الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:33 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن: مصر تعلو والكلاب تعوى


كيف أفسد المصريون مخطط مركز العلاقات الأمريكية فى ولاية ميرلاند؟
قصة الانتخابات الموازية التى أنفق الإخوان عليها 90 مليون جنيه إسترلينى
أسرار اجتماعات قيادات الإخوان فى فندق "تيتانك بيرم باشا" لترشيح بديل للسيسى
قرطبة.. الجالية المصرية فى المملكة المتحدة.. مصريون من أجل الديمقراطية.. المجلس الأوروبى للإفتاء
بالأسماء.. المنظمات المتورطة فى المؤامرة على جيش مصر
رسالة الشعب المصرى للعالم:
إن كان فى أرضك مات شهيد
فيه ألف غيره بيتولد
مدد يا مصر مدد
وهم يرسمون صورة لإرادة شعب يعشق الحياة ويصمم على الخروج إلى النور، أدلى المصريون فى الخارج بأصواتهم فى الانتخابات الرئاسية داخل 139 لجنة منتشرة فى قنصليات وسفارات مصر بـ124 دولة عربية وأجنبية. واستمرت عملية التصويت، التى انطلقت فى الساعة التاسعة صباح الجمعة بتوقيت كل دولة، لمدة ثلاثة أيام، فى أجواء أقل ما توصف به أنها احتفالية غير مسبوقة، إذ حرص كثيرون على الذهاب إلى اللجان مصطحبين أسرهم، حاملين الأعلام مرددين أغنيات وطنية، أبرزها أغنية ""قالوا إيه". ولن نقول إن الإقبال كان مبهرا وسنكتفى بالإشارة إلى أنه كان كثيفا وأن الناخبين اصطفوا فى طوابير طويلة وأن العملية الانتخابية سارت بشكل طبيعى دون أى معوقات أو شكاوى.
يتنافس فى الانتخابات، التى ستبدأ رسمياً داخل البلاد فى 26 من مارس الجارى، الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى، وموسى مصطفى موسى رئيس حزب "الغد". وبينما توقع كثيرون أن يكون الإقبال ضعيفًا، لكون النتيجة محسومة، دعا الرئيس إلى النزول والمشاركة بكثافة للرد على قتلة "الشهداء". وما من شك فى أننا نخوض حربا شرسة ضد من تتقاطع مصالحهم الاستراتيجية مع إرادة المصريين الذين أصابوا مشروعهم للهيمنة على مقدرات العالم فى مقتل منذ خمسة أعوام، وما من شك فى أن عواصم عديدة تشهد مخططات لإفساد انتخابات الرئاسة المصرية المصيرية. وهو ما يعنى بوضوح أن المصريين ليسوا فقط مدعوين للذهاب إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس، وإنما مدعوون للتصويت على بقاء مصر.
المصريون فى الخارج عددهم 9 ملايين و470 ألفا و674 نسمة، وفقًا لتعداد مصر سنة 2017، فإن 65% منهم فى المنطقة العربية بنحو 6.2 مليون نسمة، و13.2% فى أوروبا بنحو 1.2 مليون نسمة، و16.7% فى دول الأمريكتين بنحو 1.6 مليون نسمة، و3.7% فى الدول الآسيوية وأستراليا، بينما لا يوجد إلا 0.5% فى أفريقيا. وسبق أن أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات فى مصر عن مقرات لجان التصويت بالخارج، عقب إرسال بطاقات الاقتراع إلى القنصليات والسفارات المصرية، مؤكدة أنه يحق لكل مصرى موجود خارج البلاد التصويت بانتخابات الرئاسة بـ"بطاقة الرقم القومى" أو "جواز السفر". وقالت مصادر فى هيئة الانتخابات، إن اللجنة "قامت بتجهيز إمكانية التواصل الحى مع السفارات، للتعرف على ما يدور داخل المقار الانتخابية والفرعية فى الخارج، حرصاً منها على التواصل بينها وبين المواطنين فى الخارج".
الإقبال بالفعل كان كثيفا، وعمّت أجواء من الفرح والاحتفالات خلال عمليات التصويت، كما حرص كبار السن على المشاركة، الأمر الذى عكس حرص المصريين على المشاركة فى العملية السياسية ودعم مسيرة التنمية، وكانت الحشود الكبيرة رسالة واضحة للعالم بأن المصريين لا يقبلون الهزيمة، ولا يستسلمون لدعاوى بث اليأس التى طالبتهم بعدم النزول للانتخابات. وفوق ذلك، فإن سلوك الناخبين والتزامهم بالقواعد التى وضعتها السفارات خلال العملية الانتخابية كان مشرفا. وعكس صورة حضارية عن المواطن المصرى والدولة المصرية أمام جميع دول العالم. والأهم هو أنه كتب قصة كفاح شعب ضد مخططات أرادت أن تجبرهم على الاستسلام فى زمن لا يرحم الضعيف ولا يمنح أى فرصة لمتخاذل.
