الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:57 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: «الحريرى» فى مصيدة النساء


قصة 16 مليون دولار بين رئيس وزراء لبنان وعارضة الأزياء السمراء
«نيويورك تايمز» : كانديس حصلت على المبلغ
«الحريرى»: لم يحدث .. وهذه محاولة لتشويه سمعتى !
اتهام وزير الداخلية اللبنانى السابق بتسريب الوثائق لـ«نيويورك تايمز»
وثائق قضائية : العارضة السمراء قضت 4 أيام فى منتجع الرؤساء والأثرياء بجزيرة سيشل
ـ فى عام 2013 حصلت على سيارة Audi R8 Spyder وهواتف محمولة جديدة، بالإضافة إلى سيارة Land Rover Evoque كهدايا
توترات أخرى ضربت صاحبها وجدل محتدم بسبب تقرير نشرته جريدة «نيويورك تايمز» كشفت فيه أن رئيس الوزراء سعد الحريرى منح عارضة ملابس السباحة كانديس فان دير ميروين (من جنوب إفريقيا) فى 2013 حوالى 16 مليون دولار. وهى الادعاءات التى رد عليه الحريري، الثلاثاء الماضي، بشكل غير مباشر، ورآها حملة تشويه: «مهما شنوا من حملات ضدى ومهما قالوا أو كتبوا أو فعلوا سأستمر فى العمل ولن أتوقف».
الجريدة الأمريكية زعمت أن «الحريرى حول أول مبلغ إلى عارضة الأزياء كانديس فان دير ميروى (20 عاماً فى تلك الفترة) فى مايو 2013، موضحة أن «فان دير ميروى كانت تشارك فى جولات التصوير للإعلانات التجارية لمشروبات الطاقة وملابس للسباحة، ولم تتجاوز مداخيلها السنوية 5400 دولار. ولكن فى مايو حصلت الفتاة على مبلغ 15 مليونا و299 ألفا و965 دولارا، تم تحويله عبر مصرف لبناني. وقالت الفتاة إن هذا المال كان هدية، ولم يخضع للضرائب حسب قوانين جنوب إفريقيا». وتحدثت خلال المرافعات القضائية فى وقت لاحق أن سعد الحريرى حول هذا المبلغ بدون أى شروط من جانبه، بحسب الجريدة، مشيرة إلى أن «الرسالة التى بعثتها فان دير ميروى إلى الحريرى عبر البريد الالكتروني، والتى تضمنت تفاصيل حسابها المصرفى اللازمة لتحويل الأموال، أرفقت بعبارة «أحبك يا سعد».
الجريدة ذكرت أيضاً أن «وثائق قضائية أشارت إلى توظيف فان دير ميروى لدى منتجع The Plantaion Club فى جزر سيشل، الذى يزوره الكثير من أثرياء العالم والذى يحضر إليه دائما العديد من الحسناوات لتهيئة الأجواء المغرية أثناء الحفلات الفاخرة،ويأخذ منظمو الحفلات منهن جوازات السفر ويمنعونهن من التصوير خلال فترات الحفلات». وقالت فان دير ميروي، وفق الجريدة، إنها أمضت 4 أيام فى المنتجع فى عام 2012، ثم قامت بمزيد من الرحلات إليه، وعقب إحدى الرحلات فى مارس 2013، حصلت الفتاة على سيارة Audi R8 Spyder وهواتف محمولة جديدة، بالإضافة إلى سيارة Land Rover Evoque كهدايا.
قيمة السيارتين تجاوزت الـ250 ألف دولار، كما تقول «نيويورك تايمز»، وعندما سأل مفتشون حكوميون عن مصدر الـ 15 مليون دولار، قال ممثل المصرف إن «محول المبلغ والمستفيد منه لهما علاقة عاطفية وهما موجودان معا فى السيشل». كما اشترت الفتاة منزلا جديدا بقيمة أكثر من 10 ملايين دولار فى جنوب إفريقيا، وقدمت 2.7 مليون دولار لشركة عقارات كانت لدى والدها تعاملات معها، وأبقت على 537 ألف دولار فى حسابها. وعليه، فتحت السلطات فى جنوب إفريقيا تحقيقا معها للشبهات بشأن طبيعة التحويلات المالية. وحول الحريرى مليون دولار آخر إلى الفتاة لتغطية النفقات القضائية، حسب وثائق القضاء. فيما رفعت فان دير ميروى دعوى مضادة ضد سلطات جنوب إفريقيا.
