الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:35 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: أزمة السد تنتهى وأثيوبيا تراوغ!


وزير المياه والسفير الأثيوبى فى واشنطن يثيران أزمة جديدة
مصر تتمسك بقواعد صارمة لمواعيد التشغيل وتضع بنودا خاصة بحالات الجفاف
ـ الخارجية المصرية ترفض التعليق على مهازل "تويتر " وتؤكد ثقتها فى البنك الدولى
ـ البيت الأبيض يساند القاهرة .. وملف السد على مكتب ترامب

انتهت جولات مفاوضات "سد النهضة" بين وزراء الخارجية والري في مصر والسودان وإثيوبيا، برعاية وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشن، وفي حضور ممثلي البنك الدولي. وذكرت وزارة الخارجية في بيان أصدرته يوم الجمعة أن "الجانب الأمريكي سوف يشارك مع البنك الدولي، في بلورة الاتفاق في صورته النهائية، وعرضه على الدول الثلاث في غضون الأيام القليلة المقبلة، وذلك للانتهاء من الاتفاق وتوقيعه، قبل نهاية فبراير الحالي".
وزراء الخارجية والري بالدول الثلاث اجتمعوا في واشنطن على مدار يومي الأربعاء والخميس الماضيين، للوصول إلى حلول لنقاط خلافية، من بينها "المعايير الخاصة بسلامة السد، وآلية فض المنازعات"، للوصول إلى صيغة اتفاق نهائي، يحقق المصلحة المشتركة لجميع الأطراف. وأعربت مصر، يوم الجمعة، عن بالغ تقديرها للدور الذي قامت به الإدارة الأمريكية، وخاصة وزير الخزانة الأمريكي والفريق المعاون له، والاهتمام الكبير الذي أولاه الرئيس دونالد ترامب، و"أفضى إلى التوصل إلى هذا الاتفاق الشامل الذي يحقق مصالح الدول الثلاث". وذكرت "الخارجية" المصرية أن "الاتفاق يؤسس لعلاقات تعاون وتكامل بين الدول الثلاث، ويعود بالنفع على المنطقة برمتها". في غضون ذلك "ثمنت القاهرة الدور الذي قام به البنك الدولي لدعم مفاوضات (سد النهضة)".
قالت "الخارجية" المصرية، في بيان الجمعة، إنه "تم استكمال التفاوض على عناصر ومكونات اتفاق ملء وتشغيل (سد النهضة)، والتي تتضمن ملء السد على مراحل، وإجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات الشحيحة التي قد تتزامن مع عملية ملء السد، وكذلك قواعد التشغيل طويل الأمد، والتي تشمل التشغيل في الظروف الهيدرولوجية الطبيعية، وأيضاً إجراءات التعامل مع حالات الجفاف، والجفاف الممتد، والسنوات الشحيحة"، كما "تطرقت المفاوضات إلى آلية التنسيق بين الدول الثلاث التي ستتولى متابعة تنفيذ اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة، وبنود تحدد البيانات الفنية والمعلومات التي سيتم تداولها للتحقق من تنفيذ الاتفاق، وكذلك أحكام تتعلق بأمان السد، والتعامل مع حالات الطوارئ، فضلاً عن آلية ملزمة لفض أي نزاعات قد تنشأ حول تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق".
لكن ما يثير قدرا من القلق، هو أن مسئولين إثيوبيون أعلنوا، يوم الجمعة، أن المفاوضات التي جرت هذا الأسبوع في واشنطن انتهت دون التوصل لاتفاق نهائي للنزاع المستمر مع مصر منذ فترة طويلة على خلفية مشروع سد النهضة على نهر النيل. ومن المقرر أن يزور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إثيوبيا الأسبوع المقبل بينما أفاد مسئول أمريكي رفيع أن واشنطن تأمل بأن "تقترب المحادثات من التوصل إلى حل".
