ياسر بركات يكتب عن: الوقح يدفع عربون صفقة القرن .. نتنياهو يعلن خريطة جديدة للمستوطنات
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، يعانى من حالة فصام. فقد أدلى بتصريحات تحدث فيها عن إصراره على ضم المستوطنات فى الضفة الغربية، وفى الوقت نفسه قال إنه يتشوق إلى الخطة الأمريكية للسلام المعروفة باسم «صفقة القرن»!.
خطاب نتنياهو الأول كان مساء الأربعاء، خلال الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية المحتلّة، وقال فيه إنه لن يسمح بإخلاء أى من المستوطنات. وأضاف: «إننا نعمل بجدّ لتحصين المشاريع الاستيطانية، التى تتطلب المال والتصميم والتغلب على الضغوط، وهو الأمر الذى فعَلَته جميع الحكومات تحت قيادتى، وبمساعدة من الله، وبمساعدتكم؛ سنواصل القيام بذلك معاً». وأثناء إجابته عن سؤال حول الضغوطات الدولية التى قد تُشكَّل فى ردّ فعل على إبقاء المستوطنات، أوضح نتنياهو أن «مثل هذه الأشياء كانت موجودة منذ سنوات كثيرة، ومن الممكن أن تبقى دائماً. نحن من جهتنا نواجه (الضغوطات) بحزم، ومداولات، وصبر، وقبل كل شىء؛ بالمثابرة، ولا يزال صدى حقيقتنا يتردد علناً، وأقولها لجميع زعماء العالم، إننا لسنا متجذرين فى أرض أجنبية، على العكس من ذلك، إن شعب إسرائيل فى السامرة (الضفة المحتلّة) موجود فى البيت». وتعهد نتنياهو بألا يسمح باقتلاع «أى مستوطنة من أرض إسرائيل. لقد انتهينا من هذا الهراء، تعلمون جميعاً ما حصلنا عليه عندما أخلينا المستوطنات، فهل تحقق السلام؟ لقد حصلنا على الإرهاب والقذائف».
فى ساعة متأخرة من مساء الأربعاء أيضاً، انتقل نتنياهو إلى بيت السفير المصرى فى تل أبيب، خالد عزمى، بمناسبة «العيد الوطنى المصرى»، وقال إنه يتشوق لسماع مشروع التسوية الذى سيطرحه الرئيس ترامب، المعروف باسم «صفقة القرن». وأضاف نتنياهو: «إننا نحتفل بمرور 40 عاماً على إحلال السلام بين إسرائيل ومصر. وخلال العام الـ40 منذ إحلال السلام بيننا، نأمل فى إنجاز كثير من الأشياء الأخرى بيننا وفى منطقتنا. علينا إدراك حجم الإنجاز التاريخى الذى يمثله السلام فيما بيننا الذى يدخل عقده الخامس. إنه قد صمد أمام القلاقل وما زال يصمد أمامها. ولا أقصد أى عواصف من شأنها تعكير صفو علاقاتنا، وإنما تلك العواصف التى تجتاح منطقتنا حالياً والتى تبتغى فرض نهج العنف، الذى لا يمكن التسامح معه، علينا». وتابع نتنياهو: «نحن جميعاً فى انتظار خطة الرئيس ترامب؛ إذ يتعين علينا جميعاً الإبقاء على القلب المنفتح والعقل المنفتح ودراسة المقترحات المعيّنة التى سيتم طرحها».
يحدث ذلك، بينما أعلن رئيس «كحول لفان» (أزرق أبيض)، بينى جانتس، يوم الجمعة، أن حزبه المعروف باسم «حزب الجنرالات» سيسعى إلى التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين تحافظ فيه إسرائيل على «قدراتها الأمنية»، وأن هذا الاتفاق سيطرح على استفتاء شعبى عام يحسم فيه الجمهور الإسرائيلى موقفه منه.
جانتس كان يتحدث فى مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية الرسمية، فسئل عن سبب غياب موضوع السلام مع الفلسطينيين عن الحوار والنقاش السياسى عشية الانتخابات المقررة بعد شهرين. فحاول التهرب من إعطاء إجابات قاطعة حول جوهر الاتفاق الذى سيسعى إليه وتفاصيله. ورفض إعطاء تصور دقيق حول مسائل الحدود أو حول مستقبل المستوطنات فى المناطق المحتلة من الضفة الغربية. ووافق على القول: «سندخل إلى العملية السلمية عندما يكون هناك شريك فلسطينى، ونتعهد ألا يتضرر أحد من سياسة حكومتنا وقراراتها. وكل تسوية سنتوصل إليها، ستُعرض على الشعب الإسرائيلى ليحسم أمرها».
