الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:52 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: نيران الإخوان تسعى لإحراق تونس الخضراء

قائد السبسى يصرخ: الإخوان اخترقوا المؤسسة العسكرية
راشد الغنوشى زرع الجواسيس.. ونحن ندفع الثمن
السؤال الكبير فى تونس اليوم هو: هل وصلت العلاقة بين رأسى السلطة التنفيذية من جهة، وبين الرئيس قائد السبسى وقيادة "النهضة" من جهة ثانية إلى القطيعة النهائية أو أن الأمر لا يتجاوز لعبة تصعيد الضغوطات لتحسين شروط التفاوض حول المشهد السياسى استعداداً لانتخابات 2019 الرئاسية والبرلمانية؟ الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى اتهم حركة "النهضة" بالتخطيط لقتله، وأشار إلى أن لديها "جهازاً سرياً" له امتدادات فى الدولة. وجاءت تصريحات السبسى غداة إعلان المحكمة العسكرية فى العاصمة التونسية فتح تحقيق حول محاولة الانقلاب على الرئيس السبسى، نُسبت إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد ومدير عام الأمن الرئاسى وعدد من السياسيين. وقال السبسى خلال ترؤسه اجتماع مجلس الأمن القومى، بحضور رئيس الحكومة ووزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، إن قيادة "النهضة" تقوم بممارسة ضغوطات عليه، وتهديده بسبب استقباله قبل أيام وفداً عن مجموعة المحامين الذين رفعوا قضية ضد حزب النهضة وقاموا باتهامه بمحاولة اغتيال قائد السبسى والرئيس الفرنسى السابق فرنسوا هولاند فى 2013. السبسى عرض مجلداً كبيراً تسلمه من المحامين، تضمن عناصر تؤيد الشكوى التى رفعوها ضد قيادة حركة النهضة، واتهموها بتشكيل "جهاز سرى" له امتدادات فى المؤسستين الأمنية والعسكرية، وأنه كانت له علاقة بأحداث العنف التى شهدتها تونس قبل 5 أعوام، وبينها اغتيال المعارض اليسارى شكرى بلعيد والبرلمانى القومى محمد الإبراهمى. وكان المحامى اليسارى رضا الرداوى ورفاقه أعضاء هيئة الدفاع عن الفقيدين بلعيد والإبراهمى أدلوا بتصريحات لوسائل الإعلام بثها الموقع الرسمى لرئاسة الجمهورية اتهمت قيادة "النهضة" بإحداث "جهاز سرى" وبالتجسس على مؤسسات الدولة السيادية والضلوع فى العنف السياسى. المستشار السياسى نور الدين بن نتيشة ردّ على الانتقادات الموجهة إليه وإلى الرئيس. قال فى تصريحات رسمية إن قائد السبسى لم يرتكب خطأ عندما استقبل محامين يساريين معارضين بقوة لحركة النهضة أو غيرها من الأحزاب السياسية وسمح لهم أن يوجهوا من داخل قرطاج اتهامات خطيرة إلى زعيم حركة النهضة راشد الغنوشى، من بينها محاولة الاغتيال وترؤس تنظيم سرى له امتدادات أمنية وعسكرية. وقد سبق لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشى أن نفى أن يكون للحركة تنظيم سرى بعد الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن على فى 2011. وأورد فى اجتماع مع نحو ألف من كوادرها فى أحد الفنادق السياحية أن كل الهياكل السرية وقع حلها منذ 23 عاماً. الأخطر هو أن قائد السبسى حذر قيادة حركة النهضة مما وصفه بتوجيه تهديد إليه عندما اتهمه بيانها بـ"إقحام مؤسسة الرئاسة بأساليب مُلتوية، بهدف ضرب استقلالية القضاء وبمسايرة التجاذبات السياسيّة والـمُتاجرين بدم الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى رحمهما الله". وذهب قائد السبسى إلى أبعد من ذلك، فتبنى رواية المحامين الذين شكوا قيادة النهضة إلى المحكمة العسكرية بسبب ما أسموه "الجهاز السرى" التابع لحركة النهضة، وأورد فى كلمته الرسمية إلى الشعب أنه وجد كلام هؤلاء المحامين "معقولاً". وأضاف: "ملف الجهاز السرى أصبح مفضوحاً ولم يعد سراً... العالم أجمع أصبح يتكلم عنه"، ثم أعلن أنه لن يسمح لحركة النهضة أن تهدده وسيتابع الأمر مع المحاكم. ثم خاطب قيادة النهضة قائلا: "إذا خلا لك الجو فبيضى وفرّخى..."