ياسر بركات يكتب عن: رئيس النيابة العامة فى تل أبيب يصرخ: نتنياهو دمر إسرائيل.. وترك للأجيال القادمة كراهية العرب
إما نتنياهو أو انتخابات جديدة!
فى تطور مفاجئ، يفتح الطريق أمام تشكيل حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، أعلن رئيس حزب اليهود الروس «يسرائيل بيتنا»، أفيجدور ليبرمان، أنه «مستعد لدخول ائتلاف مع الليكود إذا كانت الأحزاب الدينية مستعدة للتنازل عن بعض شروطها وتتراجع عن بعض مواقفها».
فى هذه الأثناء التقى رئيس حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، أريه درعى، مع رئيس الكنيست (البرلمان الإسرائيلى)، ويلى أدلشتاين، وتباحثا فى سبل منع انتخابات جديدة، وبينها إمكانية أن يتنازل المتدينون عن بعض شروطهم فى فرض حرمان على العمل والسفر الشعبى أيام السبت. فتفاءل بعض قادة الليكود خيرا، بأنهم لن يخسروا الحكم.
كان ليبرمان قد أدلى بتصريحات، إلى إذاعة محلية، الخميس، حمل فيها نتنياهو مسئولية إفشال تشكيل حكومة وحدة وقال إنه «أصر على أن يكون رئيس حكومة فى الدورة الأولى بشكل غير مفهوم. فهو بحاجة ماسة إلى وقت ليعالج قضيته فى المحكمة (يقصد ملفات الفساد الثلاثة الموجهة ضده)، وبعد انتهاء المحكمة نرى. لكنه أصر». وقال ليبرمان إنه «بعد سقوط إمكانية تشكيل حكومة وحدة بين الليكود و«كحول لفان»، كان مستعدا لأن يدخل فى حكومة يمين ضيقة تضم الليكود والأحزاب الدينية برئاسة نتنياهو، فى ائتلاف يضم 63 نائبا وحكومة ثابتة. لكن نتنياهو رفض التنازل ورفض ممارسة أى ضغط عليها حتى تتنازل عن شروط. وسئل إن كان ما زال مستعدا لدخول حكومة كهذه فى حال تنازل المتدينون، فأجاب بالإيجاب.
فى المقابل، خرج الرئيس الأسبق للنيابة العامة، موشيه لادور، والمفتش العام الأسبق للشرطة، أساف حيفتس، والجنرال طال روسو، بتصريحات يحذرون فيها من خطورة وجود بنيامين نتنياهو فى رأس سدة الحكم. وقال لادور، الذى كان المدعى العام الذى وجه لوائح اتهام بالفساد ضد رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، إن «ما يفعله نتنياهو اليوم وما يدلى به من تصريحات، يشكل محاولة انقلاب ضد سلطة القانون فى إسرائيل. فهو يحرض على أجهزة الشرطة والنيابة والقضاء ويقوض بذلك أحد أهم أركان الحكم الديمقراطى». وقال لادور إن نتنياهو متورط حتى قمة رأسه فى الملفات الثلاثة المفتوحة ضده وليس عنده شك فى أن القضاه سيدينه بتهم الفساد، ولا يجوز أن يكون رئيس حكومة فى وضع كهذا. وفى رد على سؤال عن سبب خروجه إلى الإعلام بهذه التصريحات، أجاب: «لأن من كان يجب أن يتكلم، وزراء نتنياهو ونواب حزبه ومعسكره، لا يتكلمون. لدينا زعماء يتربون على الخوف وعلى الجبن وهذا أخطر ما يواجهنا فى ظل حكم نتنياهو».
