ياسر بركات يكتب عن: السيسى .. البشير ميثاق الشرف
اكتمال رؤية مصر لحلفائها
إعادة إحياء شعب وادى النيل يثير الغضب فى تل أبيب
الاتفاقيات الجديدة تنص على تسهيلات ضخمة فى مجالات الإعلام والتبادل التجارى ومشروعات الزراعة
الشيطان الإسرائيلى هو الذى سعى لخلق حالة التوتر بين القاهرة والخرطوم .. والزعيمان يبدأن صفحة جديدة
زيارة رسمية استغرقت يومًا واحدًا، التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع نظيره السوداني عمر البشير، وتناولا العديد من الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين الشقيقين وشعبي وادي النيل.
خلال القمة المصرية السودانية، شهد الرئيسان السيسي والبشير، التوقيع على حزمة من البرامج التنفيذية، ومذكرات التفاهم بين الجانبين في مجالات تبادل الخبرات والرعاية الصحية والزراعة واستصلاح الأراضي، والتعليم والإعلام والشباب والرياضة وغيرها من مجالات التعاون المشترك، الأمر الذي يمثل دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين مصر والسودان ويجسد الإرادة القوية المتبادلة لتعزيز أطر التعاون بينهما. وكان الاستقبال الشعبي والرسمي بمثابة تأكيد جديد على طبيعة العلاقات الأخوية ببن البلدين على كل المستويات. وأظهرت المباحثات التي جرت بين الرئيسين أن الهدف الأساسي الذي شغلهما هو تطوير مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري، والسياسي طبعا، بما يحقق مصالح الشعبين.
اتفق الجانبان، على تنفيذ مشروعات التعاون المتمثلة في استكمال مشروع الربط الكهربائي والبدء في مشروع ربط السكك الحديدية ومشروع اللحوم الاستراتيجي والمنطقة الصناعية المصرية بالسودان والشركة السودانية المصرية للتكامل الزراعي، بهدف تعظيم المصالح والمنافع بين البلدين والارتقاء بالتعاون بينهما في المجالات المختلفة.وأكد الجانبان أهمية الانعقاد المنتظم للجان والآليات المشتركة، وثمنا ما تحقق على صعيد كافة اللجان المشتركة بين الجانبين من نجاحات تسهل وتيسر مختلف أوجه التعاون. كما أكد الجانبان أهمية التنسيق المستمر بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأوضاع في جنوب السودان وليبيا وسوريا وقضايا الشرق الأوسط ومنطقة القرن الأفريقي والإسهام في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، والتعاون والتنسيق في المنظمات الدولية.
سبقت القمة اجتماعات اللجنة الوزارية المصرية السودانية المشتركة برئاسة وزيرا الخارجية المصري سامح شكري ونظيره السوداني الدرديري محمد أحمد. واستعرض الجانبان واعتمدا الوثائق التي رفعتها اللجنة الفنية المصرية السودانية المشتركة التي انعقدت الثلاثاء بالخرطوم، وعددها 12 وثيقة مابين مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية ومواثيق.
شملت الوثائق، مذكرات تفاهم للتعاون بين المركزين الدبلوماسيين التابعين لوزارتي الخارجية في البلدين، وفي مجال تبادل الخبرات بين وزارتي التعاون الدولي والاستثمار المصرية والخارجية السودانية، وبين الهيئة المصرية لتنمية الصادرات ونقطة التجارة الخارجية بوزارة الصناعة والتجارة السودانية، وبروتوكول لإنشاء مزرعة نموذجية للمحاصيل البستانية ومذكرة تفاهم لمكافحة دودة الحشد الخريفية بين وزارتي الزراعة في البلدين. كما تضمنت الوثائق برنامج تنفيذي في مجال الشباب والرياضة بين البلدين، وآخر بين المجلس الأعلى للإعلام المصري والهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون السودانية، وثالث في مجال التعليم العالي بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي في البلدين، ورابع للتعاون الفني بين وزارة القوى العاملة المصرية ووزارة العمل والإصلاح الإداري والتنمية البشرية السودانية، بجانب مذكرة تفاهم في مجال الهجرة وإشراك المغتربين في التنمية، وميثاق الشرف الإعلامي بين البلدين، بالإضافة إلى تجديد البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الصحة .
