، دخل الجيش التركي وفصائل موالية إلى شرق الفرات بين تل أبيض ورأس العين. عنوان الحملة "نبع السلام". الهدف، تفكيك كردستان شمال شرقي سوريا. بعدها سارت دوريات روسية وتركية لرسم مناطق النفوذ الثنائي ومع الأمريكيين.
قادت موسكو عملية خلق منصة مختلفة عن مسار جنيف. أسست مسار آستانة في بداية 2017. طاولة يجتمع عليها اللاعبون الثلاثة (روسيا وتركيا وإيران) بعيداً من اللاعب الرابع، أي أمريكا. اتفاقات لـ"خفض التصعيد" كانت ساحة لمقايضات وتفاهمات تنتهي بعودة هذه المناطق إلى دمشق. أيضاً، عملية آستانة أتاحت لـ"الضامنين" الثلاثة رعاية مسار سياسي بديل أو منافس لإطار جنيف برعاية أممية.
إدلب كانت إحدى مناطق "خفض التصعيد" برعاية "الضامنين" الثلاثة. وفي سبتمبر 2018، تحول إلى مسار ثنائي بين بوتين وأردوغان. اتفاق سوتشي، آلية روسية - تركية للتفاهم على إدلب، لم يوقف العمليات العسكرية. خلاصة الاتفاق أنه "موقّت" يتضمن وقفاً للنار وتبادلاً تجارياً وإقامة "منطقة عازلة" بين قوات الحكومة والمعارضة وفصل المتطرفين عن المعتدلين و"استعادة" طريقي "حلب – دمشق" و"حلب – اللاذقية". بوتين له تفسيره لهذا الاتفاق. تفاهم موقّت تمهيداً لـ"استعادة سيادة الدولة السورية على كامل الأراضي". مدخل لاستعادة أحياء اتفاق أضنة بين أنقرة ودمشق. لأردوغان، طموح وتفسير: مدخل للتمدد التركي شمال سوريا. جسر ربط بين "درع الفرات" و"غصن الزيتون" ولواء إسكندرون (هاتاي).
في موازاة التعاون والاختبارات في إدلب، كان هناك صدام روسي - تركي في ساحات أخرى. في ليبيا، كل طرف يدعم طرفاً آخر. أردوغان مع حكومة فائز السراج. بوتين مع الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر. أيضاً، هنا تبادل الرئيسين الاتهامات وقيادة الانغماس في البحر الليبي. وفي أوكرانيا، يقف الزعيمان على طرفي نقيض. القرم في حضن روسيا. وأردوغان لا يكتفي بتعزيز علاقته مع كييف، بل "يتحدى" بوتين بقوله إنه لن يعترف بضم الجزيرة، التي احتضنها "القيصر".
مع مرور الوقت ذات الفجوة بين تفسيرين ومسارين ومقاربتين. المفاوضات كشفت عمق الفجوة. الميدان بات الميزان. بوتين عزز قواته وقاد هجوم دمشق على إدلب لتنفيذ تفسيره لسوتشي. أردوغان أرسل تعزيزات وقوات ومعدات لفرض تفسيره للاتفاق. على الأقل، منع دمشق وموسكو وطهران من فرض النسخة الروسية من "سوتشي".
إشارات انتهاء "شهر العسل"، التقطها مسئولون أمريكيون وأوروبيون. هناك استنفار لالتقاط حدود خلاف بوتين وأردوغان. هناك محاولة لطي التراكم الاستراتيجي. عندما تحصل مواجهة بين روسيا ودولة عضو في "ناتو"، تحاول دول أوروبية وأمريكا التي تعاني من "تدخلات روسيا" في الانتخابات وتمدد النفوذ والصعود الدولي، للإفادة من مشكلات "زواج المصلحة" بين بوتين وأردوغان. تفصيلياً، إذا كان الخيار بين سيطرة دمشق وموسكو وطهران على إدلب وزيادة عدد النازحين واللاجئين على حدود أوروبا وما يعني ذلك من تهديدات إرهابية وبين توسيع النفوذ التركي في إدلب وبقاء نازحين ومدنيين، فإن الدول الغربية تدعم الخيار الثاني. هي مستعدة لتقديم الدعم الاستخباراتي والدبلوماسي والسياسي وكل أنواع الدعم باستثناء العسكري المباشر.
مرة أخرى، تشكل إدلب اختباراً لعلاقة بوتين وأردوغان. أيضاً، اختبار لمدى وحدة الموقف الأوروبي والموقف الأوروبي - الأمريكي. حدود الدعم لدولة حليفة في "الأطلسي". مدى رهان أردوغان بالمغامرة بعلاقته مع بوتين مقابل "وعود أطلسية". موازنة بوتين بين أهمية إدلب لدمشق وله وبين أهمية أنقرة له وطموحاته الشرق أوسطية والدولية.
انخفضت الليرة التركية لأدنى مستوى في 17 شهراً، يوم الجمعة، وحظرت جهة تنظيمية البيع على المكشوف لكل الأسهم التركية لمدة يوم، بعد أن قتل قصف جوي 33 جندياً تركياً، وقالت أنقرة إنها لم تعد تمنع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا. وبلغت الليرة 6.2475 مقابل الدولار بحسب وكالة "رويترز" للأنباء، لتتراجع 0.65% مقارنة مع إغلاق عند 6.2080 يوم الخميس، مما يصل بخسائرها منذ بداية العام الجاري إلى نحو خمسة%، والعملة عند أدنى مستوياتها في التعاملات الاعتيادية منذ سبتمبر 2018. وفي "انهيار وجيز" في التعاملات الآسيوية في 26 أغسطس من العام الماضي؛ بلغت الليرة لفترة قصيرة مستوى 6.47 حين كانت السيولة شديدة الانخفاض. وقال مجلس أسواق رأس المال في تركيا، إنه حظر البيع على المكشوف لجميع الأسهم المدرجة في بورصة إسطنبول، واتخذ المجلس خطوات مماثلة في السابق في أوقات ارتفاع التقلبات، بما في ذلك في العام الماضي.