الموجز
الجمعة 8 نوفمبر 2024 11:40 مـ 7 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: أسرار الوباء القاتل من سارس إلى كورونا .. التنين الصينى يواجه أقوى الفيروسات



الصين صارت شبه معزولة عن العالم مع انتشار فيروس "كورونا" وارتفاع عدد الوفيات في الداخل وتسجيل مزيد من الإصابات في أكثر من 20 دولة. ومع تشديد عدد من الدول قيود السفر إلى الصين، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ على مستوى العالم، وألغت شركات طيران رحلاتها إلى المدن الصينية، فيما قررت دول عدم استقبال القادمين منها.
من الصعب أن تقيم حجم الأضرار لأن الوضع لا يزال في طور الاستكشاف، ومن المرجح أن يخفض مؤشر "بلومبرج الاقتصادي" من توقعاته لنمو الصين في الربع الأول عند نسبة 5.9%. عندما اشتد وباء "سارس" – ويعني المتلازمة التنفسية الحادة - في الربع الثاني من عام 2003، تراجع النمو في الصين الى 9.1% مقارنة بنسبة 11.1% في الأشهر الثلاثة السابقة.
كانت مقاطعة ووهان، تلقت أعنف الضربات الاقتصادية، إذ تم إغلاق المدينة التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة، في محاولة لوقف انتشار الفيروس، تاركة الطرق خالية وملايين الناس معزولين. وأوضحت "بلومبرج" أن اقتصاد المدينة البالغ 214 مليار دولار، يشكل نحو 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني، إذ إنها مركز حيوي لصناعة الخدمات اللوجيستية والسيارات والصلب وسط الصين، مما يضخّم تأثير الاضطرابات على السفر والإنتاج هناك.
شون روش، كبير الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادي في وكالة "ستاندرد آند بورز"، قال إن سلاسل التوريد المعقدة والإنتاج، قد تعني أن انقطاع الإنتاج في مصانع ووهان، ستكون له آثار مباشرة وكبير. وإلى جانب الحجر الصحي في ووهان، وأجزاء أخرى من مقاطعة هوبي، مددت الصين العطلة الحالية بضعة أيام، وطلبت مقاطعات أخرى منها شنغهاي من الشركات تأجيل إعادة فتح أبوابها لمدة أسبوع آخر. وأشارت "بلومبرج" إلى أن هذا الإغلاق المطول سيؤثر على دخل الشركات الصينية، ويضر بالاستهلاك ويقلل أيضاً من الإنتاج والصادرات الصناعية.
وكالة "بلومبرج" الأمريكية، قالت أن اتفاق الصين التجاري مع الولايات المتحدة قد يصبح مهددا، في ظل انتشار فيروس "كورونا" الجديد، الذي ضرب البلاد مطلع شهر يناير الجاري، مسببا هزة اقتصادية لثاني اقتصادات العالم ربما تقوض قدرتها على الوفاء بالتزاماتها بمضاعفة مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية، حسبما نص الاتفاق المبدئي. وأوضحت "بلومبرج" أن الوعود التي قطعتها بكين بشأن شراء المزيد من السلع الأمريكية، والتي وصفت بـ"غير المنطقية" من جانب الخبراء، بات من الصعب تنفيذها في ضوء تداعيات الفيروس السلبية على الداخل الصيني مع ضعف الطلب المحلي واضطراب سلاسل التوريد الكبرى.
المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين واشنطن وبكين المقرر أن يدخل حيز التنفيذ منتصف فبراير، تلزم الجانب الصيني بمضاعفة مشترياته من السلع الأمريكية بنحو 76.7 مليار دولار بشكل مبدئي، ثم 123 مليار دولار إضافية خلال العام المقبل.
مع سرعة انتشار الفيروس المستجد في الصين وارتفاع الوفيات، تتحول الأنظار صوب المادة رقم 7 من الاتفاق المبدئي، والتي تنص على ضرورة أن يتشاور الجانبان الأمريكي والصيني حال حدوث كارثة طبيعية أو وقوع حدث طارئ قد يمنع أيا منهما عن الوفاء بالتزاماته. ونقلت "بلومبرج" عن وزير الزراعة الأمريكي سوني بيردو، القول: "بات واضحا أن الفيروس الجديد سيخلف تداعيات سلبية على الاقتصاد الصيني، ولذلك نأمل ألا يعيق ذلك قدرة بكين على الوفاء بشراء المنتجات الأمريكية المقررة لهذا العام".
