الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 11:01 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب: السيسى وترامب كواليس الغدر.. والخيانة


الرعب الأمريكى من عهد أوباما إلى الإدارة الجديدة فى البيت الأبيض
لماذا منحت قطر رئاسة شركة «إكسون موبيل» لوزير الخارجية الأمريكى؟!
الدور السرى لـ«ريكس تيلرسون» فى التحريض ضد مصر
* يضم 5 أعضاء فى مجلس الشيوخ ومؤسسة كارنيجى وبروكينجز
التفاصيل الكاملة لمؤامرة
تحالف واشنطن
* العلاقة المشبوهة بين «زيد رعد» و17 منظمة حقوقية فى مصر
* «أدبيات السياسة السابقة لا تصلح حالياً».. العبارة التى أثارت غضب الكونجرس
* حروب الجيل الرابع.. تفاصيل المحاضرة التى ألقاها السيسى.. وتسببت فى صراعات داخلية فى أمريكا
* 7 مواقف للرئيس ترامب تتناقض مع مواقف إدارته
على عكس المتوقع، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية فى عهد إدارة الرئيس الحالى دونالد ترامب، تجميد مبلغ 95.7 مليون دولار من المنح والمساعدات المقدمة لمصر، بالإضافة إلى تأجيل صرف 195 مليون دولار، ضمن برنامج المساعدات العسكرية، بسبب ما وصفته وكالة «رويترز»، نقلاً عن مصادر زعمت أنها مطلعة بـ «فشل مصر فى إحراز تقدم فى احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية».
إجمالى مبلغ المعونات الأمريكية التى حصلت عليها مصر بين عامى 1946 و2013 أكثر من 73 مليار دولار. وزادت المعونات بشكل كبير بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل سنة 1979. وبدأت المساعدات الاقتصادية غير العسكرية فى الانخفاض بشكل ثابت منذ منتصف التسعينيات، حتى وصلت إلى 150 مليون دولار سنة 2015. بينما استقرت المساعدات العسكرية عند 1.3 مليار دولار فى الفترة نفسها.
القرار فاجأ كثيرين، خاصة فى ظل تصريحات الرئيس الأمريكى الإيجابية تجاه مصر ورئيسها منذ انتخابه فى نوفمبر الماضى، ثم استقباله الرئيس السيسى فى واشنطن فى شهر إبريل من العام الجارى فى أول زيارة للسيسى إلى البيت الأبيض. ثم ظهرت علامات استفاهم عديدة على توقيت تسريب الخبر لوكالة «رويترز» الذى تزامن مع زيارة جاريد كوشنر، كبير مستشارى ترامب وزوج ابنته، إلى القاهرة، ومزاعم «رويترز» بأن مصر قررت إلغاء اجتماع بين وزير الخارجية سامح شكرى وكوشنر، وهى المزاعم الذى أكد كذبها لقاء كوشنر مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقيام الخارجية المصرية بنشر صور للقاء جمع شكرى وكوشنر والوفد المصاحب له بمقر الوزارة. واكتفت الخارجية المصرية بأن أصدرت بياناً جاء فيه أن مصر تعرب عن «أسفها لقرار الولايات المتحدة الأمريكية تخفيض بعض المبالغ المخصصة فى إطار برنامج المساعدات الأمريكية لمصر، سواء من خلال التخفيض المباشر لبعض مكونات الشق الاقتصادى من البرنامج، أو تأجيل صرف بعض مكونات الشق العسكرى».
وأضاف البيان: «تعتبر مصر أن هذا الإجراء يعكس سوء تقدير لطبيعة العلاقة الاستراتيجية التى تربط البلدين على مدار عقود طويلة، واتباع نهج يفتقر للفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاح تجربتها، وحجم وطبيعة التحديات الاقتصادية والأمنية التى تواجه الشعب المصرى، وخلط للأوراق بشكل قد تكون له تداعياته السلبية على تحقيق المصالح المشتركة المصرية-الأمريكية».
ببساطة، يمكننا أن نقول هناك داخل المؤسسات الأمريكية من يحاول الضغط على إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وعلى الحكومة المصرية لدفع الأخيرة نحو اتخاذ قرارات وإجراءات نحو ملفات معينة على رأسها منظمات وجمعيات المجتمع المدنى التى تمولها جهات أمريكية، وما يؤكد ذلك هو أن من سربوا الخبر إلى رويترز، زعموا أن السبب هو «فشل مصر فى إحراز تقدم فى احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية».
وأن المبلغ المخصص للمساعدات الاقتصادية اعتادت الحكومة المصرية عدم استخدام جزء منه بسبب رفضها تسليم هذه المبالغ لشركاء من منظمات المجتمع المدنى الأمريكية، كما يشترط قانون المعونة. وهو النهج الذى زاد مؤخراً، وأدى إلى تراكم نحو 400 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية دون استخدام من قِبل الحكومة المصرية. ولهذا مرر الكونجرس هذا العام قانوناً لإعادة توجيه هذه الأموال لبلاد أخرى، مثل تونس على سبيل المثال. مع أنه كان بيد الحكومة الأمريكية الانتظار حتى 30 سبتمبر 2018 (نهاية السنة المالية الحالية) لاتخاذ قرار بشأنها.
وهناك أيضا معلومة مهمة كشفها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى الذى أوضح أن القرار يعود إلى السنة المالية 2014، حين قرر الكونجرس تطبيق «قانون ليهى» الأمريكى على هذا المبلغ. على الرغم من أن الإدارة الأمريكية الحالية كانت قد أظهرت رغبة قوية فى استئناف التعاون والتنسيق العسكرى مع مصر. وبحسب ما نشرته مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية، منتصف الشهر الجارى، فإن مصر والولايات المتحدة فى طريقهما لاستئناف مناورات «النجم الساطع» الشهر المقبل، بعد توقفها منذ عام 2009. وتعد «النجم الساطع» واحدة من أكبر المناورات العسكرية متعددة الجنسيات فى العالم، وكانت تقام بشكل دورى فى مصر، بمشاركة 12 دولة، منها مصر وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا واﻷردن.
وبدأت تلك المناورات بمشاركة مصرية أمريكية فقط فى عام 1981، وتم الاتفاق على أن تقام فى الخريف كل سنتين بدءاً من العام 1983، قبل أن تتوقف بين عامى 1989 و1993، لظروف حرب تحرير الكويت، وبعد استئنافها توقفت مرة أخرى عام 2003 بسبب الحرب اﻷمريكية فى العراق، لتستأنف ثانية وتكون آخر نسخة منها هى نسخة العام 2009، لتتوقف بعد الثورة المصرية فى يناير 2011. وفى 2013، ألغت إدارة أوباما المناورات، عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسى، وتوقف تسليم عدد من المعدات العسكرية لمصر. قبل أن يقرر أوباما فى أبريل 2015 الإفراج عن المعدات العسكرية المطلوبة من جانب القاهرة.
