ياسر بركات يكتب عن: البنتاجون يتخلى عن ترامب !.. زلزل إعلان الطوارئ يهز البيت الأبيض
إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نيته اقتطاع أموال من موازنات عدد من الوزارات، وخصوصا من موازنة وزارة الدفاع، لبناء الجدار مع المكسيك، بعد إعلانه حالة الطوارئ، أثار استياء المشرعين الأمريكيين والطبقة السياسية، وقادة البنتاجون بحسب بعض الأوساط. ونقل عن قادة في وزارة الدفاع نفيهم لادعاءات الرئيس بأنه تشاور معهم قبل إعلانه حالة الطوارئ، وأن تقييمهم لأوضاع الحدود مع المكسيك لا يتفق مع اعتباراته السياسية والانتخابية.
الديمقراطيون في مجلس النواب تقدموا، يوم الجمعة، بمشروع قانون يهدف إلى عرقلة وإنهاء حالة الطوارئ الوطنية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أيام لتوفير تمويل لبناء الجدار على الحدود الجنوبية للبلاد. ويدعم مشروع القانون، الذي قدمه النائب الديمقراطي جواكين كاسترو، من ولاية تكساس، 222 عضوا آخرين. ومن المتوقع أن يمر الإجراء في مجلس النواب، الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، لكنه سيحتاج إلى دعم الجمهوريين حتى يتم تمريره في مجلس الشيوخ، الذي تسيطر عليه أغلبية جمهورية. وأعلنت رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي (كاليفورنيا)، أنه سيتم التصويت على مشروع القانون يوم الثلاثاء المقبل. وأضافت، في تصريحات للصحفيين، الجمعة، أن "تصرف الرئيس غير شرعي ويدمر دستورنا وبالتالي ديمقراطيتنا. لا يقتصر الأمر على عدم احترام السلطة التشريعية ودستور الولايات المتحدة، بل إنه يهين المكتب الذي يخدم فيه".
في حالة تم تمرير القانون في مجلس النواب سيتوجب على مجلس الشيوخ التصويت عليه في غضون ثمانية عشر يوما. وأعلن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر (ديمقراطي من ولاية نيويورك)، يوم الخميس، أنه سيطرح مشروع قرار مشابه لتشريع مجلس النواب لعرقلة إعلان حالة الطوارئ. وقال شومر، في تصريحات صحفية: "هذه القضية تتجاوز السياسة الحزبية، وأنا أحث جميع أعضاء مجلس الشيوخ - الديمقراطيين والجمهوريين - على دعم هذا القرار عندما يعرض للتصويت في مجلس الشيوخ". وقد أظهر الجمهوريون بعض المخاوف من تداعيات القرار.
يحتاج الديمقراطيون إلى ما لا يقل عن أربعة جمهوريين في مجلس الشيوخ حتى يتم تمرير القرار في الكونجرس بغرفتيه. وقد انضمت السيناتورة الجمهورية سوزان كولينز هذا الأسبوع إلى كتله المعارضين وأعلنت أنها ستصوت لصالح مشروع الإلغاء. ويتركز التحدي الرئيسي عند الجمهوريين في مجلس الشيوخ، حيث إنهم يمثلون ولايات بأكملها وليس أحياء صغيرة، كما هو الحال بالنسبة لأعضاء مجلس النواب. ولذلك فإن حجم الضغوط الملقاة على عاتق الجمهوريين في مجلس الشيوخ لرفض حالة الطوارئ والتوقيع على مشروع القانون المقدم من الديمقراطيين، كبيرة جدا مقارنة بالضغوط على النواب الجمهوريين.