تداعيات الأزمة تخيم على الاقتصاد الصيني بقوة. وقال اقتصادي بالحكومة إن النمو في الربع الأول قد ينخفض بواقع نقطة مئوية كاملة ليصل معدله إلى 5% أو أقل. واعترف رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) جيروم باول بخطر وقوع تباطؤ في الصين في الأمد القصير بسبب الفيروس، بما في ذلك الولايات المتحدة، وذلك في مؤتمر صحفي أعقب قرار البنك الذي كان متوقعا على نطاق واسع بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. وذلك من دون أن يشير إلى ما أثاره الخبراء حول قدرات الصين الوفاء بتعهدات اتفاق التجارة الأولي.
يشار إلى أن بنك الاستثمار الدولي "نومورا" قد حذر من أن تداعيات "كورونا الجديد" على الاقتصاد الصيني قد تفوق في خطورتها تلك التي أحدثها وباء "سارس" الذي ضرب البلاد في الفترة ما بين عامي 2002 و2004، وتوقع أن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الأول من 2020 بنسبة قد تتعدى 2%، أي أعلى من معدل الانخفاض الذي تسبب به وباء "سارس" في الربع الثاني من عام 2003. وأوقفت شركات طيران رحلاتها إلى الصين ومنها بريتيش إيروايز ولوفتهانزا وإير كندا وأمريكان إيرلاينز.
القلق يتزايد من أن يواجه آلاف من عمال المصانع بالصين صعوبة في العودة إلى عملهم بعد انقضاء عطلة السنة القمرية الجديدة بسبب القيود على الحركة والانتقال الرامية لمنع انتشار الفيروس. وانضمت شركة جوجل التابعة لألفابت، وشركة إيكيا السويدية لشركات كبرى أوقفت عملياتها بالصين، كما اتسعت قائمة الأحداث الرياضية المتضررة إذ أرجأ الاتحاد الصيني لكرة القدم المباريات المحلية في 2020 وتحيط الشكوك بمباريات التصفيات المؤهلة للأولمبياد في أستراليا مع عزل فريق الصين لكرة القدم النسائية بفندق في برزبين.
جريدة "نيويورك تايمز" ذكرت في تقرير نشرته الأربعاء إن تفشي فيروس كورونا الجديد يختبر مدى اعتماد العالم على الصين. وأوضحت أن فيروس كورونا أدى إلى تعطيل أحد أهم محركات النمو في العالم، حيث قامت السلطات الصينية، عقب محاولات فاشلة في إبطاء وتيرة تفشي الفيروس، بتمديد عطلة رأس السنة الصينية، كما عَطّلت حركة النقل الجوي والبري والنقل عبر السكك الحديدية، وأغلقت كافة المدن لديها. وأشارت الجريدة إلى أن الصين أصبحت جزءا أساسيا من آلة الصناعة العالمية الحديثة بعد أن كانت أمة فقيرة منذ أربعة عقود، فالصين وحدها مسئولة عن نحو سدس الناتج الاقتصادي العالمي، وتعد أكبر صانعة ومتاجرة في العالم. وقال جيك باركر، نائب رئيس مجلس الأعمال الأمريكي - الصيني، إن أعضاء المجلس يتعرضون لدرجات متفاوتة من الاضطراب في أعمالهم التجارية، بما في ذلك مشاكل سلاسل التوريد والإغلاق المؤقت لبعض المصانع ومنافذ البيع بالتجزئة، فضلاً عن مواجهتهم تحديات أخرى. وأوضح أنه إذا تم تمديد حظر السفر أو الحجر الصحي أو عطلة رأس السنة الصينية لفترة تتجاوز 8 فبراير، سيتسبب ذلك في مضاعفة هذه المشكلات.