وأشارت «فورين بولسى» فى تقريرها إلى أن المناورات ستعود بعد سنوات من التوقف بسبب موافقة الجيش المصرى أخيراً على المطلب الأمريكى بإعادة تصميمها لتركز بشكل أساسى على مكافحة الإرهاب، واكتشاف وتفكيك العبوات المتفجرة بالطرق، وعمليات حماية أمن الحدود، وكل المهام المتعلقة بالتعامل مع التمرد المسلح فى سيناء، والمستمر منذ سنوات.
وفقاً للقانون الأمريكى، تلتزم حكومة الولايات المتحدة بوقف 15٪، أو ما يعادل 195 مليون دولار، من المعونة العسكرية الأمريكية لمصر للعام المالى 2016، والتى تبلغ 1.3 مليار دولار، إذا لم تحرز الحكومة المصرية تقدماً فى سجل حقوق الإنسان والديمقراطية الخاصة بها. وبدأ اتباع ذلك الشرط بداية من عام 2012، حيث يحدد الكونجرس الأمريكى عدداً من الاشتراطات يجب الوفاء بها قبل تسليم تلك النسبة.
وقبل انتهاء السنة المالية فى 30 سبتمبر يصبح لزاماً على الحكومة الأمريكية إما أن تصدر شهادة بإحراز مصر تقدماً على صعيد أوضاع حقوق الإنسان والديمقراطية، أو يتم إلغاء نسبة الـ15٪ من المعونة. ويمنح قانون المساعدات وزارة الخارجية الأمريكية الحق فى إصدار قرار بإعفاء القاهرة من الشرط الخاص بحقوق الإنسان وإرسال المعونات العسكرية إلى مصر إذا كان ذلك لـ«مصلحة الأمن القومى الأمريكى». وتلتزم الإدارة الأمريكية وقتها بتقديم تقرير للكونجرس الأمريكى بأسباب ذلك الإجراء، وهو ما تم من قِبل الإدارة الأمريكية السابقة سنة 2015.
ما قامت به الحكومة الأمريكية هو الإجراء السابق. فبحسب رويترز، وافقت «الخارجية الأمريكية» على إعفاء مصر من اشتراطات الديمقراطية، وقامت بتحويل نسبة الـ15٪ إلى حساب بنكى باسم مصر، تفادياً لحجب ذلك المبلغ أيضاً عن مصر فى حال عدم إصدار الشهادة أو الإعفاء قبل 30 سبتمبر المقبل (موعد انتهاء السنة المالية الحالية). غير أن إدارة ترامب أجلت السماح لمصر بصرف ذلك المبلغ، لحين اتخاذ القاهرة إجراءات لم يعلن عنها فى ملف حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية. وهو ما يعنى احتمالية وجود مطالبات أمريكية للحكومة المصرية بتخفيف ضغطها على منظمات المجتمع المدنى، خاصة بعد تصديق الرئيس عبدالفتاح السيسى على قانون الجمعيات الأهلية فى مايو الماضى، واستمرار التحقيقات فى قضية منظمات المجتمع المدنى.
يؤكد ذلك أن أليسون ماكمانوس، مديرة الباحثين فى معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، نشرت سلسلة من التغريدات على موقع تويتر، جاء فيها إنه بغض النظر عن وفاء مصر باشتراطات حقوق الإنسان، فإن الأموال الآن بيد الإدارة الأمريكية، وهى تملك منحها للقاهرة من عدمه. من ناحية أخرى ترى ماكمانوس أن ذلك يعطى إدارة ترامب بعض المرونة لاستخدام هذه الأموال كأداة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان فى مصر. غير أن هناك أيضاً تساؤلات حول تعريف ذلك «التحسن» المطلوب، خاصة فى ظل عدم وجود سفير أمريكى فى القاهرة يتابع الأوضاع عن كثب. بينما قال كول بوكينفيلد، نائب مدير مؤسسة مشروع الديمقرطية فى الشرق الأوسط، ومقره واشنطن، فى سلسلة أخرى من التغريدات على تويتر، إن ما كان يجب أن يحدث هو إعادة توجيه الـ195 مليون دولار من المعونات العسكرية إلى دول أخرى وليس الاكتفاء بتأخير صرفها، لتوصيل رسالة واضحة للنظام المصرى أنه عليه أن يحسن أوضاع حقوق الإنسان فى العام المقبل ليحصل على هذه الأموال. وأضاف بوكينفيلد أن الدرس المستفاد بالنسبة للكونجرس هو ضرورة التوقف عن منح الإدارة الأمريكية إمكانية إعفاء الحكومة المصرية من اشتراطات حقوق الإنسان الخاصة بالمعونة، لأن الإدارة تستخدمها فى كل مرة، ما يجعل هذه الاشتراطات بلا معنى.
**********************
2
شواهد كثيرة تجعلنا نقول إن ترامب ليس له علاقة بالقرار، وأن الكونجرس هو الذى تسبب فى الأزمة. أهمها أن ترامب اتصل بالرئيس السيسى ليؤكد على «تطوير العلاقات بين البلدين وتجاوز أى عقبات»، الأمر الذى يمكن اعتباره تأكيدا إضافيا على التناقض بين ترامب وعدد من مؤسسات الحكم فى أمريكا. خاصة أن هذا الموقف المتناقض لم يكن هو الأول. بل تعددت المواقف وظهرت بشكل شديد الوضوح منذ بدأت مقاطعة مصر و3 دول خليجية (السعودية، الإمارات، البحرين) لقطر فى 5 يونيه الماضى، إذ اتخذ ترامب موقفا مناصرا للدول الأربع، إلا أن ريكس تيلرسون وزير خارجيته خرج ليدلى بتصريحات مختلفة فى اتجاه يؤيد قطر. وكذلك كان الوضع بالنسبة للتصريحات الأخيرة بين ترامب وكيم جونج أون رئيس كوريا الشمالية، والتى كان فيها ترامب فى واد، وبقية أجهزته ومؤسسات الحكم فى أمريكا فى واد آخر وبعيداً تماماً، والأمر تكرر أيضاً فى أزمة فنزويلا وتهديده بالتدخل العسكرى، بعكس موقف بقية المؤسسات الأمريكية!.
قرار التخفيض، يرجع إلى دوائر معينة فى واشنطن، بينها مراكز أبحاث تقوم بـ«التضخيم والمبالغة» بشأن وضع حقوق الإنسان فى مصر. وتحالف فى واشنطن يضم بعض أعضاء مجلس الشيوخ، ومراكز أبحاث ذات ثقل وخصوصاً الليبرالية مثل كارنيجى ومؤسسة بروكينجز، واللوبيين القطرى والتركى». وهناك أيضا العلاقة «القوية» بين القطريين ووزير الخارجية، ريكس تيلرسون، عندما كان يشغل رئاسة شركة «إكسون موبيل».
حتى تتضح الصورة، علينا أن نتوقف طويلا أمام تلك الوثيقة الأمريكية التى تكشف بوضوح أن واشنطن استخدمت سلاح المعونة فى مخطط تغيير الأنظمة العربية من خلال بناء منظمات مجتمع مدنى تحدث تغييرا فى السياسات الداخلية للدول المستهدفة.
