الموجز
السبت 9 نوفمبر 2024 12:31 صـ 7 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: أبو مازن فى نيويورك الرئيس الفلسطينى يحمل رسالة القدس لمجلس الأمن


هل يعتذر البيت الأبيض عن توقيع صفقة القرن؟!


من المقرر أن يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الاثنين، إلى نيويورك استعداداً لمخاطبة الأعضاء الـ15 لمجلس الأمن، وحثهم على إصدار قرار جديد "يأسف بشدة" لما تتضمنه خطة السلام الأمريكية، ويطالب بفرض القانون الدولي، والالتزام بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة ومرجعيات عملية السلام في الشرق الأوسط. ومن المتوقع أن يعقد عباس مؤتمراً صحفياً مشتركاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، غدا الثلاثاء، على أن يغادر الولايات المتحدة يوم الأربعاء. وعلى إثر شروع كل من تونس وإندونيسيا في إعداد نص غير رسمي يتضمن تلويحاً باستخدام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإلزام إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية، أعلنت الولايات المتحدة عن رغبتها في إيفاد كبير مهندسي "صفقة القرن" جاريد كوشنر للتحدث مع بقية أعضاء مجلس الأمن.
بدلا من عقد جلسة مغلقة رسمية في قاعة المشاورات التابعة لمجلس الأمن، كما أشيع سابقاً، استضافت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، أعضاء المجلس على غداء غير رسمي في مقرها. وأفاد دبلوماسيون أن "اللقاء كان مثيراً للاهتمام". ونقل أحدهم عن كوشنر أن "هناك جهداً كبيراً بذلناه لإقناع الجانب الإسرائيلي بخطة السلام هذه. ونحن نريد أن نتشاور مع الجانب الفلسطيني لنأخذ في الاعتبار ما يريده"، مضيفاً أن "الخطة الموزعة لا سابق لها، لأنها تتضمن كثيراً من تفاصيل الحل، بالإضافة إلى خرائط تحدد الأراضي الواقعة داخل إسرائيل، وما يمكن أن تكون عليه حدود دولة فلسطين مستقبلاً".
الاجتماع استمر ساعة ونصف الساعة مع الأعضاء الـ15. بينها 10 دقائق مع مندوبي الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهم بالإضافة إلى الأمريكية كيلي كرافت، كل من البريطانية كارين بيرس، والفرنسي نيكولا دو ريفير، والروسي فاسيلي نيبينزيا، والصيني تشانج جيون. وبعد الغداء، الذي تضمن شرائح سمك "البرانزينو" المتوسطي وسلطة الخضار وشطائر حلوى بالفاكهة، قال كوشنر، الذي أمضى نحو 3 سنوات يعمل مع فريق موسع على إعداد خطة السلام، إن الزعماء المستعدين لدولة "لا يدعون لأيام غضب ولا يشجعون ناسهم على مواصلة العنف، إذا لم يحصلوا على ما يريدون"، معبراً عن اعتقاده أن عباس "فوجئ بمدى جودة خطة (السلام) للشعب الفلسطيني، لكنه وضع نفسه في موقف" برفضها قبل أن تعلن. ولفت إلى أن الرئيس الفلسطيني يتوجه إلى منتديات مختلفة، ويطرح "نقاط نقاش قديمة" عندما يتغير الوضع على الأرض، محذراً من أن الخطة "يمكن أن تكون الفرصة الأخيرة" بالنسبة إلى الفلسطينيين.