من جهتها، قالت منظمة السياحة العالمية، بحسب الجريدة، إن المستهلكين في الصين يشترون السيارات والهواتف الذكية بدرجة تفوق أي بلد آخر، كما ينفق السائحون الصينيون 258 مليار دولار في العام ما يقارب ضعف ما ينفقه الأمريكيون. ولفتت الجريدة إلى أن مدينة ووهان الصينية التي انطلق منها الفيروس تعد أحد أكبر مراكز النقل الوطنية في الصين وتحوي متاجر لشركات سيارات كبرى مثل "هوندا" و"نيسان"، كما تعد المدينة مركزا لأكثر من ثلث الاستثمارات الفرنسية في الصين. وقالت "بلومبرج"، إن الجيران الآسيويين ومصدري السلع، سيواجهون أكبر ضربة من تفشى الفيروس المميت في الصين. وقال راجيف بيسواس، كبير الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادي لدى "آي إتش إس ماركيت"، إن فيروس كورونا يشكل خطراً سلبياً كبيراً على المستقبل الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي على المدى القريب في 2020، إذا استمر الوباء في التصاعد خلال الأسابيع المقبلة. وأضاف "سيتوقف مدى وقوة تأثير هذه الصدمة السلبية للنمو الاقتصادي الإقليمي، على مدى سرعة السيطرة على وباء الفيروس".
تمتلك الصين مجموعة أدوات أكبر وأكثر تطوراً لمكافحة أي تباطؤ اقتصادي ناتج عن انتشار فيروس كورونا مقارنة بعام 2003 عندما حاربت فيروس "سارس" الذي انتشر كالوباء، لذلك فإن للتحدي الجديد خلفية بالغة التأثير على الصعيدين المحلي والخارجي، خاصة فيما يخص استجابة بكين وطريقة تعاملها معه.
تغيرت الصين بشكل كبير في السنوات السبع عشرة الماضية. ولمن لا يعرف، يبلغ حجم اقتصادها حوالي ثمانية أضعاف حجمها. وإن أردنا المزيد من التفاصيل، تطورت العناصر الرئيسية لأطر السياسة النقدية والعملات، والبلاد لديها سعر صرف أكثر مرونة، في حين أن البنك المركزي لا يزال يدير تعاملاته المحلية بعملة اليوان، فقد تم تحديد سعر الصرف على أساس 8.3 إلى الدولار لعقد كامل حتى يوليو 2005. علاوة على ذلك، فإن بنك "الشعب" الصيني يستخدم مجموعة من المعادلات لإدارة تكاليف الاقتراض. في عام 2004، كان إجراء ثورياً الى حد بعيد أن ترفع الصين أسعار الفائدة، وهو إجراء لم يتم تطبيقه كأداة للإدارة الاقتصادية منذ تسع سنوات.
تسمح هذه التغييرات بتحولات السياسة على نحو أكثر تواتراً. ففي مواجهة الحرب التجارية والاقتصاد المحلي البارد، بدأ بنك "الشعب" الصيني عام 2020 بإعلان بيان نوايا بخفض البنك المركزي لنسبة الاحتياطي المطلوبة للمقرضين بمقدار نصف%، وهي الأحدث في سلسلة من التخفيضات. ويشير ذلك إلى أن المسئولين الصينيين كانوا يهدفون إلى تعزيز السيولة في القطاع الخاص قبل اندلاع فيروس كورونا في مقاطعة ووهان بفترة طويلة. قد يؤدي الضرر الناجم عن الفيروس الى أن يرفع البنك المركزي يده. ومع ذلك، فإن عبء ديون الشركات الخطرة في الصين يمكن أن يظل عقبة. فعلى مدار العام الماضي، أدت المخاوف من أن تخفيض سعر الفائدة بشكل قياسي قد يؤدي إلى عدم وصول القطاع الخاص إلى منع بنك الشعب الصيني من العمل، على الرغم من التوقعات بأن هذا قد يحدث. ويظل سؤالاً مفتوحاً ما إذا كانت السياسة النقدية الأسهل في الصين سوف تتدفق بسلاسة إلى باقي اقتصاديات العالم. وقد بدأت العديد من الشركات المتعددة الجنسيات بالفعل في نقل سلاسل التوريد الخاصة بها نتيجة للحرب التجارية.
