الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:37 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: الزنديق التركى أهان العرب والإسلام ..القتل باسم النبى !

أيام الغزو التركى لبلاد العرب !
السفاحون يقتلون المسلمين باسم الدين !
من مغرور تركيا إلى مجنون أمريكا
مكالمة الخمس دقائق التى أشعلت الحرب ضد سوريا
من السبعينات وحتى الجيش المحمدى
الأكراد
حكاية شعب مسلم يعانى الاضطهاد
ـ أمريكا باعتهم .. والعالم تخلى عنهم !
ـ نيكسون ساند شاه إيران .. والبيت الأبيض وقف يتفرج على مجازر صدام حسين ضدهم !
الجيش المحمدى .. أكذوبة السفاح لإبادة المسلمين
الإجابة البسيطة هو أن الرئيس التركي توقع أن ينتهي اجتماع جامعة الدول العربية الطارئ، الذي انعقد يوم السبت، بذلك البيان الذي لم يتضمن أي فعل أو رد فعل حقيقي واكتفى بالإدانة والشجب، مع مطالبة بإعادة سوريا إلى الجامعة ووعد بالنظر في اتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وسياحية فيما يتعلق بالتعاون مع تركيا. مع أن الاجتماع انعقد بعد أربع أيام من العدوان التركي على سوريا وبعد حوالي أسبوع من حصول أردوغان على ضوء أخضر من الولايات المتحدة.
في وقت متأخر من يوم الأحد قبل الماضي، 6 أكتوبر الجاري، أعلن البيت الأبيض أنه لن يعيق غزواً تركياً وشيكاً لشمال شرق سوريا. وبحلول صباح الاثنين، أكدت مصادر إعلامية أن الولايات المتحدة شرعت بالفعل في سحب جنودها من الحدود السورية التركية، حيث كانت منتشرة إلى جانب المقاتلين الأكراد السوريين المتحالفين معها. وبدا أن ذلك هو المرحلة الأولى لما قد يكون تفجراً عسكرياً جديداً ومزعزعاً للاستقرار في سوريا التي دمرتها الحرب.
كانت الولايات المتحدة وتركيا قد اتفقتا، بداية أغسطس الماضي، على "آلية أمنية" أدت إلى انسحاب القوات الكردية السورية من المناطق القريبة من الحدود التركية وتفكيك بعض تحصيناتهم الأساسية. وتعاونت قوات "سوريا الديمقراطية" بحسن نية، لكنها باتت اليوم أكثر عرضة لاجتياح تركي. وقد عبّر بيان صدر عن قوات "سوريا الديمقراطية"، يوم الاثنين، عن خيبة الأمل، لأن الولايات المتحدة "لم تقم بمسؤولياتها"، وعن تصميم قوي على "الدفاع عن أرضنا مهما كلف الثمن".
بحلول مساء الاثنين الماضي، 7 أكتوبر، كانت هناك تقارير عن قصف بوساطة المدفعية التركية وضربات جوية على المواقع الكردية السورية. هذه التطورات أعقبت مكالمة هاتفية يوم الأحد بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي لطالما استاء أردوغان من النفوذ الكبير لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، وهي مليشيات كردية سورية لعبت دوراً كبيراً في هزيمة "داعش"، إضافة إلى الدعم الكبير الذي تتلقاه من الولايات المتحدة وشركاء أوروبيين آخرين. وبغض النظر عن مئات الأرواح التي فقدتها "قوات سوريا الديمقراطية"، يبدو الآن أن ترامب قد منح أردوغان دعوة مفتوحة لإضعاف، إن لم يكن كسر، منطقة الحكم الذاتي التي أعلنها الأكراد في شمال شرق سوريا، وربما تغيير التركيبة السكانية للمنطقة، عبر إعادة إسكان لاجئين سوريين.
غير أن انسحاباً أمريكياً نهائياً من شمال سوريا، أو أياً يكن الشيء الذي دافع عنه ترامب في تغريداته على "تويتر" صباح الاثنين، حين دعا إلى إنهاء "حروب (أمريكا) التي لا نهاية لها"، يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة. ذلك أنه إذا قامت تركيا بغزو بري كبير، فإن من شأن ذلك اجتياح دفاعات قوات "سوريا الديمقراطية" وكسر قواتها المحاربة، والتسبب في نزوح للاجئين الأكراد السوريين نحو العراق (وهو بلد يعاني من انعدام الاستقرار)، كما يخشى محللون أمنيون خلق فراغ أمني يعبّد الطريق لعودة "داعش".
