الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:55 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:أخطر 24 ساعة فى واشنطن..بدء محاكمة الرئيس الأمريكى ..تخوفات عالمية من فتيل الحرب فى دافوس


احتمالات العزل تهدد بحرب أهلية بين الولايات
أعضاء مجلس الشيوخ يؤدون قسم اليمين للتعهد بالحياد المطلق وعدم التدخل فى اجراءات المحاكمة
إجراءات مشددة لمنع التأثير على إجراءات الجلسات واستبعاد للصحفيين من الحصول على تصريحات فى أثناء المحاكمة
بيلوسى .. المرأة التى هزت البيت الأبيض
غدا الثلاثاء، تنطلق رسميًا إجراءات محاكمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يواجه تهمتين قد يتم عزله لو أدين في إحداهما. التهمة الأولى هي استغلال منصبه لتحقيق أهداف سياسية، والتهمة الأخرى هي عرقلة عمل الكونجرس. وسوف يصوت مجلس الشيوخ بعد انتهاء المحاكمة على كل تهمة على حدة. غير أن عزل الرئيس الأمريكي يحتاج إلى موافقة 67 صوتاً من أصل 100 في المجلس أي أغلبية ثلثي الأصوات، وهو أمر مستحيل الحدوث.
المحاكمة سوف تبدأ بسلسلة من عمليات التصويت التي تحدد أطرها وتخصص وقتاً محدداً لكل طرف لعرض قضيته ولأعضاء مجلس الشيوخ المائة لطرح أسئلتهم. ويتوقع أن يحاول زعيم الأقلية الديمقراطية تشاك شومر فرض تصويت لاستدعاء شهود قبل بدء إجراءات المحاكمة، لكن زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل أعلن أنه سوف يصد هذه المحاولات بانتظار الاستماع إلى حجج الطرفين.
أعضاء مجلس الشيوخ، أدوا قسم اليمين للتعهد باحترام دورهم كأعضاء هيئة المحلفين في المحاكمة، ورددوا القسم التالي: "أقسم بأنني وخلال محاكمة عزل الرئيس دونالد ترامب سوف أؤدي دوراً محايداً احتراماً للدستور والقوانين". وبحسب قوانين مجلس الشيوخ، يتم إصدار أمر الاستدعاء مباشرة بعد الإدلاء بقسم اليمين، من بعدها يحق للرئيس الأمريكي الرد بشكل مكتوب على التهم الموجهة بحقه في المذكرة الاتهامية التي وقّعت عليها رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي. وعلى الرغم من أن بيلوسي سلمت ملف العزل رسمياً إلى مجلس الشيوخ، فإنها استمرت بمحاولاتها استفزاز ترامب من خلال تكرار تصريحاتها بأن الرئيس الأمريكي عُزل للأبد. وقالت بيلوسي في مؤتمر صحفي عقدته في مبنى الكونجرس: "الرئيس ليس فوق القانون. سوف تتم محاسبته وقد تمت محاسبته بالفعل. لقد عُزل. لقد عُزل للأبد. وهو لن يتمكن من تغيير هذا الواقع".
بيلوسي دافعت عن قرارها تجميد إجراءات العزل، معتبرة أن الوقت كان لصالح الديمقراطيين: "الوقت كان لصالحنا لأن هناك أدلة جديدة مهمة صدرت خلال هذه الفترة". وتقصد بيلوسي بهذه الأدلة الوثائق الجديدة التي تظهر دور محامي ترامب الخاص رودي جولياني في الضغط على أوكرانيا للتحقيق مع نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن. وقد قاد حملة الضغط هذه أحد شركاء جولياني السابقين، يدعى ليف برناس، الذي تحدث في الأيام الأخيرة بالتفصيل عن علاقته بجولياني وعدد من المقربين لترامب. وقد أظهر برناس وثائق تثبت - على حد قوله - أن المدعي العام الأوكراني السابق كان مستعداً للإعلان عن معلومات مضرة ببايدن، شرط أن يطرد ترامب السفيرة الأمريكية السابقة إلى أوكرانيا ماري يوفانوفيتش. كما أظهرت الوثائق التي أفرج عنها الديمقراطيون، أن يوفانوفيتش كانت تحت المراقبة في أوكرانيا.