واتفق الجانبان على ضرورة الاستمرار بذات الروح الإيجابية التي سادت في الاجتماعات، والسعي المشترك لتنفيذ مجمل ما تم الاتفاق عليه من موضوعات التعاون المشترك بين البلدين، واستكمال التشاور حول الوثائق التي لا تزال قيد الدراسة والمراجعة بغية التوقيع عليها في مناسبات قادمة، .
كنت سأتناول أزمة الإعلام في البلدين.. أزمة عدم مراعاة وسائل الإعلام في البلدين لثوابت العلاقات التاريخية بين البلدين في حال وقوع خلاف مصري - سوداني، الذي يصل أحيانا إلى الهجوم على الشعبين المصري والسوداني، دون إدراك أن الخلافات، مهما كانت، مؤقتة وعابرة. كنت سأتناول تلك الأزمة، لكن أثلج صدري ظهور ميثاق شرف إعلامي قام بالتوقيع عليه الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبشارة جمعة وزير الإعلام السوداني نص على منع التهوين والتهويل حين وجود خلاف بين الحكومات بما يحفظ علاقات الشعبين المصري والسودان، كما نص على أن يشكل تفاهم الجانبين المصري والسوداني على المهام المشتركة بين البلدين أساسًا للتفاهم مع أي دول أخرى خاصة دول حوض النيل.
الميثاق دخل حيز النفاذ اعتبارًا من الخميس، ويظل ساري المفعول لمدة ثلاث سنوات، على أن يستمر العمل بالالتزامات والبرامج التي تم الاتفاق عليها لحين انتهاء آجالها المحددة. ونص أيضا على أن توظف الأقمار الصناعية التي يمتلكها البلدين لخدمة هذه العلاقات، كما يؤكد الطرفان حرصهما على توثيق التعاون الإعلامي عبر الملحقات الإعلامية والنقابات المهنية والاتصال المباشر بين المجلس الأعلى ووزارة الإعلام وتسهيل الإجراءات في البلدين لتمكين هذه الملحقات الإطلاع بمهامها على الوجه الأكمل. وبحسب الميثاق، يشجع الطرفان تبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية والمواد الإعلامية بين الأجهزة الإعلامية الرسمية في البلدين خاصة التي تعكس حضارة وثقافة البلدين ويلتزم الطرفان بعدم إجراء أي تعديلات على المواد الإعلامية المتبادلة بما يؤثر على المحتوى الخاص بها، كما يتعهد الطرفان بتشجيع الإنتاج المشترك بين أجهزة الإعلام في المجالات التي تعمق الصلات بين البلدين وتخدم مصالحهما الاستراتيجية والحيوية.
يلزم الميثاق الجانبين المصري والسوداني بالتشجيع على تنسيق الخطاب الإعلامي والمواقف في المنظمات الإقليمية والدولية وتبادل التأييد بالتنسيق بينهما فيما يختص بالترشيحات في وظائف المنظمات الإعلامية والإقليمية الدولية، كما يلتزم الطرفان بتبادل الدراسات والخبرات والبحوث التي تدفع بتطوير العمل في المجالات السمعية والبصرية والمقروءة. ويلتزم الطرفان، بحسب الميثاق، بتبادل التدريب الإعلامي والتقني بين الأجهزة المعنية بذلك في البلدين بالتركيز على تدريب ورفع القدرات للإعلاميين السودانيين، كما اتفق الطرفان على تنمية التعاون بين وكالة السودان للأنباء ووكالة أنباء الشرق الأوسط في مجالات تبادل الأخبار وكذلك الخبرات في المجالات الخاصة بنشاطات وكالات الأنباء عن طريق الزيارات بين العاملين، كما يشمل التعاون أيضًا تبادل المطبوعات والنشرات التي يصدرها كل منهما بغية إثراء مكتبتي الطرفين بالمصادر التي تعرف بالقطرين الشقيقين، كذلك التدريب المشترك في النشاطات الخاصة بالوكالات.
