الموجز
السبت 9 نوفمبر 2024 12:34 صـ 7 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: التمويل القطرى يفضح قادة «حماس» ..جواسيس «تل أبيب» فى قطر


جهات مخابراتية تكشف حقيقة العميل القطرى محمد العمادى
تسريبات تكشف كيف قام بنقل الأموال إلى حماس
وقيادى فلسطينى يؤكد: قطر تشترى أمن الاحتلال
السؤال نطرحه بمنتهى الجدية بعد أن وجهت حركة «فتح» اتهاما لقطر بتحويل حركة «حماس» عبر أموالها إلى جهاز أمنى يحمى إسرائيل. وبعد أن قال القيادى فى «فتح» حازم أبوشنب: «إن رئيس اللجنة القطرية فى قطاع غزة محمد العمادى، ينقل الأموال إلى (حماس) المسيطرة على قطاع غزة بالتنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلى، ومكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شخصياً، الذى قال نصاً صريحاً من خلال وسائل الإعلام إنه يوافق، ويعمل على حماية المال القطرى، لأنه يشترى منهم الأمن».
أبوشنب أكد أن المندوب القطرى يحصل على توقيعات وبصمات المقاتلين وأعضاء حركة حماس لكى يسلمها إلى الشاباك الإسرائيلى، حتى يصرف له 100 أو 200 دولار، مضيفاً «أن المال الذى يأتى من هذه الدولة (قطر) إلى حماس عبر الاحتلال الإسرائيلى، حوَّل حماس من فصيل مقاوم إلى جهاز أمنى يقوم بحراسة دولة الاحتلال». وتابع قائلاً: «إنه كانت هناك بعض الاعتراضات من قبل، من جانب الشاباك، على بعض الأسماء من حماس، ما أحدث مشكلة من فترة قريبة، إلا أن المندوب القطرى نجح فى حل المشكلة، وأخبر أعضاء حماس (جبت لكم الموافقة.. مبروك)، وذلك بعد أن تنقل مرات بين حماس وإسرائيل لحل الأزمة».
كان نتنياهو، قد قال مؤخراً: «إن السلطة الفلسطينية فى الماضى نقلت ملايين الدولارات إلى حماس فى غزة، وإنه من الأفضل أن تكون إسرائيل بمثابة خط أنابيب لهذه الأموال». وأضاف: «إن كل من يعارض قيام دولة فلسطينية يجب أن يؤيد قرار تحويل الأموال إلى غزة، لأن الحفاظ على الانقسام بين السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية وحماس فى غزة يساعد على منع إقامة دولة فلسطينية».
وعلى طريقة «يكاد المريب يقول خذونى»، دافع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشكلٍ مستميت عن مواصلة النظام القطرى إغداق عشرات الملايين من الدولارات على حركة «حماس»، التى تسيطر على قطاع غزة. وأبرزت مختلف وسائل الإعلام الإسرائيلية التبريرات التى ساقها نتنياهو لغض حكومته الطرف عن الأموال الطائلة التى تصر الدوحة على توجيهها إلى الحركة دون الاكتراث بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وهو التجاهل الذى سبق أن دفع مسئولى السلطة للتأكيد على أن الخطوات القطرية فى هذا الصدد تستهدف توسيع هوة الانقسام الداخلى بين الفلسطينيين وتدمير قضيتهم.
فضح نتنياهو فى تصريحاته التى نقلتها صحيفة «جيروزاليم بوست» التعاون الوثيق القائم بين سلطات الاحتلال الإسرائيلى ونظام تميم، عبر قوله إن السماح لقطر بتقديم مساعدات مالية مباشرة لحماس، يتيح الفرصة أمام فرض «رقابةٍ إسرائيليةٍ أكبر على الجهات التى تذهب إليها هذه الأموال، مُقارنةً بما كان يحدث عندما تتولى السلطة الفلسطينية تحويل المساعدات المالية بنفسها». وفى تقريرٍ حمل عنوان «نتنياهو يدافع عن تحويل قطر 15 مليون دولار ثانيةً إلى غزة عبر إسرائيل»، استعرضت الصحيفة التفاصيل التى كشف عنها رئيس الوزراء الإسرائيلى بشأن التنسيق المشبوه بين حكومته وقطر فى هذا السياق، قائلةً إن نتنياهو أكد أن الحكومة الإسرائيلية طلبت أن تكون لديها القدرة على أن تراقب عن كثب من يحصلون على الأموال الواصلة لحماس من الدوحة، ونالت ما أرادت بالفعل.
