ياسر بركات يكتب عن: الصين تدق أبواب البيت الأبيض بأسطول حديث.. وبدأت حروب الجيل الخامس !
الحزب الشيوعى يقود حملة الانتقام من الرأسمالية ..والشركات الأمريكية تتعرض للحصار فى بكين
ـ ترامب يلجأ لصفقات السلاح المشبوهة مع تايوان للتحريض ضد الرئيس الصينى
ـ بوتين يشن هجوما عنيفا ضد الدولار .. ومجلس الأمن يطالب بالتهدئة
البيت الأبيض يتوعد بعقوبات رادعة والصين : سنقاتل حتى النهاية !
المواجهة المشتعلة بين الولايات المتحدة والصين، ازدادت اشتعالا مع إطلاق الصين لحملة دعائية ضخمة ضد الولايات المتحدة استخدمت فيها وسائل الإعلام وتحذيرات السفر والأفلام الوثائقية التي وصفت فيها واشنطن بـ"عدوة العالم".
الحزب الشيوعي الصيني بدأ حملة دعائية فى إطار الحرب التجارية عبر وسائل الإعلام تركزت على انتقاد "التنمر التجاري الأمريكي" ومساعي "الهيمنة" الأمريكية، حتى أن مقالا نشرته جريدة الشعب الصينية وصف الولايات المتحدة بعدوة العالم. كما بثت وسائل الإعلام الصينية فيلما وثائقيا قديما عن معركة "الربوة المثلثة" بين القوات الأمريكية والصينية خلال الحرب الكورية عام 1952، والتي دائما ما تشير إليها الصين بأنها معركة مجيدة ضحى خلالها الجنود الصينيون وأسفرت عن هزيمة الغزاة الأمريكيين.
الحكومة الصينية كانت قد أطلقت تحذيرين للسفر لمواطنيها الذين يستعدون للسفر إلى الولايات المتحدة ، مشيرة فى التحذيرين إلى ما يتعرض له الصينيون المتواجدون في أمريكا من عمليات سرقة وإطلاق نار واعتداءات. وعلى صعيد متصل، هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم إضافية على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار على الأقل وفى المقابل، ردت وزارة الخارجية الصينية على التهديد الأمريكي قائلة إنه "إذا استمرت واشنطن في تصعيد التوتر ، فسنقاتل حتى النهاية".
وفى مزيد من تحدى العملاق الصيني للضغوط الأمريكية، وقعت شركة "هواوي" الصينية اتفاقا مع شركة الاتصالات الروسية "إم تى إس" لتطوير تكنولوجيا الـ 5 جي داخل روسيا في عامي 2019 و2020. وذكرت تقارير إخبارية أنه تم التوقيع على الاتفاق بالتزامن مع زيارة الرئيس الصيني شي جين بينج إلى روسيا، في الوقت الذي تواجه فيه الشركة الصينية حظرا من قبل عدة دول على رأسها الولايات المتحدة، بدعوى أنها تمثل خطرا على الأمن القومي لتلك الدول. بينما انتقدت وزارة الخارجية الصينية بشدة الأنباء حول صفقة مبيعات أسلحة أمريكية لتايوان بعد أن كشفت مصادر أمريكية لوكالة رويترز للأنباء أن واشنطن تعتزم بيع أسلحة بقيمة ملياري دولار للجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي والتي تعتبرها بكين جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دعا يوم الجمعة إلى "إعادة النظر في دور الدولار" في النظام المالي العالمي معتبرا أن العملة الأمريكية أصبحت "آلة ضغط" تستخدمها واشنطن وتشهد حاليا تراجعا في "الثقة"، وتابع أن الولايات المتحدة تسعى لفرض سلطتها القانونية في أنحاء العالم. وقال بوتين، خلال منتدى سان بطرسبورج في حضور الرئيس الصيني شي جين بينج: "من الواضح أن هذه التغيرات العميقة في النظام المالي تتطلب تكييف المؤسسات المالية الدولية وإعادة النظر بدور الدولار، الذي تحول إلى أداة ضغط بيد الدولة التي تصدره على باقي العالم". وأضاف أن مساعي الولايات المتحدة الأمريكية لفرض هيمنتها على بقية الدول تعد وصفة للحروب التجارية والحروب الحقيقية. واحتج بوتين على ما أسماها "المنافسة غير العادلة والحماية التجارية"، وقال إن "النهج الأمريكي يعزز معركة بدون قواعد حيث يحارب الجميع بعضهم البعض". وأضاف أنه يشعر بالقلق إزاء ما وصفها بـ"محاولات لإجبار شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي على الخروج من السوق العالمية"، وأدان بوتين محاولات "إخراج" هواوي من جانب السلطات الأمريكية بشبهة التجسس، وندد بـ"محاولات إخراج هواوي من الأسواق العالمية بشكل غير رسمي".