حيفتس قال إنه بدافع احترامه لمنصب رئيس الحكومة لا يريد أن يقول إن «نتنياهو بات مجنونا». ولكنه بالتأكيد يدعو الجمهور إلى التمرد على مؤسسات الحكم، وبهذا يهدد بانهيار إسرائيل. فسلطة الحكم هنا تتسم بالاستقرار طيلة 71 عاما بفضل قوة سلطات إنفاذ القانون». وأضاف حيفتس أن «كل من يحب إسرائيل ويريد لها الخير، يجب أن يسعى لإقناع نتنياهو بالاستقالة. هذا هو السبيل الوحيد لمنع انتخابات جديدة». وقال روسو إن نتنياهو يجب أن يعاقب لأنه يدفع بإسرائيل إلى فوضى عارمة. وأشار إلى التحريض الدموى الذى يتعرض إليه رئيس أركان الجيش السابق، جادى آيزنكوت، حاليا فى الشبكات الاجتماعية. وقال: «فى محيط نتنياهو يعانون من مرض الملاحقة. هناك من أخبرهم أن آيزنكوت ينوى دخول الحياة السياسية، فخرجوا فورا بحملة لتدميره».
محللة الشئون السياسية بالقناة الإسرائيلية 12 دانه فايس، قالت إن «رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أصبح خطرا على إسرائيل، ويمكن له أن يمس بصورتها من الخارج، فهو «مستعد لأن يضحى بحزب الليكود الذى يترأسه على مذبح بقائه فى الحكم». وأضافت فايس فى لقاء مع جريدة معاريف، أن «استطلاعات الرأى تتحدث عن أن 43% من الرأى العام الإسرائيلى يطالبون نتنياهو بالاستقالة، وهذا يعنى أن الجمهور الإسرائيلى ليس مغيبا عن ما يحصل من تطورات، الإسرائيليون يريدون التخلص من قصص الشمبانيا والسجائر التى تورط فيها نتنياهو وعائلته». وأوضحت: «حين أصف نتنياهو بأنه خطر على الدولة، فأنا لا أعتمد فى مفرداتى على معلومات متناثرة هنا وهناك، بل إننى استمعت فى الآونة الأخيرة إلى كلام مقلق جدا من أناس يتواجدون فى قلب النقاشات القانونية والقضائية، يعترفون بأن نتنياهو كان خلال السنوات الماضية حذرا جدا فى موضوعات الأمن، لا أقول إنه كان جبانا، لكنه تعامل فى المسائل الأمنية بصورة أكثر عقلانية».
فايس أشارت إلى أنها «حين سئلت هل يمكن لنتنياهو أن يذهب لقرارات عسكرية لإنقاذ نفسه من وضعه القانونى المتأزم، فقد نقلت عن مصدر مسئول أن هذه صافرة إنذار حقيقية، وهم قلقون من هذه الفرضية، رأينا عشية الانتخابات السابقة فى دورة سبتمبر كيف أن المستشار القانونى للحكومة أوقف فى اللحظات الأخيرة قرارا لرئيس الحكومة بشأن تصعيد محتمل فى غزة، لأن القرار اتخذ بصورة غير ملائمة، وربما ارتبط بالعملية الانتخابية». وقالت: «نتنياهو بات يشكل خطرا على إسرائيل، انظر معى من يهاجم المؤسسة القانونية والقضائية والشرطية، إنه رئيس الحكومة نفسه، وابنه، ومستشاريه، لا يعقل أن صورة إسرائيل فى العالم الخارجى التى عمل نتنياهو طويلا على تحسينها، يتم الإساءة إليها منه شخصيا لاعتبارات ذاتية».
محلل الشئون الحزبية فى القناة الإسرائيلية 12 أمنون أبرموفيتش قال إن «نتنياهو يقوم بعملية مسح للديمقراطية بسبب مشكلة شخصية له، ولذلك فإننا فى الطريق إلى انتخابات ثالثة بصورة مؤكدة، وأضحى الإسرائيليون فى طور التحضير لدورة انتخابية ثالثة خلال عشرة أشهر، وسنصل إلى ذات المكان الذى وصلناه فى أبريل 2019».