كثيرون من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين، أعلنوا عن معارضتهم لإعلان حالة الطوارئ، وحذروا من أنه يمكن أن يشكل سابقة لرئيس مستقبلي لإعلان حالة الطوارئ للالتفاف على الكونجرس في قضايا أخرى، مثل تغير المناخ أو الرقابة على الأسلحة، التي تمثل قضية شائكة وتثير كثيرا من الجدل. ولكن المشكلة لا تبدو في تمرير مشروع القرار من عدمه، بل إن التحدي الأكبر الذي سيواجه الديمقراطيين هو كيفية مواجهة حق الفيتو للرئيس الأمريكي الذي هدد باستخدامه إذا مرر الكونجرس مشروع القانون. فإذا افترضنا أن الديمقراطيين تمكنوا من تمرير مشروع القانون في المجلسين، فسيقوم الرئيس باستخدام حق الفيتو الرئاسي، الذي يخوله له الدستور، للاعتراض على قرار الكونجرس.
لن ينته الأمر عند هذا الحد، حيث يمكن للكونجرس مواجهة حق الفيتو الرئاسي والتغلب عليه، ولكن يستلزم ذلك موافقة أغلبية الثلثين في المجلسين، وهو أمر غير محتمل في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ، كما أن الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب لا تصل إلى الثلثين. هذا فضلا عن أن أغلبية الجمهوريين في المجلسين ما زالوا يؤيدون قرارات الرئيس ترامب بصرف النظر عن توابعها. وبينما أبدى بعض الجمهوريين في مجلس النواب استعدادهم لتحدي الرئيس ترامب من خلال دعم مشروع القانون، أعرب البعض عن مخاوفهم بشأن تحركات الرئيس الفردية. كما أن هناك تحفظات مستمرة من جانب كثير من الجمهوريين حول شرعية إعلان حالة الطوارئ من جانب الرئيس. وينقسم الجمهوريون في الكونجرس حول قرارات ترامب لأسباب سياسية وعلمية، حيث إن بعض قرارات الرئيس تؤثر سلبا على شعبية الحزب الجمهوري بشكل عام، وعلى شعبية الأعضاء المؤيدين له في بعض القضايا بشكل خاص.
النائب الجمهوري جاستن آماش (عن ولاية ميشيجان) انتقد إعلان حالة الطوارئ، وقال إن ترامب يبالغ في صلاحيات القوى التي خولها له قانون الطوارئ الوطني. وقال: "أحد الشروط الأساسية لإعلان حالة الطوارئ، هو أن يتطلب الوضع اتخاذ إجراء فوري، وليس لدى الكونجرس فرصة للتصرف. دونالد ترامب يحاول التحايل على نظامنا الدستوري". كما أعلن النائب الجمهوري روجر ويليامز أنه لا يوافق على إعلان ترامب لحالة الطوارئ، وقال إنه يخشى أن تؤدي استراتيجية ترامب لبناء الجدار، إلى سرقة الأموال الفيدرالية من ولاية تكساس.
على الفور، استغل الديمقراطيون تصريحات ويليامز للترويج لفكرة أن أنصار ترامب وأشد مؤيديه يعتقدون أن الرئيس قد ذهب بعيدا جدا. وهو ما جعل ويليامز يعدل من موقفه، بعد ساعات قليلة من تصريحاته، عبر نشر سلسلة من التغريدات أوضح فيها أنه يؤيد الرئيس، وأنه لن ينضم إلى الديمقراطيين في قرارهم برفض إعلان الطوارئ، وقال إن ترامب اتخذ إجراءات تنفيذية لأن الكونجرس فشل في تأمين الحدود بشكل مناسب.
من جانب آخر، تشير استطلاعات الرأي إلى أن إعلان ترامب لحالة الطوارئ لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك يحظى بتأييد ساحق من الناخبين الجمهوريين، وهو ما يترك المشرعين الجمهوريين في حيرة خاصة إذا أرادوا تحدي رئيس ما زال يحظى بشعبية كبيرة بين قاعدته الانتخابية. وقال دوج هاي، المتحدث السابق في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري: "ما دامت شعبية ترامب مع الناخبين الجمهوريين لا تزال في مستويات 80 في المائة إلى 90 في المائة، فمن الصعب أن نرى كيف ستتغير القوانين السياسية".
