الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:43 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: الصين تثير الرعب فى تل أبيب


ـ المخابرات الأمريكية تطلب تقارير عن استثمارات بكين.. وإسرائيل ترضخ
ـ تهديدات البيت الأبيض تسببت فى إلغاء مشروع مخابراتى عسكرى تكلف 220 مليون دولار
ـ المخابرات الإسرائيلية تدخلت لإلغاء صفقة تجارية ضخمة لشراء شركات التأمين إرضاء لترامب
بعد أيام قليلة من الاحتجاج الأمريكى الرسمى على ضخامة الاستثمارات الصينية فى البنى التحتية لإسرائيل والمشروعات الاستراتيجية الضخمة، خرج رئيس الشاباك (جهاز الأمن العام) فى تل أبيب، نداف أرجمان، بتحذير أشد قال فيه إن "من شأن هذه الاستثمارات أن تهدد أمن إسرائيل". وأضاف أرجمان، خلال محاضرة ألقاها فى جامعة تل أبيب، أن "هنالك حاجة ماسة لأن يتم سن قانون صارم لفرض رقابة على هذه الاستثمارات تمنع المساس بأمن إسرائيل".
المعروف أن شركات صينية تتولى إقامة مشروعات ضخمة فى إسرائيل؛ مثل القطار الخفيف فى تل أبيب، وتجديد وتوسيع ميناء حيفا المجاور لمقر سلاح البحرية الرئيسى، وشق الأنفاق الضخمة، ومشروعات كبرى للبنى التحتية. وتنفذ هذه المشروعات شركات صينية تحرص على جلب ألوف العمال الصينيين معها. وقد كشف، الخميس، عن أن "الكابنيت" (المجلس الوزارى الأمنى المصغر فى الحكومة الإسرائيلية)، أجرى بحثا مطولا فى الموضوع، على ضوء وصول تحذيرات من عدة خبراء محليين وغربيين، تفيد بأن هناك خطرا أمنيا واستراتيجيا منها. وتقرر فحص إمكانية سن قانون إسرائيلى داخلى لفرض الرقابة.
فى المقابل، طلبت الإدارة الأمريكية ومخابراتها تفسيرات من إسرائيل حول الدور الصينى، وحذرت من تسرب معلومات عن التكنولوجيا العسكرية الأمريكية المنتشرة فى إسرائيل، إلى الصينيين "المعروفين بتشعب مخابراتهم". وقد تعامل الإسرائيليون مع هذه التحذيرات فى البداية على أنها جزء من التنافس الأمريكى مع الصين، لكن الأمريكيين ذكروا أن المسألة تتعدى التنافس التجارى لأن هناك أخطارا أمنية فى الموضوع.
هذا الموضوع تم طرحه خلال زيارة جون بولتون، مستشار الأمن القومى الأمريكى، لإسرائيل بداية الأسبوع الماضي. وتحدث بولتون بشكل خاص عن شركتى الاتصالات الصينيتين "أواى" و"د تى اى"، اللتين دخلتا مؤخرا السوق الإسرائيلية، وعن ميناء حيفا. وهدد بأن استمرار العمل الصينى فى ميناء حيفا يمكن أن يجعل الأسطول البحرى الأمريكى يقاطع ميناء حيفا.
أحد الإسرائيليين الذين حضروا الاجتماعات الأخيرة مع مسئولين أمريكيين، وصف الموقف الأمريكى، بأنه "غاضب جدا ويتحدث بكلمات لها وقع انفجار قنبلة". وقال: "لقد هددونا بوضوح بأنه فى حال لم نوقف هذه الاستثمارات الصينية فإنهم - أى الأمريكيين - ينوون التصرف بأنفسهم لإجهاض هذا الاستثمار".
وبالفعل قامت المخابرات الإسرائيلية بإلغاء صفقة تجارية ضخمة، كانت شركة صينية قد اشترت بموجبها شركة التأمين الإسرائيلية الكبرى "فينكس". وتبين أن أرجمان تدخل لدى الشركة الإسرائيلية ووزارة المالية حتى أجهضت الصفقة. كما أن المخابرات عملت على منع الإسرائيليين من شراء هواتف جوالة صينية، خوفا من استخدامها للتجسس على الإسرائيليين.
