ياسر بركات يكتب عن: ترامب وبوتين.. اللعب بكارت العميل المقتول بالكيماوى
شبح البريكست يغطى سماء لندن
انهيار الاسترلينى
أزمة اقتصادية غير مسبوقة فى تاريخ بريطانيا
بنك إنجلترا يصدم الشعب الإنجليزى ويعلن الكارثة
غريب جدا أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رفضه فرض مزيد من العقوبات على روسيا على خلفية الهجوم الذي استهدف عميل المخابرات الروسي السابق سيرجي سكريبال وابنته يوليا، في بريطانيا العام الماضي؛ بزعم أنه يسعى إلى إقامة صداقة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وإلى تحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو. والغريب في ذلك، هو أن توجهاتة عكس ذلك، تزامنت مع انتخاب "صديقه" بوريس جونسون زعيما لحزب المحافظين ورئيسا للوزراء خلفا لتريزا ماي.
ترامب أصدر، بالفعل أمرا تنفيذيا يجيز فرض جولة ثانية من العقوبات الأمريكية على روسيا، عقابا لها على الهجوم الكيماوي الذي تعرض له العميل المزدوج سكريبال وابنته يوليا في مدينة سولزبري بجنوب غربي إنجلترا. وقالت وكالة أنباء "بلومبيرج"، يوم الجمعة، إن الأمر التنفيذي الذي صدر عن البيت الأبيض في وقت متأخر الخميس، يوجه الحكومة الأمريكية إلى السعي من أجل وقف مصادر التمويل الدولية، وإلى منع البنوك الأمريكية من تقديم قروض لدول تعرضت لعقوبات أمريكية بسبب استخدامها أسلحة كيميائية أو نووية. وروسيا إحدى هذه الدول؛ حيث تواجه جولة أخرى من العقوبات الأمريكية، رغم أن اسمها لم يرد في القائمة.
كانت جريدتا "نيويورك تايمز" و"بوليتيكو" قد ذكرتا في تقريرين في وقت سابق أن ترامب قرر التحرك قدما فيما يتعلق بالجولة الثانية من العقوبات الأمريكية على روسيا. واستشهدت "نيويورك تايمز" بالأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي، في حين استشهدت "بوليتيكو" بمصادر لم تحدد هويتها، بحسب "بلومبيرج". وغرد آندرو وييس، المشرف على الأبحاث الخاصة بروسيا ومنطقة أوراسيا لدى "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي"، على موقع "تويتر" للتوصل الاجتماعي، أن الأمر التنفيذي سيمنع تقديم قروض من البنوك الأمريكية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولية والبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية. ولكنه أشار إلى أن هذا التحرك من شأنه أن يحدث تأثيرا ضئيلا؛ حيث إن روسيا تمتلك احتياطيا نقديا من العملات الأجنبية يصل إلى 500 مليار دولار و"لا ترغب (موسكو) في دق أبواب أسواق المال في الغرب".
وييس عمل في الماضي مسؤولا للأمن القومي في الإدارة الأمريكية للرئيسين بيل كلينتون وجورج بوش الأب. ولم يستجب المتحدثون باسم البيت الأبيض أو وزارتي الخارجية والمالية في الولايات المتحدة لطلبات من "بلومبيرج" في وقت متأخر الخميس للتعليق على النبأ والإجابة عن أسئلة متعلقة بالقضية. وفي سياق متصل ذكر البيت الأبيض يوم الجمعة أن الرئيس ترامب بحث المزيد من التعاون مع بريطانيا في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء بوريس جونسون. وأضاف البيت الأبيض إن الاتصال الهاتفي الذي جرى الخميس بين ترامب وجونسون تطرق إلى موضوعات تتعلق بالتجارة وشبكات اتصالات الجيل الخامس القادمة والأمن. وأعاد الرئيس التأكيد على تقديره القوي للعلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأشار إلى تطلعه للقاء رئيس الوزراء خلال قمة مجموعة السبع في بلدة بياريتز بجنوب غربي فرنسا في وقت لاحق من الشهر الجاري، حسبما جاء في بيان البيت الأبيض.
ترامب كان قد صرح الأسبوع الماضي بأنه يعمل على اتفاق تجارة "مهم للغاية" مع جونسون الذي تولى مقاليد السلطة في لندن في 24 يوليو المنصرم. وقال ترامب إن البلدين تعرضا "لعراقيل في مجال التجارة" جراء علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، مضيفا أنه بالإمكان بذل المزيد في العلاقات التجارية الأمريكية البريطانية بمجرد أن ترحل بريطانيا من التكتل الأوروبي "بريكست". وسيكون بإمكان بريطانيا التفاوض بشأن اتفاقيات تجارة مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعد رحيلها، وقال جونسون إن إبرام اتفاق تجاري فيما بعد بريكست مع الولايات المتحدة يعد أولوية.
