الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:55 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن:المجرم الصهيونى يتلاعب بالعالم ويسفك دماء الأطفال على مرآى من الجميع !


رعد الحداد .. جريمة تفضح صمت مجلس الأمن
اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، على شابين بالضرب المبرح في الخليل، واعتقلت طفلا من المنطقة الجنوبية. وأفادت مصادر أمنية لـوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن قوات الاحتلال اعتدت بالضرب المبرح على الشاب رعد محمد الحداد ( 29 عاما) من المنطقة الجنوبية في الخليل، ونقل إلى مستشفى عالية الحكومي. كما اعتدت بالضرب المبرح على الشاب محمد إبراهيم أبو ماريا ( 19 عاما) على مدخل بلدة بيت أمر شمال الخليل ونقل إلى المستشفى. وأضافت أن قوات الاحتلال اعتقلت الطفل حسين نافذ الرجبي (15 عاما) من منزله في المنطقة الجنوبية من المدينة.
رئيس هيئة شئون الأسرى والمحررين، اللواء قدري أبو بكر، استنكر الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال بحق المعتقلين، مؤكداً في الوقت ذاته أنها تأخذ منحنى خطيرا جدا وغير مسبوق، بهدف تفريغهم من محتواهم الوطني والإنساني، وخلق حياة يومية لهم في غاية التعقيد. وكشف اللواء أبو بكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجند كل طاقاتها لخلق واقع جديد في سجون ومعتقلات الاحتلال، حيث تستغل كل الظروف للتفرد بالأسرى والانتقام منهم ومن عائلاتهم. وأضاف: "يوميا هناك اقتحامات للسجون والمعتقلات، كما أنه يتم نقل عدد كبير من المعتقلين من سجن لآخر، حيث لا يرغب الاحتلال في مشاهدة أي نوع من الاستقرار في صفوف الحركة الأسيرة، وما حدث في سجن عسقلان ليلة العيد من تعليمات الإدارة وشرطة السجن بعدم إحياء عيد الفطر يؤكد عنصرية وفاشية حكومة الاحتلال".
في أبريل الماضي، جرت الانتخابات البرلمانية في إسرائيل. وحصل رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على تأييد محتمل من الأحزاب اليمينية الصغيرة يكفي لتشكيل حكومة جديدة. لكن بعد أسابيع من المحاولات، عجز عن فعل ذلك، ومن ثم، من المزمع عقد انتخابات جديدة في سبتمبر المقبل، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ البرلمان الإسرائيلي.
وهذه الأحداث تجعل من المحتمل أن يتم تأجيل إعلان إدارة ترامب "خطة السلام" التي طال الحديث عنها من أجل التوصل إلى حلّ للقضية الفلسطينية، إلى حين تنصيب حكومة جديدة في إسرائيل، لكن على الرغم من ذلك، قد تجري مناقشات تمهيدية بين إسرائيل وبعض الدول العربية في البحرين في نهاية يونيو الجاري بهدف النظر في الجوانب الاقتصادية للمقترح الأمريكي. ودعت الولايات المتحدة إلى عقد الاجتماع، لكن حتى الآن لم يوافق الفلسطينيون على المشاركة لأن الاجتماع لن يتناول العناصر السياسية المحورية في أي اتفاق نهائي يمكن أن يفضي إلى تسوية.
حتى الآن، لم يتم الإفصاح عن تفاصيل خطة السلام الحقيقية بقيادة "جاريد كوشنر" صهر الرئيس ترامب، لكن تمت مناقشة بعض العناصر. وفي حوار مع "روبرت ساتلوف" رئيس معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، وهي مؤسسة بحثية مؤيدة لإسرائيل، أشار كوشنر إلى أن الخطة ستقدم حلولاً فعلية للقضايا المحورية الخاصة بعملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني، بما في ذلك الوضع النهائي للحدود ووضع القدس واللاجئين الفلسطينيين والترتيبات الأمنية طويلة الأمد. وسينصب التركيز على المخاوف الأمنية الإسرائيلية وخطط التنمية الاقتصادية للفلسطينيين. وتلك الخطط ستعتمد بقوة على مساهمات دول الخليج العربي بدلاً من الولايات المتحدة. لكن لا يمكن توقع ضخ الأموال من دون إجراء إصلاحات كبرى داخل منظمة التحرير الفلسطينية.
على الرغم من ذلك، يعتقد كثير من المتخصصين والخبراء الأمريكيين أن الخطة لا يمكن أن تجدي ما لم يتم التوصل إلى حل بشأن الأبعاد السياسية الجوهرية، بما في ذلك قضية الحدود النهائية. وعلاوة على ذلك، هناك قدر كبير من القلق من أنه بتقديم خطة من المرجح أن يرفضها الفلسطينيون صراحة سيتم تقويض عنصرين أساسيين من عناصر السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط حققا نجاحاً جيداً حتى الآن. الأول: هو التعاون الأمني المستمر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية لمنع العمليات الإرهابية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والثاني: هو التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة وكثير من الدول العربية من أجل وضع ضغوط اقتصادية على إيران.
روبرت ساتلوف وصف خطة "كوشنر" للسلام بأنها ستكون كارثة وأنه لابد من وأدها قبل الإعلان عن تفاصيلها. ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" في اجتماع مغلق في الثامن والعشرين من مايو الماضي مع قادة المجتمع اليهودي في الولايات المتحدة، "بصراحة إن الخطة قد تكون غير قابلة للتطبيق، خصوصاً إذا ما توجب تأجيلها إلى ما بعد عقد انتخابات إسرائيلية جديدة". وبحلول الوقت الذي تصبح فيه لإسرائيل حكومة جديدة سيكون متبقي أقل من عام واحد على عقد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وطرح مقترح مثير للجدل بشكل كبير مثل خطة السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتحظى بتغطية واسعة النطاق في ذلك التوقيت قد يكون فكرة سيئة بالنسبة لحملة إعادة انتخاب الرئيس دونالد ترامب.