وطبقا للوثيقة، التى تم الإفراج عنها بموجب دعوى قضائية استناداً إلى قانون حق الحصول على المعلومات، فإن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما ضالعة فى حملة استباقية منذ ما قبل الربيع العربى لتغيير الأنظمة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشارت الوثيقة الصادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية فى 22 أكتوبر 2010 بعنوان «مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية: مراجعة»، إلى أولوية خاصة تم منحها منذ العام 2010 لتغيير الأنظمة فى كل من اليمن والسعودية ومصر وتونس والبحرين، وأضيفت سوريا وليبيا إلى قائمة الدول ذات الأولوية على صعيد إنشاء مجتمعات مدنية فيها.
وأظهرت الوثيقة انتهاج إدارة أوباما سياسة الدعم السرى لجماعة الإخوان المسلمين فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2010.
وانتهجت إدارة الرئيس أوباما منذ عام 2010 سياسة تقوم على تقديم دعم سرى لجماعة الإخوان المسلمين وحركات أخرى للمتمردين فى الشرق الأوسط،.
وتبين الوثيقة هيكلاً محدداً لبرامج وزارة الخارجية الأمريكية التى تهدف بشكل مباشر إلى بناء منظمات «مجتمع مدنى»، ولاسيما المنظمات غير الحكومية، بغية إحداث تغيير يخدم أهداف السياسة الخارجية والأمن القومى الأمريكيين.
ورغم استخدام الوثيقة، الواقعة فى خمس صفحات، لغة دبلوماسية، إلا أنها لا تترك مجالا للبس بأن الهدف هو تشجيع وتوجيه تغيير سياسى فى البلدان المستهدفة: «إن مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية هى برنامج إقليمى لتمكين المواطنين فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بهدف تطوير مجتمعات أكثر تعددية وتشاركية وازدهاراً. وكما توضح الأرقام فى هذه المراجعة، فقد تطورت «المبادرة» عما كانت عليه عند انطلاقها فى العام 2002، لتصبح أداة مرنة على مستوى إقليمى لتقديم الدعم المباشر للمجتمعات المدنية المحلية الرئيسية وبما يخدم العمل اليومى للدبلوماسية الأمريكية فى المنطقة. وشمل نطاق عمل «المبادرة» كل بلدان منطقة الشرق الأدنى باستثناء إيران.
3
وكالعادة، تم استخدام ملف حقوق الإنسان لشن حملات هجوم على مصر، التى صارت فى مرمى نيران تقارير تفتقد أبسط معايير النزاهة أو أية معايير من أى نوع أعدتها «منظمات مشبوهة» تعمل فى الداخل، بكل أسف، وتربطها علاقات قذرة بدول كبرى تدللها وتحميها. ولا يحتاج الأمر إلا قليلاً من التركيز لإدراك أن مصدر ذلك كله واحد، وهو للأسف تلك المنظمات المشبوهة التى ظلت لسنوات تعمل داخل مصر دون غطاء قانونى، وتتلقى تمويلات أجنبية بشكل غير شرعى، الأمر الذى يجعلنا نصف القائمين عليها بـ«وكلاء أو مندوبى الاستعمار الجديد»!
لا يمكن فصل ما سبق عن ذلك الخطاب المشبوه الذى أرسلته 17 منظمة حقوقية مصرية إلى «زيد رعد» المفوض السامى لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، قبيل ساعات من الكلمة التى كان مقرراً أن يلقيها ضمن فعاليات الجلسة الـ31 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بجنيف، فى 10 مارس العام الماضى.
الخطاب تضمن تحريضا صريحا وواضحا ضد مصر فى سبعة ملفات أساسية شملت مزاعم بارتكاب النظام المصرى لجرائم قتل خارج نطاق القضاء واتهامات للشرطة المصرية بممارسة العنف والتعذيب وإساءة المعاملة، إضافة إلى التيمات المكررة عن قمع الحريات الإعلامية والفنية واتخاذ إجراءات صارمة ضد الأماكن الثقافية والأكاديميين، وضد العدالة الاقتصادية والاجتماعية، وضد حقوق المرأة، وضد الحريات الدينية!
المنظمات الموقعة على الخطاب حددت مجموعة من التوصيات طالبت المفوض السامى بدعمها خلال الدورة الـ31 لمجلس الأمم المتحدة. وقد تضمنت التوصيات: تمكين منظمات المجتمع المدنى فى مصر من العمل بحرية فى ظل إطار تشريعى يمتثل للمعايير الدولية، ويحافظ على أواصر التواصل مع المنظمات والجهات الدولية حول حالة حقوق الإنسان فى مصر دون التعرض لتدابير انتقامية أو لمخاطر القصاص، والحفظ الفورى لملف قضية التمويل الأجنبى «المسيسة» سيئة السمعة التى تحمل رقم 173 لسنة 2011. وضمان بيئة آمنة ومواتية لتعزيز المجال العام وحماية المراكز الثقافية بما يتيح لها تنفيذ فعالياتها.
كما أوصت المنظمات بضرورة مراعاة الحكومة المصرية لاستحقاقاتها الدستورية فيما يتعلق بالإنفاق على التعليم والصحة، وألا تسمح لسياسات التقشف المالى بتقويض هذه الاستحقاقات. ولم تنس تلك المنظمات أن تعرب، عن قلقها البالغ إزاء ارتفاع وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان التى ترتكبها السلطات المصرية حالياً على نحو عنيف وصادم. إذ تستخدم الحرب على الإرهاب كذريعة للانتهاكات، فى ظل حالة من الطوارئ غير المعلنة، وبدعم من السلطة القضائية التى تعانى من تسيّس واضح.
وضع عشرات الخطوط تحت توصية أو المطالبة بالحفظ الفورى لملف قضية «التمويل الأجنبى»، ووصفها بـ«المسيسة وسيئة السمعة»، لضمان بيئة آمنة ومواتية لتعزيز المجال العام وحماية المراكز الثقافية والحقوقية بما يتيح لها تنفيذ فعالياتها. مع الوضع فى الاعتبار أن غالبية المنظمات التى أرسلت هذا الخطاب، ورد ذكرها فى تقرير الأمن الوطنى عن المنظمات المخالفة والتى ستخضع للتحقيق، مثل مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية،، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مركز الأرض لحقوق الإنسان، المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة!
4
الواضح من تلك التتابعات، هو أن مصر بإقرارها قانون الجمعيات الأهلية وبفتحها قضية التمويل الأجنبى غير المشروع لمنظمات تعمل خارج إطار القانون، قد دخلت منطقة محظورة وهى منطقة أسلحة الأمريكيين الناعمة التى استطاعت من خلالها أن تحقق كوارث كبيرة، وأن تدمر دولاً ومجتمعات من الداخل. وهى الأسلحة التى تختلف كليا عن الأسلحة التقليدية وتفوقها تأثيرا وخطورة وأهم ما يميزها أنها غير مرئية! وهى القوة التى استطاعت بها الولايات المتحدة أن تحتل دولا دون أن تطلق رصاصة واحدة، بتجنيد جيل جديد من الطابور الخامس داخل الدول العربية ليقوموا بتفكيك دولهم وزعزعة استقرارها من الداخل وذلك بمساعدة التكنولوجيا بدلاً من تدخل قوات أجنبية لتقوم بهذه المهمة.
