ياسر بركات يكتب عن: ليالى الجنس على طائرة خاصة
مذكرات جيفرى إبستين تفضح ملوك ورؤساء المتعة فى العالم
الأمير أندرو طلب فتاة فى السابعة عشرة من عمرها
.. وإيهود باراك متورط فى تمويل شبكة للقاصرات
وقائع تورط هيلارى كلينتون فى مقتل تاجر الجنس
بعد ساعات فقط من العثور على تاجر الجنس الأمريكي، جيفرى إبستين، ميتا فى زنزانته بأحد مراكز الاحتجاز فى نيويورك، ظهر العديد من التصورات حول موته، أبرزها تورط شخصيات من الوزن الثقيل فى اغتياله، بينهم الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري، وزير الخارجية والمرشحة الرئاسية.
إبستين، الذى كان فى السادسة والستين من عمره، كانت تربطه صداقات قوية بعدد كبير من السياسيين ورجال الأعمال المشهورين أبرزهم الرئيس الأمريكى الحالى دونالد ترامب، والرئيس السابق بيل كلينتون، والأمير أندرو، نجل ملكة بريطانيا. وبعض هؤلاء تورطوا بدرجة أو بأخرى فى الاتهامات الموجهة إليه سواء بالاتجار فى الجنس أو إدارة "شبكة واسعة" من الفتيات القاصرات من أجل الجنس.
جو سكاربورا، المذيع فى محطة (إم إس إن بى سي) كتب على تويتر: "قال عمدة نيويورك بيل دى بلاسيو إنه من "المريح للغاية" ألا يستطيع إبستين تجريم الآخرين". وأضاف: "الذى يريد الكثيرون منا معرفته هو: ماذا كان يعرف"؟، بحسب ما قاله للصحفيين، متسائلا: "كم ميلونيرا وبليونيرا آخر، شاركوا فى الأنشطة غير القانونية التى انخرط فيها"؟!. وكتب رودى جولياني، محامى الرئيس ترامب الشخصي، أيضا على تويتر يقول: "ما الذى تعنيه كلمة مراقبة فى "تحت المراقبة"؟ من كان يراقبه؟" وأضاف: "لم يكن من المعقول أن يتمكن إبستين من إنهاء حياته فى ظل تلك الظروف".
أسئلة مثل هذه، غذت التكهنات حول الكيفية التى استطاع بها رجل عثر عليه قبل أسابيع قليلة شبه فاقد للوعي، ومصابا بجروح فى رقبته، أن ينهى حياته. وقالت تقارير أولية إن إبستين وضع تحت المراقبة خشية انتحاره بعد تلك الحادثة فى يوليو، ما دفع الكثير من الناس إلى التساؤل عن الطريقة التى مات بها وهو تحت المراقبة. خاصة بعد أن ساهم ترامب بنفسه فى إشعال النار بمشاركته شارك تغريدة تيرانس وليامز، تدعى أن إبستين "لديه معلومات بشأن بيل كلينتون، وهو الآن قد مات!". وهى تغريدة نالت مشاركات بلغت 55000 مرة.
البعض، بالفعل، يوجه أصابع الاتهام إلى هيلارى وبيل كلينتون وإلى التأكيد على أن لهما صلة بمقتل إبستين. مستندين إلى ضلوع كلينتون وزوجته، فى التسعينيات، بقتل أعدائهما سرا. لكن المتحدث باسم كلينتون: "لا يعرف كلينتون أى شيء عن جرائم جيفرى إبستين الفظيعة، التى أقر بارتكابها فى فلوريدا قبل أعوام، أو تلك التى اتهم بها فى الفترة الماضية فى نيويورك".
سنة 2011 أكد إيبستين لجريدة "نيويورك بوست" التى كانت تُعِدّ تحقيقاً عنه أنه ليس "وحشاً مفترساً يبحث عن طرائده لإشباع رغبته الجنسية"، قائلاً: "أنا مجرد مذنب. والفرق بين الأمرين مثل الفرق بين جريمة قتل وسرقة كعكة". وبعد سنين ذهب إيبستين إلى السجن بعد إعادة فتح التحقيق فى القضية التى حوكم على أثرها عام 2008، لكن التهمة الجديدة ليست استغلال قاصر بغرض الدعارة، بل تهريب بشر لأغراض الجنس، وهذه التهمة أبعد ما تكون عن جنحة سرقة كعكة.
لم يكمل إبستين تعليمه الجامعي، لكنه وُصف بأنه موهوب فى الرياضيات، وقد مكَّنته قدراته من الحصول على وظيفة مدرس رياضيات فى مدرسة خاصة بنيويورك، فى أواسط السبعينات من القرن الماضى لمدة عامين. وقد عرض عليه أيس جرينبيرج، والد أحد طلبته، العمل لديه فى مؤسسته المالية "بير ستيرنز" ومنها انطلق إبستين إلى عالم الثروة والغنى اللامحدود. وخلال عمله فى هذه المؤسسة الكبيرة تولى إبستين خدمة كبار رجال الأعمال والمستثمرين وكانت مهمته تقديم المشورة لهم حول مجالات الاستثمار المثالية. ومن بين هؤلاء الأثرياء كان ليزلى فيكسنر صاحب شركة الملابس الداخلية النسائية المشهورة "فيكتوريا سيكريت" الذى أصبح لاحقاً مستشاره المالي.