هناك مخططات لا تخفى إلا على الأعمى، والدولة المصرية تعرضت بالفعل لحرب شرسة من الجماعات الإرهابية والقوى الخارجية لمحاولة تشويه الانتخابات الرئاسية، بمؤامرة داخلية تمثلت فى تكثيف العمليات الإرهابية، ضد الدولة، ومحاولة تشويه أى خطوات تتخذها الدولة فى محاربة الإرهاب، ونشر دعوات تحرض على مقاطعة الانتخابات الرئاسية، فى ظل حالة رعب تنتاب جماعة الإخوان كلما اقتربت انتخابات الرئاسة. وكلنا لاحظنا كيف ظهرت خلال الفترة الماضية، دعوات تحريضية، ومخططات لتشويه الانتخابات الرئاسية، عبر بيانات من الجماعة وحلفائها تهاجم الانتخابات الرئاسية، وتشكك فيها، وتهاجم المرشح الرئاسى رئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى، فى محاولة منهم لدفع الشعب نحو مقاطعة هذه الانتخابات.
قبل أيام، أدلى المتهمون المقبوض عليهم فى مزرعة القيادى الإخوانى عبدالمنعم أبوالفتوح بوادى النطرون باعترافات تفصيلية لمخططات التخريب التى كان ينوى أفراد الخلية القيام بها خلال الفترة المقبلة لمحاولة احياء جماعة الاخوان الارهابية وتصدرها للمشهد السياسى من جديد والتى يتولى ابوالفتوح الاشراف عليها بالتنسيق مع التنظيم الدولى للاخوان وعناصر الجماعة الهاربين خارج البلاد. وجاء فى الاعترافات أنهم قاموا برصد عدد من المنشآت المهمة والحيوية بنطاق محافظة البحيرة استعدادا لاستهدافها مع انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية للايحاء بعدم استقرار الدولة وكان من بين المنشآت التى تم رصدها كنيستان وقسما شرطة وأنهم خططوا لارتكاب أعمال تخريبية بمناطق مختلفة فى أوقات متزامنة.
المتهمون أكدوا خلال التحقيقات أنهم كانوا يقومون بعمليات رصد المنشآت بالتناوب فيما بينهم وأن مخططهم كان يهدف إلى إفساد الانتخابات الرئاسية وترهيب الناخبين من المشاركة فيها من خلال استهداف المقرات التى يتم الإعداد لها حاليا وان التكليفات الصادرة لهم هدفها احياء جماعة الاخوان من جديد وتصدرها للمشهد السياسى فى محاولة للعودة وان عمليات التخريب كانت وسيلة ابوالفتوح وقيادات التنظيم الدولى والعناصر الاخوانية الهاربة إلى الخارج للضغط الدولى بخطورة الاوضاع فى مصر والمطالبة بتغيير نظام الحكم قبل بدء التصويت فى الانتخابات الرئاسية.
كما اعترف المتهمون بتلقيهم مرتبات شهرية ٥ آلاف جنيه لكل منهم مع وعود بالتصعيد فى صفوف الجماعة حال نجاح المخطط. وكان قطاع الأمن الوطنى بإشراف اللواء محمود توفيق قد تمكن من إلقاء القبض على ٦ ارهابيين داخل مزرعة مملوكة لعبدالمنعم أبوالفتوح بوادى النطرون بالبحيرة بعد معلومات عن اتخاذهم المزرعة وكرا للانطلاق لتنفيذ الاعمال التخريبية فى اطار مخطط التنظيم الدولى لجماعة الاخوان وعناصرها الهاربة إلى الخارج لإفساد الانتخابات الرئاسية ومحاولة إعادة الجماعة الارهابية لتصدر المشهد السياسى من جديد.
لا ينفصل ذلك كله عن الدفع بشخصيات لإعلان نيتها الترشح فى انتخابات الرئاسة، ثم إعلان الانسحاب، لمحاولة إظهار أنه لا يوجد منافسون فى تلك الانتخابات، ثم الهجوم على الهيئة الوطنية للانتخابات. مع ظهور تقارير تستهدف تشويه الانتخابات ودعوات لتشكيل ما وصفوه بـ"مجلس رئاسى"، فى ظل دعوات تخرج من جماعة الإخوان للأحزاب التى تسميها بأنها "المعارضة" للحوار، والتركيز على ملف الأقليات. كما ظهرت محاولات مستميتة من الإخوان للظهور فى تلك الانتخابات من خلال دفع بعض المرشحين، أظهرت رسالة ليوسف ندا، مسئول ملف العلاقات الخارجية للإخوان السابق، أن الجماعة ليس لديها مانع من دعمهم.
لقد بات واضحا أن من بين الوسائل الرئيسية لمناورات جماعة الإخوان الإرهابية، إنشاء مراكز وهمية للديمقراطية وحقوق الإنسان، تستغلها كشعار للمراسلات وعقد ندوات ولقاءات فى عدة دول مختلفة باسم الديمقراطية والإنسانية والسلام، فى حين أن تلك المراكز تمويلها مريب وأغراضها الحقيقية لا تحمل إلا الشر، والحقيقة أنه من وقت لآخر تلعب أجهزة الدولة المصرية دورا كبيرا فى كشف مخططات تلك المراكز قبل بدايتها وأبرز مثال حديث على ذلك مركز إخوانى يعرف بمركز العلاقات المصرية الأمريكية، يمول من قبل الدولة القطرية، ويدعو إلى إجراء انتخابات رئاسية موازية على شبكة الإنترنت.