فور إعلان بنك إنجلترا، (البنك المركزي البريطاني)، يوم الجمعة، عن خفض توقعاته للنمو الاقتصادي، انهار الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته في أكثر من عامين ونصف لينحدر عند مستوى 1.21 إسترليني مقابل الدولار، ليصل إجمالي خسائره في عام إلى 7.83%، مع توقعات بمزيد من التدهور حال استمرار عدم اليقين حول "بريكست بلا اتفاق". وخفض بنك إنجلترا توقعاته للنمو الاقتصادي لكل من العام الجاري والمقبل إلى مستوى 1.3%، مقابل توقعات سابقة عند 1.5% و1.6% على الترتيب. فيما جاء قرار البنك بتثبيت معدل الفائدة عند نفس مستوياتها البالغة 0.75%.
في الساعة 13:15 تقريبا بتوقيت جرينتش هبط الإسترليني لحظيا تحت 1.2085 دولار، وهو مستوى لم يصل إليه الإسترليني منذ 16 يناير 2017 حين جرى تداوله لحظيا عند مستوى 1.2039 دولار، قبل أن يتعافى قليلا، ليجري تداوله الساعة 14:40 عند مستوى 1.2098 دولار. وتعرض الإسترليني لضغط مزدوج من ارتفاع الدولار من جانب؛ حيث تعافى الدولار مدفوعا بصدمة الأسواق من ضعف فرص خفض مطول للفائدة الأمريكية، ومن التوقعات المتشائمة للبنك المركزي البريطاني من جانب آخر. ووفقا لوكالة "بلومبيرج" خسر الإسترليني نحو 3% من قيمته خلال الأيام الأربعة الأخيرة في شهر يوليو الماضي، وكسرها تحسن هامشي يوم الأربعاء، وذلك وسط مخاوف المستثمرين من خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر بدون اتفاق. وكانت آخر مرة يسجل فيها الإسترليني خسارة على مدار أربعة أيام في أكتوبر من عام 2016، عندما تراجعت العملة بنحو 6% إلى 1.841 دولار.
كانت دراسة صادرة عن "بلومبيرج إيكونوميكس" توقعت الأربعاء أن يتعرض الإسترليني لهبوط حاد في حال خروج المملكة المتحدة من عضوية الاتحاد الأوروبي من دون صفقة. موضحة أنه مع كل زيادة 1% في خطر إتمام البريكست من دون صفقة، فإن الإسترليني المرجح تجارياً من المحتمل أن يتراجع 0.2%. وأوضحت البيانات أنه في حالة خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي من دون صفقة، فإنه من المرجح أن ينخفض الجنيه الإسترليني بنحو 13%، بينما على الجانب الآخر إذا انخفض خطر الخروج من دون صفقة من الاتحاد الأوروبي إلى الصفر، فإن الإسترليني من المرجح أن يرتفع بنسبة 9%.
ظهر الجمعة، قرر بنك إنجلترا الإبقاء على معدل الفائدة وبرنامج شراء الأصول دون تغيير، كاشفا عن أنه ثبت معدل الفائدة عند نفس مستوياتها البالغة 0.75%، وصوّت كافة أعضاء البنك التسعة بالكامل لصالح تثبيت معدل الفائدة. كما قرر بنك إنجلترا الاستمرار في مشتريات السندات الحكومية وديون الشركات عند مستويات 435 مليار و10 مليارات جنيه إسترليني على الترتيب.
رئيس الوزراء البريطاني الجديد يعتزم تنفيذ البريكست في موعده المحدد في 31 أكتوبر "أيا كانت الطريقة". وقال بنك إنجلترا إن "ذلك أدى إلى انخفاض ملحوظ في سعر صرف الجنيه الإسترليني الذي يقترب من أدنى مستوى في ثلاث سنوات مقابل سلة العملات الرئيسية الأخرى. واعتباراً من منتصف الشهر الماضي، فإن عدم يقين الأعمال التجارية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبح أكثر ترسخاً".
بيان السياسة النقدية أوضح أن زيادة عدم اليقين بشأن طبيعة الانسحاب من الاتحاد الأوروبي يعني أن الاقتصاد قد يتبع مجموعة واسعة من المراحل على مدار السنوات المقبلة. وشدد على أن "السياسة النقدية ستستجيب للبريكست أيا كانت طريقة تنفيذه؛ ولن تكون تلقائية، ويمكنها أن تسير في أي اتجاه". وحذر البنك من وجود احتمالات للدخول في ركود اقتصادي في حال تنفيذ البريكست دون اتفاق. وتابع في بيانه بأنه "بافتراض حدوث بريكست سلس وبعض التعافي في النمو العالمي، فإن الهوامش الكبيرة من الطلب المتزايد قد تظهر على المدى المتوسط.. وفي حالة حدوث ذلك فإن اللجنة قد تعتبر أن زيادة معدلات الفائدة وفقاً لوتيرة تدريجية ستكون مناسبة لتحقيق معدل تضخم مستدام عند المستهدف 2%".