الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:52 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: البى بى سى .. منصة تدمير وليست منبر إعلام


مراسل فى هيئة الإذاعة البريطانية يكشف أكبر فضيحة للإعلام المدفوع
ـ المحطة فبركت فيديوهات عن هجوم بالكيماوى فى سوريا
حلف شمال الأطلسى شن ضربات على المدنيين بعد التضليل الإعلامى واستهدف مصانع ومستشفيات
لم تسفر القمة الثلاثية فى سوتشى، عن تحقيق تقدم على صعيد مساعى تقريب وجهات النظر بين روسيا وتركيا وإيران حيال الوضع فى إدلب، والتطلعات التركية لإقامة منطقة عازلة على طول الشريط الحدودى مع سوريا. وفى حين بقى الملفان عالقين، بانتظار الاجتماع مجدداً بين رؤساء البلدان الثلاثة فى تركيا الشهر المقبل، برز توافق على صعيد تأسيس اللجنة الدستورية، وضرورة إطلاق عملها فى أسرع وقت، كما تطابقت وجهات نظر الأطراف حيال التشكيك بنيات الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا.
على غير التوقعات التى رجحت قبل انعقاد القمة أن تكون «حاسمة» بشأن اتخاذ خطوات مشتركة على الصعيدين الميدانى والسياسى، وهى ترجيحات عززتها اللهجة القوية لروسيا قبل القمة حول «ضرورة عملية عسكرية» فى إدلب لتقويض نفوذ «جبهة النصرة»، جاء تباين التصريحات فى المؤتمر الصحفى الختامى للرؤساء؛ فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان وحسن روحانى، ليعكس فشل الأطراف فى حسم هذا الملف. وفيما تحدث بوتين وروحانى بلغة قوية، عن «ضرورة إنهاء الوجود الإرهابى فى سوريا» و«تسليم كل الأراضى السورية للسلطات الشرعية»، جدد أردوغان التأكيد على رفض شنّ عمل عسكرى فى إدلب، وقال إنه «لا يمكن تكرار سيناريو حلب».
كان لافتاً أن اللهجة الروسية تراجعت بعد القمة حول ملف إدلب، وقال الناطق باسم الكرملين دميترى بيسكوف، رداً على أسئلة الصحفيين، إنه «لا يوجد حديث عن عملية عسكرية فى إطار خطوات إضافية تهدف إلى تحسين الوضع فى إدلب السورية». فقد بدأ بوتين الحديث فى المؤتمر الصحفى بالتأكيد على أهمية المحافظة على «مسار آستانة» واللقاءات التى تنعقد على مستوى الخبراء من البلدان الثلاثة، وممثلى الحكومة والمعارضة فى سوريا، والمراقبين من الأمم المتحدة ومن بلدان أخرى. وزاد أن «عدداً من البلدان أبدت اهتماماً بالمشاركة فى المسار، وسوف تحضر بصفة مراقبة».
بوتين أشار إلى أن الجولة المقبلة من مفاوضات آستانة سوف تنعقد فى «نهاية مارس وبداية أبريل فى العاصمة الكازاخية». وقال إنه بفضل التعاون الروسى التركى الإيرانى تم «توفير ظروف ملائمة للاستقرار فى سوريا، وإطلاق عملية سياسية وفقاً للقرار الدولى 2254، مبدأ المحافظة على وحدة وسيادة الأراضى السورية». وأشار إلى تحقيق تقدم مهم فى تشكيل اللجنة الدستورية السورية، وأهمية إطلاق عملها فى أسرع وقت. ولفت بوتين إلى الأهمية التى توليها موسكو لتطبيع العلاقات بين دمشق والبلدان العربية، واستعادة سوريا مقعدها فى الجامعة العربية، ورأى أن ذلك يشكل أساساً لإطلاق مشروعات إعادة الإعمار وتوفير الظروف المناسبة لعودة اللاجئين.
