ياسر بركات يكتب عن: الساعات الأخيرة لحسم موقعة سد النهضة
ساعات ويتم الإعلان عن اتفاق شامل بين مصر وإثيوبيا والسودان، برعاية أمريكية بشأن قواعد ملء وتشغيل "سد النهضة" الإثيوبي، ونتوقع أو نتمنى أن يتضمن ضمانات بالحفاظ على حقوق مصر والسودان المائية لصالح الأجيال الحالية والقادمة، وأن تبدد المخاوف ويزول قلق المصريين والسودانيين.
الدول الثلاث، إضافة للولايات المتحدة والبنك الدولي، كانت قد توصلت مؤخرا إلى توافق على نقاط أساسية كنواة لاتفاق نهائي شامل. وأعلنت أنّها ستجتمع مجدّداً غدا الثلاثاء وبعد غد (28 و29 يناير) في واشنطن لتذليل العقبات المتبقية والتوصّل لاتفاق.
بدا واضحا أن الولايات المتحدة لديها رغبة في الإعلان عن حل الأزمة، وهناك ما يشير إلى أن لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أهداف شخصية وانتخابية، لإحراز تقدم في هذا الملف، كما أن مصر أظهرت نوعا من التشدد الخاص ببعض النقاط محل الخلاف.
الإعلان المشترك أظهر توافقاً على ملء السد على مراحل خلال موسم الأمطار -من يوليو إلى أغسطس وقد يستمر إلى سبتمبر بطريقة "تكيفية وتعاونية" تأخذ بعين الاعتبار "الظروف الهيدرولوجية للنيل الأزرق، والتأثير المُحتمل للتعبئة على الخزانات الموجودة في اتجاه مجرى النهر، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن أي من القضايا الخلافية، التي أحبطت الجولات الفنية خلال الشهرين الماضيين، ومن بينها قواعد تشغيل السد، ومعايير الجفاف، ومقدار المياه المتدفقة إلى مصر.
منذ أيام انعقدت اجتماعات في العاصمة السودانية للوفود الفنية والقانونية للدول الثلاث لإعداد مسودة أولية للاتفاق، كما عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً وزارياً أمنياً رفيعاً، شدد خلاله على "مواصلة العمل على الحفاظ على حقوق مصر المائية لصالح الأجيال الحالية والقادمة".
الاجتماع تناول تطورات مفاوضات سد النهضة، في ظل الاستعدادات الحالية لإجراء الجولة القادمة من الاجتماعات خلال الشهر الجاري في واشنطن، بهدف بلورة اتفاق شامل حول قواعد ملء وتشغيل السد. وخلال الاجتماع اطلع الرئيس على الموقف التفاوضي في إطار الرعاية الأمريكية للمفاوضات الثلاثية، كما تم استعراض الموقف المصري، ومحدداته وثوابته في هذا الخصوص، ووجّه بمواصلة العمل على الحفاظ على حقوق مصر المائية لصالح الأجيال الحالية والقادمة.
مصر قابلت اتفاق واشنطن بترحيب حذر، إذ قال وزير الخارجية سامح شكري إن مصر "متفائلة بحذر" بشأن الوصول إلى نقطة حرجة فيما يتعلق بالسد. وتدشن إثيوبيا السد منذ 2011 على النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل) بهدف توليد الكهرباء. لكن مصر تخشى من تأثير السد على حصتها من المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب، والتي تعتمد عليها بأكثر من 90%.
على مدار الأيام الماضية بدت إثيوبيا، في المقابل، أكثر حفاوة حيال الاتفاق المبدئي المعلن في واشنطن، مؤكدة استمرارها قدماً في عملية البناء تمهيداً لبدء ملء الخزان خلال أشهر. والتقى وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي، مع مقاولي مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير. ووفقاً للوكالة الإثيوبية الرسمية، قدم المقاولون خلال الاجتماع تقارير جدول عمل متكامل. بينما كان سيليشي قد قدم بدوره إحاطة يوم الأحد الماضي، لرئيس الوزراء أبي أحمد، بشأن ملء وتشغيل السد، شملت النقاط الرئيسية حول ملء الجداول الزمنية، وآليات التنسيق لإدارة تبادل البيانات والمعلومات. ووفقاً للوكالة "أعطى رئيس الوزراء التوجيهات بشأن سد النهضة للمضي قدماً". وكان سيليشي قد وصف سلسلة الاجتماعات التي عُقدت مؤخراً في العاصمة واشنطن بأنها "كانت ناجحة من حيث حماية المصالح الوطنية لإثيوبيا"، مشيراً إلى أن بلاده "توصلت إلى اتفاقات تحمي مصالح إثيوبيا".