كما ينص الميثاق على تشجيع التعاون بين الإعلام الخارجي بالسودان وهيئة الاستعلامات المصرية في مجالات تبادل الخبرات ونقل التجارب في مجالات النشر والإنتاج الإعلامي للإصدارات والدوريات والمواد الإلكترونية في القضايا التي تهم البلدين وإتاحة فرص التدريب للكوادر البشرية العاملة في البلدين وتقديم التسهيلات اللازمة للمراسلين الإعلاميين والصحفيين الموفدين في مهام رسمية للبلدين، والعمل على تنسيق الجهود والمواقف في إطار المنظمات والاتحادات التي يعد كلا البلدين عضوًا فيها.
وفي الميثاق، أكد الطرفان على ما ورد في الاتفاقيات الثنائية السابقة الموقعة بين المؤسسات الإعلامية في البلدين والعمل على تفعيلها، وتنفيذًا لهذه المذكرة يتعهد الطرفان بالنظر في تشكيل لجنة مشتركة من المختصين في البلدين تجتمع مرة كل عام بالتناوب في البلدين أو بناءً على طلب أحد الطرفين تقوم بوضع برامج المتابعة والتقويم الدوري لتنفيذ هذه المذكرة وحل العقبات التي قد تنشأ واتخاذ كل ما من شأنه ضمان حسن تطبيق وتنفيذ ما جاء فيها.
علينا أن نعى مدى خطورة المؤامرة على السودان التي بدأت بتمزيق الشمال عن الجنوب، والذي لم يكن إلا جزءا من استراتيجية صهيونية بدأت منذ أكثر من نصف قرن، وأن مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن جوريون، قام في خمسينيات القرن الماضي بتشكل فريق عمل صهيوني لوضع الاستراتيجيات اللازمة لاختراق الدول العربية، وخاصة دول الطوق ودول المحيط، ومن أبرز هذه الدول السودان.
إن تفكيك السودان وإضعافه لم يكن وليد سياسات إسرائيلية جديدة، بل ومنذ عشرات السنين ديفيد بن جوريون قال: إن الجهد الإسرائيلي لإضعاف الدول العربية لا يجب أن يحشد على خطوط دول المواجهة فقط، بل في الجماعات غير العربية التي تعيش على التخوم في شمال العراق وجنوب وغرب السودان. وتحت أيدينا تقارير تؤكد أن المخابرات الصهيونية عقدت اجتماعات أمنية مع بعض دول حوض النيل، من أجل تحريضها والضغط على مصر لتعديل اتفاقية دول الحوض وتقديم مساعدات مالية مغرية وسخية وتقنيات حديثة من أجل بناء سدود ومشروعات زراعية في كل من إثيوبيا وأوغندا، هذه "المساعدات" التي تقوم بها إسرائيل تتجاوز حدود ما يسمى "بالمنافسة الدبلوماسية" مع مصر، لأن الموضوع بالنسبة إلى إسرائيل يتمثل في تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى مياه النيل.
إسرائيل تعمل على الدوام على تهديد الأمن الوطنى السودانى منذ عام 1952، فقبل أن ينال السودان استقلاله قامت الدولة العبرية بدعم ومساعدة التمرد بالجنوب لإضعاف قوى الشمال ذات الارتباط العربي، فقد صنَّفت إسرائيل السودان على أنه دولة معادية لها، نتيجة لمشاركة كل وحدات الجيش السوداني القتالية بالفعل في الصراع ضد إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، وجعل أرضه في الشمال الشرقي تحت تصرف القيادة المصرية لنصب صواريخ أرض جو لإفشال أى عملية التفاف على الجيش المصري لضرب السد العالي، ولم تغيِّر العلاقة التي نشأت بين المخابرات السودانية والإسرائيلية في عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميرى من توصيف الحالة بين إسرائيل والسودان، بدليل أن إسرائيل رغم نجاحها في وجود علاقة مع مركز القيادة السودانية إلا أنها لم تتوقف عن دعمها لحركة التمرد في الجنوب.
