ياسر بركات يكتب عن: 5 أكتوبر.. موعدنا مع إثيوبيا..إما السد.. وإما الحرب
إلى الجهاد الأكبر
مصر توجه الرسالة الأقوى أمام العالم
احتملنا سنوات التفاوض بحثاً عن عدالة فى منسوب المياه.. لكن الصبر نفد
ـ الرئيس يحذر من تداعيات الأزمة ويستشهد بما حدث فى العراق بعد عام 1990
ـ لماذا تراجع آبى أحمد عن الرسالة التى بعثها للقاهرة؟
ـ الشعوب لن تصمت إذا اقترب شخص من حقها فى المياه.. وقد سلكنا كل طرق التفاوض
ـ اجتماع الخرطوم فى 30 سبتمبر آخر فرصة لطاولة المفاوضات
ـ لقاء أكتوبر بين وزراء المياه فى مصر وإثيوبيا والسودان يحدد خيارات مصر الأخيرة فى التعامل مع الأزمة
جددت مصر الحديث عن عدم ارتياحها لطول أمد المفاوضات فى ملف "سد النهضة" الإثيوبى. وأكدت الخارجية المصرية يوم الجمعة "ضرورة التوصل لحل عادل فى ملف السد". جاء ذلك بعد ساعات من دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى، للمجتمع الدولى للقيام بـ"دور بناء فى حث جميع الأطراف على التحلى بالمرونة"، مشدداً على أنه لن يتم تشغيل السد "بفرض الأمر الواقع".
"إن استمرار التعثر فى المفاوضات حول سد النهضة سيكون له انعكاساته السلبية على الاستقرار وكذا على التنمية فى المنطقة عامة وفى مصر خاصة... إن مياه النيل بالنسبة لمصر هى مسألة حياة وقضية وجود".
هذا ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال الاجتماع رفيع المستوى للدورة 74 للجمعية العامة، إن مصر حرصت على رفعة شعوب حوض النيل الشقيقة. وأضاف الرئيس: "أعربت مصر عن تفهمها لشروع إثيوبيا فى بناء سد النهضة، رغم عدم إجرائها لدراسات وافية، لهذا المشروع الضخم، بما يراعى عدم الإضرار بالمصالح المائية لدول المصب، ومنها مصر، بل بادرت مصر، بطرح إبرام اتفاق إعلان المبادئ حول سد النهضة مفاوضات امتدت لأربع سنوات، للتوصل لاتفاق يحكم عمليتى ملء وتشغيل سد النهضة".
وتابع: "مع الأسف، لم تفض هذه المفاوضات إلى نتائجها المرجوة، وعلى الرغم من ذلك، فإن مصر مازالت تأمل فى التوصل لاتفاق يحقق المصالح المشتركة، لشعوب نهر النيل الأزرق فى إثيوبيا والسودان ومصر. إن استمرار التعثر فى المفاوضات حول سد النهضة، سيكون له انعكاساته السلبية على الاستقرار، وكذا على التنمية فى المنطقة عامة، وفى مصر خاصة". واختتم حديثه عن سد النهضة، قائلاً: "مع إقرارنا بحق إثيوبيا فى التنمية، فإن مياه النيل بالنسبة لمصر، مسألة حياة، وقضية وجود، وهو ما يضع مسئولية كبرى على المجتمع الدولى، للاضطلاع بدور بناء، فى حث جميع الأطراف على التحلى بالمرونة، سعيا للتوصل لاتفاق مرض للجميع".
الرئيس عبد الفتاح السيسى أكد أيضا أن أى دولة لا يمكن أن تتعرض لمخاطر مثل المخاطر المرتبطة بنقص المياه، إلا إذا كانت فى حالة ضعف، مدللاً على ذلك بما حدث للعراق الذى كان يصله نحو 100 مليار متر مكعب من المياه عام 90، بينما لا يصله حالياً أكثر من 30 مليار متر مكعب سنويا. وأوضح الرئيس السيسى ، خلال حواره مع الشخصيات الأمريكية المؤثرة داخل المجتمع الأمريكى، أن أحد التحديات التى واجهت الدولة نتيجة أحداث 2011 هو إقامة مشروع سد النهضة ليؤثر على مصر وأبنائها، وكان من المفترض أن يتم إقامة مفاوضات مع الجانب الإثيوبى لو كانت الدولة المصرية متواجدة فى هذا التوقيت، مضيفاً: "عندما ضعفت الدولة المصرية كان هناك ثمن دفعه المصريون وستدفعه الأجيال القادمة".