برناس، الذي زود المحققين بنصوص رسائل هاتفية، يواجه تهماً بالتواطؤ والتزوير في محاكم أمريكية. وقد هاجم البيت الأبيض مصداقية برناس، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاتي جريشام: "هذا رجل تمت إدانته وهو خرج من السجن بكفالة. نحن غير قلقين من تصريحاته". وتابعت جريشام في مقابلة مع محطة "فوكس نيوز": "من المحزن أنه يعطي مقابلات للمحطات المعارضة للرئيس. دلالات هذا التصرف كبيرة". وكان برناس قال في مقابلة تلفزيونية مع محطة "إم إس إن بي سي"، إن ترامب كان يعلم بكل ما يجري في أوكرانيا، وإن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس ووزير العدل ويليام بار كانا كذلك على اطلاع بالتفاصيل، على حد قوله. ويعول الديمقراطيون على أن تقنع هذه الادعاءات الجديدة الجمهوريين في مجلس الشيوخ بوجوب الاستماع إلى شهود من الإدارة الأمريكية، والمطالبة بمزيد من الوثائق التي رفض البيت الأبيض الإفراج عنها. لكن هذه المعلومات لم تغير من رأي زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، الذي حدّد أطر المحاكمة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شن هجوماً لاذعاً على إجراءات عزله. وكتب في سلسلة من التغريدات صباح الجمعة: "لا جريمة هنا. إن الاستمرار بإجراءات العزل سخيف. يجب صرف النظر عن الموضوع". وأعاد ترامب تغريد مواقف عدة داعمة له ومنتقدة للعزل ورد على تقرير مكتب المحاسبة الحكومي الذي اتهم ترامب بخرق القانون لدى تجميد المساعدات لأوكرانيا، قائلاً: "إن مكتب المحاسبة الحكومي مخطئ. الدستور الأمريكي لا يسمح للكونجرس بتفضيل أولوياته على سياسات الرئيس الخارجية".
يأتي هذا في وقت يستعد فيه فريقا الدفاع والاتهام في قضية العزل لعرض الأدلة المرتبطة بالملف في محاكمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مجلس الشيوخ. وسوف يشمل فريق الدفاع كينيث ستار وروبرت راي، وهما حقّقا مع الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في إجراءات عزله، إضافة إلى آلان ديرشويتز وهو من المدافعين الشرسين عن كلينتون، ومن أبرز زبائنه أو جي سيمسون وجيفري إيبستين.
ومع دخول إجراءات العزل مرحلة جديدة في مجلس الشيوخ، فرض مكونيل والمسئول عن أمن المجلس مايكل ستنجر سلسلة من التدابير المشددة بحق أعضاء المجلس والكادر الصحفي الذي يغطي الكونجرس. وسوف تحد هذه التدابير من تحرك أعضاء المجلس والصحفيين بشكل كبير خلال إجراءات المحاكمة. وفصّل مكونيل أبرز هذه التدابير والإجراءات المتعلقة بأعضاء المجلس في رسالة أرسلها إليهم، توجههم بوجوب حضور كل جلسات المحاكمة من دون التسامح مع غياب أحد منهم.
والمتضرر الأكبر هنا هم أعضاء المجلس من المرشحين للرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي: برني ساندرز وإليزابيث وارن وإيمي كلوبوتشار. وقد قال ساندرز للصحفيين إنه يفضل أن يكون في حملته الانتخابية في ولاية أيوا من أن يكون جالساً في جلسات محاكمة ترامب. لكن هذا الخيار غير مطروح ضمن قوانين المجلس. وتمنع هذه القوانين أعضاء المجلس من الحديث بتاتاً خلال إجراءات المحاكمة، ما يعني أن عليهم الجلوس ساكنين في مقاعدهم خلال المحاكمة الطويلة التي ستعقد لـ6 أيام متواصلة كل أسبوع. وخلال جلوسهم بصمت لم يعتادوا عليه من قبل لن يتمكن أعضاء المجلس من النظر إلى هواتفهم أو أجهزتهم الإلكترونية. فقد وجّه مكونيل شرطة الكابيتول لوضع خزانة أمام باب المجلس يترك فيها المشرعون هواتفهم قبل الدخول إلى القاعة.