ووفقاُ لهذا التصور أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية في داخلها "المؤسسة الدولية للتعاون والتنمية" (MASHAV)، التي تقوم بمهام الربط ما بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص لإحداث اختراق إسرائيلي محكم للقارة الإفريقية، ويعد جهاز التعاون الدولي الإسرائيلي أحد أزرع وزارة الخارجية في تنفيذ وتحقيق سياساتها في القارة الإفريقية.
وأبرز الأنشطة التي يعمل فيها "MASHAV" إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الإفريقية الإسرائيلية، وتقديم الدعم في مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخبراء والخبرات في بعض المجالات التكنولوجية والعلوم التطبيقية، بالإضافة لتقديم المنح والقروض والدورات التدريبية في العديد من الأنشطة التي تحتاجها دول القارة الإفريقية، من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية، وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية "USAID" التي نشطت على ضوء مبادرة كلينتون للشراكة مع إفريقيا. ويتركز نشاط "الماشاف" على فئات معينة مثل القادة والنساء والخبراء والشباب الذين سيصحبون صنّاع السياسة مستقبلا، ويتجه نشاطه للتركيز على التجمعات الإسلامية والعربية التي تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل للحصول على تأييدها في دول مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا.
وفي النهاية تكون الإشارة مهمة إلى أنه في بداية 2010 وبعد تفجر أزمة حوض النيل بين مصر والسودان، من جهة، ودول المنبع السبع من جهة أخرى حول الاتفاقية الإطارية لحوض النيل، التي أسفرت عن قيام 5 دول من دول المنبع بالتوقيع على الاتفاقية، كانت أصابع الاتهام تشير بوضوح إلى إسرائيل التي كانت تقف وراء تحريض دول المنبع ضد مصر.
إعادة إحياء شعب وادى النيل يثير الغضب فى تل أبيب
الاتفاقيات الجديدة تنص على تسهيلات ضخمة فى مجالات الإعلام والتبادل التجارى ومشروعات الزراعة
الشيطان الإسرائيلى هو الذى سعى لخلق حالة التوتر بين القاهرة والخرطوم .. والزعيمان يبدأن صفحة جديدة
زيارة رسمية استغرقت يومًا واحدًا، التقى خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع نظيره السوداني عمر البشير، وتناولا العديد من الملفات المتعلقة بالتعاون المشترك، وسبل تعزيز العلاقات الثنائية بما يسهم في تحقيق مصالح البلدين الشقيقين وشعبي وادي النيل.
خلال القمة المصرية السودانية، شهد الرئيسان السيسي والبشير، التوقيع على حزمة من البرامج التنفيذية، ومذكرات التفاهم بين الجانبين في مجالات تبادل الخبرات والرعاية الصحية والزراعة واستصلاح الأراضي، والتعليم والإعلام والشباب والرياضة وغيرها من مجالات التعاون المشترك، الأمر الذي يمثل دفعة قوية للعلاقات الثنائية بين مصر والسودان ويجسد الإرادة القوية المتبادلة لتعزيز أطر التعاون بينهما. وكان الاستقبال الشعبي والرسمي بمثابة تأكيد جديد على طبيعة العلاقات الأخوية ببن البلدين على كل المستويات. وأظهرت المباحثات التي جرت بين الرئيسين أن الهدف الأساسي الذي شغلهما هو تطوير مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري، والسياسي طبعا، بما يحقق مصالح الشعبين.
اتفق الجانبان، على تنفيذ مشروعات التعاون المتمثلة في استكمال مشروع الربط الكهربائي والبدء في مشروع ربط السكك الحديدية ومشروع اللحوم الاستراتيجي والمنطقة الصناعية المصرية بالسودان والشركة السودانية المصرية للتكامل الزراعي، بهدف تعظيم المصالح والمنافع بين البلدين والارتقاء بالتعاون بينهما في المجالات المختلفة.وأكد الجانبان أهمية الانعقاد المنتظم للجان والآليات المشتركة، وثمنا ما تحقق على صعيد كافة اللجان المشتركة بين الجانبين من نجاحات تسهل وتيسر مختلف أوجه التعاون. كما أكد الجانبان أهمية التنسيق المستمر بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأوضاع في جنوب السودان وليبيا وسوريا وقضايا الشرق الأوسط ومنطقة القرن الأفريقي والإسهام في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي والدولي، والتعاون والتنسيق في المنظمات الدولية.