وعلى نحو متوقع، لم يبرر ترامب أعماله برؤية استراتيجية لمنطقة مضطربة، وإنما برؤوس أقلام من حملته الانتخابية، حيث قال للصحفيين بعد ظهر الاثنين، إنه حريص على تنفيذ ما انتُخب من أجله، وضمنه تخليص الولايات المتحدة من نزاعات الشرق الأوسط العويصة. وقال إن التعامل مع ما يبقى هناك هو مسؤولية البلدان الأخرى، مثل تركيا. وإلى ذلك، هدّد أنقرة بعقوبات اقتصادية ماحقة في حال فعل الأتراك أي شيء "خارج ما نعتقد أنه إنساني".
الواقع هو أن التخلي عن الأكراد يُعد تقليداً أمريكياً؛ ففي أوائل السبعينيات، وكخدمة أسدتها لشاه إيران، ساعدت إدارة ريتشارد نيكسون على التحريض ضد انتفاضة كردية في العراق. لكن عندما أصلحت بغداد وطهران ما فسد من العلاقات بينهما في عام 1975، أدارت الولايات المتحدة ظهرها لحركة التمرد التي قُتل كثير من أعضائها أو اضطروا للعيش في المنافي. وفي عام 1991، دعا الرئيس بوش الأب العراقيين للانتفاض ضد دكتاتورية صدام حسين. لكن بعد ذلك وقفت الولايات المتحدة موقف المتفرج، بينما سحقت القوات العراقية بوحشية تمردين منفصلين لأكراد العراق وشيعته.
يشكل الأكراد ما بين 7 إلى 10% من سكان سوريا. وقبل اندلاع الانتفاضة ضد نظام بشار الأسد في عام 2011، كان الكثير من الأكراد يعيشون في مدينتي دمشق وحلب إلى جانب المناطق ذات الغالبية الكردية بالقرب من الحدود التركية وهي: عفرين شمال غربي البلاد، وكوباني "عين العرب" في شمال البلاد والقامشلي في شمال شرقه. وعندما تطورت الانتفاضة إلى حرب أهلية، تجنبت الأحزاب الكردية الرئيسية الانحياز إلى أي طرف. وفي عام 2012، انسحبت القوات الحكومية السورية من المناطق الكردية، للتركيز على قتال فصائل المتمردين في أماكن أخرى، فأصبحت تلك المناطق خاضعة لسيطرة الأكراد.
أواخر عام 2014، شن تنظيم الدولة الإسلامية هجوما على مدينة كوباني، ما دق ناقوس الخطر في أنحاء العالم، وتدخل تحالف متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" من خلال شن غارات جوية. وبعد تراجع مسلحي تنظيم الدولة، أصبح الأكراد الشريك الأكثر أهمية للتحالف على الأرض في سوريا. وفي عام 2015 شكلت وحدات حماية الشعب الكردية، تحالفا مع بعض الفصائل العربية المحلية المسلحة سميت بـ "قوات سوريا الديمقراطية". وبمساعدة قوات التحالف الدولي، طرد مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية، عناصر تنظيم الدولة الإسلامية من ربع مساحة الأراضي السورية، واستولوا على الجيب الأخير (الباجوز) الذي كان تحت سيطرة التنظيم في مارس 2019. كما أنشأوا "إدارة مستقلة" لحكم المنطقة.
تريد تركيا طرد وحدات حماية الشعب الكردية، إذ تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض صراعا مسلحاً ضد الحكومة التركية منذ عقود من اجل الحكم الذاتي للأكراد هناك، وتصنفه أنقرة على أنه "منظمة إرهابية". وفي محاولة لتجنب الهجوم الحالي، وافق الجيش الأمريكي في أغسطس الماضي على إقامة "آلية أمنية" مع الجيش التركي في المنطقة الحدودية، وتعاونت وحدات حماية الشعب الكردية معها وسحبت أسلحتها الثقيلة وفككت التحصينات. لكن في 6 أكتوبر الجاري، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إن عملية عسكرية عبر الحدود "ستمضي قدما قريبا"، حسبما أعلن البيت الأبيض. وأضاف أن ترامب رد بقوله إن القوات الأمريكية المتمركزة في المنطقة لن تدعم أو تشارك في العملية، وسوف تنسحب.