وهو ما يعنى بوضوح أن مصر دخلت المنطقة المحظورة وضربت فى مقتل ذلك المشروع الأمريكى الذى أنفقت عليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة عشرات المليارات فى مبادرات، عادت بأرباح كبيرة عليها وعلى عملائها، الذين يتضح يوما بعد آخر مدى قذارة الدور الذى يلعبونه. وبات فى حكم المؤكد أن العلاقات المصرية الأمريكية تغيرت عما كانت عليه طوال الثلاثين عاما الماضية، وأن مصر فى عهد الرئيس السيسى تحولت من التابع إلى الشريك.
«أدبيات السياسة السابقة منذ 30 عاماً غير ملزمة ولا تصلح حالياً».
بهذه الجملة قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بتلخيص العلاقات المصرية-الأمريكية فى الحوار الذى أجراه أسامة كمال وعرضته القنوات التليفزيونية المصرية مساء 3 يونيه 2016. وهى الجملة التى جاءت لتؤكد انتهاء الدور الأمريكى الممتلك لكل أوراق اللعبة السياسية فى الشرق الأوسط لعدة أسباب على رأسها التحولات التى أحدثتھا ثورة 30 يونيه. واتجاه روسيا إلى تقديم نفسھا كبديل، أو منافس مواز للولايات المتحدة فى المنطقة، بل ومختلف عن الأخيرة، سواء من حيث رؤيتھا لمستقبل المنطقة، فلم تعد موسكو ھى مصدر السلاح والطاقة فقط، وإنما أصبحت لاعباً ينافس النفوذ الأمريكى فى المنطقة، وباتت تمثل ظھيراً دولياً للتحالف المصرى - الخليجى الذى تشكل بعد ثورة 30 يونيه، وھو ما لاقى قبولاً من دول الخليج، على نحو قد يؤسس لحقبة روسية جديدة.
كذلك، كان سقوط الإخوان فى مصر ضربة للمشروع التركى القطرى الإخوانى. إذ كانت تركيا تحاول أن تتوسع فى الشرق الأوسط، فى أعقاب خسارة طلبها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. لكن بعد 30 يونيه 2013 تراجع دورها فى الشرق الأوسط، وفشلت طموحاتها فى إعادة الإمبراطورية العثمانية من جديد تحت شعارات الإسلام والقضية الفلسطينية، التى أصبحت موجة لركوبها من أجل المصالح الحزبية والداخلية، أكثر من مبادئ حقيقية باستعادة القدس. ومعروف وواضح أن حزب العدالة والتنمية التركى، كان يتخذ من «الربيع العربى» واجهة لفرض الإخوان فى المنطقة، فبعد أن نجحت تركيا فى تونس وليبيا كانت لها طموحات كبيرة بصعود جماعة الإخوان فى مصر فى أعقاب ثورة 25 يناير.
وكان من محاسن الصدف، أن تأتى هذه العبارة بعد أيام قليلة، بل بعد ساعات، من هجوم شنته «جاكسون ديل» فى مقال نشرته صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، على المساعدات الأمريكية التى تقدمها للقاهرة وتأكيدها على أن تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن حروب الجيل الرابع تشير بوضوح إلى واشنطن، الأمر الذى اعتبرته الصحيفة الأمريكية بمثابة «صفعةً قوية» من السيسى إلى نظام أوباما.
وأشارت «ديل» إلى أنه فى إحدى المرات، فسر السيسى حروب الجيل الرابع وهو يتحدث إلى طلاب كلية عسكرية مصرية بأنها تحدث عندما «يتم توظيف قنوات الاتصال الحديثة وعلم النفس والإعلام لخلق انقسامات والإضرار بمصر من الداخل». وتابع: من هو العدو فى تلك الحرب؟ الإجابة بحسب مصر يرجّح أن تكون الولايات المتحدة، رغم أنها نفس الدولة التى تزوده بهذه المدرعات المجانية، ومليارات المساعدات!
وأضافت «ديل»: النظام المصرى يستخدم الدبابات والمدرعات المضادة للألغام ومقاتلات إف 16 التى تقدمها واشنطن لقتال داعش فى شبه جزيرة سيناء، لكنه فى ذات الوقت يوجه أجهزته المخابراتية للهجوم على من يعتبرهم عملاء الولايات المتحدة المخربين فى القاهرة. وانتهى المقال بالإشارة إلى أن هناك معضلة تتمثل فى أن الدعم الأمريكى لمصر يستخدم فى تدمير العلاقات الأمريكية مع مصر، خاصة فى ظل حالة التربص الذى يتعرض لها المناصرون العلمانيون للديمقراطية وحقوق الإنسان، والذين هم الحلفاء الطبيعيون للولايات المتحدة.
وبوضع العبارة التى قالها الرئيس فى سياق ما حدث ويحدث وسيحدث، يمكننا أن نستنتج بسهولة أننا انتقلنا من حالة التابع إلى الشريك، وهذا فى رأيى هو أهم ما أنجزته الدولة المصرية منذ 30 يونيه 2013 وحتى الآن.
ما يؤكد ذلك، هو تعامل واشنطن الحذر مع نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو ما كشفته الشهور (أو السنوات) السابقة من تغيرات فضحت تناقضات الإدارة الأمريكية فى تعاملها مع الشأن المصرى، وأكدت ما سبق أن ذكره موقع «كندا فرى برس» الكندى عن أن الإدارة الأمريكية مصابة بـ«السيسى فوبيا»، وأن مخاوف إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، من السيسى مستمرة منذ كان وزيرا لدفاع مصر، وقائدا لجيشها، بل وتزايدت بتوليه الرئاسة.
التقرير الذى نشره الموقع الكندى، نقل عن مصادر سياسية رفيعة المستوى أن الإدارة الأمريكية بذلت جهودا كبيرة لمنع ترشح السيسى، وأن وزير الدفاع الأمريكى تشاك هيجل أجرى اتصالات عديدة بأعضاء القوات المسلحة المصرية عن الحاجة الملحة لإقناع السيسى بعدم خوض الانتخابات الرئاسية، وأن هيجل قال إن واشنطن ليست مرتاحة إزاء ترشح السيسى، وإن الجيش يجب أن يفك ارتباطه بالصراع السياسى المستمر فى مصر!
أما سبب المخاوف الأمريكية من السيسى، التى وصفها التقرير بـ «سيسى فوبيا»، فيرجع إلى أن الإدارة الأمريكية لا يمكن أن تتقبل أو حتى تتسامح مع وجود حاكم قوى مستقل فى الشرق الأوسط، وأن أمريكا دعمت مبارك والإخوان المسلمين ومرسى لا لشىء إلا لتعاونهم الكامل واعتمادهم على أمريكا، التى لا هدف لها غير الحفاظ على إمدادات النفط الخليجية والحفاظ على الامتيازات التى تحصل عليها السفن الأمريكية فى قناة السويس، والهدف الثانى هو أمن إسرائيل.
