الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:00 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: ”بني شنقول” كلمة السر الأخيرة فى مفاوضات سد النهضة


التراضى ينهى الأزمة .. لكن الكواليس تحمل الكثير من الأسرار
اتفقت مصر والسودان وإثيوبيا برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركة البنك الدولي على جدول يتضمن خطة ملء سد النهضة على مراحل والآلية التي تتضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء الملء و أثناء التشغيل. ومجدداً سيجتمع وزراء الخارجية والموارد المائية بالدول الثلاث في واشنطن يومي 12 و13 فبراير من أجل إقرار الصيغة النهائية للاتفاق تمهيداً لتوقيعه بنهاية الشهر نفسه.
بعد جولات من المفاوضات المضنية والشاقة بين وزراء الخارجية والموارد المائية في مصر والسودان وإثيوبيا برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ومشاركة البنك الدولي وآخرها جولة المفاوضات التي عقدت في واشنطن وامتدت أربعة أيام كاملة خلال الفترة من 28 إلى 31 يناير الجاري، صدر بيان مشترك عن الدول الثلاث أشار إلى توصل الوزراء إلى اتفاق حول جدول يتضمن خطة ملء سد النهضة على مراحل.. والآلية التي تتضمن الإجراءات ذات الصلة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء الملء. وأيضاً الآلية التي تتضمن الإجراءات الخاصة بالتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة أثناء التشغيل. وأكد الوزراء أهمية الانتهاء من المفاوضات والتوصل إلى اتفاق حول آلية تشغيل سد النهضة خلال الظروف الهيدرولوجية العادية وآلية التنسيق لمراقبة ومتابعة تنفيذ الاتفاق وتبادل البيانات والمعلومات، وآلية فض المنازعات، فضلاً عن تناول موضوعات أمان السد وإتمام الدراسات الخاصة بالآثار البيئية والاجتماعية لسد النهضة.
ما يطمئن هو تصاعد فعاليات حملة شعبية في السودان للتحذير من مخاطر سد النهضة الإثيوبي من خلال سلسلة ندوات يحاضر فيها خبراء ومسؤولون سابقون في ملف المياه بالسودان، من أعضاء مجموعة "مخاطر السد الإثيوبي"، التي حذرت من "غرق السودان" إذا لم تُراجع اتفاقيات سد النهضة. كما حذر آخرون من تأثير السد على "شعب بني شنقول"، وهم جماعة عرقية تعيش على الحدود الإثيوبية السودانية، وهو أحد الأقاليم المكونة للفيدرالية الإثيوبية، والتي أصبحت عشرة أقاليم بعد تصويت غالبية أفراد قومية "سيداما" الإثيوبية لصالح استحداث إقليم جديد يتمتع بالحكم الذاتي، حسبما أعلن المجلس الانتخابي الوطني يوم السبت. ويقع السد الإثيوبي في إقليم بني شنقول، الذي يعتبره السودانيون إقليما خاضعا لـ"الاحتلال الإثيوبي"، ويعيش في الإقليم نحو 4 ملايين نسمة، معظمهم من أصول سودانية.
الحكومة الإثيوبية كانت قد أعلنت سنة 2017 أن "أجهزتها الأمنية تصدت لهجوم مجموعة مسلحة تتبع لحركة تحرير بني شنقول الإثيوبية المعارضة، وكانت المجموعة المهاجمة تتكون من 20 فردا، انطلقوا من إريتريا، كان هدفهم الاعتداء على سد النهضة، لكن القوات الأمنية تصدت لهم وقتلت 13 مهاجما وهرب 7 من المهاجمين إلى داخل الأراضي السودانية، ولكن الحكومة السودانية سلّمت المهاجمين فوراً إلى نظيرتها الإثيوبية.