كان رد فعل قوات سوريا الديمقراطية غاضبا على قرار ترامب، وحذرت من أن "الهجوم غير المبرر" من جانب تركيا "سيكون له أثر سلبي على معركتهم ضد التنظيم والاستقرار والسلام في المنطقة". وأضافت في بيان لها: "نحن مصممون على الدفاع عن أراضينا مهما كان الثمن". بينما قالت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إنسانية، إن المنطقة التي تخضع حاليا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية هي موطن لنحو مليوني مدني، "نجوا بالفعل من وحشية تنظيم الدولة والتشرد لعدة مرات". وكتبت اللجنة على موقع تويتر، في السابع من أكتوبر الجاري، قائلة: "لقد أدى الهجوم العسكري إلى تشريد ما لا يقل عن 300 ألف شخص على الفور، وتعطيل الخدمات الإنسانية المنقذة للحياة". وقالت منظمة إنقاذ الطفولة إن 1.65 مليون مدني يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية في المنطقة، من بينهم أكثر من650 ألف شخص نازح بسبب الحرب.
المنسق الإقليمي للأمم المتحدة لشؤون سوريا، بانوس مومتيس، قال إنه جرى وضع خطط طارئة لمساعدة المدنيين، الذين أجبروا على الفرار من ديارهم بسبب الهجوم. وحذر من أن أي عملية عسكرية يجب أن تأخذ في الاعتبار تأثيرها على المدنيين، مضيفا: "نحن نأمل في الأفضل، لكننا نستعد للأسوأ". وقال السيد مومتيس إن للأمم المتحدة "تاريخ مرير" مع مفهوم المناطق الآمنة، وإنها لم تشجع أبدا على إنشائها، مستشهدا بالمذبحة التي وقعت في بلدة سريبرينيتسا، في البوسنة والهرسك عام 1995.
تقول قوات سوريا الديمقراطية إنها تحتجز أكثر من 12 ألف شخص، يشتبه بأنهم أعضاء في "تنظيم الدولة الإسلامية" في سبعة سجون. ما لا يقل عن 4000 من السجناء من الرعايا الأجانب، ويقال إن بعض السجون قريبة من الحدود التركية. وفي غضون ذلك، تُحتجز عائلات أعضاء "تنظيم داعش" في ثلاثة مخيمات للنازحين وهم: روج، عين عيسى، والهول. وسيكون كل من روج وعين عيسى - اللذين يأويان 1700 و 12900 شخص على التوالي، حسب الأرقام التي رصدت في مايو الماضي - ضمن "المنطقة الآمنة" المقترحة من تركيا.
يعد مخيم الهول الأكبر من نوعه حتى الآن، حيث يبلغ عدد سكانه أكثر من 68 ألف نسمة، ويبعد نحو 60 كيلومترا عن تركيا، وبالتالي لن يكون ضمن المنطقة الآمنة. أكثر من 94% من سكانه من النساء والأطفال، من بينهم 11 ألفا من الأجانب. وقال ترامب لأردوغان إن القوات التركية ستكون مسؤولة، عن تأمين مقاتلي التنظيم المحتجزين في المناطق التي سوف تستولي عليها، وذلك وفقا للبيت الأبيض. ومن جانبها قالت قوات سوريا الديمقراطية إن مقاتليها سيواصلون حراسة السجون والمخيمات، لكن هناك مخاوف من إمكانية استدعائهم إلى مناطق أخرى بسبب القتال، أو اضطرارهم للفرار في حال تعرضهم لهجوم.
تركيا أعلنت أنها تريد منطقة بعمق 32 كلم وعرض 460 كلم على طول الحدود مع سوريا، تتضمن: أولاً، إبعاد "وحدات حماية الشعب" الكردية وسلاحها الثقيل وتفكيك القواعد الأمريكية. ثانياً، إعادة لاجئين سوريين مع توفير بنية تحتية بحماية فصائل محسوبة على أنقرة. أمريكا اقترحت بالتفاهم مع الأكراد "آلية أمنية" بعمق 14 كلم وعرض 70 - 80 كلم بين تل أبيض ورأس العين. الهجوم التركي بدأ بين تل أبيض ورأس العين بعد تفكيك أمريكا قاعدتين لها فيهما، لكن القصف التركي وصل إلى عمق 30 كلم وامتد إلى حدود القامشلي. السؤال: ما هو عمق التوغل التركي الحالي؟ وما هو المقبول أمريكياً في هذا الشأن، و"الحد" الذي يعتبره ترامب "مسموحاً بموجب حكمته".
