الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:53 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن ..مؤسس «ويكيليكس» يكشف أخطر حروب المخابرات العالمية


بعد سقوط قضايا الاغتصاب والإفراج عنه
هل كانت لعبة بين أجهزة مخابرات عالمية وانتهت؟!
أم أن للأمر وجهاً آخر ستكشف عنه الأيام أو الأسابيع أو الشهور القادمة؟!
السؤالان منطقيان الآن بعد أن أصبح بإمكان مؤسس موقع «ويكيليكس» الأسترالى جوليان أسانج أن ينعم بالحرية بعد خمس سنوات أمضاها سجينا خلف جدران سفارة الإكوادور فى لندن، وذلك بعدما أعلن المدعون العاملون السويديون السبت أنهم أسقطوا التحقيق فى قضايا الاغتصاب المرفوعة ضده.
لكن هذه الحرية لاتزال غير مضمونة، إذ إن السلطات البريطانية أكدت أنها ستلقى القبض عليه إذا غادر السفارة، وبالتالى هو لايزال يواجه خطر تسليمه للمحاكمة فى الولايات المتحدة بسبب نشره مئات الآلاف من الوثائق العسكرية والدبلوماسية السرية الأمريكية، وهذا التسليم لم يعد أمراً تقرره السويد بل بريطانيا.
كانت الإكوادور قد منحت طريد العدالة، لجوءاً سياسياً فى سفارتها فى لندن قبل نحو 5 سنوات، وتم استجوابه داخل السفارة خريف العام الماضى من قبل محققين سويديين فى قضايا اغتصاب أقامتها ضده امرأتان، وأصر طوال التحقيق على براءته، مؤكداً أن الاتهامات الموجهة إليه مسيسة، وكان يسعى إلى تجنب ترحيله من بريطانيا إلى السويد خوفاً من أن تقوم الأخيرة بترحيله إلى الولايات المتحدة حيث يمكن أن يتعرض لتحقيقات ومحاكمة قاسية بسبب أنشطة «ويكيليكس».
وأخيراً أعلنت ماريان نى، المدعية العامة السويدية، فى مؤتمر صحفى إسقاط التحقيق مع أسانج فى الاتهامات الموجهة إليه.. وقالت «قررنا اليوم وقف التحقيق بشأن الاشتباه فى حصول 3 اعتداءات جنسية قام بها جوليان أسانج».
وفى تغريدة له على «توتير»، أكد أسانج أنه «لا ينسى ولا يسامح» «احتجازه لسبع سنوات» خمس منها فى سفارة الإكوادور فى لندن. وقال بعد قرار القضاء السويدى التخلى عن ملاحقته «احتجزت سبع سنوات بلا اتهامات بينما كان أبنائى يكبرون ولطخ اسمى فى الوحل». وأضاف «لا أنسى ولا أسامح».
ورحبت الإكوادور بقرار القضاء السويدى التخلى عن ملاحقة أسانج ودعت بريطانيا إلى «تأمين خروج آمن» له من المملكة المتحدة. وقال وزير الخارجية الإكوادورى غيوم لونغ فى تغريدة على تويتر إن «مذكرة التوقيف الأوروبية لم تعد صالحة. على المملكة المتحدة تأمين خروج آمن لجوليان أسانج» اللاجئ منذ خمس سنوات فى سفارة الإكوادور فى لندن.
وكانت القضية أدت إلى تشكيك الإكوادور فى نوايا القضاء السويدى وانتقادها أسلوب التحقيق الذى برأى الدولة الأمريكية اللاتينية يمكن أن يعرض حياة المتهم للخطر.
والآن بعد خروج السويد من المعادلة، تتجه الأنظار إلى حكومتى المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فما القرار الذى ستتخذانه بشأن مصير أسانج؟ وهل تسلمه لندن إلى واشنطن؟
قضائياً، ووفق القانون البريطانى، تجب معاقبة أسانج على خرقه الخروج المؤقت بكفالة الذى منحته له السلطات البريطانية قبل 5 أعوام، فاستغله للجوء إلى السفارة الإكوادورية فى وسط لندن، ما أجبر القوى الأمنية البريطانية على مراقبة مقر السفارة بشكل مستمر على مدار الساعة طيلة 5 سنوات. وهى رقابة كلفت عشرات الملايين من الدولارات.