سبقت القمة اجتماعات اللجنة الوزارية المصرية السودانية المشتركة برئاسة وزيرا الخارجية المصري سامح شكري ونظيره السوداني الدرديري محمد أحمد. واستعرض الجانبان واعتمدا الوثائق التي رفعتها اللجنة الفنية المصرية السودانية المشتركة التي انعقدت الثلاثاء بالخرطوم، وعددها 12 وثيقة مابين مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية ومواثيق.
شملت الوثائق، مذكرات تفاهم للتعاون بين المركزين الدبلوماسيين التابعين لوزارتي الخارجية في البلدين، وفي مجال تبادل الخبرات بين وزارتي التعاون الدولي والاستثمار المصرية والخارجية السودانية، وبين الهيئة المصرية لتنمية الصادرات ونقطة التجارة الخارجية بوزارة الصناعة والتجارة السودانية، وبروتوكول لإنشاء مزرعة نموذجية للمحاصيل البستانية ومذكرة تفاهم لمكافحة دودة الحشد الخريفية بين وزارتي الزراعة في البلدين. كما تضمنت الوثائق برنامج تنفيذي في مجال الشباب والرياضة بين البلدين، وآخر بين المجلس الأعلى للإعلام المصري والهيئة العامة للإذاعة والتليفزيون السودانية، وثالث في مجال التعليم العالي بين وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي في البلدين، ورابع للتعاون الفني بين وزارة القوى العاملة المصرية ووزارة العمل والإصلاح الإداري والتنمية البشرية السودانية، بجانب مذكرة تفاهم في مجال الهجرة وإشراك المغتربين في التنمية، وميثاق الشرف الإعلامي بين البلدين، بالإضافة إلى تجديد البرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الصحة .
واتفق الجانبان على ضرورة الاستمرار بذات الروح الإيجابية التي سادت في الاجتماعات، والسعي المشترك لتنفيذ مجمل ما تم الاتفاق عليه من موضوعات التعاون المشترك بين البلدين، واستكمال التشاور حول الوثائق التي لا تزال قيد الدراسة والمراجعة بغية التوقيع عليها في مناسبات قادمة، .
كنت سأتناول أزمة الإعلام في البلدين.. أزمة عدم مراعاة وسائل الإعلام في البلدين لثوابت العلاقات التاريخية بين البلدين في حال وقوع خلاف مصري - سوداني، الذي يصل أحيانا إلى الهجوم على الشعبين المصري والسوداني، دون إدراك أن الخلافات، مهما كانت، مؤقتة وعابرة. كنت سأتناول تلك الأزمة، لكن أثلج صدري ظهور ميثاق شرف إعلامي قام بالتوقيع عليه الأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وبشارة جمعة وزير الإعلام السوداني نص على منع التهوين والتهويل حين وجود خلاف بين الحكومات بما يحفظ علاقات الشعبين المصري والسودان، كما نص على أن يشكل تفاهم الجانبين المصري والسوداني على المهام المشتركة بين البلدين أساسًا للتفاهم مع أي دول أخرى خاصة دول حوض النيل.
الميثاق دخل حيز النفاذ اعتبارًا من الخميس، ويظل ساري المفعول لمدة ثلاث سنوات، على أن يستمر العمل بالالتزامات والبرامج التي تم الاتفاق عليها لحين انتهاء آجالها المحددة. ونص أيضا على أن توظف الأقمار الصناعية التي يمتلكها البلدين لخدمة هذه العلاقات، كما يؤكد الطرفان حرصهما على توثيق التعاون الإعلامي عبر الملحقات الإعلامية والنقابات المهنية والاتصال المباشر بين المجلس الأعلى ووزارة الإعلام وتسهيل الإجراءات في البلدين لتمكين هذه الملحقات الإطلاع بمهامها على الوجه الأكمل. وبحسب الميثاق، يشجع الطرفان تبادل البرامج الإذاعية والتلفزيونية والمواد الإعلامية بين الأجهزة الإعلامية الرسمية في البلدين خاصة التي تعكس حضارة وثقافة البلدين ويلتزم الطرفان بعدم إجراء أي تعديلات على المواد الإعلامية المتبادلة بما يؤثر على المحتوى الخاص بها، كما يتعهد الطرفان بتشجيع الإنتاج المشترك بين أجهزة الإعلام في المجالات التي تعمق الصلات بين البلدين وتخدم مصالحهما الاستراتيجية والحيوية.