أقامت أمريكا خمس قواعد عسكرية ومطارات كبرى وعدداً من نقاط التمركز المتنقلة. وانخفض عدد القوات الأمريكية من ألفي عنصر إلى نحو 500، وعوضت بريطانيا وفرنسا ودولاً أخرى القوات الأمريكية التي انسحبت بعد قرار ترامب بداية العام الحالي. وهناك أيضاً قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية - الأردنية - العراقية التي تضم قوات خاصة ومقاتلين سوريين. هل سيقتصر الانسحاب الأمريكي عن النقاط القريبة من الحدود التركية أم يمتد جنوباً، علماً بأن إدارة ترامب، وخصوصاً مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، كانت وضعت قاعدة التنف ووجودها لمواجهة النفوذ الإيراني؟
قادت أمريكا جهوداً لتشكيل تحالف عربي - كردي تعتبر "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الرئيسي، وتضم 60 ألف مقاتل وعناصر من الشرطة المحلية لتوفير الاستقرار وضبط الحدود (هناك تقديرات لعدد تراكمي يصل إلى 100 ألف). كيف ستنعكس العملية التركية على التوازن داخل المكونات العربية والكردية في "سوريا الديمقراطية"، وما هو مصير المجالس العسكرية في المدن ذات الغالبية العربية مثل دير الزور والرقة؟
قبل أيام حذر عسكريون وباحثون أمريكيون من عودة ولادة "داعش" الذي قضى التحالف على مناطقه في سوريا والعراق في مارس الماضي. كما أن هناك آلاف "الدواعش" وعائلاتهم في سجون "قوات سوريا الديمقراطية" ومخيمات للنازحين. وأعلن ترامب أن عضوين في "داعش" في مجموعة "البيتلز" البريطانية، أصبحا الآن في عهدة الأمريكيين ونُقلا إلى خارج سوريا. وحذر الأكراد من أن الهجوم التركي سيؤدي إلى احتمال إطلاق "الدواعش" بمن فيهم أوروبيون لم تستقبلهم دولهم، في حين تعهدت تركيا بالتعامل مع هذا الموضوع. هل تشكل العملية فعلا "إعادة ولادة" للتنظيم؟
تنوع ولاء العشائر العربية شمال شرقي سوريا: مع دمشق أو أنقرة أو "الوحدات" الكردية أو دول عربية. وكان بعض العشائر يغير ولاءه بحسب التغير في ميزان القوة والطرف المسيطر والأقوى شرق الفرات، وانتقل من دعم دمشق إلى دعم "الجيش الحر" إلى "النصرة" إلى "داعش" إلى "الوحدات" الكردية. وشكلت الإدارة الذاتية الكردية مجلساً لوجهاء العشائر. هل سيتغير ولاء بعض العشائر بعد الهجوم التركي؟ كيف سيكون في ضوء تغيير الاستقطاب الإقليمي؟
تعزز نفوذ "حزب الاتحاد الديمقراطي" و"وحدات حماية الشعب"، وهما مقربان من "حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبد الله أوجلان في مقابل تراجع نفوذ باقي الأحزاب وخصوصاً "المجلس الوطني الكردي" المقرب من تركيا. كان هذا واضحاً في البنية التحتية والاجتماعية والاقتصادية. وجرت محاولات بقيادة فرنسية لعقد تفاهمات بين الطرفين الكرديين اصطدمت بخلافات داخلية ورفض إقليمي. كيف ستتغير التوازنات في موجب هجوم تركيا التي تستضيف طرفاً كردياً؟
تضم مناطق شرق الفرات 90% من النفط السوري (كان 380 ألف برميل قبل 2011) ونصف الغاز السوري. سيطرت "قوات سوريا الديمقراطية" على جميعها. حسب المعلومات، تصدر "قوات سوريا الديمقراطية" 50 - 60 ألف برميل يوميا إلى كردستان العراق و25 ألفاً إلى مناطق الحكومة السورية. وترددت معلومات أنها بدأت بتخفيف السيطرة على الآبار أو حرقها. أغلب الظن ستكون ضمن نقاط التفاوض بين اللاعبين بحسب تطورات الوضع العسكري.
