ياسر بركات يكتب عن: الشكوك حول ”هواوى” لا تزال مستمرة
الشكوك حول "هواوى" لا تزال مستمرة
لم تستطع الحكومة البريطانية إتمام اتفاقها مع شركة هواوى الصينية لتأسيس شبكة الجيل القادم للاتصالات الإلكترونية، بعد التحذير الأمريكى من المخاطر الأمنية المحيطة بهذه الاتفاق. وتراجعت خطوة إلى الوراء، وبحسب ما نقلته وكالة رويترز، عن مصادر حكومية بريطانية، فإن لندن تنوى السماح لهواوى بالمساهمة فى تأسيس أجزاء غير أساسية من شبكة الجيل الخامس ( 5G) لكنها ستمنعها من المشاركة فى بناء الأجزاء الأساسية من الشبكة.
شركة هواوى هى مزود رائد لتقنية البنية التحتية للجيل الخامس للاتصالات المتنقلة التى من شأنها العمل على زيادة سرعة معدلات نقل البيانات بشكل واضح. ويدعو بعض خبراء الأمن لاستبعاد شركة هواوى تماماً من تطوير شبكات المحمول الحديثة من الجيل الخامس. ولكن الحكومة الاتحادية الألمانية لا تؤيد الاستبعاد العام لشركة هواوى وغيرها من مزودى الخدمات من الصين، ولكنها تعول على تنوع الطلبات بين مقدمى خدمات مختلفين. ومعروف أن الشركات متعددة الجنسيات التى تتجاوز حدود الدولة الأم التى تأسست فيها إلى دول أخرى مختلفة والتى توصف أحيانا بأنها شركات "متعدية" الجنسية.. أى متجاوزة لجنسيتها.. وهى من الثراء والقوة بشكل يجعلها أكثر ثراء وقوة من عشرات الدول مجتمعة.. ولها من النفوذ ما يجعلها قادرة أحيانا على تغيير القوانين التى تتعارض مع مصالحها.. وتغيير السياسيين الذين يقفون فى طريقها.. بل وتغيير الحكام الذين يرفضون تحويل بلادهم إلى أسواق لها.. وفى كثير من الأحيان، أصبح وكلاء تلك الشركات فى بعض الدول أقوى من الدولة ذاتها.
ومعروف أيضا أن سطوة ونفوذ الشركات متعددة الجنسيات، تنامت بالفعل بشكل مرعب بالتزامن مع تراجع دور الحكومات فى إدارة الأنشطة الاقتصادية. وأن هذه الشركات حققت مكاسب هائلة رغم ما سببته من أزمات وكوارث مالية باتت تهدد العديد من دول العالم، وتلقى بظلال سلبية على اقتصاديات دول متقدمة.
بهذا الشكل، لم يكن غريبا أن تتهم المخابرات الأمريكية شركة هواوى، بتلقى تمويل من الدولة الصينية، وأنها حصلت على تمويل مالى من الأجهزة الأمنية ومن المؤسسات الرسمية الصينية، لتزيد بذلك قائمة الاتهامات التى تواجهها الشركة الصينية فى الغرب، خصوصاً دول العيون الخمس، التى تتبادل معها واشنطن المعلومات المخابراتية. وذكرت جريدة "تايمز" البريطانية، نقلاً عن مصادر مخابراتية أمريكية، إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سى آى إيه) اتهمت هواوى بالحصول على تمويل من لجنة الأمن الوطنى الصينية وجيش التحرير الشعبى الصينى وفرع ثالث من شبكة المخابرات الحكومية الصينية. وقال التقرير إن المخابرات الأمريكية نقلت ادعاءاتها فى وقت سابق من العام الجارى لأعضاء آخرين بمجموعة "العيون الخمس" (فايف آيز) لتبادل معلومات المخابرات التى تضم بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا. وفى ظل هذه الاتهامات بدأت مؤسسات تعليمية كبيرة فى الغرب قطع علاقاتها مع هواوى فى الآونة الأخيرة لتجنب خسارة التمويل. كما تواجه شركة "زد تى إى كورب" الصينية للتكنولوجيا أيضا مشكلات مماثلة فى الولايات المتحدة.
ستتضح الصورة أكثر بوضع ما سبق إلى جانب الوثائق التى كشف عنها ضابط المخابرات الأمريكية السابق إدوارد سنودن، التى فضحت أن