ياسر بركات يكتب عن: مصر تخطط لتطهير القارة السمراء من سرطان الإخوان
الرئيس .. فى الطريق إلى الساحل الإفريقى
على مدار يومين، استضافت مصر اجتماعات رؤساء أركان دول تجمع الساحل الأفريقي الخمس بحضور ممثلين عن الدول الأوروبية المانحة. وكان أبرز ما ناقشه الاجتماع مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي باستضافة "قمة أفريقية لبحث إنشاء قوة قارية لمكافحة الإرهاب في دول الساحل"، وبالتزامن أعرب سامح شكري وزير الخارجية، عن ترحيبه بالتعاون مع واشنطن في مجال مكافحة التنظيمات المتطرفة.
في اجتماع رؤساء أركان حرب القوات المسلحة لدول تجمع الساحل الأفريقي الخمس (G5) في القاهرة، قال الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية، إن "القمة الأفريقية الثالثة والثلاثين والتي أقيمت بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ألقت بظلالها الإيجابية من خلال فوز مصر بعضوية مجلس السلم والأمن، ومناقشة عدد من القضايا ذات الأهمية الكبرى للقارة الأفريقية، على رأسها الأزمة الليبية بما يحفظ حقوق الشعب الليبي الشقيق؛ إضافة إلى مبادرة الرئيس السيسي، باستعداد مصر الكامل لاستضافة قمة لبحث إنشاء قوة أفريقية لمكافحة الإرهاب في دول الساحل".
الاجتماع ناقش الوضع الأمني في منطقة الساحل وسبل تعزيز التعاون العسكري والتنسيق المستمر في القضايا محل الاهتمام المشترك، كما تم عرض الرؤية المصرية لدعم قدرات دول الساحل الأفريقي الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد)، ومناقشة مقترح تدريب كوادر من تلك الدول في مصر في مجال مكافحة الإرهاب، وتعزيز العلاقات الأمنية والعسكرية بين الجانب المصري ودول الساحل الأفريقي الخمس. وأكد فريد "ضرورة التدريب والتأهيل المستمرين لقوات دول الساحل الخمس (G5) من أجل مواجهة التهديدات الأمنية عابرة الحدود الناتجة عن الجماعات المتطرفة بدول الساحل الأفريقي"، موضحاً أهمية "تشجيع المبادرات التنموية بالمناطق المهمشة في دول الساحل الخمس لدعم استقرار المنطقة ومنع الجماعات المتطرفة من تجنيد عناصر جدد".
بالتزامن، أكد سامح شكري، وزير الخارجية وروبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأمريكي على ضرورة تعزيز التنسيق بين الجانبين حول القضايا الإقليمية المرتبطة بالشرق الأوسط، خاصة بالنسبة للأزمة السورية والوضع في ليبيا، بما في ذلك ضرورة مكافحة الإرهاب والتصدي لانتقال المقاتلين الإرهابيين إلى ليبيا ومنها إلى دول الساحل والصحراء. كما دعا المسئولان، خلال اجتماع في واشنطن، انعقد يوم الأربعاء، إلى "تكثيف التنسيق والتعاون لتعزيز الأمن والاستقرار بالقارة الأفريقية والقضاء التام على ظاهرة الإرهاب".
الرئيس السيسي، كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية لقمة الاتحاد الأفريقي، حين دعا إلى اتخاذ كافة الترتيبات اللازمة لنجاح هذه القمة. وتحدث الرئيس المصري عن الجهود التي قامت بها بلاده خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي خلال العام الماضي، لافتا إلى الجهود المبذولة لتحديث آلية عمل الاتحاد الأفريقي من أجل تحقيق الأهداف وترشيد استخدام الموارد المالية. وأشاد السيسي بالتفاعل المثمر من جانب الدول الأعضاء مع مصر خلال رئاستها للاتحاد، وقال إن "مصر ستظل داعما أساسيا لتعزيز أطر العمل الأفريقي". وأضاف "الطريق نحو أفريقيا التي نريدها لا يزال ممتدا، ولا بد من السير على ذلك الطريق بالعمل الجاد". وقال السيسي: "نحن على ثقة بإمكانية تغيير الواقع إلى مستقبل أفضل للقارة الأفريقية". وأشار إلى أن أبرز التحديات أمام أفريقيا تتمثل في "استمرار النزاعات وزيادة مخاطر الإرهاب والتطرف". وأوضح السيسي أنه على الرغم من تنامي التحديات أمام أفريقيا، لا سيما استمرار النزاعات وزيادة مخاطر الإرهاب والتطرف خاصة في منطقة الساحل والقرن الأفريقي "فقد حرصنا على تعزيز حالة السلم والأمن في أفريقيا، معتمدين على ترسيخ مبدأ (الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية)، باعتباره السبيل الأمثل للتعامل مع أزمات القارة وفهم خصوصيات الدول والشعوب الأفريقية.
انطلاقا من رؤية أشمل لتعزيز السلم والأمن، يضيف السيسي "دفعنا بمفهوم ارتباط استدامة السلام بالتنمية"، مشيرا إلى الجهد الذي تم من أجل التفعيل الكامل لمركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، واعتبره إسهاما في المبادرة الرائدة لإسكات البنادق في أفريقيا والتعامل مع أوضاع اللاجئين والنازحين والعائدين. وأبرز السيسي أن الجهود التي بذلتها الرئاسة المصرية لن تكون نهاية المطاف، وستظل مصر امتدادا لدورها التاريخي، وداعما أساسيا لتعزيز أطر العمل الأفريقي المشترك، كما ستحرص على مواصلة التنسيق مع جميع الأجهزة المعنية بالاتحاد الأفريقي، لمتابعة كل المبادرات والأنشطة التي تم إطلاقها تحت رئاستها لضمان استمراريتها في المستقبل واستثمارها على المستوى الأمثل. وبشأن القضية الفلسطينية، قال السيسي إنها ستبقى دائما "في قلوب وعقول شعب أفريقيا".