في هذا السياق، ووسط أزمتها مع أمريكا وأوروبا، وقّعت شركة "هواوي" الصينية مع شركة "إم تي إس" الروسية، اتفاقية شراكة لتطوير وإطلاق شبكات الجيل الخامس من الإنترنت في روسيا... فيما منحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية، الخميس، تراخيص الاستخدام التجاري لتكنولوجيا الجيل الخامس لـ4 شركات. وجرى توقيع الاتفاقية بين "هواوي" و"إم تي إس" خلال حفل حضره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الصيني شي جين بينج، وعدد من الشخصيات الروسية والصينية، عشية انطلاق فعاليات منتدى بطرسبرج الاقتصادي الدولي الذي تشهده روسيا حالياً.
المعلومات تشير إلى أن "الشركتين اتفقتا على تطوير وإطلاق الجيل الخامس من الإنترنت عبر شبكات (إم تي إس) في روسيا ما بين عامي 2019 و2020، كما ستتعاون الشركتان في مجال التقنيات المتطورة، وتحديث شبكات (إل تي إي LTE) إلى مستوى "5G - ready"، لتكون قادرة على نقل البيانات بسرعة أكبر". وحول هذه الاتفاقية قال رئيس "إم تي إس" الروسية، أليكسي كورين: "مع توقيع اتفاقية الشراكة في مجال (5G)، انتقلنا إلى مستويات جديدة من التعاون الاستراتيجي بين شركتينا، وهذه الشراكة ستخلق أسس الاستخدام التجاري لشبكات الجيل الخامس، وتسهم في تطوير العلاقات الاقتصادية بين روسيا والصين". وفي غضون ذلك، منحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية، تراخيص الاستخدام التجاري لتكنولوجيا الجيل الخامس لـ4 شركات، وتعليقاً على ذلك توقعت شركة "هواوي" الصينية أن تقود شبكة (G5) الصينية العالم قريباً.
من خلال هذه الخطوة تكون الصين قد قطعت شوطاً كبيراً في مسعاها لأن تصبح الرائدة في العالم في تكنولوجيا الاتصالات، وسط منافسة شديدة من الولايات المتحدة. وذكرت الوزارة في بيان أن التراخيص تم منحها لشركات "تشاينا تيليكوم"، و"تشاينا موبايل"، و"تشاينا يونيكوم"، و"تشاينا برودكاستينج نتوورك"، لتمثل هذه الشركات الدفعة الأولى التي حصلت على تراخيص الاستخدام التجاري لتكنولوجيا الجيل الخامس.
