ياسر بركات يكتب: الحارس.. والمحروسة
رسالة مصر للعالم.. ومشوار الرئيس لإطفاء نار الحروب
أسرار تنشر لأول مرة عن دور المخابرات المصرية فى وقف حمامات الدم العربى
* أوراق المفاوضات مع جيش الأبابيل وأكناف بيت المقدس لوقف تهجير أبناء دمشق
* تفاصيل الهدنة المصرية التى أنقذت 147 ألف مواطن سورى
* كيف جرى اتفاق ريف حمص.. ومن وراء إجهاض تحالفات تركيا؟
* المايسترو المصرى أوقف حرب الميليشيات فى ليبيا.. ووضع خطة التواصل مع رجال حفتر
* المصالحة الفلسطينية وتفاصيل أخطر دور للقاهرة فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى
* إذابة جبل الجليد بين فتح وحماس كان الرهان الأكبر.. والقاهرة صنعت معجزة أذهلت العالم
لا يكاد يمر يوم إلا وتثبت مصر أنها عادت بقوة لتأخذ دورها وموقعها كلاعب مؤثر وفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية، وأنها حظيت باحترام وتقدير العالم لموقفها الواضح والمعلن، فى أن علاج أزمات وأمراض العالم التى يتعرض لها الآن، يقوم على ضرورة وقف الحروب الإقليمية وإنهاء الصراعات، ووقف التدخل فى شئون الدول، والسعى لحلول سياسية توقف شلالات الدم وعمليات القتل والدمار.
مصر عادت بقوة، وأثبتت أنه لا شىء قد يمر فى المنطقة إلا عبر بوابة مصر، وأنها الممر الأساسى لأى قضية إقليمية، لتمتعها بأعلى درجات القبول من جميع الأطراف بصرف النظر عن بعض المناكفة هنا أو هناك.. إضافة إلى وجود قناعة غربية بأن الوزن النسبى لدول عربية وإقليمية فى المنطقة يتراجع بسبب أوضاعها الداخلية. وهو ما تأكد فعليا وواقعيا بالجهود المكثفة التى بذلتها للمحافظة على وحدة الوطن العربى، ومنع كافة المخططات التى حاولت ولا تزال تحاول تقسيم المنطقة العربية.
فى خطابه أمام الأمم المتحدة قال الرئيس عبدالفتاح السيسى بمنتهى الوضوح إن نزيف الدم فى سوريا وغياب الأفق السياسى أمر لم يعد مقبولا استمراره فالمطلوب واضح.. وقف فورى وشامل لكل الأعمال العدائية فى جميع أنحاء سوريا يمهد لحل سياسى يحقن الدماء ويحفظ وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية ومؤسسات دولتها ويحقق طموحات السوريين ويمنع استمرار الفوضى التى لم تؤد إلا إلى تفشى الإرهاب وفى هذا السياق فإننا نرحب باتفاق وقف العدائيات الذى تم التوصل إليه بجهد مشكور من جانب روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ونتطلع لسرعة تحرك المجتمع الدولى الجاد لاستئناف المفاوضات فى أقرب وقت للتوصل لتسوية شاملة للازمة. مضيفاً أنه فى نفس السياق الإقليمى المضطرب مازال الصراع العربى الإسرائيلى جوهر عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط وهو ما يتطلب تكاتف جهود دول المنطقة والمجتمع الدولى للتوصل لحل نهائى وشامل للصراع إذ تبذل مصر مساعيها الحثيثة لتحقيق السلام فى المنطقة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى عن طريق التفاوض لتحريك العملية السلمية وصولا لتسوية نهائية وسلام دائم وعادل قائم على حل الدولتين.
