الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:41 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: مسرحية عزل ترامب مستمرة


دعا النائب آدم شيف الذي يقود فريق الادعاء في قضية عزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مجلس الشيوخ لعزله من منصبه، الخميس الماضي، مشيراً إلى أنه لا يمكن الوثوق بأنه يفضل مصلحة البلاد على مصلحته الخاصة. وقال شيف إن "الشعب الأمريكي يستحق رئيساً يمكنه الاعتماد عليه لوضع مصلحة الشعب أولاً". وأضاف: "تعرفون أنه لا يمكنكم الوثوق بأن يفعل هذا الرئيس ما هو مناسب لهذا البلد، يمكنكم الوثوق بأنه سيفعل ما هو مناسب لدونالد ترامب". وقال: "سيقوم بذلك الآن، وفعله من قبل، سيقوم به خلال الشهور المقبلة، وسيفعل ذلك إذا أُتيح له المجال. لهذا السبب، إذا وجدتم أنه مذنب، فعليكم التأكد من إزالته من منصبه"، وأضاف: "لأن ما هو صحيح مهم، الحقيقة مهمة، وإلا فسنضيع".
جاءت هذه الكلمة المؤثرة في نهاية يوم طويل، عرض خلاله الديمقراطيون خطة ترامب غير القانونية للضغط على أوكرانيا لمساعدته في حملة إعادة انتخابه في 2020. وفي وقت اتخذ فيه أعضاء مجلس الشيوخ المائة دور المحلفين، بينما تابع ملايين الأمريكيين مجريات المحاكمة على التلفزيون، وعرض أعضاء مجلس النواب الذي تولوا ملف العزل عشرات التسجيلات المصورة والوثائق الداخلية وإفادات الشهود، في مسعى لإثبات أن الرئيس الأمريكي استغل سلطاته.
فريق الادعاء شرح الكيفية التي تحرك ترامب من خلالها العام الماضي لإجبار كييف على مساعدته في تشويه سمعة منافسه المحتمل في انتخابات 2020، نائب الرئيس السابق جو بايدن. وقال رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب، جيري نادلر، إن "الرئيس ترامب استغل السلطات التي يمنحه إياها منصبه لإقناع دولة أجنبية بالتدخل في انتخاباتنا لمصلحته الخاصة"، وأضاف: "منذ تولى الرئيس جورج واشنطن المنصب عام 1789، لم يستغل أي رئيس سلطته بهذه الطريقة"، وأكد أن "الرئيس انتهك قسمه مراراً، وبشكل صارخ تصرّف الرئيس خطأ؛ إنه غير قانوني وخطير".
على مدى 9 ساعات، عمل الديمقراطيون بشكل منهجي على دحض ادعاءات الجمهوريين بأن ترامب لم يخطئ. ولم يتركوا مجالاً كبيراً للشك بأن الدافع الوحيد لترامب لتجميد المساعدات لأوكرانيا بشكل سرّي في يوليو الماضي كان إجبار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الإعلان عن فتح تحقيقين: الأول بشأن بايدن، والثاني بشأن رواية لم ترد أدلة عليها بأن كييف ساعدت الديمقراطيين في انتخابات 2016.
وفي تحدٍ لحجة البيت الأبيض الرئيسية، بأن الدستور الأمريكي يستدعي أن تكون ارتُكبت جريمة محددة لعزل الرئيس، عرضوا تسجيلات مصورة قديمة ظهر فيها أشد المدافعين عن ترامب السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام، ومحامي الدفاع الشهير آلان درشوفيتز، يقولان فيها إن استغلال السلطة بحد ذاته جريمة واضحة تستوجب العزل. وأشار الديمقراطيون بالتفصيل إلى الدور الكبير الذي لعبه محامي الرئيس الشخصي رودي جولياني في الخطة للضغط على زيلينسكي، رغم اعتراض كبار الشخصيات الأمريكية الاستخباراتية والدبلوماسية على الأمر. وقال شيف الذي يقود لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس النواب إن "دونالد ترامب فضل رودي جولياني على وكالات الاستخبارات الأمريكية، اختار رودي جولياني على مستشاريه للأمن القومي؛ يجعله ذلك خطيراً على بلدنا".
الجلسات التي استمرت لـ3 أيام في المحاكمة التاريخية لم تظهر مؤشرات كثيرة إلى أن أياً من أعضاء الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ سيقتنع بالأدلة ضد ترامب، ويتخذ موقفاً مناهضاً له. وذكر السيناتور الجمهوري جون باراسو: "ما سمعناه من مديري المحاكمة بالأمس واليوم الذي سبقه هو مجرد تكرار يستمر يوماً تلو الآخر". وبدوره، قال جاي سيكولو، محامي ترامب: "نستمع للأمور ذاتها تتكرر مرة بعد الأخرى. سنقدم دفاعاً قوياً، ونفند ما قالوه". وفي البيت الأبيض، هاجم ترامب، عبر "تويتر"، المحاكمة التي وصفها بأنها "مغرقة بالأكاذيب والتحريفات"، ووصف المحاكمة بأنها الأكثر "افتقاداً للإنصاف والأكثر فساداً في تاريخ الكونجرس".
من المقرر أن يستكمل المدعون الديمقراطيون تقديم حججهم، مع التركيز على ثاني تهمة قالوا إنها تستدعي العزل: عرقلة الكونجرس، قبل أن يعرض فريق ترامب القانوني مرافعاته لمدة 3 أيام. ويأمل الديمقراطيون بأن تقنع حججهم بعض الجمهوريين، الذين يحظون بأغلبية 53 مقابل 47 عضواً في مجلس الشيوخ، بدعم طلبهم لإصدار مذكرات استدعاء لـ4 من مساعدي ترامب السابقين والحاليين، ونشر سجلات البيت الأبيض الداخلية بشأن قضية أوكرانيا. لكن جميع المؤشرات تدل على أن زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، بالتعاون مع البيت الأبيض، سيعمل على الوقوف في وجه طلبات استدعاء الشهود، وسينهي المحاكمة بجلسة تصويت على تبرئة الرئيس.