ولأن المصائب لا تأتى فرادى، كشفت مصادر عسكرية فى تل أبيب، الخميس، عن إلغاء مشروع مخابراتى عسكرى ضخم، جرى العمل على تطويره عدة سنوات، وتكلف إعداده أكثر من 220 مليون دولار، أما سبب الإلغاء فكان لأنه لم يعد ملائما لاحتياجات المرحلة.
المصادر ذكرت أن الجيش الإسرائيلى، قام بوضع عدة مشروعات لتطوير قدراته المخابراتية معتمدا على التكنولوجيا المتطورة، حتى يتمكن من مواجهة الأوضاع الأمنية فى المنطقة، بعد تدهور الوضع فى سوريا والعراق وقيام تنظيم داعش، لكنه اضطر إلى إلغاء عدد من تلك المشروعات التى أنفق عليها مئات الملايين. وبين المشروعات التى توقفت فجأة، مشروع اتصالات ضخم لشعبة المخابرات العسكرية، وآخر يتصل بمقر حديث تحت الأرض لسلاح الجو. كما كشف أحد العاملين فى وحدة التنصت التابعة لسلاح الجو أن أحد أضخم هذه المشروعات توقف فجأة، بعد ثلاث سنوات من العمل المتواصل عليه بأقصى درجة من السرية.
المشروع الذى تجاوزت تكلفته 800 مليون شيكل (220 مليون دولار)، بدأ العمل به منذ 12 عاما، ونظرا لضخامته، تقرر توظيف شركة تكنولوجيا إسرائيلية خارجية، وحددت له ميزانية وصلت إلى 400 مليون شيكل فى البداية، لمدة أربع سنوات من التطوير. ولكنه تطلب المزيد من الموارد فرفعوا الميزانية إلى 800 مليون شيكل. وقبل حوالى 5 سنوات قرر الجيش وقف المشروع، بداعى أنه "لم يعد ذا صلة بسبب تغير الميدان الأمنى". بينما رفض وزير الأمن موشى يعالون، اتخاذ إجراءات فى الجهاز الأمنى بعد احتجاجات مسئولين فى وزارة الأمن. كما رفضت شعبة المخابرات فى الجيش الإدلاء بمعلومات عن كلفة المشروع النهائية، أو الرد على أسئلة وسائل الإعلام بشأن الدروس المستخلصة أو الإجراءات التى اتخذت بحق المسئولين الذين صادقوا على المشروع.
مشروع آخر لسلاح الجو تكلف تطويره مبالغ طائلة، وتسبب فى حالة كبيرة من الجدل ليس بسبب إلغائه، ولكن لأنه لم تكن هناك أى حاجة إليه منذ البداية. فقبل عشر سنوات، بدأ العمل على تطوير منظومة أطلقوا عليها اسم "أوريون"، لتطوير القدرات المخابراتية العسكرية بما يتصل بـ"إنتاج المعلومة للسرب القتالى، بدءا من المرحلة الخام وحتى المنتوج النهائى". وفى حينه عمل عشرات المبرمجين والمهندسين والضباط على هذا التطوير، إلا أنه تقرر فى النهاية وقف المشروع.
هناك مشروع ثالث لسلاح الجو الإسرائيلى، وصف بأنه "بئر بدون قاع"، يتعلق بتطوير مقر لسلاح الجو تحت الأرض. وقبل سنتين تم الاتفاق على موعد تطويره وإنهائه، وقدرت كلفته بمئات ملايين الدولارات. ولتبرير المشروع جاء أن "الذراع الاستراتيجية لسلاح الجو تقود المعارك بين الحروب، من خلال مئات العمليات الهجومية والسرية التى تهدف إلى المس بتسلح أعداء إسرائيل بأسلحة متطورة، بدءا من إيران، مرورا بـ"حزب الله"، وحتى حركة "حماس"، إضافة إلى الحملات العسكرية التى أديرت من مقر قديم نسبيا فى مقر وزارة الأمن فى تل أبيب، مع بنى تحتية قديمة، الأمر الذى جعل إدارة المهمات عملية صعبة،.
طبقا لما جاء فى التقرير، فإنه قبل وقت قصير من افتتاح المشروع، قرر ضابط كبير فى سلاح الجو أن المقر ليس جاهزا بعد، وأنه يجب الاستثمار أكثر فى المنظومات والتطوير والميزانيات. وصودق على ذلك، ولا يزال العمل فيه مستمرا حتى اليوم تحت الأرض فى وسط تل أبيب. وبحسب الجيش، فإن تأجيل افتتاح المقر الجديد تأخر بسبب إدخال منظومات إصغاء متطورة أخرى ليكون بموجب المعايير المتطورة المطلوبة".