تنقل تصور القادة للأكراد لمناطق سيطرتهم خلال السنوات السبع الأخيرة، من الحديث عن "روج افا" (غرب كردستان) إلى "فيدرالية الشمال" وصولاً إلى "الإدارة الذاتية ضمن وحدة سوريا". وشكلت إدارات وكيانات تحاول الدمج والتوازن بين المكونات العربية والكردية والأشورية مع التركيز على المكونات من دون بعد انفصالي في الخطاب. وتلقت دعماً من الدول الحليفة للإعمار والاستقرار. هل ستبقى المؤسسات والمجالس صامدة أمام الهجوم التركي؟ ما مصير التمويل؟
في بداية 2011 سعت دمشق إلى تحييد الأكراد شرق البلاد. وفّر هذا أرضية لزيادة نفوذ "الاتحاد الديمقراطي" و"الوحدات"، لكن النفوذ زاد على قدرات وتوقعات دمشق بعد دخول التحالف الدولي ضد "داعش". بقيت الخطوط مفتوحة بين قياديين أكراد ودمشق إلى أن طلبت واشنطن من "قوات سوريا الديمقراطية" وقف الحوار أو التفاوض. تعرض روسيا حالياً وساطة بين دمشق والأكراد، ونقطة الخلاف هي: دمشق تعرض إدارة محلية ولامركزية، في حين يريد الأكراد "إدارة ذاتية". أغلب الظن أن دمشق وموسكو ستقولان للأكراد: "ألم نقل لكم إن الأمريكيين سيتخلون عنكم؟!". نائب وزير الخارجية فيصل المقداد رفض الحوار واتهم الاكراد بـ "الخيانة".
وقّعت دمشق وأنقرة هذا الاتفاق في أكتوبر 1998، ويسمح للجيش التركي "ملاحقة الإرهابيين" والمقصود "حزب العمال الكردستاني" بعمق خمسة كيلومترات شمال سوريا. اللافت، أن رسالة خطية بعثتها تركيا إلى مجلس الأمن، قالت إن الهجوم الجديد جاء بموجب "اتفاق اضنة مع الجمهورية العربية السورية". هل ستعرض روسيا تطوير اتفاق أضنة عبر التفاوض والتطبيع بين دمشق وأنقرة بحيث يكون عمق التوغل التركي أكثر من خمسة كيلومترات وأقل من 32 كلم، شرط أن يكون شاملاً شريط الحدود السورية – التركية؛ ما يعني دخول قوات الحكومة إلى إدلب والشمال؟ كان إردوغان أشار إلى رغبته في "منطقة آمنة" بامتداد نحو 900 كلم من ريف اللاذقية غرباً إلى نهر دجلة شرقا وعمق 32 كلم.
ربط محللون دائماً بين تطورات شمال شرقي سوريا وشمال غربها. تركيا كانت توازن بين مسار آستانة مع روسيا ومفاوضات المنطقة الآمنة مع أمريكا. روسيا كانت تضغط على تركيا في إدلب للتنازل شرق الفرات. كيف سينعكس التوغل التركي شرق الفرات على مستقبل اتفاق خفض التصعيد في إدلب. موسكو كانت أعطت مهلة إضافية لأنقرة للتوصل إلى حل لعقد إدلب. هل تستمر المهلة، أم أن دمشق ستستغل الوضع للتقدم شمال خان شيخون إلى حين تدخل الوسيط الروسي لعقد تفاهمات تشمل شمال شرقي سوريا وشمالها الغربي؟
توصلت واشنطن وأنقرة إلى "خريطة عمل: حول منبج غرب نهر الفرات وشمال حلب، تتضمن إخراج (الوحدات) الكردية وتسيير دوريات مشتركة، لكن بقي الخلاف حول وجود (الوحدات) والمجلس المدني. وتنتشر في ريف منبج دوريات روسية وأخرى تابعة للحكومة السورية قرب ميليشيات إيرانية، إضافة إلى قاعدة فرنسية ضمن التحالف. ما مصيرخطوط التماس؟