لم يلبث أن أسس إبستين عام 1982 شركته الخاصة المتخصصة فى مجال إدارة الاستثمارات وبفضل الكاريزما والذكاء الذين تمتع بهما نجح فى جذب كبار الأغنياء حول العالم، ويقال إنه لم يكن يقبل بأقل من مليار دولار كى يستثمرها لأى شخص يرغب فى توظيف ماله لديه. وامتلك إبستين خلال فترة قصيرة أغلى وأكبر عقار فى قلب مانهاتن بنيويورك، وقصوراً فى فلوريدا ونيو مكسيكو وجزيرة خاصة فى الكاريبى وشقة فى شارع فوش الراقى بباريس، وكان المشاهير والنجوم والفنانون وكبار الساسة ضيوفاً شبه دائمين على الموائد العامرة التى كان يقيمها إبستين، ومنهم: بيل كلينتون ودونالد ترامب والممثل كيفن سبيسى والمخرج وودى آلان.
ما فجر قضية إبستين مرة أخرى بعد أن تم التعتيم عليها منذ عشر سنوات، هو إقامة دعوى قضائية، سنة 2015، تم التحفظ على أوراق الدعوى ووثائقها وبقيت سرية بقرار من المحكمة. لكن عدداً من وسائل الإعلام الأمريكية أقامت دعوى أخرى، وكسبتها، طالبت بنشر وثائقها التى تضمنت شهادات عدد كبير من الضحايا وضباط الشرطة الذين حققوا فى القضية ومن بينها شهادات فتاتين، واحدة اتهمت الأمير أندرو بالاعتداء الجنسى عليها وأخرى قالت إنه تحرش بها. وعرضت فرجينيا جويفر التى اتهمت الأمير أندرو بمضاجعتها صورة لها تجمعها بالأمير فى شقته بلندن عندما كانت فى السابعة عشرة من العمر.
حسب ما جاء فى الوثائق، قالت فرجينيا إن إبستين كان يجوب بها العالم فى طائرته الخاصة كى تقدم خدمات جنسية لزبائنه وأصدقائه وإنها خضعت للتدريب على الجنس لمدة تقرب من ستة أشهر على يد إبستين ومديرة أعماله. وجاء فى شهادة الحارس الشخصى السابق لإبستين، الذى كان قد رافق المدعية لبعض الوقت، إن المدعية كانت تخشى أن يحدث لها مكروه لو رفضت ممارسة الجنس مع الأمير الإنجليزي. وقد جرى إخفاء جل شهادة هذا المرافق التى أدلى بها تحت القسم. ووصفت فتاة أخرى ما جرى خلال اللقاء بالأمير أندرو فى فيلا إبستين فى نيويورك عام 2001 وقالت: "اشترت جيزلين دمية للأمير أندرو وقمت بتقديمها له ووقفت وفرجينيا لالتقاط صورة مع الأمير وقد وضع الأمير يده على صدري".
جاء فى شهادت فرجينيا أيضا: "وعدنى إبستين بالكثير من الأشياء وكنت على قناعة تامة بأننى سأواجه مشكلة كبيرة لو فكرت فى تركه. فقد كنت الشاهدة على الكثير من الأشياء المخالفة للقانون والسلوك الشائن لإبستين ولأصدقائه. كنت أعتقد أنه يعرف مسئولين كباراً ومتنفذين جدا. كان بإمكانه أن يخطفنى أو يقتلني. كنت على قناعة تامة بأنه قادر على القيام بذلك لو خرجت عن طوعه. كان يتعمد أن أتأكد من مدى سطوته ونفوذه لدى الجهات العليا. كنت أشعر بالخوف وخاصة عندما كنت مراهقة". وأضافت " كان إبستين يمارس الجنس مع القاصرات يوميا بحضورى وكان كل المحيطين به يعرفون هوسه بالقاصرات".
ولا يمكن أن ننهى تلك الوقفة دون الإشارة إلى أن دفتر عناوين إبستين تضمن قسما خاصا باسم إسرائيل اشتمل على معلومات اتصاله برئيسى الوزراء السابقين إيهود باراك وإيهود أولمرت، بالإضافة إلى أفراد آخرين مع عناوين لأكثر من بريد إلكترونى للحكومة الإسرائيلية. وبحسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية، شارك الرجلان فى 2015 - بعد إدانة إبستين بتهم جنسية بوقت طويل- فى تمويل شركة ريبورتى هوملاند سيكوريتي، وهى شركة أمن ناشئة ترأسها إيهود باراك وأُطلق عليها الآن اسم كاربين. وذكرت هآرتس أيضا أن باراك قد تلقى الملايين من مؤسسة وكسنر، وهى منظمة خيرية لشريك إبستين المعروف ليس وكسنر.