"إحنا مش ضد التنمية، إحنا عايزين كلنا نعيش وكلنا ننمو، وكل بلد لديها تحديات، ونحن لسنا ضد إقامة السدود، لكن ليس على حساب مصر والإضرار بها". ثم شدد الرئيس على أنه "لن يتم تشغيل السد بفرض الأمر الواقع، لأننا ليس لدينا مصدر آخر للمياه سوى نهر النيل"، مشيراً إلى أن 95% من مساحة مصر صحراء، وأن أى إضرار بالمياه سيكون له تأثير مدمر على المصريين، مشدداً: "نحن مسئولون عن أمن مواطنينا". وأكد الرئيس أن مصر دائماً تتبنى سياسة تتسم بالحوار، وبدأنا نصعد دبلوماسياً، لكى ننقل المشكلة من مستوى ثنائى وثلاثى حتى نصل إلى مجال طرح أكبر. وقال الرئيس إنه لا بد من الوصول إلى اتفاق تصر عليه مصر، حتى نتحكم فى الضرر الذى يمكن أن نتحمله ببناء هذا السد. وأشار الرئيس إلى أن مصر فى مستوى الفقر المائى، وسيتزايد نتيجة تزايد عدد السكان فى مصر، وثبات حصتنا من مياه النيل.
تجرى مصر وإثيوبيا والسودان، مفاوضات منذ نحو 8 سنوات، من دون التوصل إلى نتيجة، وتخشى القاهرة أن يؤدى السد للإضرار بحصتها من مياه النيل، التى تقدر بـ(55.5 مليار متر مكعب)، وتعتمد عليها بنسبة أكثر من 90 فى المائة فى الشرب والزراعة والصناعة، وقد تمكنت الدول الثلاث فى سبتمبر 2016 من التوصل إلى اتفاق مع مكتبين فرنسيين لإجراء الدراسات الفنية اللازمة لتحديد الآثار الاجتماعية والبيئية والاقتصادية المترتبة على بناء السد الإثيوبي. غير أنه لم يتم التوصل إلى نتائج نهائية محل توافق بين الأطراف كافة حتى الآن، ولا تزال المفاوضات قائمة.
تبنى أديس أبابا السد، الذى تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، منذ عام 2011؛ بهدف أن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة فى أفريقيا من خلال توليد أكثر من 6000 ميجاواط، ووفقاً للمخطط سيتم الانتهاء من المشروع عام 2023. وقالت الخارجية المصرية إن "سامح شكرى وزير الخارجية، أكد خلال لقاء ثنائى مع ستيف بلوك وزير الخارجية الهولندى، على هامش أعمال الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، "عدم ارتياح الجانب المصرى لطول أمد المفاوضات"، مؤكداً "أهمية التوصل إلى حل عادل يحفظ مصالح جميع الأطراف ويحد من حجم الأضرار".
سبقت تصريحات شكرى، لقاءات لنائب وزير الخارجية المصرى للشئون الأفريقية، حمدى سند لوزا، مع سفراء الدول العربية والأفريقية المعتمدين فى القاهرة، لإحاطتهم بمستجدات مفاوضات قواعد ملء وتشغيل السد. وذكر بيان للخارجية المصرية أن الاجتماعات التى تمت على مدار يومى 23 و25 سبتمبر الحالى، أكدت فيها مصر أن "جولة المفاوضات الأخيرة التى عُقدت بالقاهرة يومى 15 و16 سبتمبر على مستوى وزراء المياه بالدول الثلاث، لم تحرز أى تقدم، ولم تشهد أى نقاشات فنية، بسبب رفض إثيوبيا النظر فى الرؤية المصرية لقواعد ملء وتشغيل (سد النهضة)، وإصرارها على قصر النقاش على الورقة التى كانت إثيوبيا قد تقدمت بها فى 25 سبتمبر 2018.
فى يوليو الماضى، سعت إثيوبيا إلى طمأنة مصر بالتأكيد على عزمها استئناف المفاوضات الثلاثية حول السد، وبعث رئيس وزراء إثيوبيا آبى أحمد، رسالة للرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى، نقلها وزير الخارجية الإثيوبى، أكد فيها (أحمد) "اهتمام بلاده وعزمها على استئناف مسار المفاوضات لتنفيذ ما تضمنه إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث عام 2015، بهدف التوصل إلى اتفاق ثلاثى حول قواعد ملء وتشغيل السد، وعلى نحو يراعى بشكل متساوٍ مصالح الدول الثلاث".
القاهرة تستهدف التوصل لاتفاق عادل ودائم بشأن السد الإثيوبى فى إطار من التعاون والمصلحة المشتركة. والرهان الآن على اجتماع الخرطوم الذى ينعقد خلال الفترة من 30 سبتمبر الحالى إلى 3 أكتوبر المقبل، للمجموعة العلمية المستقلة المشكلة من خبراء من الدول الثلاث، الذى سيتم فيه مناقشة المقترح المصرى الخاص بملء وتشغيل السد، ويعقبه اجتماع لوزراء مياه الدول الثلاث فى 4 و5 أكتوبر.