ظهر التباين عندما تحدث بوتين عن إدلب، مذكراً بأن الاتفاق مع تركيا نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح، وعلى عزل الإرهابيين، وقال إنه لا يمكن «التصالح مع الإرهاب، ولا يمكن السماح بأن يبقى الإرهابيون من دون عقاب». وجدد التأكيد على أنه «فى النهاية لا بد أن تنتشر القوات السورية على كل أراضى سوريا». وأشار بوتين إلى أن سحب واشنطن قواتها من سوريا «ستكون خطوة إيجابية»، مؤكداً أهمية إعادة هذه المناطق لسيطرة الحكومة السورية، لكنه أعقب أن بلاده «لا ترى خطوات عملية على الأرض لتنفيذ قرار الانسحاب». وكان لافتاً أن الرئيس الروسى أشار إلى أن نظيره الأمريكى «يعمل بشكل نشط لتنفيذ وعوده الانتخابية. الأمر الذى يحصل بشكل نادر فى الولايات المتحدة». لكنه استدرك أن «الوضع السياسى الداخلى لا يساعد دوماً فى تحقيق الأهداف التى يضعها لنفسه».
روحانى اتفق مع التقييم الروسى حول إدلب،. وقال إن «مكافحة الإرهاب فى المناطق التى ما زال يسيطر عليها أمر حتمي»، محذراً من الإرهابيين «إذا عادوا إلى بلدانهم سوف يثيرون الفتن والنزاعات». واتهم أطرافاً لم يحددها بأنها تعمل على نقل إرهابيين إلى أفغانستان. وقال إن هذا «يشكل خطراً على منطقة آسيا الوسطى والمناطق المحيطة بها». وشكك بقرار الانسحاب الأمريكى من سوريا، وقال إنهم (الأمريكيين) «إذا انسحبوا فعلاً فسيكون ذلك خبراً ساراً للسوريين، وإذا فعلوا الأمر ذاته فى العراق وأفغانستان فسيكون خبراً ساراً لشعبى البلدين». وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية على مناطق فى سوريا، منتقداً صمت المجتمع الدولي.
الرئيس التركى قال إنه «لا بد من تدمير الإرهاب أينما وجد، وتركيا عانت من هجمات إرهابية لمدة 34 سنة». لكنه عندما تحدث عن إدلب، قال إن الأطراف الثلاثة اتفقت على «المحافظة على الوضع، والعمل على تنفيذ اتفاق المنطقة منزوعة السلاح»، وزاد أن «السوريين دفعوا ثمناً باهظاً خلال سنوات، ولا نريد كوارث إنسانية جديدة مثلما حدث فى حلب». وأكد أن الجانب التركى «بذل كثيراً من الجهود، وسيواصل العمل لتنفيذ بيان إدلب» (اتفاق سوتشى، الموقع فى سبتمبر 2018). مجدداً التأكيد على أهمية المحافظة على نظام وقف النار. ودعا إيران وروسيا إلى حمل النظام السورى على الالتزام بوقف النار. وقال إن الأطراف الثلاثة تطرقت إلى مسألة الانسحاب الأمريكى، وزاد أنه «إذا انسحبت واشنطن بالفعل، فلا يمكن السماح بفراغ فى منطقة الشمال، ولا يمكن السماح بأن تملأ (داعش) أو القوات الكردية هذا الفراغ»، مجدداً التأكيد أن أنقرة تعمل على إنشاء منطقة آمنة «حتى لا نسمح بتحويل المناطق الحدودية إلى ممرات لعبور الإرهابيين».
أردوغان اعتبر أن قرار واشنطن الانسحاب من سوريا يعتبر «امتحاناً مهماً جداً» لها، وأشار إلى أن الغموض لا يزال يكتنف تطبيق هذا القرار، مؤكداً ضرورة العمل المشترك مع روسيا فى معالجة تداعياته. وقال إنه بحث مع الرئيسين الروسى والإيرانى مسألة العودة إلى اتفاق أضنة، ليكون أساساً للحوار، و«سنبحث هذا الشأن لاحقاً». وكشف أردوغان عن اتفاق على عقد قمة ثلاثية جديدة فى تركيا الشهر المقبل. ودفع هذا الإعلان إلى ترجيح أن يكون ضامنو آستانة قرروا إرجاء حسم الملفات الخلافية، وتوفير فرصة إضافية حتى موعد القمة المقبلة، لدراسة الخيارات المطروحة.
لاحقا، ورداً على أسئلة الصحفيين، جدد بوتين التأكيد على أن موسكو ترى فى اتفاق أضنة أساساً مهماً للحوار بين أنقرة ودمشق، وقال إن «لدى الطرفين اتفاقاً ينظم عملاً مشتركاً لمكافحة الإرهاب، وأرى أنه يشكل أساساً مهماً فى الوقت الحالي». وكان أردوغان وجّه قبل القمة الثلاثية إشارة إلى موسكو، التى أدانت عدة مرات انطلاق عمليات هجومية من إدلب على قاعدة حميميم، وقال إن بلاده «تبذل قصارى جهدها من أجل منع هجمات على قاعدة حميميم العسكرية الروسية. وتنسق هيئاتنا العسكرية فيما بينها فى هذا الشأن»، مضيفاً أن طائرات بلا طيار تركية لم تكتشف أى معدات ثقيلة فى تلك المنطقة.