الوقوف عند مخطط المركز الإخوانى مهم، والتحليل لطبيعة تشكيله والقائمين عليه أيضا مهم، لأنه يكشف مزيدا من الخبايا التى تزيدنا فى فهم الصورة الكاملة، فالمركز تأسس فى 2013 بواشنطن طبقا لقانون ولاية ميرلاند بهدف التعليم والبحث وتعزيز حقوق الإنسان، غير أنه اتخذ مسارا مختلفا تماما بعد الحصول على رخصة الترخيص، حيث أصدر بيانات ضد الدولة المصرية والقرارات الاقتصادية الأخيرة، بل شارك فى تنظيم الوقفات الاحتجاجية خلال زيارة الرئيس للولايات المتحدة، وبالتالى نكتشف هنا أن الإخوان لم يؤسسوا المركز لتعزيز حقوق الإنسان إنما لخدمة مصالحهم وحربهم ضد الدولة المصرية.
باقتراب موعد الانتخابات تزايد الهجوم على مؤسسات الدولة، بالتزامن مع تهديدات أطلقتها الجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى ظهور شخصيات على قنوات قطرية وإخوانية تسىء للدولة المصرية، وخروج تكتلات وحركات سياسية تحرض على مقاطعة الانتخابات، بل تحرض على وقفات ومظاهرات ضد الانتخابات لإلغائها، بدعم واضح من منافذ إعلامية اعتادت ترويج الشائعات والفتن. وقد تتضح الصورة بدرجة أكبر لو عرفت أن مجموعة من قيادات الإخوان، وجهت الدعوة إلى المصريين المغتربين فى الخارج إلى حضور مؤتمر للإعلان عن وضع خطة لانتخابات رئاسية موازية. بعد أن زعموا أن النظام المصرى يقصى كل من يتقدم للانتخابات الرئاسية ويسجنه، ويطارد الشباب الداعمين له.
انتخابات الإخوان الموازية، تم التخطيط لها بمعاونة بعض الجمعيات الحقوقية الموالية لهم، فى فندق "تيتانك بيرم باشا"، بمدينة إسطنبول التركية، بالتزامن مع اجتماع عقده التنظيم الدولى للإخوان فى أحد مكاتب المحاماة بلندن، ورصدوا 90 مليون جنيه إسترلينى، سيتم ضخها عبر جمعيات ومنظمات إخوانية، بينها "قرطبة" و"جمعية الجالية المصرية فى المملكة المتحدة" و"مصريون من أجل الديمقراطية" و"المجلس الأوروبى للإفتاء والبحوث". ومؤخرا وتحديدا فى 14 يناير نظم مؤتمر تحت عنوان "اختيار قيادة بديلة لمصر من خارج مصر" واستهدف هذا المؤتمر الذى استمر 3 أيام إحداث انقسامات وتفتيت للمجتمع المصرى فى الداخل والخارج، بل زعزعة الاستقرار وتصدير رسائل مفادها أن النخبة المصرية لا تريد السيسى رئيسا لمصر وأن البلاد مهددة بانفجار مجتمعى طلبا للتغيير .
ومن هنا كانت الصدمة التى تلقاها الإرهابيون وحلفاؤهم، بفشل مؤامراتهم لشق الصف الوطنى وهم يرصدون صمود الشعب وتحمله القرارات الاقتصادية الصعبة فى ظل يقين بأن الغد سيكون أفضل بعد أن تكتمل منظومة الإصلاح الاقتصادى التى سيترتب عليها تغيير جذرى فى الأوضاع الاقتصادية والخريطة الاجتماعية. لقد أدرك المصريون أن الشعارات الرنانة لا تبنى مصانع ولا تستزرع الصحارى ولا تشيد محطات الكهرباء والمطارات والموانى ولا توفر فرص العمل أو تفتح أبواب الرزق الشريف للمواطنين وإنما الذى يصنع ذلك إرادة مشتركة بين الدولة والشعب تحت مظلة الفهم الصحيح لتحديات المرحلة ومصاعبها. وجاء ما فعله المصريون بالخارج، إجمالا، ليقدم دليلا جديدا على قوة المصريين ووعيهم واستعدادهم للتضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل مصر، وأكد التفافهم حول الوطن فى هذه المرحلة الحرجة، وأكد أنهم جنود يدافعون عن بلدهم، ويلتزمون بواجبهم الوطنى، ويريدون المساهمة فى رسم مستقبل الوطن، ‏والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات.
بهذا الشكل، لا نبالغ لو قلنا إن المصريين فى الخارج أثبتوا أنهم لا يقلون عن الجندى ‏الذى يقوم بتأمين دولته من شر الإرهاب. كما لا نبالغ أيضا لو أكدنا أن المرأة المصرية سواء كانت فى الداخل أو الخارج، أثبتت أنها الجزء الأهم أو الرقم الصعب فى صناعة القرار السياسى.