الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:51 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: رأس مؤسس ”ويكيليكس”


ـ "أسانج" رفض الموافقة على تسليمه إلى الولايات المتحدة التى تريد محاكمته فى واحدة من أكبر عمليات تسريب المعلومات السرية فى التاريخ
ـ القضاء الأمريكى اتهمه بـ"التآمر" مع المحللة السابقة فى المخابرات العسكرية شيلسى مانينج لقرصنة كلمة مرور أجهزة كمبيوتر وزارة الدفاع الأمريكية فى مارس 2010
بعد أن عرض ممثل السلطات الأمريكية أمام "محكمة وستمنستر" ملخصاً عن ضلوع جوليان أسانج فى تسريب وثائق سرية، قال مؤسس "ويكيليكس" للقاضى إنه كان يمارس عمله الصحفى الذى نال عنه العديد من الجوائز. وأمام المحكمة، التى تقع بوسط العاصمة البريطانية لندن، رفض أسانج الموافقة على تسليمه إلى الولايات المتحدة التى تريد محاكمته فى واحدة من أكبر عمليات تسريب المعلومات السرية فى التاريخ. وفى 30 مايو الجارى، موعد الجلسة القادمة، قد يصدر حكم آخر ضد أسانج بعد الحكم بسجنه 50 أسبوعاً لإدانته بانتهاك شروط الإفراج المؤقت عنه، إثر لجوئه إلى سفارة الإكوادور التى أمضى فيها سبع سنوات.
كان الأسترالى البالغ من العمر 47 عاماً قد لجأ فى 2012 إلى سفارة الإكوادور فى لندن، وحصل على لجوء سياسى، هربا من ملاحَقته بتهمة الاغتصاب فى السويد فى قضية سقطت فى وقت لاحق. لكنه كان يؤكد دائماً أن خوفه الأساسى ليس من تسليمه للسويد بل للولايات المتحدة التى قد يواجه فيها حكماً بالإعدام بسبب نشره وثائق سرية أمريكية. وظل أسانج مقيما داخل المبنى، حتى اقتادته الشرطة البريطانية من السفارة فى 11 أبريل الماضى، إلى السجن. والآن تثير القضية انقساماً، فى بريطانيا، فزعيم المعارضة العمالية جيريمى كوربن يعارض تسليم أسانج، مؤكداً أنه "عرض أدلة على فظائع ارتُكبت فى العراق وأفغانستان". أما وزير الخارجية جيريمى هانت فيرى أن أسانج "ليس بطلاً"، بينما أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماى أنه "لا أحد فوق القانون فى المملكة المتحدة".
تصدر اسم أسانج عناوين الصحف فى أوائل 2010 عندما نشر موقع "ويكيليكس" مقطع فيديو سرّياً للجيش الأمريكى يظهر هجوماً نفذته طائرات "أباتشى" فى بغداد سنة 2007، وأسفر عن مقتل نحو 12 شخصاً، بينهم اثنان من العاملين فى وكالة "رويترز". واتهم القضاء الأمريكى أسانج بـ"التآمر" بسبب عمله مع المحللة السابقة فى المخابرات العسكرية شيلسى مانينج لقرصنة كلمة مرور أجهزة كمبيوتر وزارة الدفاع الأمريكية فى مارس 2010، وتسريبه مئات آلاف الوثائق السرية عبر موقع "ويكيليكس" تكشف عن أخطاء ارتكبها الجيش الأمريكى فى الحرب بالعراق، وأسرار دبلوماسية حول عشرات الدول. كما قام بتسريب رسائل إلكترونية داخلية للحزب الديمقراطى فى الولايات المتحدة فى صيف 2016. وكشف "ويكيليكس" أيضاً عن عمليات تجسس قامت بها الولايات المتحدة ضد حلفاء لها.