تقرير الموقع الكندى أوضح أن الولايات المتحدة ترى أن السيسى يمثل نفس الخطر الذى مثله جمال عبدالناصر، فهو بطل شعبى يتمتع بأغلبية كاسحة وشخصية محبوبة، ومدعوم من القوات المسلحة والشرطة وأجهزة المخابرات. وجاء فى التقرير: «أطاح بحكم الإخوان المسلمين فى مصر، وأطاح بالمشروع الأمريكى الذى يدعم صعود قوى الإسلام السياسى فى الشرق الأوسط لتنفيذ الخطط الأمريكية الخاصة بالشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة التى ستتبعه».
لقد جاء السيسى ليفسد على الأمريكيين كل شىء بعدما أصبح أقوى عدو للجماعات الإرهابية، لاسيما الإخوان المسلمين، المدعومة من باراك أوباما سياسياً ومادياً. كما أكد تقرير «كندا فرى برس» أن السيسى يمثل تهديدا خطيرا لمخططات أمريكا فى المنطقة، ومن ثم، فإن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تشعر بالارتياح مع وجود مثل هذا الشخص كرئيس لأكبر وأقوى دولة عربية.
ما يؤكد ما ورد بالتقرير الكندى هو غياب أى تغيير إيجابى حقيقى تجاه مصر فى وسائل الإعلام الأمريكية ومراكز الأبحاث الأمريكية. كلهم لا زالوا يتحدّثون عن الانقلاب على الرئيس الإخوانى، وكذلك يصر ما يمكن أن نطلق عليه اللوبى الداعم للإخوان فى الكونجرس على تصعيد نبرة العداء، تجاه كل ما يمتّ بصلة لـ30 يونيه.
وكلنا رأينا وتابعنا كيف حاولت الولايات المتحدة بشتّى الطرق، بعد الإطاحة بالإخوان، وعبر مساعدات إقليمية ضخمة، تحديدا من تركيا وقطر، دعم الضغط الإخوانى فى الشارع المصرى.
وغير رغبتها فى استخدام الإخوان ككارت ضغط على القاهرة، فإنها كانت تفعل ذلك من أجل مجموعة من الملفات ذات البعد الإقليمى، خاصة أن خسارة الإخوان فى مصر بالنسبة لواشنطن تعنى خسارة تأثيرهم فى غزة وسوريا والعراق وأفغانستان وغيرها من دول المنطقة.
إجمالا، يمكننا أن نقول إن العلاقات المصرية-الأمريكية شهدت تغيرات مهمة بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيه نقلتها من الشكل التقليدى الذى كانت فيه الولايات المتحدة المتغير المستقل ومصر هى المتغير التابع إلى نمط جديد يقوم على التعامل بندية نتيجة لاستقلالية السياسة الخارجية المصرية وتعدد دوائرها حيث لم تعد مقصورة فقط على الولايات المتحدة وأوروبا بل شملت أيضا الدول الكبرى الأخرى فى النظام الدولى كروسيا والصين وتنويع مصادر تسليحها حيث لم تقتصر على الولايات المتحدة فقط كمصدر للتسلح كما برز فى صفقة الرافال من فرنسا كما أن الإدارة الأمريكية أضحت فى موقع رد الفعل الذى فرض عليها أن تتعامل مع مصر وفقا للتغيرات الكبرى والمتسارعة التى شهدتها فى السنوات الأخيرة ولم يعد لها تأثير فى توجيه تفاعلاتها الداخلية كما كان فى السابق ولذلك فإن السياسة الأمريكية حاولت جاهدة تحقيق التوازن بين اعتبارات المصالح الاستراتيجية مع مصر وهى الحفاظ على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية والمرور العسكرى فى قناة السويس وحشد دعم مصر فى الحرب على الإرهاب وبين اعتبارات المثالية المرتبطة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والتى اعتادت على توظيفها كورقة للضغط على النظام المصرى لتحقيق مصالحها الاستراتيجية كما كان إبان عهد مبارك.
ولعل من الواضح تماما أن التطور التدريجى فى سياسة الولايات المتحدة تجاه مصر ليس وليد اليوم، وكانت أهم محطاته، تخلى واشنطن عن سياسة الضغط من خلال المساعدات العسكرية بعد أن اتضح عدم جدواها وأنها أصبحت تفضل أسلوب الحوار لتسوية المشكلات العالقة فى علاقتها مع مصر. ومما زاد من قوة هذا الاتجاه هو زيادة احتياج واشنطن إلى القاهرة بسبب تصاعد النزاعات المسلحة ومصادر التهديد لمصالحها وبسبب استمرار تمسكها بتقليل تواجدها العسكرى فى العالم العربى والشرق الأوسط.
5
ونأتى إلى عدد من الأسئلة المهمة: هل يحاول الكونجرس أن يفسد ما أصلحه ترامب؟! وهل تحاول مؤسسات أمريكية، كالمخابرات المركزية مثلاً، أن تعكر، من جديد، صفو العلاقة بين مصر والولايات المتحدة؟! وهل يمكن لو حاولت، أن يساعدها الكونجرس فى ذلك؟!
سبب طرح السؤالين هى جلسة الاستماع التى عقدها الكونجرس لثلاثة من أبرز المعادين لمصر، والذين تحوم شبهات كثيرة حول علاقتهم بالمخابرات الأمريكية، مهما اختلفت الأغطية التى يعملون خلف ستارها.
ولم يكن غريباً أو مفاجئاً أن تكشف جماعة الإخوان فى واشنطن علاقتها بالأمر، وأن يعلن أحد أبرز المنتمين إليها أنهم تقدموا عبر إحدى المنظمات التابعة لهم فى نيويورك، بتقرير ضد مصر إلى مجلس الشيوخ الأمريكى، عن الأوضاع داخل مصر بهدف قطع المساعدات!
محمود الشرقاوى، القيادى الإخوانى فى واشنطن، أعلن أن «المنظمة المصرية-الأمريكية للحرية والعدالة، والمعروف أنها إحدى المنظمات الأمريكية التابعة للإخوان فى الخارج، تقدمت بعدة تقارير إلى لجنة الاستماع بالكونجرس التى يرأسها السيناتور لندسى جرامهم. وأكد، فى بيان، أن المنظمة الإخوانية تلقت وعودا من أعضاء بالكونجرس بدراسة التقارير التى تقدمت بها.
بهذا الشكل، لم يكن غريباً أن تشهد جلسة الاستماع التى عقدتها اللجنة الفرعية للاعتمادات الخارجية لمجلس الشيوخ الأمريكى هذا الهجوم وهذه السموم تجاه مصر، وهو ما كان متوقعا من الصيغة التى تم بها تنظيم الجلسة وتوجيه الدعوة لثلاثة وجوه معروفة بتوجهاتها العدائية تجاه مصر وتحيزهم الواضح والمعلن ضد ثورة 30 يونيه. وكأن مجلس الشيوخ أراد إفساد الروح الإيجابية فى العلاقات المصرية-الأمريكية التى بدأت بقدوم الرئيس دونالد ترامب!