السفير الإثيوبي لدى الولايات المتحدة فيتسوم أريجا على تويتر الجمعة قال أن محادثات هذا الأسبوع "انتهت دون اتفاق نهائي". كما أشار سيليشي بيكيلي، وزير المياه الإثيوبي، عبر تويتر إلى أنه تم تحقيق تقدّم هذا الأسبوع، لكن هناك حاجة لـ"مزيد من العمل" من أجل التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية الشهر، المهلة النهائية الحالية. وأفاد سيليشي أن وزارتي المياه والخارجية الإثيوبيتين "ستجريان مشاورات وطنية خلال الأسبوع المقبل لتحقيق توافق على النتائج وطريقة المضي قدما". وذكرت هيئة "فانا" الإثيوبية الرسمية للبث الجمعة أن المحادثات الأخيرة تطرّقت إلى نقاط عالقة تشمل تعبئة خزّان السد القادر على استيعاب 74 متر مكعّب من المياه.
البيان المشترك الذي أصدرته وزارة الخزانة الأمريكية، في ختام جولات المفاوضات، أشار إلى أن "وزراء مصر وإثيوبيا والسودان ووفودهم اجتمعوا مع وزير الخزانة الأمريكي ورئيس البنك الدولي، المشاركين بصفة مراقب، لمواصلة المفاوضات بشأن السد". وأوضح البيان أن "الوزراء استعرضوا التقدم الذي أحرزته فرقهم الفنية والقانونية، وواصلوا مناقشاتهم حول القضايا المتبقية اللازمة للتوصل إلى اتفاق نهائي". وأكد الوزراء مجدداً "أهمية التعاون عبر الحدود في تنمية النيل الأزرق، لتحسين حياة شعوب مصر وإثيوبيا والسودان، والتزامهم المشترك بإبرام اتفاق".
ترى مصر أن سرعة ملء السد وتشغيله، سيؤديان إلى تقليص ما تحصل عليه مصر من مياه، خصوصاً في فترات جفاف النهر في ظل اعتماد مصر بنسبة 90% على نهر النيل مصدراً حيوياً للمياه العذبة. بينما ترى إثيوبيا أنها في حاجة ماسة إلى سرعة ملء هذا السد، وتشغيله بأقل وقت ممكن، وربما لا تصل إلى أربع سنوات؛ نظراً لاحتياجاتها من الكهرباء لصالح المشروعات الاقتصادية والتنمية فيها.
وزير الخزانة الأمريكي قدم بعض المقترحات وعرض فرص ومشروعات تنموية تستفيد منها الأطراف الثلاثة، وفرص مشروعات تنموية وبيئة للسيطرة على المياه المهدرة في حوض نهر النيل. وتأتي أهمية ذلك من أن إثيوبيا قامت بإصدار سندات خزانة لتمويل مشروع سد النهضة، ووفرت من خلال المشاركة الشعبية نحو 3 مليارات دولار، وساهمت البنوك الصينية بقروض تمويلية بمبلغ 1.8 مليار دولار لبناء السد الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 4.8 مليار دولار، وقد استكملت إثيوبيا 70% من مشروع بناء السد، وينتهي العمل منه في عام 2022، ويتوقع أن ينتج 6000 ميجاواط من الكهرباء. وتستهدف إثيوبيا توفير الكهرباء للمواطنين، حيث يعاني أكثر من 60% من الشعب الإثيوبي من عدم توافر الكهرباء.
الإدارة الأمريكية تسعى إلى أن يكون حل هذه القضية الخلافية ضمن المكاسب التي حققتها على صعيد السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي بنهاية شهر حافل بالأحداث بالنسبة لأمريكا والشرق الأوسط والعالم. وحرصت جميع الأطراف المشاركة في المفاوضات على تحقيق النتائج المنشودة بالنسبة لكل دولة على حدة، وكانت نقطة الخلاف الرئيسية هي تمسك كل طرف، خصوصاً مصر وإثيوبيا، بمطالبه فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة، بالنظر للاعتبارات الحيوية واحتياجات هذه الدول والتأثيرات الإيجابية والسلبية على اقتصاديات هذه الدول. ومنذ نوفمبر الماضي، ترعى وزارة الخزانة الأمريكية، بمشاركة البنك الدولي، المفاوضات. وطبقا لما ذكره بيان مشترك، نهاية يناير الماضي، اتفقت الدول الثلاث على "مراحل ملء خزان السد، وآليات التخفيف، وضبط الملء والتشغيل أثناء فترات الجفاف".