عندما اندلع فيروس "سارس" كانت الصين لا تزال في أوج تلألؤها بدخولها منظمة التجارة العالمية في أواخر عام 2001. بعد ست سنوات، وصل النمو إلى ذروته بنسبة 15%. تعجب المديرون التنفيذيون والمسئولون في جميع أنحاء العالم من اقتصاد الصين وبراعة بكين في اتخاذ القرارات. كانت العولمة لا تزال في حالة رواج، وأصبحت الصين اختزالاً لعالم آخذ في الاستقرار. قليلون تجرأوا على الإساءة إلى بكين، ناهيك عن فرض رسوم جمركية، فقد روعت فكرة الحرب التجارية إدارة الرئيس جورج بوش. كانت الدبلوماسية الاقتصادية الأمريكية تسير في اتجاه تشجيع وزارة الخزانة لأن تقول للصين: من فضلك اِنهِ ربط اليوان الثابت بالعملة الأمريكية.
مع اتساع نطاق العدوى بفيروس كورونا المستجد وانتشارها خارج الصين، علقت رئاسة الوزراء المصرية على صفحتها في فيسبوك، على تقارير متعلقة بالفيروس وتأثيره على الداخل المصري. ومن الشائعات التي ردت عليها رئاسة الوزراء المصرية، تلك التي قالت إن الإجراءات الوقائية داخل المطارات لمنع تسرب فيروس كورونا داخل البلاد، "غائبة". ونقلت رئاسة الوزراء في صفحتها، عن وزارة الصحة المصرية، قولها: "غير صحيح، ونوضح أنه تم اتخاذ سلسلة من التدابير الاحترازية والإجراءات الوقائية لمنع تسرب فيروس كورونا إلى البلاد عبر القادمين من الخارج". وأشارت أيضا إلى أنه تم رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع أقسام الحجر الصحي بمنافذ الدخول المختلفة للبلاد (الجوية والبحرية والبرية).
شائعة أخرى ردت عليها وزارة الصحة، ذكرت أنه تم إغلاق المطاعم الصينية في مصر للوقاية من كورونا. وقالت وزارة الصحة: "غير صحيح، ونوضح أن كافة المطاعم الصينية في مصر تعمل بشكل طبيعي، ونؤكد أن جميع المنشآت الغذائية على مستوى الجمهورية تخضع للرقابة المستمرة والدورية للتأكد من استيفائها لكافة الاشتراطات الصحية، لضمان سلامة الغذاء، حفاظا على الصحة العامة للمواطنين". وفيما يتعلق بشائعة "تأثر سوق الخضراوات المصري بفيروس كورونا"، رد الاتحاد العام للغرف التجارية عليها قائلا: "غير صحيح، ونؤكد أن كافة الخضروات والفواكه المتداولة في الأسواق المصرية، سواء المحلية أو المستوردة، سليمة وآمنة تماما، وخالية من أي فيروسات وبائية".
كانت آخر الشائعات المرتبطة بكورونا التي تطرقت لها رئاسة الوزراء في مصر، هي تلك التي قالت إن عددا من أبناء الجالية المصرية في الصين أصيبوا بعدوى فيروس كورونا. وقالت وزارة الخارجية المصرية: "غير صحيح، ونوضح أن السفارة المصرية في بكين تتابع أوضاع أبناء الجالية المصرية في الصين بشكل مستمر، من خلال التواصل المباشر معهم سواء تلفونيا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك للاطمئنان على حالتهم الصحية وتقديم أي دعم ممكن لهم".
أما الخبر المطمئن، فهو أن أنيا كارليتشيك، وزيرة البحث العلمي في ألمانيا، قالت يوم الجمعة، إنها تتوقع تطوير لقاح مضاد لفيروس "كورونا"، في غضون شهور، بحسب تقرير لوكالة "رويترز". وذكرت الوزيرة: "إذا كنا نريد احتواء هذا المرض؛ فمن المحبذ أن يكون لدينا لقاح في وقت قصير نسبياً، ونفترض أن يتم هذا في غضون بضعة أشهر". وجاءت هذه التصريحات بعد أن قالت شركة الأدوية الحيوية "كيورفاك إيه جي"، و"التحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة"، إنهما يعملان معاً لتطوير لقاح ضد الفيروس.