وبعد أن أكد أن مصر ترحب بالمساعى القائمة على رغبة حقيقية فى تحسين الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية فى ظل ما يعانيه الفلسطينيون من وضع يجب معالجته والتركيز على إنهاء الاحتلال واستعادة الشعب الفلسطينى لحقوقه من خلال اتفاق سلام وفقا لقرارات الشرعية الدولية يضمن للفلسطينيين حقهم فى دولتهم ويحقق لإسرائيل أمنها وسط علاقات طبيعية فى محيطها الإقليمى. أعلن الرئيس أن يد السلام مازالت ممدودة عبر مبادرة السلام العربية وتشدد على ضرورة العمل على اتخاذ خطوات بناءة لإنهاء الاستيطان الإسرائيلى وبدء مفاوضات الوضع النهائى مع التوقف عن الأعمال التى تضر بالتراث العربى فى القدس الشريف.
لم يكن ما قاله الرئيس مجرد كلام، فها هى مصر تسعى لحل الأزمة فى سوريا من خلال الرجوع لمائدة المفاوضات، وتحاول الحفاظ على وحدة سوريا فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة، واستقطاب مصر للجانب الروسى فى القاهرة دليل على الجهود المصرية المبذولة، إذ إن حل الأزمة فى سوريا لا يتم بالرجوع إلى اتفاقيات دولية كجينيف، أو قرار 2254 الأممى، لان هذه الأمور متعلقة بالإقليم العربى، وإن كانت القوى المتحكمة فى الأراضى السورية حالياًً هى روسيا وإيران.
لم تغب القاهرة عن طاولات اللقاءات السورية طيلة أعوام حربها الطويلة، فمع تغير الوجوه وتنوع الأطياف وانتماءاتها لم يعد اسم العاصمة المصرية يقتصر على عنصر الاستضافة فقط. فالرعاية المصرية بضمانة روسية تأتى ضمن صيغة جديدة باتت فى تفاعل أكثر على أرض القاهرة فى الآونة الأخيرة، ليتحول اسم المدينة على وقعها، إلى محرك ومنطلق لتفاهمات تفرض على الأرض السورية.
قبل أسابيع معدودة كان قد تم الإعلان من القاهرة عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين مسلحى المعارضة المعتدلة والقوات الحكومية فى ريف حمص الشمالى. وشمل الاتفاق حينها كامل ريف حمص الشمالى، ونص على وقف كافة العمليات القتالية، وعلى فك الحصار وفتح معابر المساعدات الإنسانية.
الاتفاق الأخير بشأن ريف دمشق يأتى مشابهاً، حيث يعاد ويكرر الإعلان عما اتفق عليه بشأن ريف حمص الشمالى من القاهرة، فمع اختلاف وجوه من وقع على الاتفاق، إلا أن فحوى الاتفاق بقيت مماثلة. فريف دمشق، يعد رمزاً آخر من رموز المعارضة السورية، حيث يتواجد فيه فصائل جيش الإسلام، بالإضافة إلى فصائل جيش الأبابيل وأكناف بيت المقدس.
ومن التفاصيل التى تم الكشف عنها بشأن الاتفاق، الذى وقع بعيداً عن عدسات الكاميرات برعاية المخابرات المصرية، أنه اتفاق لوقف إطلاق النار فى جنوب دمشق.. إلا أن التوقيع الروسى كان حاضراً أيضاً لضمان منع التهجير القسرى لسكان المنطقة، وفتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى فتح المجال أمام أى فصيل للانضمام إلى الاتفاق.
ويأتى الاتفاق ليمثل بنوداً أولية، لرسم خريطة للتهدئة، إلا أن تفعيلها لن يتوقف هنا، كون استكمال البنود سيشمل محاولات لتحديد المسارات النهائية فى الغوطة الشرقية وحى القدم الجنوبى.. وهى عناوين ليست بجديدة فى أخبار التهدئة، فالمناطق المعلن عنها مشمولة أصلا فى مناطق خفض التصعيد المتفق عليها بين روسيا وتركيا وإيران، وشملها اتفاق سابق لوقف إطلاق النار أبرم قبل نحو شهر فى القاهرة أيضاً.