صناعة اتصالات الجيل الخامس تتمتع بميزة تنافسية من خلال الجمع بين الإبداع الذاتي والتعاون المنفتح، وأن معايير الجيل الخامس هي معايير دولية موحدة تم إنشاؤها من قبل شركات الصناعة العالمية، حيث تملك الصين ما يزيد على 30% من براءات الاختراع الأساسية لهذه التكنولوجيا. وهناك شركات أجنبية بما فيها "نوكيا" و"إريكسون" و"كوالكوم" و"إنتل" شاركت بشكل عميق في تجربة هذه التكنولوجيا، انطلاقا من كون الصين ترحب دائماً بالشركات المحلية والأجنبية للمشاركة النشيطة في بناء وتطبيق وترويج شبكة الجيل الخامس وتقاسم منافع تنمية الصناعة.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هدد بفرض رسوم أخرى على سلع صينية بقيمة 300 مليار دولار "على الأقل"، لكنه قال إنه يعتقد أن الصين والمكسيك تريدان إبرام اتفاق في نزاعهما التجاري مع الولايات المتحدة. وأبلغ ترامب، الصحفيين، يوم الخميس: "في محادثاتنا مع الصين، تحدث الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام. سنرى ما سيحدث... قد أزيد 300 مليار دولار أخرى على الأقل، وسأفعل ذلك في الوقت المناسب"، دون أن يوضح السلع التي قد تتأثر بذلك. وأضاف ترامب، قبل أن يصعد طائرة الرئاسة الأمريكية (إير فورس وان) في مطار شانون الآيرلندي، متجهاً إلى فرنسا لإحياء ذكرى يوم الإنزال: "لكنني أعتقد أن الصين تريد إبرام اتفاق، وأظن أن المكسيك ترغب في إبرام اتفاق بشدة".
بدوره، حذر صندوق النقد الدولي، الأربعاء الماضي، من أن الاقتصاد العالمي لا يزال أمام "منعطف دقيق"، بسبب تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها، داعياً دول مجموعة العشرين إلى الإبقاء على معدلات فائدة متدنية لدعم اقتصاداتها. وكتبت المديرة العامة للصندوق، كريستين لاجارد، في مدونة إلكترونية، نشرت قبل انعقاد الاجتماع المالي لمجموعة العشرين، في نهاية الأسبوع المقبل في اليابان، أن "الأولوية المطلقة هي لتسوية التوترات التجارية مع تسريع عملية تحديث النظام التجاري الدولي".
يرى خبراء أنه حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق تجارة ثنائي، فمن غير المتوقع أن يحل تماماً التوترات الصينية الأمريكية، ولذا قد تستمر عملية إعادة التوازن الجغرافي للتصنيع العالمي تلك. ويؤكد جون كولي، وهو خبير في قوانين التجارة في شركة "بيكر مكينزي" القانونية في هونج كونج، أنه "كانت هناك بالفعل شركات كثيرة تفكر في هذا (نقل نشاطها)، والحرب التجارية الحالية تعطيهم دفعة أخيرة للتحرك". وذكر كولي أن شركات التكنولوجيا والآلات والصناعة الكيماوية المتضررة من الرسوم الأمريكية، تقوم بهذه التحركات، وبعضها يتوقع أن يتبعها مع اتساع نطاق الرسوم الأمريكية. والدول النامية في آسيا تشهد تصاعداً في الاستثمار، وهو مؤشر آخر على أن الشركات تنقل مقرات إنتاجها. فالاستثمارات الأمريكية والصينية في مشروعات جديدة ارتفعت في الدول الآسيوية النامية الأخرى خلال عام 2018 الذي تزايدت فيه الاستثمارات الصينية في هذه البلدان بما يقرب من ثلاثة أضعافها وارتفعت الاستثمارات الأمريكية بنسبة 71%، وفقاً لبنك التنمية الآسيوي.
اقتصاديون وخبراء تجارة يتوقعون أن تستمر هذه التوجهات بعد أن أصبح النزاع بين الولايات المتحدة والصين أمراً واقعاً. ويرى مدير قسم الأبحاث والتعاون الإقليمي في بنك التنمية الآسيوي أنه "في المدى الطويل، إذا استمر الصراع، قد نشهد تزايداً في إعادة توجيه التجارة والإنتاج بعيداً عن الصين نحو دول أخرى ليست خاضعة للرسوم. تأثيرات هذا التحويل للتجارة والإنتاج سيكون إيجابياً لباقي آسيا النامية". وتوصل مسح أُجري في الآونة الأخيرة على شركات أمريكية تعمل في الصين عام 2018 إلى أن خمس الشركات انتقل أو يفكر في نقل قدراته الإنتاجية خارج الصين. وذكرت الشركات أن دافعها الأبرز هو الرسوم الأمريكية على البضائع المصدرة من الصين وارتفاع الكلفة والتوقعات لنمو أبطأ وفقاً لمسح بشأن أجواء الأعمال نشرته غرفة التجارة الأمريكية في الصين خلال فبراير الماضي.