الخطة الأمريكية، التي كشف عنها الرئيس ترامب في 28 يناير، تقترح قيام دولة فلسطينية مفككة، تقوم بتسليم أجزاء رئيسية من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وتقف إلى جانب إسرائيل في القضايا الخلافية الرئيسية، بما في ذلك الحدود ووضع القدس والمستوطنات. ويريد الفلسطينيون كل الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهي المناطق التي احتلتها إسرائيل في حرب يونيو 1967، لإقامة دولة مستقلة وإزالة أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي من هذه المناطق. ولكن بموجب "رؤية السلام" التي يشرف عليها كوشنر، سيبقى جميع المستوطنين الإسرائيليين في مكانهم، وستحتفظ إسرائيل بالسيادة على جميع مستوطناتها، وكذلك على وادي الأردن الاستراتيجي، على أن تكون الدولة الفلسطينية المنشودة منزوعة السلاح. بالإضافة إلى ذلك، تتكون القدس الشرقية التي ستعطى للفلسطينيين عاصمةً من أحياء فقيرة مزدحمة، تقع خلف حاجز عازل خرساني ضخم.
كوشنر قال إنه وفريقه سيعلنون قريباً عن إنشاء لجنة أمريكية - إسرائيلية لتحويل ورقة المفاهيم إلى خريطة مفصلة للأرض المتجاورة، التي ستكون جزءاً من الدولة الفلسطينية الموعودة. وقال كوشنر إن الأمر قد يستغرق "بضعة أشهر" لكي تضع الفرق الفنية خريطة، وخلال ذلك الوقت يخطط هو وفريقه للتشاور مع الحكومات الأوروبية والشرق الأوسطية لتوضيح الخطة بشكل أكبر. واعتبر أن هناك "كثيراً من الشقوق" في الوحدة الأوروبية بشأن اقتراح الولايات المتحدة. وقال: "لم يكن الاتحاد الأوروبي قادراً على الحصول على إجماع حول هذا الأمر، ما يدل على أن هناك كثيراً من الناس (...) المهتمين بالعمل على نهج جديد، وهو أمر جيد".
مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، شهدت مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وفلسطينيين، خرجوا في تظاهرات احتجاجية ضد "صفقة القرن"، ما أدى إلى مقتل فلسطيني وجرح عشرات، بينما منع الاحتلال وصول ألوف المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك. وخرج آلاف من الفلسطينيين في مسيرات يوم الجمعة، رفضاً لخطة السلام التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب أخيراً، وكذلك للتعبير عن الغضب إزاء أحداث يوم الخميس الذي قتل فيه ثلاثة فلسطينيين، بينهم رجلا شرطة باللباس الرسمي.
في المقابل، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عن تعزيز كبير لقوات الجيش والشرطة في الضفة الغربية لـ"الحفاظ على النظام". وهدد وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بنيت، خلال اجتماع دعا إليه في مكتبه، بأنه "سيتم الرد بحزم على أي مظهر اعتداء على الإسرائيليين، أو خرق للنظام في الضفة الغربية، أو إطلاق البالونات من قطاع غزة". وتبين أن الشاب بدر نضال أحمد نافلة هرشة (19 عاماً)، قتل برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال مواجهات شهدتها بلدة قفين قرب مدينة طولكرم، شمال الضفة الغربية. كما أصيب عشرات بجروح متفاوتة وحالات اختناق، في مواجهات متفرقة مع جيش الاحتلال بمناطق في الضفة الغربية؛ حيث استخدم الجيش الإسرائيلي الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع.
بدأت أحداث الجمعة، كما في الأسابيع الأخيرة كلها، باقتحام قوات معززة من الشرطة الإسرائيلية لباحات المسجد الأقصى المبارك في ساعات الفجر الأولى، بهدف تخويف المصلين، الذين يحضرون بالألوف إلى صلاة فجر الجمعة. وأقامت هذه القوات نقاط تفتيش وحواجز، مانعةً وصول ألوف الفلسطينيين الآتين من الضفة الغربية. وأقامت قوات الشرطة قسماً من هذه الحواجز داخل إسرائيل نفسها، ومنعت بواسطتها حافلات الركاب العديدة التي أقلت مئات المصلين من "فلسطينيي 48"، القادمين من الناصرة والجليل والمثلث، وأجبرتهم على العودة إلى بلداتهم. وعلى الرغم من هذه الإجراءات، شارك نحو 25 ألفاً في الصلاة بالأقصى.