الثلاثة الذين انعقدت لهم جلسة الاستماع هم ميشيل دن، مديرة برنامج الشرق الأوسط بمعهد كارنيجى للسلام الدولى.. وإليوت أبرامز، الزميل بمجلس دراسات الشرق الأوسط للعلاقات الخارجية.. وتوم ماليونسكى، مساعد وزير الخارجية الأمريكى السابق لحقوق الإنسان.
فى شهادة ميشيل دن، زعمت أنَ مشكلة المعونة الأمريكية لمصر تتلخص فى التالى: كيف يمكن للولايات المتحدة دعم بلد مهم وحليف إقليمى قديم فى الوقت الذى تتبنى حكومة هذا البلد سياسات تعد بعدم الاستقرار على المدى البعيد؟ للولايات المتحدة مصلحة فى أن تكون مصر مستقرة وفى سلام داخلى، وخارجى مع جيرانها.
وأكدت دن أن السلام بين مصر وإسرائيل مستقر على المستويين العسكرى والاستخباراتى، على الرغم من كونه بارداً على المستوى المدنى. وفى الوقت ذاته فإن ثمة الكثير ما يثير القلق بخصوص ما يحدث داخل مصر، إذ تدهورت الأحوال الأمنية والاقتصادية والسياسية منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى السلطة فى 2013. وقالت: إنه حان الوقت للولايات المتحدة، التى دفعت 77 مليار دولار من أموال دافعى الضرائب الأمريكيين منذ عام 1948 على هيئة مساعدات أمنية واقتصادية إلى مصر، أن تعيد التفكير فى نهجها حيال مصر.
وأشارت «دن» إلى أن قيمة المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر قد استقرت عند 1.3 مليار دولار سنوياً، بينما تناقصت المساعدات الاقتصادية لتستقر عند 150 مليون دولار سنوياً. وتستخدم مصر معظم المساعدات العسكرية فى تسليح نفسها بأسلحة ثقيلة (مثل الطائرات ثابتة الجناحين والدبابات) وهى أسلحة تصلح لحرب برية لم تخضها مصر منذ عام 1973 ومن المرجح ألا تخوضها أبداً، متجاهلة النصيحة المستمرة من المسئولين الأمريكيين بتخصيص المزيد من الأموال فى التدريب والأسلحة الأخف، والتكنولوجيا الأعلى.
كما زعمت دن أن سبب تخفيض الولايات المتحدة تدريجياً من المساعدات الاقتصادية، يعود جزئياً إلى صعوبات تطبيق برامج مع الحكومة المصرية إلى جانب الخلافات المستمرة بين المسئولين الأمريكيين والمصريين حول الإصلاحات الضرورية. وبينما رحب بعض المسئولين المصريين ببرامج الإصلاح المتفق عليها، من التدريب والمساعدة التقنية، فإن آخرين أعاقوا أو أحبطوا هذه البرامج وضغطوا للحصول على مساعدة نقدية. وقالت دن: إن الجانب الأكثر سوءاً من هذا السلوك يتمثل فى الحملة القاسية ضد منظمات المجتمع المدنى الأمريكية التى تنفذ برامج مساعدة فى مصر، والمنظمات أو الأفراد العاملين معها، وهو سلوك لا يصدر عن شريك فى التنمية.
وقالت دن: إن هناك فرصة مع الإدارة الأمريكية الجديدة لإعادة تقييم المساعدات إلى مصر لتخدم مصالح الولايات المتحدة ومصر، أى الشعب المصرى عموماً، لا الجيش فحسب. وذكرت دن بعض التوصيات التى من شأنها تحقيق هذا الغرض، أهمها: أن تكون المزيد من المساعدة الأمنية مشروطة بوقف القتل خارج إطار القانون، والتعذيب، والاختفاء القسرى، والانتهاكات الخطيرة الأخرى لحقوق الإنسان التى ينفذها الجيش المصرى سواء فى سيناء أو غيرها. ذلك أنه لا معنى لمساعدة الحكومة على مكافحة الإرهاب فى الوقت الذى تفاقم فيه هذه الحكومة من المشكلة، مع احتمالية استخدام المعدات الأمريكية فى هذا الأمر.
وفى الجانب الاقتصادى أوصت دن بتكريس معظم المعونة الاقتصادية الجديدة إلى المنح الدراسية المبنية على الاستحقاق لأصحاب التعليم العالى أو المهنى فى مؤسسات ذات كفاءة، سواء فى مصر أو خارجها. واستمرار المساعدة المباشرة لمنظمات المجتمع المدنى المصرية. وعدم إعطاء دعم مالى للحكومة فى ظل الظروف الحالية، سواء فى صورة تحويلات نقدية أو ضمانات قروض، لأن هذه الأموال سوف تختفى سريعاً دون فائدة ملموسة للمواطنين المصريين أو الولايات المتحدة.
وبدأ إليوت أبرامز شهادته بقوله إن ثمة تشابهاً كبيراً بين هيكل المساعدة الأمريكية إلى مصر وهيكل الجيش المصرى، وهو أن كليهما قد أنشئ منذ عقود خلت، وكليهما بحاجة إلى إعادة التفكير والتطوير.
وقال بعد أن استعرض بيانات المعونة المدفوعة لمصر سنوياً: إن الشرق الأوسط قد تغير، وإن مصر كانت –منذ عقود– أكثر الدول العربية نفوذاً، وكان موقفها من كل أمر ذى بال فى المنطقة أمراً بالغ الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة. وقال: إن الولايات المتحدة كانت إذا أرادت تحقيق شىء، أو حجبه، فى جامعة الدول العربية، فعادة ما كان الأمر لا يستغرق أكثر من محادثة مع الرئيس المصرى. كانت مصر محورية بالنسبة إلى «عملية السلام» الإسرائيلية الفلسطينية. أما اليوم، فليس لمصر دور مهم فيما يتعلق باليمن أو العراق أو سوريا، بل لم يعد لها دور فى الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأوضح أبرامز أن هذه المعونة ينبغى أن يكون لها غرض محدد. وتساءل: ما الذى نريده مقابلها؟ لماذا نعطى هذه المعونة؟ وقال: إن من الإنصاف أن نقول: إن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى رشوة مصر أو مكافأتها على علاقاتها مع إسرائيل، فكما رأينا فى مدة حكم الرئيس مرسى، فحتى الحكومة التابعة للإخوان المسلمين لم تقطع العلاقات الدبلوماسية، ولا التعاون الأمنى مع إسرائيل، لأن هذه العلاقات تصب فى مصلحة مصر.