تأكيداً لحجم التواطؤ القطرى الحمساوى على هذا الصعيد، أشار رئيس الحكومة الإسرائيلية، إلى أنه سيكون لدى تل أبيب توقيعات وبصمات أصابع كل من يتلقى تلك الأموال القادمة من قطر. وفى نبرة مشابهة لتلك التى يستخدمها المسئولون الحمساويون فى الترويج لمزاعمهم عن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، اتهم نتنياهو عباس بأنه هو من قرر فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، زاعماً بدوره أنه ليس لدى حكومته أى خيارات سوى السماح بمرور الأموال القطرية لتجنب حدوث كارثة إنسانية. وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء الإسرائيلى اعتبر أن المساعدات المالية القطرية التى تصل إلى حماس تباعاً ومن المقرر أن تستمر لعدة شهور «تحمى إسرائيل» من تبِعات الأزمة التى تضرب غزة على مختلف الأصعدة.
عضو المجلس الثورى، المتحدث باسم حركة «فتح» أسامة القواسمى قال: «إن الأموال الإسرائيلية التى تصل حماس مباشرة هدفها تعزيز الانقسام وتحويله لانفصال وتصفية القضية الفلسطينية». وأضاف: «كيف لنا أن نفسر اقتطاع الأموال عن السلطة الوطنية الفلسطينية بقيمة 150 مليون دولار من قبل إسرائيل، وإعطاء حماس الأموال بشكل مباشر؟ الأمر الذى يفسر تماماً حقيقة المواقف والمعادن بعيداً عن الشعارات الخداعة المغلفة باسم الدين». وأوضح أن أربع قضايا استراتيجية خططت لها إسرائيل ونفذتها «حماس»، وهى الانقسام الذى تم تنفيذه فى عام 2007، وضرب منظمة التحرير الفلسطينية التى كان آخرها رفض «حماس» التوقيع على ورقة التفاهم فى موسكو تحت حجة رفضها لبند منظمة التحرير الممثل الشرعى والوحيد لشعبنا، ومحاولاتهم الفاشلة لضرب شرعية الرئيس أثناء إلقاء كلمته فى الأمم المتحدة وترؤسه مجموعة الـ77 + الصين، وإرسالها رسائل مخجلة، وأخيراً تحويل الانقسام إلى انفصال من خلال قبول الأموال الإسرائيلية بشكل مباشر. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ: «نتنياهو يقول إن إدخال الأموال إلى حماس جزء من استراتيجية الحفاظ على الانقسام الفلسطينى، وحماس على الملأ تعلن عن رغبتها فى إيجاد صيغة حل دائمة تكرس الانقسام، وتخلق حالة من الهدوء مقابل حفنة دولارات، وبعض الامتيازات من الاحتلال».
من المفترض أن يُخصص جانب من المساعدات المالية القطرية لتوفير 10 آلاف فرصة عملٍ على الأقل فى القطاع الساحلى، سعياً على ما يبدو لنزع فتيل انفجار اجتماعى واقتصادى قد يطيح بحكم «حماس».
