ياسر بركات يكتب عن : قصة الأزمة بين ترامب وسلمان
أسبوع الابتزاز الأمريكى.. والعقل السعودى
بن سلمان للرئيس الأمريكى:
نشترى الأسلحة بأموالنا.. ونتكفل بحماية شعبنا
بمنتهى الوقاحة، جدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للمرة الثالثة خلال أسبوع مطالبته السعودية بدفع مزيد من الأموال لقاء ما يقول إنها «حماية تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة». وزعم ترامب أن الملك سلمان سأله إن كان جادا فى حديثه أم لا.
أمام تجمع انتخابى لأنصاره فى ولاية منيسوتا كشف ترامب، يوم الجمعة، عن تفاصيل جديدة فى المحادثة التى أجراها مؤخرا مع العاهل السعودى سلمان بن عبدالعزيز. وقال ترامب إنه سأل العاهل السعودى: «هل تمانع فى دفع الأموال لقاء الحماية العسكرية؟، فأجاب بأن «لا أحد طلب منى ذلك»، فرد عليه ترامب: «أنا أطلب منك أيها الملك»، مضيفا أن السعودية «تتحمل تكاليف الحماية الأمريكية التى تصل إلى 30% حالياً». وكان ترامب قد قال فى تصريح مثير للجدل بأن السعودية لن تبقى لأسبوعين دون الولايات المتحدة.
تصريحات دونالد ترامب التى ابتز فيها السعودية بدأت منذ حملته الانتخابية، ومع حدتها وما عكسته من ابتزاز صريح عكست أيضاً عداء واضحا. ووقتها كنا نعتقد أن تلك التصريحات، شأنها شأن كل تصريحات الحملات الانتخابية، تتم صياغتها لدغدغة العواطف واستمالة الأصوات، واعتقدنا أنها غير ملزمة، لكن ترامب، استمر فى الإدلاء بتصريحات خالية من الدبلوماسية عن السعودية، ولم يستبعد وقف شراء النفط منها ومن دول خليجية أخرى، إن لم تسدد مقابل حماية الولايات المتحدة لها والخدمات التى توفرها والتى وصفها بالهائلة. وقال بالنص: «هل تتخيلون إننا ندافع عن السعودية مع كل الأموال التى لديها.. نحن ندافع عنها، وهم لا يدفعون لنا شيئاً؟»، وأشار إلى أن المملكة لديها أموال طائلة، وأنها تربح يومياً نصف مليار دولار، و«لا تملك شيئاً على الإطلاق إلا المال.. المال فقط ولا شىء آخر».
ترامب برر هذا التصريحات بأنها تطبيق لشعار «أمريكا أولا» وقال إن بلاده «لن تكون لقمة سائغة لأحد» وأن لديها ديونا تبلغ 20 تريليون دولار، وطالب اليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية أن يدفعوا للولايات المتحدة لأنها توفر «لهم خدمة هائلة ونخسر الثروات». وذهب فى هذا الاتجاه إلى حد القول إن المملكة قد تصبح قريبا هدفا لتنظيم «داعش»، إضافة إلى متاعبها فى اليمن، مشيرا إلى أن «السعودية ستكون فى ورطة كبيرة قريبا، وستحتاج لمساعدتنا.. لولانا لما وجدت وما كان لها أن تبقى».
ولى العهد السعودى، محمد بن سلمان، قام يوم الجمعة، بالرد على تصريحات الرئيس الأمريكى خلال حوار مع وكالة «بلومبيرج»، فقال إن «السعودية كانت موجودة قبل الولايات المتحدة الأمريكية، إنها موجودة منذ عام 1744، أعتقد قبل أكثر من 30 عاماًً من وجود الولايات المتحدة الأمريكية، فى تقديرى، وأعتذر إذا أساء أحد فهم ذلك أن الرئيس أوباما خلال فترة رئاسته التى دامت 8 أعوام قد عمل ضد أغلب أجندتنا ليس فقط فى السعودية، وإنما فى الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة عملت ضد أجندتنا، إلا أننا كنا قادرين على حماية مصالحنا. وقد كانت النتيجة النهائية هى أننا نجحنا، وأن الولايات المتحدة الأمريكية فى ظل قيادة أوباما قد فشلت، على سبيل المثال فى مصر». وأضاف بن سلمان: «أنتم تعلمون أنه يجب عليك تقبل مسألة أن أى صديق سيقول أموراً جيدة وسيئة، لذلك لا يمكنك أن تحظى بأصدقاء يقولون أموراً جيدة عنك بنسبة 100% حتى داخل عائلتك. سيكون هناك سوء الفهم لذا نحن نضع ذلك ضمن هذا الإطار».