وأكد أبرامز أنه ينبغى أن تكون المعونة الأمريكية مبنية على الرغبة فى استقرار مصر لتكون قادرة على هزيمة خطر الإرهاب الذى تواجهه، وأن تحمى حدودها وتساعد على استقرار المنطقة، وأن تظل فى حالة سلام مع إسرائيل، وأن تساعد الشعب المصرى أيضاً على الوصول إلى نظام أكثر ديمقراطية وأكثر احتراماً لحقوقهم الإنسانية.
وأضاف أنه لن ينسى أبداً حواراً له مع عضو الكونجرس الراحل توم لانتوس، وقت إدارة جورج دبليو بوش عندما سأله لانتوس: «قل لى صراحة، هل تعتقد أن مصر بحاجة إلى المزيد من الدبابات أم المزيد من المدارس؟»
وتحدث أبرامز عن الجيش المصرى قائلاً: إن الهدف الأمريكى هو مساعدة هذا الجيش على محاربة الإرهاب، ومع ذلك فلا يزال الجيش المصرى قوة مصممة لخوض حرب تقليدية ضد إسرائيل. وينفق الجيش المصرى أموالاً طائلة على تطوير قدراته التقليدية. واستعرض أبرامز الصفقات العسكرية التى أتمتها مصر منذ وقت قليل مع فرنسا وروسيا وألمانيا. وتساءل عند مدى ملاءمة هذه الأسلحة، وهذا التدريب، لمواجهة جماعات مثل داعش.
وطرح السيناتور مشكلة أخرى متعلقة بالدعم العسكرى لمصر متمثلة فى عدم قدرة الجانب الأمريكى على تتبع مصير كل المعونة وأن مصر تعيق الجهود الأمريكية لتتبع مليارات الدولارات مستشهداً بتقرير لمكتب المحاسبة الحكومية أشير فيه إلى «أن الاستجابات الحكومية المصرية غير المكتملة أو البطيئة لبعض الاستفسارات قد حدت من الجهود الأمريكية للتحقق من استخدام وأمن بعض المعدات، بما فى ذلك معدات الرؤية الليلية، ومعدات مكافحة الشغب». يضاف إلى هذا مشكلة حقوق الإنسان، إذ جاء فى التقرير ذاته أن الحكومة الأمريكية قد أكملت بعض، لا كل، الفحص المطلوب فى مجال حقوق الإنسان قبل تقديم التدريب أو المعدات إلى قوات الأمن المصرية.
أما شهادة توم ماليونسكى، مساعد وزير الخارجية السابق لحقوق الإنسان، فقال فيها إن مظاهرات ميدان التحرير خلقت ما بدا فرصة حقيقية لمساعدة المصريين على بناء بلد ديمقراطى، لكنَّ هذه الآمال سرعان ما تلاشت؛ لتصبح مصر حالة كلاسيكية لدولة تتعارض فيها المصلحة الأمريكية طويلة المدى بوجود حكم أفضل واحترام لحقوق الإنسان، مع الحاجة المباشرة للتعاون مع دولة مهمة فى الأمور الأمنية.
وأضاف: إن ثمة تصوراً ما عن مصر يحدد تعامل الإدارات الأمريكية معها منذ عقود، وهى أنها دولة مهمة فى المنطقة، لكن ينبغى أن ننظر إلى مصر فى ضوء ما أصبحت عليه: دولة تمتص المساعدات من الولايات المتحدة ودول الخليج، وتعامل سخاءنا على أنه حق مكتسب، فى الوقت الذى لا تسهم فيه تقريباً أى إسهام إيجابى فى أمن المنطقة أو رخائها. وصحيح أن مصر قد حافظت على معاهدة السلام مع إسرائيل، لكنَّ هذا أمر لم تفعله تنازلاً لأجلنا، وإنما فعلته لمصلحتها الخاصة.
وركز ماليونسكى –بشكل خاص– على مواجهة الحكومة المصرية لمنظمات المجتمع المدنى والقانون الجديد الذى تبناه البرلمان فى شهر نوفمبر الماضى، والقاضى بإخضاع منظمات المجتمع المدنى لإشراف الحكومة، ومنع العمل الذى لا يتلاءم مع أولويات الحكومة. وتجلى التطبيق العملى لهذا القانون فى إغلاق الحكومة المصرية، فى شهر فبراير الماضى، المنظمة الرئيسية فى مصر التى تعمل لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب.
وتساءل ماليونسكى –فى نهاية شهادته– عن معنى تقديم معونة لهذه الحكومة المصرية التى لا تقوم إلا بالقليل لتحقيق الأمن الإقليمى، والتى تستمر فى رفض النصائح الأمريكية، وتصف أمريكا لشعبها على أنها العدو؟ وقال: إنه لا يقصد أن هذه المعونة وسيلة ابتزاز للحصول على مقابل من مصر، لكنه يريد إنفاق المال بشكل أكثر اتزاناً.
إن هذه المعونة ينبغى أن تكون مفصلة لدعم جهود الجيش المصرى فى حماية حدوده وشعبه من الإرهابيين. لكن ينبغى التوقف عن دعم شراء طائرات ودبابات تريدها مصر للتباهى فى العروض العسكرية، أو من أجل حرب افتراضية مع واحدة من جيرانها. وأن أغلب هذه المعونة البالغ قيمتها 1.2 مليار دولار، ينبغى إعادة توجيهها إلى حيث يمكن تحقيق شىء ما، وحيث تقدر هذه المعونة حق قدرها.
وقال السيناتور: إن هذا القدر من الأموال كاف لتأمين دخول كل الأطفال السوريين اللاجئين إلى المدارس. أو تقديم المزيد من الدعم الذى تحتاجه تونس الديمقراطية ضد المقاتلين الأجانب العائدين من الخارج ولتحسين اقتصادها. ويمكن بهذا المال استعادة الحكم سريعاً إلى المناطق المحررة فى العراق وسوريا. يمكن فعل الكثير بهذا المال لمساعدة ضحايا المجاعة فى اليمن إلخ.
واختتم ماليونسكى حديثه قائلاً: إن السياسة الخارجية الأمريكية سوف تستفيد من هذا التخصيص الأكثر عقلانية للمعونة الخارجية، كما سوف تستفيد العلاقة مع مصر – بمرور الوقت – لو استطاعت الولايات المتحدة إنهاء هذه السياسة التى عفا عليها الزمن، ووقف هذا الدعم الذى لا يمكن لأى أحد فى الحكومة الأمريكية أن يقدم أى مبرر إيجابى له.
التوقف عند الشخصيات الثلاثة، سيكون صعباً ويحتاج إلى ثلاثة أضعاف تلك المساحة، لذلك سنكتفى بالتوقف عند «ميشيل دن» التى قادت فى أواخر عام 2010 فريق عمل قامت من خلاله بتنفيذ خطة إشاعة الفوضى فى البلاد، بالتعاون مع جماعة الإخوان وعدد من النشطاء السياسيين خضع أغلبيتهم للتدريب فى الخارج.