البعض اتهم النائب نهاد المشنوق بأنه يقف خلف ما نشرته «نيويورك تايمز»، وعليهم رد المشنوق فى مقال نشرته جريدة «الأخبار»: «الحقيقة التى يعرفها كل الناس، أننى لم ألجأ يوماً لتوظيف الحياة الشخصية فى الصراع السياسى مع أحد، لا حين كنت وزيراً للداخلية، يتسنى لى بحكم موقعى الاطلاع على ما أريد وما لا أريد أن أعرف، ولا قبلها كمستشار للرئيس رفيق الحريري، ولا فى موقعى كصحافى مفتوحة أمامه أكثر المنابر تأثيراً وإقناعاً ومصداقية. ومن لديه وقائع خلاف ذلك فليضعها فى تصرف الرأى العام. وإذ لم أتصرف على هذا النحو مع خصوم وأنصاف أعداء، فحريّ بى أن لا أفعلها مع الرئيس الحريرى الذى عرفته منذ 30 عاماً، على الرغم من الخلاف السياسى المعلن لأسباب تتصل بقراءتى السياسية، منذ أكثر من سنتين، للدور والأداء والموقع الوطنى لرئاسة الحكومة، والاختلالات العميقة التى باتت تصيب نظام الشراكة السياسية فى البلاد».
وأضاف: «مع ذلك، أتفهّم حاجة البعض لمداراة الفضائح، عبر تشتيت الانتباه ونقل النقاش من موضوع إلى آخر، وإحلال كذبة وقوفى خلف المقال، مكان الانشغال بالمقال نفسه ومضمونه ومعانيه، التى تتجاوز القصة المحددة فى المقال، إلى البحث فى دلالاته وأبعاده.. كنت أود أن يعفينى الرئيس الحريرى من مشقّة هذا البيان، لو أنه أوقف سفاهات بعض الرؤوس الحامية والأخرى الفارغة إلا من الحقد والإسفاف، لوقف حملة قديمة جديدة، يعاد نفض الغبار عنها لمهاجمتى بالأكاذيب والاختراعات نفسها».
وتابع: «بمناسبة الحديث عن الرؤوس، نعم يا دولة الرئيس، أنا فخور أن أكون «أبو راس»، سيظل دائماً مرفوعاً بلا تكبر، حاراً بالهم الوطنى لا حامياً بهواجس الطعن والتآمر، مفكراً بالوقائع والحيثيات لا مشغولاً بانفعالات تستند إلى أوهام. أخيراً، يعرف الرئيس الحريرى وغيره أنّ من يسعى للترشّح إلى رئاسة الحكومة عليه أن يستحوذ أوّلاً على موافقته، ومن يعارضه سياسياً لا يكون طالباً للموافقة ولا مرشّحاً للمنصب».
الكشف عن هذه العلاقة وعن المبلغ الكبير الذى قالت نيويورك تايمز إن الحريرى دفعه لعارضة الأزياء الجنوب افريقية، رآه كثيرون رسالة لوم أمريكية لرئيس الوزراء اللبنانى بسبب تقاربه مع التيار الوطنى الحرّ حزب الرئيس ميشال عون ومع حزب الله الذى تصنفه واشنطن تنظيما إرهابيا. غير أن ما توفر من معلومات يفيد بأن «حزب الله بات اليوم أكثر تمسكا بالحريرى رئيسا لحكومة لبنان كما أن رئيس الجمهورية أصبح أكثر تمسكا بالتسوية الرئاسية التى أوصلت الحريرى إلى رئاسة الحكومة وعون إلى رئاسة الجمهورية، وأنه لم يعد أمام الحريرى إلا التمسك برئيس الجمهورية وحزب الله ليشكلا طرفا قويا بمواجهة المحاولات الأمريكية لزعزعة استقرار لبنان».