ووصلت الملايين القطرية الـ15 إلى غزة مع دبلوماسى قطرى يُدعى محمد العمادى، استحدثت له الدوحة منصباً وهمياً أطلقت عليه اسم رئيس اللجنة القَطرية لإعادة إعمار غزة بهدف التغطية على مهامه المتمثلة فى تنسيق العلاقات المتنامية بينها وبين إسرائيل. ووصل العمادى إلى القطاع المنكوب عبر معبر إيريز الذى تسيطر عليه إسرائيل، بهدف تجنب الاحتجاجات الغاضبة التى خرجت ضده لدى وصوله إلى غزة قبل عدة أسابيع، حاملاً أول دفعة من مساعدات «نظام الحمدين» لحماس. وتشكل هذه الدفعة جزءاً من قرابة 90 مليون دولار تعهد نظام تميم بدفعها إلى حماس على مدار الشهور الستة المقبلة، وذلك بتوافق كامل مع إسرائيل وليس السلطة الفلسطينية، ما أثار غضباً واسع النطاق فى أوساط الفلسطينيين سواء فى الضفة أو حتى فى قطاع غزة.
الزيارة الأولى للعمادى تزامنت مع إحدى مسيرات الجمعة الأسبوعية ضد الاحتلال الإسرائيلى، ولاقى خلالها استقبالاً ساخطاً ورافضاً من جانب الشبان الفلسطينيين، بلغ حد رشقه ومرافقيه بالحجارة وسط هتافات تتهمه بالعمالة، وهو ما أجبره على اختصار زيارته والعودة أدراجه إلى قطر. وقوبلت تلك الزيارة بانتقادات واسعة من جانب مختلف القوى الفلسطينية باستثناء حماس وحلفائها. واعتبر مسئولون فلسطينيون أن التحركات القطرية فى غزة تندرج فى إطار «مخطط تآمرى» يضم حماس، ويرمى للإجهاز على القضية الفلسطينية، وإدامة الانقسام الحالى. ويشير هؤلاء المسئولون إلى تعمد النظام القطرى دفع أموال إلى الأمم المتحدة لتشترى بها المنظمة الأممية وقوداً من إسرائيل وتوجهه إلى غزة، بدلاً مما كان مُتعارفاً عليه من قبل من منح هذه الأموال إلى مسئولى السلطة لشراء الوقود وتسليمه إلى القطاع، وهو ما يمثل تجاهلاً سافراً لمطالب القيادات الفلسطينية بضرورة مرور أى مساعدات عبر حكومة رامى الحمد الله.
فى تقرير لها نقلت «جيروزاليم بوست» عن منير الجاغوب وهو أحد المتحدثين باسم حركة فتح فى الضفة الغربية قوله، إنه ليس هناك من مبرر لتحويل الأموال إلى غزة بعيداً عن القنوات الخاصة بمنظمة التحرير الفلسطينية، مُشيراً إلى أن المساعدات القطرية تذهب إلى «حماس» وليس إلى فلسطينيى القطاع. ويُخشى من أن تستخدم الحركة النقود القطرية التى تتلقاها لصرف رواتب مسلحيها بدلاً من أن تُخصص كما هو مُعلن لسداد الرواتب المتأخرة منذ شهور طويلة لقرابة 30 ألف موظف حكومى عينتهم «حماس» منذ استيلائها على السلطة فى غزة. وأكد الجاغوب أن ما تقوم به قطر على صعيد تقديم عشرات الملايين من الدولارات إلى حركة حماس يشكل جزءاً من «خطة أمريكية إسرائيلية لفصل غزة عن الضفة الغربية والقدس»، قائلاً إن هذه الأفعال من جانب الدوحة تأتى كذلك «فى سياق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية».
المسئولون الفلسطينيون يرون أن تسليم «نظام الحمدين» هذه الأموال إلى حماس بدلاً من إعطائها لمؤسسات السلطة الشرعية لتوزيعها، يمثل الآن جزءاً كبيراً من المشكلة التى تَحول دون إنهاء الانقسام فى الأراضى الفلسطينية، باعتبار أن ذلك يشجع الحمساويين على تبنى مواقف أكثر تعنتاً. وقال هؤلاء إن النقود القطرية تجعل حماس تشعر بأنها قويةٌ فى الوقت الحاضر، وتدفعها لئلا ترى أن هناك سبباً يحدو بها إلى التوصل إلى تسويةٍ للوضع المتأزم فى غزة، أو التجاوب مع الجهود الإقليمية الرامية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.