ولا نكشف سرا لو قلنا إن المخابرات العامة المصرية رعت اتفاقا فى القاهرة لوقف إطلاق النار فى جنوب العاصمة السورية دمشق. ويتضمن الاتفاق، الذى وقعته فصائل «جيش الإسلام وجيش الأبابيل وأكناف بيت المقدس» بضمانة روسية، «استمرار فتح المعابر فى جنوب العاصمة دمشق لدخول المساعدات الإنسانية ورفض التهجير القسرى».
هكذا يمكننا أن نقول إن الوساطة المصرية الناجحة بين طرفى الأزمة السورية هى التى توصلت إلى إبرام اتفاق وقف إطلاق النار فى عشرات البلدات بريف حمص الشمالى، بما يعكس دوراً إيجابياً متنامياً للقاهرة فى جهود حل الأزمة. وبموجب الاتفاق الذى وقع فى 31 يوليو الماضى ودخل حيز التنفيذ برعاية مصرية وضمانة روسية، انضمت مدن رئيسية فى ريف حمص ضمن مناطق خفض التصعيد، وهى تلبيسة والرستن والحولة، إضافة إلى 84 بلدة يقطنها أكثر من 147 ألف نسمة. بعد أسابيع من هدنة أخرى ناجحة فى الغوطة الشرقية بدمشق أبرمت فى القاهرة، برعاية مصرية روسية.
إن مصر «أكثر الدول التزاماً لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية»، والقاهرة بشهادة كل الأطراف تعد وسيطاً نزيهاً وجيداً فى الأزمة السورية كونها لم تشارك نهائياً فى سفك الدماء بسوريا. كما أن الجانب المِصرى لم يتجاوز فى أى تفصيل حدود الوساطة والرعاية، بل كان «داعماً دوماً ما نطرحه فى المفاوضات. واستطاعت القاهرة الاستفادة من العلاقة القوية مع موسكو من أجل الدفع باتجاه توسيع مناطق خفض التصعيد، وسط التعقيدات الميدانية على الأرض.
وعلى الرغم من التنسيق الروسى التركى فى بعض الملفات والتحالف مع إيران فى ملفات أخرى، فإن موسكو لم تجد قوى تحظى بمصداقية يمكنها لعب دور إيجابى ومؤثر فى التهدئة غير القاهرة. وتحاول إيران الدفع بالحسم العسكرى لصالح النظام السورى لتحقيق مصالحها على الأرض السورية، بينما تتخبط تركيا بين دعم فصائل معارضة عسكرياً من أجل حرب بالوكالة ضد الجماعات الكردية المسلحة. وتأمل موسكو فى ضم مدينة إدلب إلى مناطق خفض التصعيد وهى المهمة الأصعب، لكن النجاح فى الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالى بمساعدة مصرية أظهر تفاؤلاً بتحقيق هذا الهدف.
الجهود المصرية لديها قبول لدى مختلف الأطراف فى سوريا بسبب حفاظ القاهرة على مسافة متوازنة من الجميع، وفى نفس الوقت فإن الرؤية المصرية ترفض تماماً التعامل مع جماعات إرهابية وهو ما يتسق بوضوح مع السياسة الخارجية المصرية القائمة على مكافحة الإرهاب.. كما لم تعلن القاهرة دعمها لأى طرف على حساب آخر فى الأزمة السورية، ودعت إلى حل سياسى شامل لوقف الحرب الأهلية التى راح ضحيتها مئات الآلاف من السوريين.
كما أن الجهود المصرية المبذولة فى دعم المصالحة الفلسطينية بين حركتى فتح وحماس، وتحديداً دور المخابرات المصرية حقق تقدماً كبيراً فى حل الانقسامات الموجودة بين حركات المقاومة الفلسطينية والقائمة منذ 10 أعوام، لدرجة أن الحكومة الفلسطينية اعتقدت أن هذه الأزمة لن يتم حلها.
والثابت هو أن مصر تسعى لأن تنفذ اتفاق القاهرة عام 2011 بدعمه والذى وضع حلولاً كاملة للقضايا التى نتج عنها الانقسام الفلسطينى، الأمر الذى وضع حداً كبيراً لهذه الخلافات. ومن شأن حل الانقسامات بين فتح وحماس أن ترفع معاناة كثيرة عن الشعب الفلسطينى بسبب غياب حكومة الوفاق عن قطاع غزة، الأمر الذى تسبب فى حالة من عدم الاستقرار.