الولايات المتحدة كانت قد فرضت عقوبات على حزب الله، ما أربك بنوك لبنانية تتعامل مع الحزب الذى أصبح شريكا فى الحكومة بعد فوزه وحلفائه بالأغلبية البرلمانية فى انتخابات مايو الماضي. وليس واضحا ما إذا كان الحريرى قطع خطوات فى التقارب مع حزب الله وتيار عون، إلا أن هذا الاحتمال وارد فى ظل الضغوط الذى يتعرض لها رئيس الوزراء اللبنانى الساعى لتمتين الجبهة الداخلية فى مواجهة احتجاجات طالبت باستقالته على خلفية تأزم الوضع الاقتصادي.
هناك احتمال آخر يشير إلى أن التيار الوطنى الحرّ هو من سعى للانفتاح على التيار السياسى الذى يقوده الحريرى وقوى سياسية أخرى ضمن حسابات سياسية مستقبلية ما يفسّر مساعى وزير الخارجية جبران باسيل للتطبيع مع الخصوم والظهور بمظهر الشخصية المحاورة فى خطوة تأتى على الأرجح تمهيدا للطريق لقصر بعبدا.
الحريرى يخوض معارك على أكثر من جبهة محلية ودولية لإنقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي، فى الوقت الذى فرضت فيه موازنة 2020 إجراءات تقشف قاسية أثارت غضبا فى الشارع اللبناني. كما أن الجهات المانحة تطالب الحكومة اللبنانية بتسريع وتيرة الإصلاحات التى أعلنتها كشرط للإفراج عن حزمة قروض ومنح بمليارات الدولارات.
الشهر الماضي، أغلقت محطات الوقود أبوابها فى إضراب ليوم واحد لأن مشغليها يقولون إنه ليس باستطاعتهم تدبير دولارات بسعر الصرف الرسمى ويضطرون لدفع سعر أكبر فى السوق الموازية. وشكا مشغلو المطاحن من المشكلة ذاتها. وأشار ظهور السوق الموازية للدولار إلى المشاكل الاقتصادية الأوسع نطاقا التى يعانى منها لبنان المثقل بعبء ديون حكومية والذى يكابد منذ سنوات جراء تدنى النمو الاقتصادى والتباطؤ فى تدفقات رؤوس الأموال من الخارج. والليرة اللبنانية مربوطة عند مستواها الحالى منذ أكثر من عشرين عاما.
فى هذا السياق جاءت إثارة جريدة نيويورك تايمز لموضوع منح الحريرى 16 مليون دولار لعارضة الأزياء الجنوب افريقية، التى تزامنت أيضا مع تزايد الضغوط على الرجل الذى يواجه مطالب من موظفى سعودى أوجيه التى أشهرت إفلاسها، بتسديد مستحقاتهم. وما جعل موقف الحريرى أكثر سوءا هو أنه كان قد أعلن فى 19 سبتمبر الماضي، تعليق العمل فى تلفزيون المستقبل، الذى أسسه والده الراحل رفيق الحريرى منذ 26 سنة، للأسباب المادية ذاتها التى أدت إلى إغلاق جريدة المستقبل. وأصدر الحريري، بيانا قال فيه إن «شاشة تلفزيون المستقبل لن تنطفئ والمحطة لا تتخذ قرارا بوقف العمل لتصبح جزءا من الماضي، بل هى تعلن نهاية مرحلة من مسيرتها لتتمكن من معالجة الأعباء المادية المتراكمة. وتستعد لمرحلة جديدة تتطلع فيها إلى العودة فى غضون الأشهر المقبلة، بوجه يشرق على لبنان والعرب بحلة إعلامية وإخبارية تتلاءم مع الإمكانات المتاحة وتحاكى اللبنانيين واللبنانيات باهتماماتهم الوطنية والاقتصادية والاجتماعية والإنمائية».