، فى إشارة لبيت شعر للشاعر العربى طرفة بن العبد الشهير "خلا لك الجو فبيضى واصفرى". بالتزامن، أعلنت هيئة الدفاع عن القياديين اليساريين المعارضين المغتاليْن شكرى بلعيد ومحمد البراهمى، أنها ستواصل نشر الوثائق التى تثبت تورّط التنظيم السرى لحركة النهضة فى الاغتيالات السرية للرأى العام، إلى أن يتم فتح تحقيقات جدية، وقال عضو الهيئة، رضا الرداوى، إنّ القيادة العليا للتنظيم السرى التابع لحركة النهضة لم تتغير حتى الآن، فيما تم نقل قيادات تنفيذية تمّ كشفها لمجموعة سرية جديدة، وأنّ أشخاصاً آخرين لم يتم الكشف عنهم لا يزالون يواصلون العمل فى التنظيم حتى الآن. وأضاف الرداوى، أنّ التنظيم السرّى الذى كشفته الهيئة، إرث لحركة الإخوان المسلمين، ويرتبط مباشرة بالقيادات العليا لحركة النهضة وعلى رأسهم راشد الغنوشى. من جهته، أعلن عضو الهيئة عبد الناصر العوينى، أنّ الهيئة حصلت على أشرطة مصوّرة ووثائق تخص المتهم الرئيسى الذى تخلّص من المسدسين المستعملين فى اغتيال بلعيد والبراهمى، بعد وضعها فى كيس بلاستيكى وإلقائهما فى البحر. مؤشرات كثيرة تؤكد أن تونس تحولت إلى دولة مافيا. وطبقاً لغالبية تقارير المنظمات الدولية، فإن كل عشرة مشروعات هناك منها أكثر من ستة مشروعات تدار بالفساد. وهناك تقارير عن مليارات يتم نهبها سنوياً، وتقريباً هناك إجماع من الخبراء فى تونس على أن الفساد ينخر فى تونس ويؤكدون أن انتشار ما يعرف بـ"الفساد الصغير" جعل شرائح واسعة من التونسيين "تطبع" وتتعايش مع الفساد من أجل تسيير شئونها. هذا غير المال الفاسد الذى يمول الأحزاب، وكثير من المتابعين يؤكدون أنها أحزاب فى غالبيتها تعانى من الفساد، وأنها مخترقة من الفاسدين أو ما أصبح يُعرف بالمال الفاسد. ويرجع كثيرون تجنب الأحزاب الكبرى الخوض فى ملفات الفساد المتشعبة إلى المال السياسى وعلاقة هذه الأحزاب برجال الأعمال الضالعين فى قضايا فساد والمعروفين بالاسم ويمثلون نقاطاً سوداء فى سجل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، وزاد الأمر سوءاً بدخول بعض هؤلاء (رجال الأعمال الفاسدين) على الخط الحكومى بصفة علنية ورسمية وأصبحوا من الفاعلين السياسيين وأصحاب القرار وجزءا من تركيبة الحكم هناك. وبشكل عام، أحدث التراجع فى مقاومة الفساد الذى يعد من الملفات الحساسة والمحورية، حالة من الإحباط عبّر عنها بأشكال مختلفة سياسيون وخبراء تساءلوا عن مصير الملفات التى تم العمل عليها طوال الفترة الماضية والتى اقتصرت على الجانب النظرى فى غياب خطوات عملية. يزيد من قتامة المشهد تلك المؤشرات الاقتصادية العديدة التى تنذر باتجاه تونس نحو أزمة غير مسبوقة، وبإمكانية انزلاقها نحو إفلاس الخزانة العامة للدولة، نتيجة عدم الاستقرار السياسى والأمنى الذى تشهده البلاد منذ سنوات عدة. وبناء على ذلك كله يمكننا التأكيد على أن سقوط الإخوان المدوى فى مصر والآن فى تونس، يؤكد عدم ثبات الواقع خاصة الذى لا يلبى حلم الجماهير فى الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، فمهما استخدمت قوى الإسلام السياسى الدعايات المغرضة والأفلام المفبركة والفتاوى الباطلة، بل مهما استخدمت العنف ضد أبناء جلدتهم، فالنصر حتمى للشعوب كما يقول منطق التاريخ