هناك 40% من بين الشركات ستنقل نشاطها إلى آسيا النامية و11% إلى آسيا المتقدمة و10% إلى المكسيك. فقد ارتفع فائض التجارة المكسيكي السنوي مع الولايات المتحدة بنسبة 15% إلى رقم قياسي مرتفع يبلغ 82 مليار دولار عام 2018، وبعض المصنعين الصينيين بدؤوا ينقلون نشاطهم إلى المكسيك فراراً من الرسوم الأمريكية. وتؤكد ماري لافلي، أستاذة الاقتصاد في جامعة سيراكوز الأمريكية، أن إنتاج الأحذية والملابس ولُعب الأطفال وغيرها من الصناعات العادية، تنتقل من الصين إلى فيتنام ودول أخرى، وهذا يرجع في جانب منه إلى ارتفاع الأجور في الصين. لكنها ترى أن انتقال إنتاج البضائع متوسطة المستوى، مثل أجهزة الكمبيوتر، إلى خارج الصين، سيكون أصعب لأنها تحتاج إلى معرفة أعلى والصين لديها قوة عمل كبيرة وشابة نسبياً ومتعلمة تتفوق بها على باقي آسيا.
الشركات الأمريكية في الصين تتضرر أيضاً من الحرب التجارية لأنها عرضة لدفع أموال أكبر مقابل الواردات الأمريكية وللمنتجات المصدرة إلى الولايات المتحدة. ورفع أسعار البيع سيضر بقدرتها التنافسية. وهذا مهم لأن الشركات المملوكة للأغلبية في الصين المتشعبة عن المشروعات الاقتصادية الأمريكية متعددة الجنسية تبيع سلعاً وخدمات في السوق المحلية الصينية بما بلغ 286 مليار دولار (إحصاءات 2016) وهو أكبر بكثير مما تصدره الولايات المتحدة من سلع وخدمات إلى الصين، والذي بلغ 170 مليار دولار في العام نفسه. ويؤكد اقتصاديون أن حروب التجارة مضرة اقتصادياً عموماً وخاصة بالدول التي تشنها. فالتجارة تعزز ثروة الدول بقياس الإنتاج المحلي الإجمالي. والتجارة تسمح بانتقال الموارد عبر الحدود ليجري استغلالها بكفاءة. وحين تفرض قيود على التجارة فإن مثل هذه الرسوم- أي الضرائب على الواردات- تقلص الإنتاج المحلي الإجمالي.
وأخيرا، فإن بنك التنمية الآسيوي يتوقع أيضا أن تتضرر الولايات المتحدة والصين اقتصادياً إذا ظل العمل بالرسوم الحالية لما تبقى من عام 2019 وعام 2020. ويتوقع البنك أيضاً أن تكون الصين أكثر تضرراً، حيث يتقلص إنتاجها المحلي الإجمالي بنسبة 1.03% ، بينما يقل الإنتاج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 0.20% عما كان من الممكن أن يكون عليه بغير فرض رسوم. ويتوقع أيضاً أن يتقلص الإنتاج المحلي الإجمالي على مستوى العالم بنسبة 0.15%. والتقلص في الإنتاج المحلي الإجمالي يعني فقدان بعض فرص العمل. ويتوقع أن تفقد الصين 1.76 مليون فرصة عمل وتفقد الولايات المتحدة 194 ألف فرصة عمل في عامي 2019 و2020 وفقاً للتصور الذي يستشرفه البنك الآسيوي للتنمية.