القمة تناولت أيضا قضايا إصلاح الاتحاد الأفريقي وتمويله، وتنفيذ إجراءات مثل منطقة التبادل الحر القارية، كما تدارست النزاعات التي تشهدها القارة وعلى رأسها ليبيا وجنوب السودان وتنامي الإرهاب. ومن جهته، أكد أنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، أهمية الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وقال جوتيريش، في كلمة ألقاها في قمة الاتحاد الأفريقي، إن الشراكة بين الجانبين "لها أهمية قصوى"، وشدد على دعم الأمم المتحدة الكامل لمبادرة الاتحاد الأفريقي الرائدة لإسكات البنادق. وأضاف "في نهاية الأمر، أن إسكات البنادق لا يتعلق فقط بالسلم والأمن، وإنما أيضا بالتنمية المستدامة الشاملة وحقوق الإنسان". ولفت جوتيريش إلى وجود ثلاثة تحديات ذات أهمية ملحة في أفريقيا، وهي القضاء على الفقر، والتعامل مع أزمة المناخ، وإسكات البنادق. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى دمج الشباب الأفريقي ودعمه. وقال إن "لديهم أيضا مساهمة حيوية... ويتعين ألا يتم تهميشهم أو إقصاؤهم".
وقال جوتيريش إن أفريقيا ضحية لعولمة لم تستفد منها الدول بشكل متساو. ودعا إلى قيام عولمة عادلة. وأعرب جوتيريش عن دعمه لتوسعة دور الاتحاد الأفريقي في مساعي حل الأزمة الليبية، مشيراً إلى أنه يتفهم "إحباط" الاتحاد الأفريقي الذي "استبعد" حتى الآن عن الملف الليبي، مؤكدا تأييده لمنح المنظمة الأفريقية دورا أكبر. ووعد في هذا الإطار بدعم مبادرة لعقد منتدى للمصالحة اتخذت في نهاية يناير خلال قمة نظمتها لجنة الاتحاد الأفريقي حول ليبيا في الكونغو برازافيل.
بدوره، قال موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، أن السنة الماضية لم تكن سنة انسجام في العالم، وهذا يستدعي المطالبة بتعبئة كل الطاقات لرفع التحديات الوعرة، مشيرا إلى أنه في شرق القارة توجد توترات في البحر الأحمر، ومضيق يشغل ثلث التجارة العالمية، ومن ثم لا يجب أن نقف مكتوفي الأيادي إزاء هذه التوترات. وذكر فقي محمد أن حالة فلسطين "تذكرنا بهشاشة عالم اليوم، وتبين لنا هشاشة التعهدات الدولية".
وبشأن انتشار أوكار الإرهاب في عدة مناطق من القارة الأفريقية ونموها المقلق، قال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي إن "هذا السرطان ما زال أمامنا، وربما سيزيل بعض الدول من الخريطة، وإنه ظاهر بقوة في القارة". وفي مواجهة هذا العدو الأعمى والدموي، قال فقي محمد إنه بغض النظر عن الدول الضحايا، هناك عجز في التضامن الأفريقي يبعث على القلق، وإن هذا النقص في التضامن يشكل في حد ذاته هشاشة. وأشار رئيس المفوضية الأفريقية إلى وباء آخر يحول دون تطور الدول الأفريقية، ويتمثل في الصراعات الداخلية بين القبائل، وهي صراعات تتوارث بسبب ضعف الدول وضعف البيئة وتفكك النسيج الاجتماعي والاقتصادي التقليدي.
رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تحدث عن نزاع الصحراء، الذي قال إنه لا يزال المشكلة القديمة في القارة الأفريقية، مؤكداً تفرد الأمم المتحدة في إيجاد تسوية للنزاع الذي طال أمده. وأضاف أنه سيواصل جهده لكي ينفذ قرار نواكشوط أي تكليف "الترويكا" لتجد حلولا للنزاع. وشدد فقي محمد على القول إنه، وطبقا للقرار 693 لقمة نواكشوط، ستقدم آلية (الترويكا) التابعة للاتحاد الأفريقي دعما فعالا للمسلسل الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، والذي يشكل الإطار الذي اختاره الأطراف طواعية من أجل التوصل إلى حل سياسي مستدام.
أفريقيا بمكانة خاصة بالنسبة لمصر وللرئيس عبد الفتاح السيسي، نظرًا لأن أفريقيا هي العمق الإستراتيجي للدولة المصرية، كما أن أمن واستقرار الدول الأفريقية، يساهم في عملية البناء والتنمية التي تطمح لها الدولة المصرية في تنفيذها بالتعاون مع الدول الأفريقية، نظرا لما تتمتع بها دول القارة من إمكانات هائلة، تساعدها على أن تكون دول ذات تكتُل عالمي، تعمل على تحقيق الرخاء والتنمية لصالح شعوبها. ولأن الأمن والاستقرار عنوان التنمية الحقيقية والمستدامة، سعت مصر طيلة العقود الماضية إلى إرساء دعائم الأمن والاستقرار في مختلف الدول الأفريقية، سواء كان عن طريق المساهمة في إرسال قوات حفظ سلام تحت مظلة الأمم المتحدة، أو استضافة الأفارقة في المعاهد والكليات العسكرية المصرية، أو عن طريق تفعيل تكتل دول تجمع الساحل والصحراء.