غياب الهواتف في قاعة المجلس سوف يؤدي إلى غياب أعضاء المجلس عن وسائل التواصل الاجتماعي طوال نهار المحاكمة. وقد تعهد بعض منهم كالسيناتور الديمقراطي كريس مرفي بتغريد كل ما جرى خلال المحاكمة في نهاية كل يوم، فيما دعمت السيناتورة الجمهورية ليزا مركوفكسي قرار منع الهواتف، وقالت: "إن التركيز على مجريات المحاكمة مهم للغاية، وأنا سعيدة بأننا لن نحمل هواتفنا. هذا أمر جميل".
مع منع أعضاء المجلس من الدخول والخروج إلى قاعة المجلس خلال المحاكمة، قام مكونيل بتعيين عدد من الموظفين للوجود داخل القاعة والعمل مراسلين لأعضاء مجلس الشيوخ ووسائط بينهم وبين العالم الخارجي. كما سوف يتسلم هؤلاء أسئلة المشرعين منهم ويسلمونها باليد لكبير قضاة المحكمة العليا جون روبرتس الذي يترأس جلسات المحاكمة. فبما أن أعضاء المجلس ممنوعون من الحديث، على روبرتس طرح الأسئلة نيابة عنهم.
ولن تكون حركة المشرعين محصورة داخل قاعة المجلس فحسب، بل في أروقة الكابيتول كذلك، فقد عمدت شرطة الكابيتول إلى تخصيص ممرات خاصة بهم للدخول إلى قاعة المجلس والخروج منه. كما تم تخصيص مواقع محددة جداً للصحفيين الذين مُنعوا من مرافقة أعضاء المجلس والحديث معهم. الأمر الذي أثار حفيظة الكادر الصحفي وبعض أعضاء الكونجرس الذين انتقدوا هذه الإجراءات ووصفوها بالتعتيم الصحفي على المحاكمة التاريخية.
وقال السيناتور الجمهوري جون كيندي: "هذا خطأ فادح. إن أعضاء مجلس الشيوخ ناضجون ويمكنهم رفض التعليق. نحن لسنا أطفالاً". لكن هذا لا يعكس آراء كل المشرعين، وقد تم توزيع بطاقات على هؤلاء تعطيهم توجيهات بكيفية تجنب الصحفيين وزوار الكونجرس. وتوفر هذه البطاقات النصح لأعضاء الكونجرس الذين يودون تجنب الأسئلة، وتقول البطاقة: يمكن استعمال العبارات التالية "أرجو أن تبتعد عن طريقي"، و"أنت تمنعني من القيام بعملي"، و"اعذرني أنا أحاول الوصول إلى قاعة مجلس الشيوخ"، و"اعذرني أنا بحاجة للوصول إلى قاعة جلسة استماع - حضور اجتماع"، و"أرجو ألا تلمسني".
وبالتزامن مع محاكمة ترامب

مع بدء محاكمته في مجلس الشيوخ، يشارك الرئيس الأمريكي القادة العالميين، اعتبارا من يوم الثلاثاء، في منتدى دافوس الاقتصادي السنوي، على وقع تحديات هائلة تراوح من التغيّر المناخي إلى الأوضاع في الشرق الأوسط. وسط مخاوف من أن يتحول المنتدى الاقتصادي العالمي الذي ينعقد في المنتجع السويسري إلى ساحة لإبراز الخلافات بين الشرق والغرب، وبين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وبين رجال الأعمال والنشطاء الساعين إلى التصدي للأخطار الداهمة التي تحدق بالعالم مع مطلع العقد الثالث للقرن الحادي والعشرين.