كان الرئيس ترامب أعلن حالة الطوارئ الوطنية، يوم الجمعة الماضي، بعد فشل المفاوضات، التي دامت لعدة أشهر، بين المشرعين في الكونجرس في توفير مبلغ 5.7 مليار دولار الذي يطالب به ترامب لبناء الجدار. وجاء إعلان ترامب لحالة الطوارئ بعد ساعات من توقيعه على صفقة تمويل الحكومة التي لم تتضمن تمويل الجدار.
وتسمح حالة الطوارئ للرئيس بإعادة تخصيص أموال بعض الهيئات الفيدرالية وهو ما يمكنه من توفير التمويل اللازم لبناء الجدار. ومن المرجح أن يسمح إعلان حالة الطوارئ للرئيس بالحصول على ما يصل إلى 8 مليارات دولار من وكالات وهيئات فيدرالية مختلفة، ويتضمن ذلك 3.6 مليار دولار من مشروعات البناء العسكرية، فضلا عن 601 مليون دولار من برنامج مصادرة الأصول في وزارة الخزانة و2.5 مليار دولار من برنامج مكافحة المخدرات.
يوم الجمعة الـ15 من فبراير الجاري، عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤتمراً صحفياً مطولاً في حديقة الزهور بالبيت الأبيض. رسالته الرئيسية في هذا المؤتمر كانت إعلانه حالة طوارئ وطنية من أجل الالتفاف على الكونجرس والحصول على المال من مكان آخر من أجل الجدار الذي وعد به على طول الحدود الأمريكية المكسيكية. إذ يعتزم الحصول على المال المطلوب عبر تحويل أموال مرصودة لميزانيات متنوعة تابعة لوزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي إلى مشاريع أخرى.
إعلان ترامب أتى بعد ساعات على تصويت كلا غرفتي الكونجرس الأمريكي على تشريع لتمويل الحكومة الأمريكية حتى 30 سبتمبر 2019. هذا التصويت كان ضرورياً من أجل تجنب إغلاق جزئي آخر للحكومة الأمريكية. وتتضمن الميزانية الجديدة من جملة ما تتضمنه 1.3 مليار دولار من أجل أشغال إنشاء حواجز جديدة على طول 55 ميلاً من الحدود الأمريكية المكسيكية البالغ طولها 2000 ميل. غير أنه بالنسبة لترامب وأكثر مناصريه تشدداً، اعتُبر توافق الكونجرس بشأن الميزانية هزيمةً يجب تصحيحها من خلال إعلان حالة الطوارئ.
معظم الديمقراطيين وعددٌ مهمٌ من الجمهوريين نددوا بعمل الرئيس الذي اعتبروا أنه يمثل خرقاً للتعديل الأول للدستور الأمريكي الذي ينص على أن الكونجرس، وليس الجهاز التنفيذي، هو الذي لديه السيطرة على تخصيص الأموال الفيدرالية. وعلى إثر هذا الإعلان، رفعت 16 ولاية أمريكية، من بينها كليفورنيا، دعاوى قضائية تطعن في قانونية الإعلان. دعاوى تقوم على حجتين رئيسيتين هما: أنه لا توجد حالة طوارئ، وأن إعادة تحويل اتجاه مال خصصه الكونجرس لأغراض معينة هو أمر مخالف للقانون. وفضلاً عن ذلك، تخشى بعض الشخصيات الجمهورية البارزة أنه إذا استطاع ترامب إعلان حالة طوارئ استناداً إلى حجة واهية تقول بوجود تهديد وشيك يطرحه المهاجرون غير القانونيين، فإن من شأن هذا أن يؤسس لسابقة قد يستخدمها رئيس ديمقراطي مستقبلاً لإعلان حالة طوارئ وطنية بخصوص عنف الأسلحة النارية، أو معاملة الأقليات، أو تقادم البنية التحتية.