ولو تتبعت الحملات التى يشنها الإعلام الخارجى ضد مصر، ستجد أن طرف الخيط ينتهى دائما عند تلك العصابة، وليست صدفة على الإطلاق أن تجد ميشيل دن تستخدم حسابها الشخصى على تويتر للترويج لكل ما ينتقد الأوضاع فى مصر، وآخرها تناولها بشكل يثير الغثيان لما نشرته الإيكونوميست ونشرها الجملة التى نرى أنها الهدف الرئيسى من كل الحملات. ففى تغريدتها كتبت: «اقتراح من الإيكونوميست: يجب على الرئيس السيسى عدم الترشح عام 2018، من أجل السماح بعودة الحياة السياسية».
فهل يمكن الخروج من استضافة مجلس الشيوخ لشخصية لها هذا التاريخ بأنه يحاول مع مؤسسات أمريكية أخرى، كالمخابرات المركزية مثلاً، أن يعكر، من جديد، صفو العلاقة بين مصر والولايات المتحدة التى شهدت انفراجة بعد تولى دونالد ترامب الحكم؟!
بصيغة أخرى، هل يوجد صراع داخل المؤسسات الأمريكية، بشأن ملفات عديدة، بينها علاقتها بمصر أو موقف الولايات المتحدة من جماعة الإخوان؟!
«أدبيات السياسة السابقة منذ 30 عاماً غير ملزمة ولا تصلح حالياً»
نعود إلى عبارة الرئيس السيسى، لنؤكد أن مصر دولة كبرى لا بمساحتها ولا باقتصادها لكن بعمقها التاريخى والجغرافى وريادتها السياسية، وقوتها البشرية. لذلك فهى سقف العالم، ودمارها لا قدر الله يعنى دخول العالم كله فى حالة من الاضطراب والقلق أو انفجاره، وتلك حقيقة واقعية.
وبالمشروعات التى بدأها الرئيس السيسى، وتلك التى يجرى استكمالها، ستتحول مصر إلى مركز للتجارة العالمية، وسرة للعالم العربى وبؤرة للعالم الإسلامى.. وستصبح كذلك رائدة الشمال فى القارة السمراء.. تماما، كما كانت مصر هى حائط الصد فى مواجهة الصليبيين والتتار وكل أعداء الأمة قديماً وحديثاً.
أعطت مصر درسا كبيرا فى التاريخ الحديث، فهى من تصدت لمشروع الإخوان الدولى الكبير، وأحدثت زلزالا أعاد رسم خارطة التحالفات فى منطقة الشرق الأوسط. كشفت مصر المشروع الإخوانى الدولى، الذى لم يكن يتحدد فى سيناء وقطاع غزة بقدر ما يمتد على جغرافية الشرق الأوسط الجديد، بعد سايكس بيكو. ومع الرئيس عبدالفتاح السيسى، عادت مصر إلى دورها الطبيعى بعد أن كانت ساحة لتنظيم الإخوان وساحة لطموحات العثمانيين الجدد وولاية الفقيه فى طهران.. ودولة تابعة للولايات المتحدة، تأتمر بأوامرها.
الصورة تزداد وضوحا بعد أن بات واضحاً تماماً أن الولايات المتحدة والغرب لا يحاربون الإرهاب لأنهم لو كانوا كذلك لألزموا أنفسهم بتطبيق قرارات الأمم المتحدة التى وافقوا عليها وخاصة تلك التى تطالب بمنع دعم وتمويل وتسليح الإرهابيين، وتجفيف منابع الإرهاب وتفكيك بيئاته الحاضنة، متناسين أو متجاهلين أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأنه لن يتوقف عند حدود ما ترسمه له الولايات المتحدة، وإنما سيتعدى ذلك ليطال العالم بأسره بما فى ذلك الدول البعيدة عن منطقتنا، والأحداث تؤكد أن الإرهاب المدعوم أمريكياً وغربياً وتركياً وقطرياً سوف يرتد على داعميه، وستحصد الإدارة الأمريكية وغيرها من الحكومات الغربية ثمن ما زرعته من أمنها وأمن مواطنيها.
إننا نعرف جميعا أن واشنطن ولندن كانتا تطمحان، إلى أن يكون نظام الإخوان فى مصر هو «الخيمة الإسلامية» التى تحتضن التيار الإسلامى فى المنطقة على أن يتكامل مع التيار الاسلامى ممثلاً فى حزب «العدالة والتنمية» فى تركيا، فيحدث التغيير الذى ينتج انضباط التطرف الإسلامى بكل مظاهره. وضع فى اعتبارك أن واشنطن كانت تزعم دائما أن «داعش» تنظيم إرهابى إقليمى لا يشكل خطراً على الخارج وتحديداً على الغرب!
وأخيراً، فإن مصر السيسى ستبقى عمق الحضارة البشرية كأول دولة مركزية فى تاريخها عبر سبعة آلاف عام بموروثها الحضارى.. وستصبح عمّا قريب هى السياسة والاقتصاد والاجتماع والتاريخ والجغرافيا والمكان والإنسان، وبفضل ذلك كله، تمكنت من إجهاض مشروع الشرق الأوسط الكبير، الأمر الذى أكد ذلك التضارب بين مؤسسة الرئاسة الأمريكية وغيرها من المؤسسات وعلى رأسها الكونجرس. ويمكننا أن نقول إن مكالمة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، للرئيس عبدالفتاح السيسى، تأتى كنوع من التقدير للرئيس والموقف المصرى، وتأكيد على أن الولايات المتحدة هى التى تحتاج إلى مصر الآن بدرجة أكبر مما مضى، خاصة فى الملفات الإقليمية سواء ليبيا أو سوريا، وأيضا فيما يخص مصالحها فى المنطقة العربية. لكن المؤكد هو أنه لم يعد مقبولاً لدى مصر استخدام المعونة الأمريكية كأداة ضغط فى أى شأن، وخير دليل على ذلك هو صمود مصر أمام إجراءات إدارة أوباما فى تجميد المعونة عقب ثورة ٣٠ يونيه.
ولا تبقى فى النهاية غير الإشارة إلى أن مصر التى ظلت عصية على الفوضى المدمرة والصراعات والحروب الطائفية، ستظل عصية على أى محاولات تريد أن تمنعها من إعادة الاستقرار ومن السير بخطوات ثابتة نحو التقدم، خاصة بعد أن أصبح فى حكم المؤكد والبديهى أنه كلما تقدمت جهود مكافحة الإرهاب فى المنطقة، علا صراخ وعويل التنظيمات الإرهابية والجهات والدول الداعمة لها، وارتفعت حمى التضليل والكذب فى وسائل الإعلام الأمريكية والغربية، للتغطية على التواطؤ، والهروب من الفضائح والجرائم التى يرتكبها «التحالف» الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تحت اسم «مكافحة» الإرهاب بينما هو فى الواقع لا يفعل شيئا غير دعمه وتوفير الغطاء له، سواء عبر القوات الأمريكية المنتشرة والتى تعمل تحت ستار منظمات مجتمع مدنى أو جمعيات حقوق إنسان بينما هى فى الواقع ليست أكثر من فروع للمخابرات المركزية الأمريكية!