يلزم الميثاق الجانبين المصري والسوداني بالتشجيع على تنسيق الخطاب الإعلامي والمواقف في المنظمات الإقليمية والدولية وتبادل التأييد بالتنسيق بينهما فيما يختص بالترشيحات في وظائف المنظمات الإعلامية والإقليمية الدولية، كما يلتزم الطرفان بتبادل الدراسات والخبرات والبحوث التي تدفع بتطوير العمل في المجالات السمعية والبصرية والمقروءة. ويلتزم الطرفان، بحسب الميثاق، بتبادل التدريب الإعلامي والتقني بين الأجهزة المعنية بذلك في البلدين بالتركيز على تدريب ورفع القدرات للإعلاميين السودانيين، كما اتفق الطرفان على تنمية التعاون بين وكالة السودان للأنباء ووكالة أنباء الشرق الأوسط في مجالات تبادل الأخبار وكذلك الخبرات في المجالات الخاصة بنشاطات وكالات الأنباء عن طريق الزيارات بين العاملين، كما يشمل التعاون أيضًا تبادل المطبوعات والنشرات التي يصدرها كل منهما بغية إثراء مكتبتي الطرفين بالمصادر التي تعرف بالقطرين الشقيقين، كذلك التدريب المشترك في النشاطات الخاصة بالوكالات.
كما ينص الميثاق على تشجيع التعاون بين الإعلام الخارجي بالسودان وهيئة الاستعلامات المصرية في مجالات تبادل الخبرات ونقل التجارب في مجالات النشر والإنتاج الإعلامي للإصدارات والدوريات والمواد الإلكترونية في القضايا التي تهم البلدين وإتاحة فرص التدريب للكوادر البشرية العاملة في البلدين وتقديم التسهيلات اللازمة للمراسلين الإعلاميين والصحفيين الموفدين في مهام رسمية للبلدين، والعمل على تنسيق الجهود والمواقف في إطار المنظمات والاتحادات التي يعد كلا البلدين عضوًا فيها.
وفي الميثاق، أكد الطرفان على ما ورد في الاتفاقيات الثنائية السابقة الموقعة بين المؤسسات الإعلامية في البلدين والعمل على تفعيلها، وتنفيذًا لهذه المذكرة يتعهد الطرفان بالنظر في تشكيل لجنة مشتركة من المختصين في البلدين تجتمع مرة كل عام بالتناوب في البلدين أو بناءً على طلب أحد الطرفين تقوم بوضع برامج المتابعة والتقويم الدوري لتنفيذ هذه المذكرة وحل العقبات التي قد تنشأ واتخاذ كل ما من شأنه ضمان حسن تطبيق وتنفيذ ما جاء فيها.
علينا أن نعى مدى خطورة المؤامرة على السودان التي بدأت بتمزيق الشمال عن الجنوب، والذي لم يكن إلا جزءا من استراتيجية صهيونية بدأت منذ أكثر من نصف قرن، وأن مؤسس دولة إسرائيل ديفيد بن جوريون، قام في خمسينيات القرن الماضي بتشكل فريق عمل صهيوني لوضع الاستراتيجيات اللازمة لاختراق الدول العربية، وخاصة دول الطوق ودول المحيط، ومن أبرز هذه الدول السودان.