وأضاف فى لقاء مع جريدة معاريف: «ربما ندخل جولة انتخابات رابعة طالما بقيت ذات الأدوات السياسية والانتخابية والحزبية هى السائدة، لأن الاستطلاعات هى ذاتها لم يتغير شىء، وفى حال تكررت ذات النتائج، وفشل نتنياهو فى تشكيل الحكومة للمرة الثالثة، فلا أذكر أن سياسيا فشل ثلاث مرات، وبقى فى الملعب السياسى». وقال إن «نتنياهو لديه هدف واحد أساسى هو الحصول على الحصانة، أو إرجاء عملية توجيه لائحة الاتهام، وفى حال ذهبنا إلى انتخابات ثالثة، فسنبقى ننتظر حتى أواخر مايو القادم إلى حين تشكيل حكومة جديدة».
موقع «تايمز أوف إسرائيل» أجرى ما قال إنه «كشف حساب للرابحين والخاسرين فى أى سيناريو قادم فى إسرائيل للخروج من الأزمة السياسية والدستورية الناشبة فيها، لأنه قبل شهر بالضبط من الإعلان عن انتخابات ثالثة فى إسرائيل يصعب الخروج باستنتاجات مبكرة عن طبيعة النهاية المتوقعة لهذه الأزمة غير المسبوقة». وأضاف ناتى يافيت، فى تقرير، أن «اللاعبين الثلاثة فى هذه الأزمة مرشحون لأن يتمكن أحدهم من الإفلات من النفق المسدود الماثل أمامهم، وهم: بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة وزعيم حزب الليكود، وبينى جانتس زعيم حزب أزرق-أبيض، وأفيجدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا، لكن مشكلة الثلاثة أن مصالحهم متناقضة». وأشار إلى أن «الفوضى السياسية التى تعيشها إسرائيل عقب انتخابات سبتمبر تضع صعوبات جدية أمام السياسيين والمحللين حول توقع طبيعة السيناريو، فهل نذهب إلى انتخابات جديدة، أم نصل أخيرا إلى توليفة حكومية؟».
بدأ الكاتب حديثه عن السيناريوهات المتوقعة بالإشارة إلى «الانتخابات الثالثة، باعتباره الخيار الأفضل لنتنياهو؛ لأنه سيمنحه ستة أشهر أخرى فى مقعد رئيس الحكومة، مع بقاء الخطر المتمثل بصدور حكم قضائى من المحكمة العليا، بعدم تمكنه من إشغال منصبه هذا فى حال تم توجيه لائحة اتهام بحقه». أما جانتس، فإنه «الرابح الآخر من الانتخابات الجديدة؛ لأنه صمد أمام كل المغريات التى عرضت أمامه بأن يكون تحت ولاية نتنياهو المتهم بالفساد، ما سيجعل ناخبى حزبه يمنحونه ثقتهم من جديد، ولعل ذلك يمنحه نتائج أفضل من الدورة السابقة على خلفية الضعف المتوقع لحزب الليكود بسبب لائحة الاتهام الموجهة لنتنياهو، لكن خطورة هذا السيناريو أن نسبة لا بأس بها من الإسرائيليين تتهم جانتس بالتسبب بانتخابات ثالثة».