في النصف الثاني من التسعينات وبعد فرض أمريكا منطقة حظر جوي شمال العراق؛ ما أدى إلى ازدهار كردستان العراق، شكلت تركيا وسوريا وإيران منصة للتعاون الثلاثي لمنع تطور الكيان الكردي باعتبار أن هذه نقطة عمل مشتركة رغم خلافات إزاء أمور أخرى. هل يتكرر هذا الآن بمعنى أو آخر؟ بعيداً من التصريحات العلنية، هل يجمع الرفض السوري - الإيراني - التركي للكيان الكردي السوري الذي تعتبره الدول الثلاث "تهديداً لأمنها القومي"؟
أوقفت واشنطن بداية العام مسيرة التطبيع العربي الثنائي عبر فتح السفارات والجماعي عبر الجامعة العربية. لكن حجم الإدانة العربية لـ"العدوان" و"العزو" التركي على "سيادة سوريا ووحدتها" كان لافتاً. روسيا كانت أرادت استخدام تشكيل اللجنة الدستورية لدفع "التطبيع العربي" وإعادة سوريا إلى الجامعة العربية. هل يكون الاجتماع الوزاري العربي السبت مقدمة لإعادة عضوية سوريا إلى الجامعة قبل الجولة المقبلة للرئيس فلاديمير بوتين إلى المنطقة وبعد زيارة وزير الخارجية سيرجي لافروف في المنطقة، خصوصاً بعد بيانات الإدانة والاتصالات الهاتفية بين القادة العرب؟
المزاج كان إيجابياً قبل أيام بعد نجاح المبعوث الأممي بتشكيل اللجنة الدستورية وبدء تحضيرات عقد الاجتماع الأول في جنيف في 30 الشهر الماضي. وهو يزور دمشق بعد مشاركته في الاجتماع الوزاري الأوروبي الاثنين المقبل. هل ستوافق دمشق على المشاركة في العملية السياسية وسط الهجوم التركي؟ هل يطالب وزير الخارجية وليد المعلم بيدرسون بإصدار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش موقفاً متشدداً من الهجوم؟ هل ستبقى تركيا (هي إحدى الدول "الضامنة" لمسار آستانة مع إيران وروسيا) مهتمة بالمسار السياسي حالياً؟ أمريكا التي لم تضغط على الأمم المتحدة لتمثيل حلفائها في "قوات سوريا الديمقراطية" في اللجنة الدستورية، كيف ستنظر إلى اجتماع اللجنة الدستورية؟
في مايو 2018، توصلت أمريكا وروسيا إلى تفاهم عسكري لمنع الاحتكاك بين طائرات التحالف الدولي بقيادة واشنطن من جهة، والطيران الروسي من جهة ثانية. وجرى تحديد نهر الفرات خط تماس بين الطرفين. حاول حلفاء دمشق مرات عدة اختبار واشنطن التي ردت بقصف تنظيمات تابعة لإيران حاولت الاقتراب من التنف، وعناصر روس تابعين لـ"فاجنر"، حاولوا التوغل شرق الفرات، وأسقطت طائرة سورية. كما أن إسرائيل قصفت مواقع تابعة لإيران في ريف دير الزور.
الطيران التركي يقصف حالياً بعمق الأراضي السورية، ما يعني سماح الجانب الأمريكي بذلك، الأمر الذي سيضع مصير مذكرة "منع الاحتكاك" والترتيبات العسكرية الإقليمية والدولية، على مائدة التفاوض مع استمرار العملية العسكرية.
لطالما مثّل الأكراد شوكة في حلق نظام الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي استغل ملفهم، ليقدم نفسه أمام الأتراك، حاملا لراية الدفاع عن القومية التركية. وتضم تركيا وسوريا والعراق وإيران أعدادا كبيرة من الأكراد الذين يطالبون بدرجات مختلفة من الحكم الذاتي، حيث تغذّت النزعة القومية الكردية في تسعينيات القرن التاسع عشر، خلال الأيام الأخيرة للسلطنة العثمانية. ووعدت معاهدة "سيفر" الموقعة سنة 1920، الأكراد بالاستقلال، إلا أن مصطفى كمال أتاتورك مزّق هذه الاتفاقية بعد 3 سنوات، لتقسم معاهدة "لوزان" في عام 1923، الأكراد على الدول الجديدة في الشرق الأوسط.