إن تفكيك السودان وإضعافه لم يكن وليد سياسات إسرائيلية جديدة، بل ومنذ عشرات السنين ديفيد بن جوريون قال: إن الجهد الإسرائيلي لإضعاف الدول العربية لا يجب أن يحشد على خطوط دول المواجهة فقط، بل في الجماعات غير العربية التي تعيش على التخوم في شمال العراق وجنوب وغرب السودان. وتحت أيدينا تقارير تؤكد أن المخابرات الصهيونية عقدت اجتماعات أمنية مع بعض دول حوض النيل، من أجل تحريضها والضغط على مصر لتعديل اتفاقية دول الحوض وتقديم مساعدات مالية مغرية وسخية وتقنيات حديثة من أجل بناء سدود ومشروعات زراعية في كل من إثيوبيا وأوغندا، هذه "المساعدات" التي تقوم بها إسرائيل تتجاوز حدود ما يسمى "بالمنافسة الدبلوماسية" مع مصر، لأن الموضوع بالنسبة إلى إسرائيل يتمثل في تحقيق حلمها القديم بالوصول إلى مياه النيل.
إسرائيل تعمل على الدوام على تهديد الأمن الوطنى السودانى منذ عام 1952، فقبل أن ينال السودان استقلاله قامت الدولة العبرية بدعم ومساعدة التمرد بالجنوب لإضعاف قوى الشمال ذات الارتباط العربي، فقد صنَّفت إسرائيل السودان على أنه دولة معادية لها، نتيجة لمشاركة كل وحدات الجيش السوداني القتالية بالفعل في الصراع ضد إسرائيل في حرب أكتوبر 1973، وجعل أرضه في الشمال الشرقي تحت تصرف القيادة المصرية لنصب صواريخ أرض جو لإفشال أى عملية التفاف على الجيش المصري لضرب السد العالي، ولم تغيِّر العلاقة التي نشأت بين المخابرات السودانية والإسرائيلية في عهد الرئيس السابق جعفر محمد نميرى من توصيف الحالة بين إسرائيل والسودان، بدليل أن إسرائيل رغم نجاحها في وجود علاقة مع مركز القيادة السودانية إلا أنها لم تتوقف عن دعمها لحركة التمرد في الجنوب.
ووفقاُ لهذا التصور أنشأت وزارة الخارجية الإسرائيلية في داخلها "المؤسسة الدولية للتعاون والتنمية" (MASHAV)، التي تقوم بمهام الربط ما بين مؤسسات الدولة وشركات القطاع الخاص لإحداث اختراق إسرائيلي محكم للقارة الإفريقية، ويعد جهاز التعاون الدولي الإسرائيلي أحد أزرع وزارة الخارجية في تنفيذ وتحقيق سياساتها في القارة الإفريقية.
وأبرز الأنشطة التي يعمل فيها "MASHAV" إقامة المزارع وتأسيس غرفة للتجارة الإفريقية الإسرائيلية، وتقديم الدعم في مجالات الزراعة والصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية، وتقديم الخبراء والخبرات في بعض المجالات التكنولوجية والعلوم التطبيقية، بالإضافة لتقديم المنح والقروض والدورات التدريبية في العديد من الأنشطة التي تحتاجها دول القارة الإفريقية، من خلال التعاون مع المنظمات الإقليمية والدولية والسفارات الأجنبية، وبصفة خاصة هيئة المعونة الأمريكية "USAID" التي نشطت على ضوء مبادرة كلينتون للشراكة مع إفريقيا. ويتركز نشاط "الماشاف" على فئات معينة مثل القادة والنساء والخبراء والشباب الذين سيصحبون صنّاع السياسة مستقبلا، ويتجه نشاطه للتركيز على التجمعات الإسلامية والعربية التي تعارض تطبيع العلاقات مع إسرائيل للحصول على تأييدها في دول مثل كينيا وأوغندا وإثيوبيا.
وفي النهاية تكون الإشارة مهمة إلى أنه في بداية 2010 وبعد تفجر أزمة حوض النيل بين مصر والسودان، من جهة، ودول المنبع السبع من جهة أخرى حول الاتفاقية الإطارية لحوض النيل، التي أسفرت عن قيام 5 دول من دول المنبع بالتوقيع على الاتفاقية، كانت أصابع الاتهام تشير بوضوح إلى إسرائيل التي كانت تقف وراء تحريض دول المنبع ضد مصر.