وبغض النظر عن توقيت الانتخابات، فإن الانتقاد الأساسي لخطة "كوشنر" هو ترددها في إظهار تعاطف مع مطالب الفلسطينيين بشأن ترسيم واضح للحدود التي يمكن أن تصبح في نهاية المطاف جزءاً من الدولة الفلسطينية. كما أن الإخفاق في الأخذ في الحسبان التاريخ الحافل لهذه الأزمة المستفحلة والرفض القوي من قبل كثير من الدول العربية للجهود الرامية إلى "شراء ذمم" الفلسطينيين بالأموال سيكون كافياً للقضاء على ذلك المقترح. وبناء على ذلك، قد يكون الأصوب ما ذهب إليه "ساتلوف" وآخرون أن عدم خروج خطة "كوشنر" تلك إلى النور أفضل بكثير من أن تسبب رفضاً سياسياً واسع النطاق في أرجاء منطقة الشرق الأوسط، وأن تقدم لإيران حججاً سياسية لمجابهة ما تراه تحديات من قبل دول الخليج العربي.
معروف أن إسرائيل دخلت منذ عام 1977 في مرحلة تصدع سياسي، عندما نجح حزب الليكود (المعارض تاريخياً) في انتزاع أغلبية مقاعد الكنيست من حزب "العمل" الذي أسس وقاد الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، ثم واصل قيادته لدولة إسرائيل منذ عام 1948، وبعض المحللين والدارسين يردّ التصدع السياسي الإسرائيلي إلى حرب 1967، ذلك أنه انتصار لم يكن يريده الآباء المؤسسون لإسرائيل كما لم يكونوا يريدون الحرب، لكنها كانت مغامرة الجنرالات الإسرائيليين الذين أغوتهم معرفتهم وتقديراتهم المخابراتية بفرص الانتصار على الدول العربية، وهي على أي حال مسألة تستحق وقفة خاصة بها في الذكرى الثانية والخمسين للحرب. وانتقلت الحياة السياسية الإسرائيلية إلى نزاع قاسٍ ومرير بين الحزبين السياسيين الرئيسيين "العمل" و"الليكود"، لكنه نزاع أدخل الأحزاب والدولة في حالة انقسام عميق، ثم اختفى حزب "العمل" من الحياة السياسية والعامة، وانقسم "الليكود" ثم استطاع نتنياهو أن يقود تجمعاً من الكتل والأحزاب اليمينية والأصولية المتطرفة، لكنه تحالف تفكك أيضاً، وهكذا فقد الإسرائيليون الأغلبية كما فقدوا الإجماع، ودخلوا في مرحلة جديدة من الشتات.
بدا واضحاً أن إسرائيل منذ عام 1995 عندما اغتال متطرف إسرائيلي (إيجال عامير) رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين في إشارة إلى الدخول في مرحلة من هيمنة التطرف، أو هي أزمة الحركة الصهيونية شأن جميع الحركات والأفكار القومية التي ازدهرت في القرن التاسع عشر، وبدأت تواجه الفناء، ولعلها أيضاً حالة عالمية ربما تعكسها إسرائيل أو هي الأسرع والأكثر تأثراً بها، وهي فقدان الاتجاهات والفلسفات السياسية التقليدية قدرتها على التأثير في اتجاهات الناس نحو صناديق الانتخابات. وفي هذا التشتت صعدت الأصوليات الدينية واليمينية. لكنها أيضاً تتعرض للانهيار والتصدع. فهي بطبيعة الحال تعكس الخوف والقلق أكثر مما هي استجابة أصيلة تقدم برامج ومبادرات سياسية واجتماعية.
واليوم، يدرك أن تحالفه مع الأصوليات الدينية لم يكن سوى لعب في الوقت الضائع، ويفضل أن يتخلى عن هذه المغامرة، وبالإضافة إلى ذلك كله، فإن التحضيرات الأمريكية لـ"صفقة القرن" أحدثت ارتدادات عكسية عند كل الأطراف، والأمر لا يتصل بالتسريبات التي لا تزال هي المتاح في أمر معرفة محتويات الصفقة "دون يقين بالطبع"؛ وإنما بالمقدمات التي نفذت ومست جذور الرواية الفلسطينية في صراع البقاء والكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، فمثلاً كيف صار وضع القدس التي هي المركز المعنوي والتاريخي للرواية الفلسطينية؟ لقد غير الأمريكيون وضعها المجمد إلى حين بلوغ حل تفاوضي حولها، إلى وضع مختلف يميل لمصلحة الرواية الإسرائيلية والإجراءات المنفذة لتثبيتها، وكذلك الأمر بالنسبة لقضية اللاجئين والاستيطان.
وتبقى أمامنا حقيقة مؤكدة هي أن كل المحاولات التي استهدفت حل القضية الفلسطينية فشلت مع أنها كانت أفضل بكثير من "صفقة القرن"، ولو راجعنا السبب الجوهري في هذا الفشل لوجدنا أنه انعدام التوازن في معالجة العناصر الأساسية التي هي محتوى الصراع الشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولنأخذ مثلاً خطة خريطة الطريق التي وضعها ممثلو العالم؛ بمن فيهم الأمريكيون، ووافق عليها الفلسطينيون بلا تحفظ والإسرائيليون بتحفظات، فقد ظهر انعدام كارثي للتوازن بين النصوص وإمكانات تطبيقها على الأرض، والنتيجة أن ذهبت الخطة أدراج الرياح، بل وتم الإجهاز على الإطار الذي وضعها.