بشكل أكثر وضوحاً وتحديداً قال ولى العهد: «فى الواقع لن ندفع شيئاًً مقابل أمننا، نعتقد بأن جميع الأسلحة التى حصلنا عليها من الولايات المتحدة الأمريكية قد دفعنا من أجلها، إنها ليست أسلحة مجانية فمنذ أن بدأت العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية؛ قمنا بشراء كل شىء بالمال. فقبل عامين، كانت لدينا استراتيجية لتحويل معظم تسلحنا إلى دول أخرى، ولكن عندما أصبح ترامب رئيساً قمنا بتغيير استراتيجيتنا للتسلح مرة أخرى للـ10 أعوام القادمة لنجعل أكثر من 60% منها مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا السبب خلقنا فرصاً من مبلغ الـ400 مليار دولار، وفرصاً للتسلح والاستثمار، وفرصاً تجارية أخرى. ولذلك فإن هذا يُعد إنجازاً جيداً للرئيس ترامب وللسعودية. كما تتضمن تلك الاتفاقيات أيضاًً تصنيع جزء من هذه الأسلحة فى السعودية، وذلك سيخلق وظائف فى أمريكا والسعودية، تجارة جيدة وفوائد جيدة لكلا البلدين، كما أنه نمو اقتصادى جيد، بالإضافة إلى أن ذلك سيساعد أمننا».
وأوضح ولى العهد: «على مدى تاريخ السعودية لم نقرر قط ما إذا كان سعر النفط صحيحاً أم لا. سعر النفط يعتمد على العرض والطلب وبناءً عليهما يتحدد سعر النفط. إن ما التزمنا به فى السعودية هو التأكد من عدم وجود نقص فى المعروض. لذلك نحن نعمل مع حلفائنا فى أوبك والدول غير الأعضاء فى أوبك للتأكد من وجود معروض مستدام لدينا من النفط، وأنه ليس هناك نقص، وأن هناك طلبا جيدا، والذى لن يخلق مشاكل للمستهلكين وخططهم وتنميتهم». كما تحدث بن سليمان عن الاقتصاد فى السعودية خلال المقابلة مع «بلومبيرج» قائلا: «عليك أن ترفع معنويات الناس، والموظفين، والوزراء، والمجال بأكمله، عليك أن ترفع المعنويات وأن تضعهم تحت ضغوط هائلة، وإذا كان سقف طموحاتك منخفضاً، فهذا يعنى أن أمامك هدف سهل، وهذا يعنى ألا أحد سيحاول العمل بجد لتحقيق ذلك، يجب أن ترفع سقف طموحاتك عالياً وأن تحاول تحقيق قدر ما تستطيع، وقلنا ذلك بوضوح، طموحنا للأعلى، وإذا حققنا 100%، هذا رائع. وإذا حققنا المزيد، أيضاًً رائع. وإذا حققنا 50 %، رائع! أفضل من عدم تحقيق أى شىء. لذلك لا توجد مشكلة فى رفع سقف طموحاتنا».
وبسؤاله عن قصة اختفاء جمال خاشقجى؟، أجاب: نسمع عن إشاعات حول ما حدث. هو مواطن سعودى ونحن حريصون جدًّا على معرفة ما حدث له. وسوف نستمر فى محادثاتنا مع الحكومة التركية لمعرفة ما حدث لجمال هناك. ما أعرفه هو أنه دخل القنصلية السعودية فى تركيا وخرج بعد دقائق قليلة أو ربما ساعة. أنا لست متأكداً. نحن نحقق فى هذا الأمر من خلال وزارة الخارجية لمعرفة ما حدث بالضبط فى ذلك الوقت. وردا على مزاعم الأتراك بأنه لا يزال داخل القنصلية، قال ولى العهد: نحن مستعدون للترحيب بالحكومة التركية فى حال كانوا راغبين فى البحث عنه فى المبنى الخاص بنا. المبنى يعد منطقة سيادية، لكننا سنسمح لهم بالدخول والبحث والقيام بكل ما يريدونه. فى حال طلبوا ذلك، فسنسمح لهم قطعاً بالقيام به. فليس لدينا ما نخفيه.