بالتزامن، تجددت معركة الموضوعية والفبركة فى وسائل الإعلام الدولية، وتوظيف الصور والفيديوهات لأهداف سياسية، وذلك على خلفية ما كشفه أحد العاملين فى هيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، حول فبركة فيلم عن ضحايا الكيماوى فى سوريا شنت قوات التحالف بناء عليه هجمات ضد مواقع سورية العام الماضى، وفى 7 إبريل 2018 نقلت وسائل إعلام غربية تقارير عن الجمعية الطبية السورية الأمريكية، ومنظمة الخوذ البيضاء، إعلانهما فى بيان مشترك، عن مقتل 49 شخصا جراء استخدام القوات السورية سلاحا كيميائيا فى مدينة دوما فى الغوطة، وبناء عليه شن حلف شمال الأطلسى ضربات على مناطق فى سوريا قال إنها مصانع إنتاج الكيماوي.
بين التقارير الإعلامية التى تم على أساسها قصف سوريا تقرير بالفيديو عرضته «بى بى سي» بزعم أنه لضحايا الكيماوى فى مستشفى دوما شرقى دمشق عقب هجوم كيميائى، لكن مؤخرا كشف المنتج والمراسل فى هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سي»، ريام دالاتى، عن فبركة مشاهد الهجوم الكيميائى فى مستشفى دوما بسوريا، وأعلن فى تغريدات على «تويتر» أنه أجرى تحقيقات على مدى 6 أشهر، واكتشف أن المشاهد التى قيل إنها صورت فى مستشفى مدينة دوما بالغوطة الشرقية، يوم الهجوم الكيميائى فى إبريل الماضى كانت «مجرد مسرحية». وبالتالى، أكدت روسيا أن تقرير «بى بى سى» ليس مجرد خطأ للمراسل، لكنه جزء من سياسة بريطانية فى توظيف الإعلام لصالح مصالحها وأهدافها، لكن الهيئة الإعلامية البريطانية، تؤكد أن الهجوم وقع وأن تشكيك مراسلها، يتعلق بالصور وليس بالموضوع.
الخارجية الروسية قالت إن ما كشفه مراسل «بى بى سي»، يؤكد ما ذهبت إليه روسيا وقتها عندما أكدت أن المشاهد مزيفة، وأن شهادة مراسل الهيئة البريطانية تثبت تزوير التحالف الغربى للوقائع المتعلقة بتلك الحادثة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: «نتيجة تزوير التحالف الغربى بقيادة أمريكا للوقائع حول هجوم دوما تم شن عدوان جوى على سوريا، ونحن كشفنا هذا التزوير، لكن الغرب اختبأ وراء روايات شهود العيان المزعومين الذين شاركوا فى الدعاية لتعزيز صحة مزاعم التحالف». وعلّقت «بى بى سي» أن مراسلها دالاتى تحدث عن اللقطات فقط، ولم ينف وقوع الهجوم على الغوطة، لكن الروس ردوا بأن الغرب لن يتوقف حتى لو اكتشفوا فبركة الأدلة، لأنهم ضالعون فى هذه الفبركة لتبرير عدوانهم.
ليست تلك هى المرة الأولى التى يجرى فيها الحديث عن فبركة أدلة استعمال الكيماوى، ففى 2016 أثيرت قضية قصف بالكيماوى، وشنت الولايات المتحدة ضربات بالصواريخ، بناء على تقارير منظمة «أصحاب الخوذات البيضاء»، والتى كانت مصدر الصور، وبعد شهور كشفت منظمة «أطباء سويديون من أجل حقوق الإنسان» تقريرا كشفت فيه عن ما أسمته «خداع الخوذات البيضاء»، قالت إن أعضاء «الخوذات» زيفوا الصور والفيديوهات، حيث ظهر ضحايا مفترضون يفتحون عيونهم قبل انتهاء التصوير، كما أن المنظمة نشرت صورا، زعمت أنها لضحايا سوريين، اتضح أنها لضحايا من العراق وخارج سوريا.