إبراهيم الخناقي، رئيس مؤسسة بني شنقول لحقوق الإنسان، قال إن "الشعب السوداني مغيّب عن تاريخه الذي يذكر أن بني شنقول كان أحد أهم المراكز الحضرية في السودان تاريخيا، لأنه كان منبع النيل الأزرق ومركز للثروات المعدنية، وبخاصة من الذهب، وكل أراضي بني شنقول تتبع السودان، وبذلك فإن الاعتراف بالسد يعني إعطاء إثيوبيا حقا لا تملكه وتنازلا عن سودانيّة إقليم بني شنقول المُحتل من إثيوبيا، والموافقة على ذلك تعني تكريس احتلال بني شنقول". وطالب الخناقي حكومة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك بتغيير نهجها الراهن إزاء سد النهضة نظرا لأضراره "المدمرة" على السودان وسيادته.
موقف السودان من ملف سد النهضة الإثيوبي كان متأرجحا، بدا لفترة وجيزة ما بين 2011 و2013 حريصاً على حصته المائية، ثم تدرج نحو حالة حياد، ثم تغير كلية في ظل النظام السابق وصار منحازاً بشدة للرؤية الإثيوبية دون أن يقدم دليلاً للشعب السوداني بأن هذا الموقف يعني الخير المستدام بلا أي منغصات أو شبهة لأثر سلبي واحد هنا أو هناك. ما جعل البعض يفسَّرَ هذا التقلب في الموقف بمطالبة المحكمة الجنائية الدولية بتسلم البشير لمحاكمته، وحينذاك بادل البشير موقف بلاده المتحفظ من السد برفض إثيوبيا تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، فكان تأييد السد والإشادة به، نظير أن تقدم إثيوبيا حماية معنوية للبشير.
بالتالي، لا يمكن إغفال دور السودان في التوصل إلى الاتفاق المبدئي الذي نص على 6 بنود رئيسية لحل النقاط الخلافية، أولها أنه سيتم تنفيذ عملية الملء على مراحل، وسيتم تنفيذها بطريقة تكيفية وتعاونية تأخذ في الاعتبار الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق، والتأثير المحتمل للملء على خزانات دول المصب، وسيتم الملء خلال موسم الأمطار عامة، من يوليو إلى أغسطس، وسوف يمتد إلى سبتمبر، وفقاً لظروف معينة. وأوضح الاتفاق أن مرحلة الملء الأولي للسد حتى منسوب 595 متراً فوق سطح البحر لضمان التوليد السريع للكهرباء، مع توفير تدابير تخفيف مناسبة لمصر والسودان في حالة الجفاف الشديد خلال هذه المرحلة، وسيتم تنفيذ المراحل اللاحقة للملء وفقاً لآلية يتم الاتفاق عليها، والتي تحدد تدفق المياه بناءً على الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق، ومستوى التخزين في سد النهضة، بما يحقق أهداف الملء لإثيوبيا في توليد الكهرباء، مع أخذ تدابير تخفيف مناسبة لمصر والسودان خلال سنوات قلة الأمطار، الممتدة والجافة، والجفاف الممتد. كما نص البند الخامس على أنه خلال التشغيل على المدى البعيد، سيعمل السد وفقاً لآلية تحدد تدفق المياه، وفقاً للظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق ومستوى المياه في سد النهضة الذي يوفر توليد الكهرباء، وأخذ تدابير تخفيف مناسبة لمصر والسودان خلال سنوات الجفاف، بينما أشار البند السادس والأخير إلى أنه سيتم إنشاء آلية تنسيق فعالة وأحكام لتسوية النزاعات.
في انتظار إقرار الصيغة النهائية للاتفاق يومي 12 و13 فبراير ثم توقيعه بنهاية الشهر نفسه. وبالفعل قام الوزراء بتكليف اللجان الفنية والقانونية بمواصلة الاجتماعات في واشنطن من أجل وضع الصياغات النهائية للاتفاق النهائي، الذي أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الجمعة، عن تفاؤله بقرب التوصل إليه. وذكر البيت الأبيض أن ترامب خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أبدى ثقته في أن "اتفاقا حول سد النهضة الإثيوبي الكبير بات وشيكا وسيصب في صالح جميع الأطراف المعنيين".