سبب إعلان ترامب حالة الطوارئ يتعلق بمناصريه الأكثر ولاءً ووعوده الكثيرة لهم ببناء جدار عظيم تدفع ثمنه المكسيك. بيد أنه سرعان ما أدرك أن المكسيك لن توافق أبداً على مثل هذا المقترح، فحاول إقناع الكونجرس بتخصيص مبالغ كبيرة من المال للجدار. غير أن انتصار الديمقراطيين في انتخابات 2018 النصفية ونجاحهم في استعادة السيطرة على مجلس النواب بددت هذا الأمل. وهذا ما أدى إلى حالة الجمود في الكونجرس وما تلاها من إغلاق جزئي للحكومة الأمريكية استمر 35 يوماً.
توالي المواقف التي يدلي بها علنا قادة عسكريون كبار بما يتناقض مع ما يقوله ترامب، خصوصا في الجانب المتعلق بالعمليات العسكرية ونشر القوات والحروب التي تخوضها سواء ضد "داعش" أو المجموعات الإرهابية الأخرى أو على الحدود مع المكسيك وصولا إلى أفغانستان، تظهر أن سوء الفهم والتباعد بات كبيرا بين المؤسستين العسكرية والرئاسية. وبرزت في الساعات الأخيرة تحذيرات من انعكاس سياسات ترامب على وحدة الحزب الجمهوري نفسه. وقالت أوساط سياسية بأن هناك تخوفا جديا من حصول انقسام داخل الحزب قد يؤدي إلى فرز بين قياداته، وانضمام عدد من شيوخه ونوابه إلى الحملة التي يستعد الديمقراطيون لإطلاقها لإبطال قانون حالة الطوارئ، دفاعا عما سموه "دولة القانون ورفضا لتحويل الولايات المتحدة إلى دولة سلطوية".
في هذا الوقت حذرت أوساط مطلعة على مناقشات داخل أروقة البنتاجون من أن الخلافات مع الرئيس، قد تؤدي إما إلى مزيد من الاستقالات والإقالات من المؤسسة العسكرية، أو الاتفاق على تسويات مقبولة تراعي أجندة المؤسستين.
وكان قرار ترامب المفاجئ بسحب القوات من سوريا قد أدى إلى استقالة كل من وزير الدفاع جيم ماتيس والمبعوث الخاص لدى التحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكجورك. وبدوره كرر قائد القوات الأمريكية الوسطى جوزف فوتيل الذي يغادر منصبه قبل سنة ونصف من انتهاء مدته بطلب من الرئيس، كرر موقفه خلال وجوده في دولة عُمان من قضية سحب القوات من سوريا وقال إن الرئيس لم يستشره ولم يطلب تقييمه قبل اتخاذ قراره.
قادة كبار آخرون في البنتاجون كقائد العمليات الخاصة الجنرال رايموند توماس ومساعد وزير الدفاع لشؤون العمليات الخاصة أوين ويست أكدوا خلال جلسات استماع أمام الكونجرس هذا الأسبوع على ما وصفوه بالمخاطر التي ستنجم عن الانسحاب السريع وغير المنظم سواء من سوريا أو أفغانستان قبل إنجاز المهمة.
الأسبوع الماضي شهد انتقادات وجهت للإدارة الأمريكية التي رعت ونظمت مع بولندا مؤتمر وارسو للأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط. واعتبرت أن تركيز واشنطن على ملف إيران في ظل نيتها الانسحاب من ميادين المواجهة معها، يفقدها القدرة والأدوات لتطبيق سياسة عزلها، فيما طهران تعزز علاقاتها مع حلفاء آخرين على رأسهم روسيا وتركيا، بما يجنبها تداعيات الضغوط الأمريكية. وفي المقابل تدافع أوساط محافظة عن سياسات ترامب، ويقول نيل جاردنر إن الإجراءات العقابية الاقتصادية تفعل فعلها بعد انسحاب الشركات الأوروبية الكبرى، مؤكدا أن الحكومات الأوروبية ستدرك في النهاية أنه لا يمكن تحقيق أي مكسب من محاولة التحايل على العقوبات الأمريكية. ويعتقد جاردنر أن بريطانيا قد تنفصل عن ألمانيا وفرنسا في موقفها من إيران وقد تنسحب من الاتفاق النووي معها بعد تنفيذ "بريكست" مع الاتحاد الأوروبي واحتمال تغيير رئيسة الوزراء تيريزا ماي هذا العام. ويؤكد جاردنر أن الضغط الاقتصادي يجب أن يقترن بالجهود المبذولة لعزل إيران على الساحة العالمية، وتقوية حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، وبناء القدرة العسكرية الأمريكية.