في الوقت نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة مجندتين في وحدة "حرس الحدود" التابعة للشرطة، بجروح طفيفة، جراء إصابتهما بحجارة الشبان الفلسطينيين، خلال المواجهات التي اندلعت في بلدة عزون، شرق قلقيلية في الضفة. وفي وقت سابق، قال منسق لجان المقاومة الشعبية في بلدة كفر قدوم بقلقيلية، مراد أشتيوي، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت فلسطينياً خلال المواجهات الدائرة في البلدة. وفي بلدتي نعلين وبلعين، غربي رام الله، أصيب عشرات بحالات اختناق، في المواجهات التي اندلعت عقب مسيرة منددة بـ"صفقة القرن". وفي شرق جباليا بقطاع غزة، أصيب مواطن برصاصة أطلقها قناص من جيش الاحتلال الذي أطلق جنوده النار صوب شبان فلسطينيين اقتربوا من السياج الأمني شرق خان يونس، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات.
المعارضة لـ"صفقة القرن" آخذة في الاتساع في إسرائيل بشكل ملحوظ. ففي بداية الحديث عنها اعتبرها الجميع تقريباً، خطوة تاريخية. ولكن مع إعلانها الرسمي، تبيَّن أنها متقدمة عن مقترحات اليمين إزاء الفلسطينيين، ومتأخرة عن مقترحات الوسط واليسار. واليوم يقف اليمين الراديكالي، الذي يضم أحزاب اتحاد اليمين ومجموعة كبيرة من قادة "الليكود"، ضدها بشكل صريح. ويعبرون عن الشعور بأنهم وقعوا في مطب الإدارة الأمريكية "التي قدمت لنا طعماً ببند ضم المستوطنات وغور الأردن، ثم مررت لنا بنداً عن إقامة دولة إرهاب فلسطينية بجوارنا"، بحسب رأيهم. وقال رئيس مجلس المستوطنات، ديفيد الحياني، خلال لقاء له مع نتنياهو، ليلة الخميس – الجمعة: "لا تتردد في بسط السيادة الإسرائيلية الآن في غور الأردن، في شمال البحر الميت، وفي كل المستوطنات اليهودية في المناطق. ولا تشعر بالحرج مع كوشنر. فهو انقلب عليك وعليه أن يتحمل مسؤولية ذلك".
في الأحزاب الدينية، التي لا تتدخل بشكل عميق في الشؤون السياسية، فإن قادتها يدعمون نتنياهو من باب آخر، وهو الحرص على الطابع اليهودي لإسرائيل. لذلك يؤيدون الخطة، ولكن القسم الأشكنازي منهم يتحفظ عن إقامة الدولة الفلسطينية، والقسم الشرقي منهم يؤيدها. وفي أحزاب الوسط، التي يتشكل منها حزب الجنرالات (كحول لفان)، برئاسة جانتس، فقد أعرب قادته عن تأييدهم للصفقة. ولكنهم يعرفون أنها لن تكون مقبولة عند الفلسطينيين. لذلك أضافوا لموافقتهم جملة ذات مغزى، وهي: "سنعمل على تطبيقها بالتنسيق مع الفلسطينيين والدول العربية". وفي أحزاب اليسار الصهيوني، فإن هناك معارضة للخطة من دون رفضها. ويركز قادة هذا التيار على ضرورة أن تطرح الخطة بالشراكة مع السلطة الفلسطينية، وهم يرفضون استبعادها، ويؤكدون أنه من دون الفلسطينيين لن تكون هذه خطة سلام. وفي القائمة المشتركة (العربية) فإنهم يتبنون موقف السلطة الفلسطينية الرافض للصفقة بشكل قاطع. وعلى صعيد الشارع الإسرائيلي، دلت استطلاعات الرأي على أن 50% من المواطنين يرون أنها طرحت لخدمة المعركة الانتخابية لنتنياهو، وليس كخطة سلام.