بالنسبة لليبرمان، يقول الكاتب إن «55% من مصوتى حزبه سيعيدون ثقتهم للحزب إن حصلت انتخابات ثالثة، ما قد يسفر عن فجوة كبيرة فى النتائج المتوقعة؛ لذلك يعدّ الذهاب للانتخابات رهانا خطرا عليه، لذلك فهو يضع منعها كأولوية قصوى، رغم أن لديه فرصا قوية، لأنه لم يخضع لضغوط معسكر اليمين، ويذهب لحكومة تتضمن الأحزاب الدينية، ولم يتعاون مع القائمة المشتركة فى حكومة وسط-يسار ضيقة». وأكد أن «السيناريو الثانى يتمثل بحكومة وحدة علمانية، فإن نتنياهو سيبقى الرابح الأكبر منها، رغم أن هناك خطرا يحيط به يتمثل فى إمكانية توجيه لائحة اتهام بحقه. أما جانتس، فإن موافقته على الذهاب لحكومة ضيقة برئاسة نتنياهو كمتهم بالفساد ضد 90% من توجهات مصوتى حزبه، لأن فقدان الطهارة السياسية سيضر كثيرا به على المدى البعيد، رغم أن جانتس سيحظى بشعبية بين الإسرائيليين؛ لأنه منع إجراء انتخابات ثالثة». أما بالنسبة لليبرمان، يقول الكاتب فإن «حكومة وحدة وطنية علمانية هى حلم الأحلام بالنسبة له، لأنه الشعار الذى رفعه منذ الانتخابات، وستظهره أوفى بتعهداته بعدم الجلوس مع المتدينين، والامتناع عن الدخول فى حكومة تدعمها من الخارج القائمة العربية المكروهة من قبل ناخبيه، وبذلك فإن هذه الحكومة العلمانية الموحدة ستكون خياره المفضل».
بالنسبة للسيناريو الثالث، فهو «حكومة الوحدة الموسعة، وهى بالنسبة لنتنياهو الخيار الثانى المفضل بعد حكومة اليمين المقلصة، ففى الحكومة الموسعة سيحافظ نتنياهو على مواقفه السياسية؛ بسبب الثقة التى يحظى بها من الأحزاب الحريدية والدينية، وفى الوقت ذاته سيبقى رب البيت الكبير، لكن نقطة الضعف أمامه أن هذه الحكومة لا توفر له الحصانة اللازمة من المحاكمة، ومع ذلك فإن هذا سيناريو ممتاز بالنسبة له».
بالنسبة لجانتس، يرى الكاتب أن «هذا السيناريو هو الأسوأ، لأنه سيكون تحت ولاية رئيس حكومة متهم بالفساد، ولن يحظى بالعمل وفق أجندة ليبرالية، وسيجبر على الشراكة مع الحريديم، ما سيجعل أزرق -أبيض فى طريقه إلى النهاية فى الانتخابات القادمة، أما ليبرمان فإن مصوتيه لا يحبون نتنياهو، ويطالبون بأن يغادر الحلبة السياسية فى حال أدين بالفساد، كما أن استعدادهم للجلوس مع المتدينين متدنّ جدا».
منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، تبنى الرئيس دونالد ترامب كثيراً من آراء ومواقف وقرارات رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشأن الصراع الفلسطينى الإسرائيلى، فانهمرت على إسرائيل هداياه المجانية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السورى المحتل.. وغير ذلك كثير ومن ضمنه «عقوبات» تم فرضها على الطرف الفلسطينى.
لكن فى السياسة، كما فى غيرها، يبدو أن استمرار الحال من المحال، إذ يقال إن الإدارة الأمريكية اليوم باتت محبطة من إسرائيل، وأن ترامب ربما قرر التخلى عن نتنياهو. وبحسب تصريحات مسئولين إسرائيليين لجريدة «يديعوت أحرنوت»، فإن «واشنطن تشعر بالإحباط وخيبة أمل بسبب السياسة الإسرائيلية والأزمة السياسية التى حالت دون طرحها الجزء السياسى من صفقة القرن وتعطيلها منذ شهور. وقد ذكر المسئولون الأمريكيون الذين تحدثوا إلى الرئيس ترامب أنه يشعر بخيبة أمل شديدة من نتنياهو، وأنه يتحدث عنه بشكل سلبى». واستخلصت الجريدة: «ترامب بات ينظر إلى ما وراء نتنياهو، وإلى ما قد تعنيه الحكومة الإسرائيلية المقبلة بالنسبة لآماله فى إطلاق خطة سلام عربية إسرائيلية هذا العام». ومن جهته، علّق «دان شابيرو»، سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل، قائلا إن «ترامب يشم رائحة مرحلة الضعف لنتنياهو، ويريد النأى بنفسه عنه. ترامب لا يريد إلا فعل القليل تجاه نتنياهو الخاسر».