أنقرة رسخت على مدى عقود فكرة "العداء للأكراد"، وذلك من خلال عدد كبير من الادعاءات التي ساهمت في خلق فجوة بينهم ومحيطهم، على أمل الحيلولة دون بلوغهم لحلمهم ببناء دولتهم القومية. وردا على تلك الإجراءات، حمل حزب العمال الكردستاني السلاح ضد الدولة عام 1984، ساعيا وراء تحقيق الحكم الذاتي في الجنوب الشرقي من البلاد، الأمر الذي جعل تركيا تصنف الحزب كمنظمة إرهابية، وتطلق عدة عمليات عسكرية شهدت فيها انتهاكات لسيادة العراق خلال فترة الحصار، التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية العراقية بعد عام 1991. وخلال فترة حكم أردوغان للجمهورية التركية تضاعفت الأزمة الكردية بشكل كبير، رغم نجاح تركيا في القبض على عبد الله أوجلان، الذي قاد العمليات العسكرية التركية، في عام 1999، وسجنه بتهمة الخيانة العظمى، حيث ظلت المناوشات مستمرة بين الطرفين.
سنة 2013 أعلن أوجلان وقف إطلاق النار واعتبر الحدث تاريخيا، إلا أن تركيا شنت غارات في 2015 على مناطق الأكراد في سوريا ما أسقط الهدنة وفتح الباب لتدخل تركي في الأراضي السورية بحجة ملاحقة الأكراد، رغم أن تقارير كثيرة أكدت غض أنقرة نظرها بعد اندلاع الأزمة السورية سنة 2011، عن دخول أعداد كبيرة من المتطرفين عبر حدودها إلى الداخل السوري. ومع إعلان تنظيم "داعش" الإرهابي قيام دولته المزعومة سنة 2014 على أجزاء من أراضي العراق وسوريا، تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية عبر تحالف دولي لمواجهة الإرهاب، وقد وجدت أنقرة في هذه الظروف فرصة لإطلاق عملية عسكرية حملت اسم درع الفرات في أغسطس 2016، حيث فرض الجيش التركي سيطرته على المناطق الواقعة غرب الفرات.
جاءت العملية التركية الثانية في يناير 2018 تحت مسمى "غصن الزيتون"، وبدعم من فصائل سورية مسلحة موالية لأنقرة، رفعت شعار "إرساء الأمن والاستقرار على حدود تركيا، والقضاء على إرهابيي حزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب الكردية وداعش"، وأسفرت عن سيطرة الفصائل المسلحة على منطقة عفرين. وفي أحدث فصول النزاع "التركي- الكردي"، أطلقت تركيا عملية "نبع السلام" في 9 أكتوبر، حيث استهدفت مواقع تابعة لقوات سوريا الديمقراطية التي لعبت دورا محوريا في محاربة تنظيم "داعش"، متذرعة ببناء منطقة آمنة على طول الحدود التركية السورية، وإنهاء الخطر الكردي على الحدود، وإعادة اللاجئين السوريين لبلادهم.
تعليقا على التطورات الجارية في الشمال السوري، وحقيقة الأهداف التي أوردها أردوغان لحملته العسكرية وجيشة الذى سماة "الجيش المحمدى"، قال ممثل الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، شيفان خابوري، إن ذلك يمثل تطورا خطيرا ستكون له تداعيات سلبية على الشرق الأوسط ككل والاتحاد الأوروبي في حال لم تتضافر الجهود لوقف العدوان غير المبرر من جانب جيش الاحتلال التركي. ولفت خابوري إلى أن الهجوم التركي قد تسبب بنزوح للمدنيين من مختلف مكونات المجتمع السوري وليس الأكراد وحدهم، كما أن ضحايا العدوان التركي كانوا أيضا من طوائف متنوعة، الأمر الذي يكشف زيف ادعاءات أردوغان باستهداف الأكراد وحدهم. واستنكر المسؤول الكردي صمت المجتمع الدولي بشأن ما يجري في شمال سوريا، ونسيان الدور الذي لعبه المقاتلون الأكراد في قتال "داعش"، والحيلولة دون توسعه.
أخير، وبفضل امتلاك الأكراد لهوية وثقافة أصيلة تعزز من وجودهم، نرى أنهم قادرون على دعم مطالبهم لتحقيق نزعاتهم بوجودهم السياسي، حتى وإن تمكن أردوغان من إضعافهم سياسيا في العراق، وتوجيه ضربات عسكرية لهم في سوريا، والتحالف مع النظام في إيران، فإن دوافع تحقيق حلمهم حاضرة وقادرة على تجسيدها متى توفرت الظروف المواتية لبعثها من جديد.