الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 12:52 مـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

طهران تخشى انتقال المظاهرات العراقية إلى إيران

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
قبل حوالي 17 عامًا، غزت الولايات المتحدة العراق وأطاحت بحكومة صدام حسين، مما أدى إلى خلق فراغ في السلطة ملأته جزئيًا – واستغلته - إيران. وما فتئت الولايات المتحدة منذ ذلك الحين تحاول، وبنجاح محدود، تخفيف تأثير عدوها الإقليمي اللدود على العراق.
وفي الأسابيع الأخيرة، جاءت المساعدة من مصدر غير متوقع وهو الشعب العراقي، وفقا لما جاء في مقال بقلم بروفيسور تشارلز دون، أستاذ مساعد بكلية إليوت للشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن، والذي نشره موقع شبكة NBC الإخبارية الأمريكية.
وقال إن الربيع العربي وصل أخيرا إلى العراق، في أوائل شهر أكتوبر، حيث اندلعت مظاهرات واسعة النطاق ضد الحكومة العراقية، وخرج آلاف المتظاهرين الشباب للمطالبة بإقالة الحكومة لأنها أخفقت اقتصاديًا وسياسيًا.
وأضاف أن المطالبة بتوفير الوظائف، واحترام حقوق الإنسان، ووضع حد للفساد، وتحسين الخدمات العامة هي في قلب المظالم التي يرددها المحتجون. ولكن ينصب جام الغضب أيضا على إيران لمحاولتها استخدام الطبقة السياسية العراقية لخدمة مصالحها.
حاولت طهران بناء النفوذ في العراق لأكثر من عقد من الزمان في مسعى بائس لتحويل العراق إلى دولة خاضعة تابعة، مما أثار استياء عميقًا بين العديد من عامة العراقيين. وفي الواقع، فقد تفجرت الاحتجاجات بسبب الغضب لإقالة قائد عراقي ميداني شارك في مكافحة الإرهاب وكان يحاول كبح جماح الميليشيات المسلحة الموالية لإيران. ويزداد حجم الخطاب المعادي لإيران، لأنه قبل بضعة أيام، تعرضت القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء الجنوبية للهجوم.
ويمثل تصاعد حدة الغضب ضد طهران في إطار الانتفاضة الشعبية ضد الفساد السياسي والاقتصادي، في منطقة لا توجد فيها علامات أمل تذكر، تحديًا خطيرًا وبارقة أمل للولايات المتحدة. إنها حركة أرضية لا تهدد فحسب قبضة إيران على حليف إقليمي مهم، بل تهدد إيران نفسها أيضًا.
وللولايات المتحدة مصلحة قوية في مساعدة العراق على التغلب على هذه التحديات الصعبة، وذلك لغرضين: أولهما مساعدة العراق نفسه، الذي إذا لم يتم دعمه، ربما يسقط مرة أخرى ضحية لطفرة جديدة لجماعة مسلحة تابعة لتنظيم داعش، وثانيهما مواجهة طموحات إيران.
وتتعرض إيران لإكراه متزايد من حملة "تقوم على الحد الأقصى من الضغط" من جانب إدارة الرئيس دونالد ترمب، التي صعدت من العقوبات ضد إيران، ونقلت قوات إضافية إلى الخليج العربي لمواجهة طموحات إيران النووية، والتصدي لسياساتها الإقليمية المزعزعة للاستقرار.
وفي هذا السياق، يرى قادة إيران الاضطرابات السياسية في العراق من وجهة نظر تآمريه، وتنحو باللائمة فيها على "الأيدي الأجنبية" (أي الولايات المتحدة وإسرائيل). ويعلم الإيرانيون مدى الضرر الذي سوف يلحق بهم من جراء خسارتهم للعراق، وأثر ذلك على استراتيجيتهم التي تهدف إلى تحقيق التفوق الإقليمي.
وأضاف الكاتب أنهم جميعا (أي الإيرانيين) على دراية بإمكانية أن تؤدي المظاهرات الجماهيرية في العراق إلى إلهام انتفاضة شعبية مماثلة في بلدهم نفسه، التي شهدت مظاهرات حاشدة لـ"الحركة الخضراء" في عام 2009، فضلاً عن الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد، في أوائل العام الماضي، ضد سياسات الحكومة الاقتصادية والحكم الثيوقراطي القمعي.
ولهذا السبب، نصح مسئولو الأمن الإيرانيون نظراءهم العراقيين بالتشدد مع المحتجين. ويُشتبه في تورط قوات الميليشيات المتحالفة مع إيران في قتل المتظاهرين، وكانت هناك مزاعم بأن الإيرانيين شاركوا في أعمال القتل. كما تشير تقارير جديدة إلى أن إيران قد تستعد للتدخل على نطاق أوسع.
وتابع "هناك مصلحة قوية للولايات المتحدة في مساعدة العراق على رسم مسار مختلف في التعامل مع المحتجين. وإلى جانب تحييد إيران، فإن الاستقرار العراقي أمر حيوي لكثير من المصالح الأميركية، بما في ذلك التقليل من التهديد الذي يشكله داعش، والحفاظ على الأمن في الخليج العربي".
وربما الأهم من ذلك، أنه يمكن للعراق المستقر أن يظهر أن الديمقراطية الانتخابية يمكن أن تتجذر في تلك المنطقة المضطربة، وأن هناك طريقًا وسطًا بين الاستبداد والفوضى.
وأصدر رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خطة إصلاح من 13 نقطة ردا على انتقاد المتظاهرين، ولكنه يعترف بأنه لا يوجد حل سريع وسهل وعرض الاستقالة، وهو احتمال يكرهه الإيرانيون لأنهم يرون أنه حليف سياسي. وتعهد الرئيس العراقي برهم صالح بإجراء انتخابات جديدة في نهاية المطاف، لكن عملية تشكيل حكومة أخرى سوف تستغرق عدة أشهر. ويحتاج العراق، البلد الغارق في الأسلحة، إلى رؤية خطاب تصالحي ووعود بالتغيير تدعمها إجراءات سريعة وحاسمة بدلاً من الحديث عن التغيير منذ شهور، أو أن الوضع سيتدهور بشكل كبير.
وأكد أن الوضع سيئ بما فيه الكفاية الآن. لقد تحولت الاحتجاجات بثبات أكثر فأكثر عندما وجهت القوات الحكومية أسلحتها إلى المتظاهرين، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 260 شخصًا، وجرح 10000 منذ بدء الاحتجاجات في أكتوبر، وفقًا لتقديرات المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق. وتصاعدت المصادمات اليومية بين قوات الأمن والمتظاهرين من حيث تكرارها وشراستها. وفشلت حملة واسعة النطاق في تهدئة الاضطرابات.