مقابل تمسك واشنطن بموقفها الداعي إلى الانسحاب من الاتفاق النووي والتفاوض على اتفاق جديد، يرى البعض أن إبقاء الأوروبيين على التزامهم بالاتفاق النووي يصب في مصلحة واشنطن، ويسمح لنظام التحقق المفروض من ضمن آليات الاتفاق بمواصلة الرقابة على أنشطة طهران النووية. فالأوروبيون يحاذرون على الأقل في هذه المرحلة تقديم انتصارات لإدارة ترامب، ويراهنون على أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها سياسات الولايات المتحدة وخياراتها الاستراتيجية لن تبقى على حالها، في انتظار انتخابات عام 2020 لعلها تسفر عن نتيجة تغير المسار الذي أنتجته سياسات ترامب.
الواقع يقول إن ترامب لا يستطيع تحمل الكلفة السياسية والاقتصادية لإغلاق حكومي آخر. ذلك أن أغلبية الأمريكيين حمّلت ترامب مسؤولية الإغلاق الأخير الذي يعتقد كثير من الخبراء الآن أنه ألحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد وببعض الوكالات الأمريكية، مثل إدارة الطيران الفيدرالية، ومحاكم الاستئناف الأمريكية، وإدارة المنتزهات الوطنية. كما تسبب في معاناة كبيرة لمئات الآلاف من المتعاقدين وأصحاب الشركات الصغيرة الذين يعتمدون على الوكالات الفيدرالية وموظفيها في كسب قوتهم والذين لم يتلقوا، خلافاً للموظفين الفيدراليين، أي رواتب بأثر رجعي بعد إعادة فتح الحكومة.
ترامب يؤكد أن لديه الصلاحيةَ لإعلان حالة طوارئ استناداً إلى "قانون حالات الطوارئ الوطنية" لعام 1976 الذي يمنح الرئيس حرية كبيرة للتصرف في حالات أزمات حقيقية، مثل هجوم إرهابي على الولايات المتحدة أو كارثة طبيعية كبيرة. والحقيقة أنه منذ 1976 استخدم كل الرؤساء السبعة هذه الصلاحية في مناسبات متعددة؛ لكن المشكلة بخصوص الخطوة التي أقدم عليها ترامب هي أن أغلبية الأمريكيين لا يصدقون أن ثمة حالة طوارئ حقيقية على الحدود الأمريكية المكسيكية. صحيح أن ثمة مشاكل حقيقية يجب أن تعالَج بخصوص الهجرة غير القانونية، وتهريب المخدرات، وتهريب البشر. غير أن معظم المراقبين الموضوعيين يرون أن ترامب إنما يبالغ في تصوير العنف والجريمة اللذين يرتكبهما المهاجرون غير القانونيين وأن إشاراته المتكررة إلى قوافل المهاجرين التي تجتاح الحدود الأمريكية غير المحمية جيداً، مبالَغ فيها.
لكن ترامب يعلم أن هذا الموضوع يمثل "ورقة رابحة" أمام قاعدة مناصريه، وسيحرص على أن يجعل من الهجرة غير القانونية موضوعاً رئيسياً لحملة إعادة انتخابه في عام 2020. أما ما إن كان هذا سيكون موضوعاً انتخابياً مثيراً للانقسام، فذاك سيتوقف على أحداث مهمة أخرى يمكن أن تحدث خلال عشرين شهراً المقبلة، مثل ركود اقتصادي، أو حرب في الشرق الأوسط، أو ازدياد الإرهاب، أو زلازل أو أوبئة. والحاصل أن ترامب لم يواجه أزمة حقيقية حتى الآن في العامين اللذين قضاهما في السلطة؛ ولا أحد يعرف كيف سيحكم البلاد حين تحدث إحداها.