على الرغم من إعلان رئيس الوزراء الكرواتى، أندريه بلينكوفيتش، تفهمه لتراجع إسرائيل عن بيع جيشه 12 طائرة "إف 16" أمريكية الصنع، فإنه قرّر عدم الاكتفاء بإلغاء صفقة الطائرات، بل ألغى كل الصفقة الموقعة بين البلدين، وبموجبها تقتنى كرواتيا أسلحة وذخيرة إسرائيلية الصنع. وبذلك تكون إسرائيل قد خسرت صفقة دسمة بقيمة نصف مليار دولار.
وكان المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية، أودى آدم، قد أنهى زيارة إلى كرواتيا، يوم الجمعة، وقدّم اعتذاراً رسمياً باسم الحكومة الإسرائيلية لمسئولى المؤسسة العسكرية الكرواتية، موضحاً أن حكومته ورئيسها، بنيامين نتنياهو، ومسئولى الصناعة العسكرية الإسرائيلية بذلوا جهوداً خارقة لإتمام الصفقة، لكن الرفض الأمريكى القاطع هو الذى تسبب فى تراجع إسرائيل عنها.
معروف أن إسرائيل فازت بالمناقصة على هذه الصفقة فى مارس الماضى، وبموجبها تبيع أسلحة وذخائر وبضمنها سرب الطائرات الحربية التى خرجت من الخدمة فى سلاح الجو الإسرائيلى، وذلك بعد إجراء تحديثات كثيرة عليها وتزويدها بأنظمة توجيه إلكترونية من صنع إسرائيلي. لكن الولايات المتحدة اعترضت بشدة على هذه الصفقة. وبعد مفاوضات عسيرة على أكثر من مستوى، شارك فيها نتنياهو ووزير الأمن السابق أفيجدور ليبرمان وقادة الجيش، وافق "البنتاجون" على بيع الطائرات، بشرط أن يتم نزع الأجهزة الإلكترونية الحديثة عنها. فرفضت كرواتيا هذا الشرط. وتوجه نتنياهو إلى وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو، فى اللقاء الذى جمعهما فى البرازيل على هامش حفل تنصيب الرئيس الجديد، جائير بولسونارو، طالباً المرونة، فرفض. كما رفض وزير الدفاع الأمريكى المستقيل، جيمس ماتيس، طلب نتنياهو تخفيف شروط الولايات المتحدة بهدف إنجاز الصفقة، وقال إن موقفه نهائى، كى يقطع الطريق على بحث الموضوع مع الرئيس دونالد ترامب.
وقد أعربت كرواتيا عن غضبها من هذا التطور، وطالبت إسرائيل بتنفيذ التزامها بأى شكل. وأمهلت إسرائيل حتى يوم 11 يناير، لتنفيذ الصفقة، وإلا فإنها ستلغى الصفقة بمجملها. ثم قررت إبطال الصفقة بمجملها. وقد هرع آدم ليشرح للحكومة الكرواتية الموقف، وبعد محادثاته فى زغرب صدر بيان عن رئيس الوزراء الكرواتى جاء فيه: "أبلغنى المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية بأن إسرائيل لن تكون قادرة على توفير طراز (إف 16) الذى تعهدت به، وبالتالى فإن كرواتيا تلغى الصفقة".
وأبدت وزارة الدفاع الكرواتية تفهماً للموقف الإسرائيلى، فقالت فى بيان إن "إسرائيل لم تكن قادرة على التغلب على معارضة الولايات المتحدة لصفقة ببيع 12 طائرة إلى كرواتيا". وقال آدم، فى بيان: "لسوء الحظ، لم تكتمل شروط الصفقة ولم نتمكن من إتمامها بسبب مشكلات لم يكن من الممكن توقعها، ولم تكن تحت سيطرة الدولتين (إسرائيل وكرواتيا). تتوقع وزارة الأمن الإسرائيلية مواصلة التعاون المثمر مع كرواتيا، سنبذل قصارى جهدنا لتعميق علاقتنا فى مجالات واسعة".