منظّمو الحدث الذي يعود إلى نحو نصف قرن وتحديداً إلى سنة 1971 قبل اختراع الهاتف المحمول، وقبل أن يتحول التغيّر المناخي إلى ملف يثير قلقا دوليا وفي أوج الحرب الباردة، ينوون التصدي للقضايا العالمية بقائمة طويلة ومتنوعة من المشاركين.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيستحوذ، كالعادة، على الجزء الأكبر من الأضواء، وكذلك الناشطة السويدية من أجل المناخ جريتا تونبرج التي ستحضر المنتدى للعام الثاني والتي صارت رمزا للاحتجاج على عدم التحرّك الفاعل من أجل التصدي لظاهرة التغيّر المناخي. وستشدد تونبرج على مدى "الجنون" في مواصلة الاستثمار في الوقود الأحفوري في وقت تسلّط الكوارث الكبرى التي يشهدها العالم، على غرار الحرائق في أستراليا، الضوء على التداعيات السلبية لارتفاع درجات الحرارة. وقد شاركت يوم الجمعة في تحرك من أجل المناخ في مدينة لوزان السويسرية.
كذلك سيطغى على المنتدى خطر اندلاع نزاع بين الولايات المتحدة وإيران، مع تصاعد التوتر إثر الضربة الأمريكية التي قُتل فيها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وإسقاط الجمهورية الإسلامية، بصاروخ اُطلق من طريق الخطأ، طائرة ركاب أوكرانية ومقتل 176 شخصا كانوا يستقلونها. وألغى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مشاركته التي كانت مقررة، ومعها احتمال حصول أي مواجهة، أو حتى لقاء، مع الرئيس الأمريكي.
مع ترؤس نائب رئيس الوزراء الصيني هان جينج وفد بلاده إلى المنتدى، ستسلَّط الأضواء على النزاع التجاري القائم بين بكين وواشنطن، على الرغم من التوصل هذا الأسبوع إلى اتفاق هدنة بعد عامين من التوتر. وستكون رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فان دير لايين والمستشارة الألمانية أنجيلا مريكل أبرز شخصيتين من الاتحاد الأوروبي تشاركان في المنتدى، وقد تُبرز مشاركتهما الخلافات القائمة بين أوروبا والولايات المتحدة حول ملفات أساسية.
جيريمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قال لوكالة الأنباء الفرنسية: "في ملف التغير المناخي والنزاعات الدولية على غرار النزاع بين الولايات المتحدة وإيران، هناك خلاف بين القادة الأمريكيين والأوروبيين لا يقتصر على (طريقة) الحل بل يشمل طبيعة المشكلة". ويوضح أنه في حين يعتبر قادة الاتحاد الأوروبي التغيّر المناخي "تحديا وجودياً"، يرى فيه ترامب "خدعة صينية". كما أن هناك خلافا بين الجانبين في الموقف من قضية الاتفاق النووي المبرم بين الدول الكبرى وإيران عام 2015، والذي كان يفترض أن ينزع فتيل اندلاع نزاع مع طهران. ويشدد شابيرو على عدم وجود "أي أساس صلب يمكن ان تبنى عليه الحلول للمشاكل العالمية".
المنتدى الاقتصادي العالمي أشار في تقرير صادر حديثاً إلى مجموعة تحديات تواجه البشرية، أبرزها انعدام الاستقرار الاقتصادي، والتغيّر المناخي، وانعدام المساواة في الوصول إلى الإنترنت، والضغوط التي تواجهها أنظمة الرعاية الصحية. ويتطرق التقرير إلى الحرائق التي اجتاحت أستراليا واستقطبت اهتماماً دولياً، معتبراً أن "التغيّر المناخي يضرب بشكل أقوى وأسرع مما توقّع كثر"، وسط توقعات بارتفاع الحرارة ثلاث درجات على الأقل في نهاية القرن الحالي. ويتناول التقرير أنظمة الرعاية الصحية، محذرا من أنها قد تكون غير قادرة على تحقيق أهدافها مع حلول الأمراض القلبية والعقلية محل الأمراض المعدية كأكبر مسبب للوفيات.