جهود مصر المبذولة فى إتمام المصالحة أعادت لفلسطين حق التحدث الدولى والتواجد الدولى باسم الحكومة الفلسطينية، وأعطت لفلسطين الدافع لمواجهة الاحتلال الإسرائيلى. والجهود المصرية لا تقف عن هذا الحد لكنها ستمتد حتى إجراء مباحثات فلسطينية مصرية لوضع آليات التصالح مع فتح وحتى إجراء انتخابات الحكومة الفلسطينية، وبالفعل، وقعت حركتا حماس وفتح اتفاق مصالحة فى العاصمة المصرية، القاهرة. ورحب الرئيس الفلسطينى محمود عباس بما وصفه «بالاتفاق النهائى» لإنهاء الانقسام الفلسطينى. وقال عباس لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إنه أعطى أوامره لوفد حركة فتح «للتوقيع فوراً» على الاتفاق»، مشيرا إلى أن «ما تم إنجازه من اتفاق يعتبر اتفاقا نهائيا لإنهاء الانقسام» المستمر منذ عقد من الزمن.. وأفاد بيان أصدرته حركة حماس بأن «الحركتين اتفقتا على تمكين حكومة الوفاق الوطنى من ممارسة مهامها والقيام بمسئوليتها الكاملة فى إدارة شئون قطاع غزة.. بحد أقصى الأول من ديسمبر2017».. وأضاف البيان أن القاهرة ستستضيف اجتماعاً آخر الشهر المقبل لكافة الفصائل الموقعة على اتفاقية الوفاق الوطنى فى 2011.
وتعد موافقة حماس على التنازل عن إدارة قطاع غزة للحكومة المدعومة من فتح تراجعاً كبيراً فى موقف الحركة يرجع جزئيا إلى مخاوفها من احتمال التعرض لعزلة مالية وسياسية بعد دخول داعمها الرئيسى، قطر، فى أزمة دبلوماسية مع السعودية والإمارات والبحرين ومصر، بحسب وكالة رويترز التى نقلت عن عزت الرشق، العضو بوفد حماس فى المفاوضات، قوله إن «الوحدة والمصالحة الوطنية بين شعبنا الفلسطينى هى خيارنا الاستراتيجى». وأكد حسام بدران، عضو المكتب السياسى فى حركة حماس، والناطق باسمها وعضو وفدها للمصالحة، أن «الحوار سينطلق على أساس اتفاقية 2011 وما بعدها».
ونصت اتفاقية 2011، التى وقعتها الحركتان فى القاهرة، على تشكيل خمس لجان من الجانبين، وهى لجان الأمن والانتخابات والحكومة والمصالحة المجتمعية ومنظمة التحرير، على أن تعمل كل لجنة على حل مشاكلها ومحاولة إصلاحها وضمان دمج الطرفين بها. وكان عزام الأحمد، رئيس وفد فتح، صرح فى وقت سابق بأن المفاوضات تشمل إدارة الوزارات فى قطاع غزة الذى ظلت حركة حماس تديره منذ عام 2007 حتى وافقت على تسليمه فى إطار اتفاق تم التوصل إليه الشهر الماضى.. كما سيتم بحث مصير نحو 50 ألف موظف حكومى عينتهم حماس خلال فترة الشقاق.. وأضاف أن الأمن هو محور المحادثات، بما فى ذلك احتمال نشر 3 آلاف من ضباط الأمن التابعين لفتح والذين من المقرر أن ينضموا إلى قوات الشرطة فى غزة فى غضون عام.
الأحمد قال إن المعبر الحدودى الوحيد فى غزة مع مصر، والذى كان المنفذ الوحيد لنحو مليونى شخص إلى العالم، يجب أن يديره الحرس الرئاسى للرئيس محمود عباس، تحت إشراف من الاتحاد الأوروبى، بدلا من عناصر حماس الذين يشرفون على إدارة المعبر حالياً.. وأضاف الأحمد أن الحكومة ستعمل على إتمام الترتيبات لفتح معبرى إيريز وكرم شالوم (كرم أبوسالم) فى غضون أسبوعين.