ولم تتأخر إدارة الشرطة فى العاصمة البريطانية فى إصدار بيان، أكدت فيه أنه «نظراً لأن أسانج خرق الحرية المؤقتة بكفالة التى منحت له عام 2012، ولم يحضر إلى جلسة المحكمة بتاريخ 29 يونيه 2012، فإن محكمة ويستمنستر قد أصدرت مذكرة اعتقال ضده. وبالتالى فإن الشرطة البريطانية مجبرة على تنفيذ المذكرة الصادرة بحقه، وستقبض عليه بمجرد خروجه من سفارة الإكوادور.
ولا يخشى محامو الدفاع عن أسانج من العقوبة التى قد يتلقاها فى بريطانيا على خرقه الكفالة، وهى عقوبة أقصاها السجن مدة عام أو تسديد غرامة مالية. إنما يسعى هؤلاء إلى التأكد بأى وسيلة من أن السلطات البريطانية لن تستغل حق القبض على موكلهم، لكى ترحله لاحقاً إلى الولايات المتحدة.
ويعى فريق «ويكيليكس» هذا الوضع جيداً، ولذلك كتب على تويتر: «ترفض المملكة المتحدة تأكيد أو إنكار ما إذا كانت قد تلقت بالفعل أمر تسليم أمريكى لجوليان أسانج، لذا التركيز الآن ينتقل إلى المملكة المتحدة».
وكانت لجنة تابعة للأمم المتحدة اعتبرت فى تقرير لها العام الماضى، أن مؤسس «ويكيليكس» ضحية للاحتجاز التعسفى، وخلصت إلى أن بريطانيا والسويد «احتجزتاه تعسفاً»، وطالبت بالإفراج عنه ومنحه تعويضاً، لكن تقريرها هذا قوبل بالاستهجان من قبل المسئولين البريطانيين.
وأكدت السلطات البريطانية أنها أحيطت علماً بإسقاط الادعاء السويدى القضايا الموجهة ضد أسانج، وبالتالى سيتم رسمياً سحب مذكرة الاعتقال الأوروبية الصادرة بحقه من جميع المحاكم البريطانية. لكن وزارة الداخلية البريطانية رفضت تماماً الإفصاح عما إذا كانت بريطانيا تلقت طلباً أمريكياً لتسليمها أسانج فى حال تم القبض عليه بسبب خرقه القانون البريطانى عام 2012 ولجوئه سياسياً إلى سفارة الإكوادور.
اللافت فى كل ذلك، هو أن واشنطن فى عهد دونالد ترامب قد لا تكترث بأسانج خصوصاً بعد أن تم إطلاق سراح المجند برادلى مانينج، قبل أيام، وهو المجند الأمريكى الذى كان سرب العديد من الوثائق السرية إلى أسانج؛ لذا فمن غير المنطقى أن تقوم السلطات الأمريكية بمحاكمة الأسترالى ناشر الوثائق، وإخلاء سبيل الأمريكى الذى سربها له!
ونشير هنا إلى أنه فى شهر يناير الماضى، أكدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ووكالة الأمن القومى، ومكتب التحقيقات الفيدرالى، «بثقةٍ متناهية»، وقوف المخابرات الحربية الروسية وراء موقعى القرصنة المجهولين «Guccifer 2.0» و«DCLeaks.com»، اللذين سرقا بياناتٍ من أشخاص بارزين بالحزب الديمقراطى وسلَّماها لموقع ويكيليكس.
وقالت الوكالات الثلاث فى تقريرها: «ومن المحتمل جداً أنَّ موسكو قد اختارت موقع ويكيليكس؛ نظراً لمصداقيته التى يتغنَّى بها، ولم يكن هناك أى تزويرٍ واضح فى التسريبات التى نشرها ويكيليكس».
وكان أسانج قد أصر على أن الوثائق لم تأتِ من مصادر روسية، مع أنَّ موقع ويكيليكس يقول أيضاً إنَّ الوثائق التى تُنشَر عليه تكون مجهولة المصدر فى معظم الحالات. وفى البيان الصحفى الذى نشره الموقع للإعلان عن أحدث الوثائق المُسرّبة، رجَّح الموقع احتمالية أن يكون المصدر الأصلى للوثائق أحد القراصنة السابقين بالحكومة الأمريكية، أو أحد المتعاقدين السابقين معها.