الأربعاء الماضى، قال كريستن هرافنسون رئيس تحرير "ويكيليكس"، إن الجهود ستتركز الآن على الحيلولة دون تسليم أسانج للولايات المتحدة. وصرح هرافنسون بأن الأمر "قد يكون مسألة حياة أو موت"، مشيراً أيضاً إلى الرهانات التى تنطوى عليها هذه القضية فى إطار حرية الصحافة. أما جينفر روبنسون، محامية أسانج، فترى أن إلقاء القبض عليه "شكل سابقة خطيرة لوسائل الإعلام والصحفيين" فى العالم. وأوضحت أن موكلها ينوى "الطعن" فى طلب تسليمه و"الاعتراض عليه". وقال المحامى المتخصص فى قضايا الاسترداد والتسليم بين كيث، إن المعركة القضائية التى بدأها جوليان أسانج لا تحظى بفرص كبيرة للنجاح وقد تستمر بين 18 شهراً وسنتين.
الوثائق المسربة كشفت بوضوح الدور المخابراتى الذى تؤديه السفارات الأمريكية فى معظم الدول، كما فضحت هذه الوثائق أن هنالك فرقا ما بين الوجه الدبلوماسى ودورها الخفى السرى المخابراتى التجسسيى، الذى يتطلب وجود طاقم مدرّب مخابراتيًا واجتماعيًا وعسكريًا ونفسيًا حتى يستطيع القيام بجميع المهمات الموكلة إليه، ولديه الجاهزية التامة لتنفيذ أى مطلب استخبارى وقد يتطور ليصبح تدخلاً مباشرًا فى سياسة البلد المضيف، وقد يصل نفوذ سفراء بعض الدول إلى أن يقوموا بمقام الحاكم الفعلى لهذا البلد أو ذاك، ومستشاره الخاص الذى لا يرفض له طلب، فيعزلون وزيرا ويضعون بدلا منه ويطبقون قانونا ويغيرون آخر، أو حتى القيام بانقلابات تقوم بتغيير الأنظمة
هكذا، فضح أسانج الأسلوب الذى مارسته الولايات المتحدة فى الثورات الرجعية التى حدثت فى الدول التى انفصلت عن الاتحاد السوفيتى بعد عام 2000 واعتمدت هذه الثورات على أبناء البلاد المعروف عنهم انتماؤهم للغرب وغير المنتمين لأى توجه وفى مقدمتهم الطلبة الثائرين على الأوضاع السياسية والاجتماعية ومستخدمى تكنولوجيا الاتصالات المعارضين للنظام. وأيدها الإعلام الغربى وهلل لها ووصفها بأنها ثورات عفوية ووطنية تؤيدها الشعوب لأنه يعلم أنها فارغة المضمون والتوجه الاجتماعى والسياسى والوطني.
تبين أن هذه الثورات جرى التخطيط لها وتمويلها أمريكيا، حتى إن هذه المجتمعات أفاقت من وهم الثورة الخواء تسير نحو إنقاذ مجتمعاتها من الهيمنة الأمريكية الاستعمارية ونشر قواعدها العسكرية على أراضيها فى عداء لروسيا التى انتفضت مرة أخرى باحثة عن القومية الروسية التى ضاعت تحت أقدام أمريكا وأوروبا الغربية، وتحاول دول الثورات الملونة العودة إلى حلف اقتصادى جديد مع روسيا محرر من أى تبعية للقومية الروسية ينسق بين اقتصادياتها بما يحقق استقلالها الوطنى وتحرير إرادتها السياسية من التبعية للاستعمار العالمى (هذه الثورات الملونة تمت فى جورجيا وأوكرانيا وكازاخستان وقرجيستان وسميت ملونة لأن ثوارها كانوا يتشحون بلون معين) بل إن هذه البلاد مع روسيا الجديدة يدخلون فى منظمة جديدة هى منظمة شنغهاى ومعها الصين والهند ومرشح لها إيران فى تحالف ضد الهيمنة الأمريكية ولخلق قطب عالمى جديد يواجه القطب الاستعمارى العجوز.