وأشار جانتس إلى أنه إذا حصل على تفويض بتشكيل الحكومة، فسيدعو منافسيه الرئيسيين فى حزبى «الليكود» و«يسرائيل بيتينو» (حزب اليهود الروس بزعامة أفيجدور ليبرمان) للانضمام إلى الحكومة. لكنه أكد، مرة أخرى، أنه لن يجلس مع رئيس الوزراء الحالى، بنيامين نتنياهو، فى الحكومة ذاتها، بسبب تورط الأخير فى قضايا الفساد، ولن يعرض على أحزاب التطرف من اليمين واليسار الانضمام إلى الحكومة، بما فى ذلك الأحزاب العربية. وتابع: «سنحاول جاهدين عدم استبعاد أى شخص. نحن ضد المتطرفين فقط».
يذكر أن الأحزاب الإسرائيلية بغالبيتها لا تتطرق بمبادرة منها إلى عملية السلام فى المعركة الانتخابية، إنما تتحدث عندما تدفعها الصحافة إلى ذلك. ومن يتحدثون من قادة هذه الأحزاب يتناولون قضايا تتعلق بنتائج الصراع، مثل اليمين المتطرف الذى يدعو إلى ضم المستوطنات فى الضفة الغربية إلى إسرائيل واليسار الراديكالى الذى يطالب بعدم إضاعة الفرصة السانحة لإقامة سلام مع الأمتين العربية والإسلامية، وفقاً للمبادرة العربية للسلام. وأما حزب الجنرالات، الذى لا يزال يعتبر المنافس الرئيسى لنتنياهو، فإنه يتهرب من الدخول فى تفاصيل مستلزمات عملية السلام. ومع أنه يقول إنه ينتظر أن يكون هناك «شريك فلسطينى لعملية السلام»، فإن معلومات مؤكدة تشير إلى تبادل رسائل خفية بين عناصر مهمة فى هذا الحزب والسلطة الفلسطينية. وفى الوقت الذى تشير فيه استطلاعات الرأى إلى أن جانتس لن يتمكن من إسقاط نتنياهو إلا إذا رفع مستوى الهجوم عليه وتمكن من سحب كميات كبيرة من قاعدته الانتخابية اليمينية، يحاول جانتس الظهور «أشد قوة وبأساً من نتنياهو فى مواجهة الفلسطينيين». ومن هذا المنطلق، هاجم جانتس نتنياهو على «ضعفه فى مواجهة حركة حماس» وحمّله مسئولية «الوضع الأمنى غير المستقر فى المناطق المحيطة بقطاع غزة». وقال: «حكومة إسرائيل بقيادة نتنياهو ليست قوية بما فيه الكفاية فى مواجهة الأعداء» و«هى شاطرة بالكلام وهزيلة بالأفعال».
تعقد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (قطاع فلسطين والأراضى العربية المحتلة)، بدءا من الأحد (14 يوليو) ولمدة خمسة أيام، أعمال الدورة (102) لمؤتمر المشرفين على شئون الفلسطينيين فى الدول العربية المضيفة، وذلك بمقر الأمانة العامة للجامعة فى القاهرة، وبمشاركة الدول العربية المضيفة (الأردن وفلسطين ولبنان ومصر)، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة التعاون الإسلامى، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
المؤتمر يناقش قضية اللاجئين الفلسطينيين فى الدول العربية المضيفة والانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لحقوق الشعب الفلسطينى، وتطورات قضية القدس وما تتعرض له المدينة المقدسة من هجمة استيطانية تهويدية، والجهود العربية لدعم صمود المقدسيين، ونشاط وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فى الشرق الأدنى (الأونروا) وأوضاعها المالية. كما يناقش المؤتمر جدار الفصل العنصرى، ومتابعة تطورات الانتفاضة، والتنمية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة.
تأتى أهمية المؤتمر فى ظل التطورات الخطيرة الخاصة بقضيتى القدس واللاجئين والجهود العربية المشتركة والمستمرة لدعم قضية فلسطين، حيث سيتم عرض توصيات هذا المؤتمر على مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب فى الدورة القادمة.