وبينما يأمل الجانبان أن يكون لهذه الترتيبات الأمنية أثر فى تشجيع مصر وإسرائيل على تخفيف القيود التى تفرضها على المعابر الحدودية، ما من شأنه إحياء الاقتصاد فى قطاع غزة. فإن هناك ملفات ما زالت تشكل خلافا بين الجانبين، أبرزها مستقبل الجناح المسلح لحركة حماس البالغ قوامه نحو 25 ألف مقاتل، والذى تقول الحركة إنه «غير قابل للتفاوض».
ولا يمكن تجاهل موقف مصر الرافض لانفصال إقليم كردستان عن العراق، بما يؤكد دور مصر الداعم لوحدة بغداد، وحرص مصر الدائم على الوقوف بجانب العراق. وقد أعربت وزارة الخارجية فى بيان لها، عن قلقها البالغ بشأن التداعيات السلبية المحتملة لاستفتاء كردستان العراق،على الرغم من المساعى المتكررة عربيا ودوليا للحيلولة دون المضى قدماً فى تلك الخطوة.. وشددت مصر على أهمية التزام جميع الأطراف بضبط النفس، وعدم اتخاذ أية إجراءات أحادية قد تزيد من تعقيد الموقف، وبشكل يؤدى إلى زعزعة استقرار العراق وتغذية مناخ الفوضى والتوتر فى المنطقة، فضلا عن تقويض جهود مكافحة الإرهاب وتحرير المدن العراقية من قبضة تنظيم داعش الإرهابى، التى لم تكن لتنجح إلا بفضل التلاحم والترابط بين أبناء العراق الواحد. كما أكد بيان وزارة الخارجية على أهمية الدفع بالحوار البناء كأساس للتوصل إلى تسوية شاملة ومرضية بشأن القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، مشدداً على تمسك مصر بوحدة العراق وسلامته الإقليمية، وبما يحفظ مقدرات الشعب العراقى بكافة أطيافه.
ونضيف إلى كل ما سبق، دور مصر فى حل النزاعات الليبية، أدى إلى تحولات فى الوضع داخل ليبيا، فالموقف المصرى من الأزمة الليبية ما زال ثابتاً كما هو منذ بداية الانقسام السياسى بين الشرق والغرب، فمصر ما زالت تدعم الحفاظ على وحدة ليبيا وترغب فى الخروج من الأزمة الحالية من خلال إطار للتسوية السياسية، وهو ما عبرت عنه مصر بوضوح من خلال دعمها للحوار السياسى الذى عُقد بين الأطراف الليبية المختلفة تحت رعاية الأمم المتحدة، وتظل مصر أيضاًً رافضة لفكرة الميليشيات أو التشكيلات العسكرية غير النظامية وغير الخاضعة لسلطة الدولة، وبالتالى فمصر تدعم الأطراف السياسية والعسكرية الشرعية، سواء كانت مجلس النواب فى طبرق أو الجيش الوطنى الليبى بقيادة خليفة حفتر. كل هذه الثوابت التى شكلت الموقف المصرى من الأزمة الليبية لم تتغير، ولكن ما تغير هو الأسلوب الذى بدأت مصر تستخدمه لتحقيق أهدافها فى ليبيا، وهو ما يضيف الكثير من المرونة للسياسة الخارجية المصرية تجاه ليبيا.
هكذا، يمكننا أن نفهم ونستوعب ردود الأفعال العنيفة التى نراها عقب كل نجاح تحرزه مصر على المستويين الإقليمى والدولى، وهكذا يمكننا أن نفهم سبب إطلاق أجهزة مخابرات دول بعينها لعملائها كى يتطاولوا على مصر ورئيسها، سواء فى شكل افتتاحيات صحف أو مقالات يكتبها من فاحت روائحهم الكريهة!