الموجز
الخميس 21 نوفمبر 2024 10:50 صـ 20 جمادى أول 1446 هـ
أهم الأخبار

ياسر بركات يكتب عن ..تونس بين حصار الإخوان وتحالف الفساد


الإشادة الأجنبية تفضح سر الخلطة الجديدة
صحف فرنسا تكشف مخططات نجل السبسى لزراعة الخلايا الإخوانية فى هيكل الدولة
تقارير خطيرة حول ستة مشروعات كبرى هدفها تدمير اقتصاد تونس
تونس على وشك الاحتراق بسبب الفساد السياسى والاقتصادى وتمرير قانون المصالحة. وبينما تتصاعد الاحتجاجات فى أكثر من مكان، تتزايد المخاوف من دخول البلاد فى أزمة جديدة لا أحد يتوقع حلّها، بل يتوقعون تزايد حدة التوتر والاحتقان.
رقعة الاحتجاجات تتوسع وتتزايد بسرعة لافتة، من تطاوين فى الجنوب إلى الكاف فى الشمال الغربى والقيروان وسط البلاد وصفاقس جنوباً وزغوان قرب العاصمة، وصولاً إلى المكناسى وجلمة فى محافظة سيدى بوزيد. وانضم إليها طلبة الحقوق الذين خرجوا للتظاهر فى أكثر من مدينة، خصوصاً وسط العاصمة تونس، بالإضافة إلى حرب مستعرة بين مكونات المشهد الإعلامى، وتبادل للتهم بين نواب وهيئات ومسئولين. كل هذه العوامل رسمت صورة شديدة السواد لمستقبل تونس.
ثم جاءت تدوينة وليد فارس، المستشار السابق للرئيس الأمريكى، لتزيد الوضع اشتعالاً بتأكيده على وجود مخطط بين إسلاميى تونس وليبيا لإسقاط الحكومة، ليزيد العلاقة المتوترة باستمرار بين الحكومة وائتلافها الحزبى من ناحية، وبقية قوى المعارضة من ناحية أخرى، لتتعقد الأوضاع التى بدأت تكشف حقيقة الاستقرار الهش، وحقيقة الوضع الاقتصادى المتردى.
ومن جانبها، عبّرت منظمة رجال الأعمال عن «انشغالها الكبير بحالة الاحتقان التى تعيشها بعض جهات البلاد». وحذرت «من خطر الانزلاق بالبلاد نحو الفوضى والمجهول، ومن كل محاولات توظيف هذه التحركات لغايات حزبية أو فئوية ضيقة». ودعت إلى «التهدئة والتحلى بالحكمة واعتماد الحوار سبيلاً أوحد لإيجاد الحلول... والأطراف السياسية، المكونة لحكومة الوحدة الوطنية وأعضاء مجلس النواب، إلى تحمّل مسئولياتهم». واقترحت عودة الأطراف الموقعة على اتفاق قرطاج إلى طاولة الحوار فى أقرب وقت ممكن، لتدارس الوضع العام فى البلاد، وللمصارحة والبحث عن حلول عاجلة للأزمة التى تعرفها تونس.
يزيد من قتامة المشهد تلك المؤشرات الاقتصادية العديدة التى تنذر باتجاه تونس نحو أزمة غير مسبوقة، وبإمكانية انزلاقها نحو إفلاس الخزانة العامة للدولة، نتيجة عدم الاستقرار السياسى والأمنى الذى تشهده البلاد منذ سنوات عدة.
فعلى مدار أكثر من خمس سنوات، تعثر النمو الاقتصادى فى تونس حتى إنه لم يتجاوز 1٪ خلال الربع الأول من السنة الحالية، وفى الوقت نفسه فقد الدينار التونسى قيمته أمام الدولار واليورو، وتجاوزت معدلات البطالة 15٪، وساء الوضع الاقتصادى فى البلاد إلى ما هو أكثر من ذلك.
كما تشهد تونس، تقلصاً ملحوظاً فى الإنتاج، خاصة فى قطاعين أساسيين لجلب العملة الصعبة للبلاد وهما السياحة والمناجم اللذين تكبدا خسائر مالية كبيرة وكلفا ميزانية الدولة عجزاً بقيمة 2.5 مليار دولار و1.76 مليار دولار على التوالى.
ونتيجة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التى تمر بها تونس وحالة عدم الاستقرار التى تعيشها، عجزت البلاد عن تحقيق نسبة النمو المتوقعة (2.5%)، وهو ما أثر سلبا على موارد الدولة، وخلف خسارة بين 15 و20 ألف موطن شغل جديد.
وأشار تقرير صادر عن البنك المركزى التونسى، خلال أغسطس الماضى، إلى أن الأوضاع الإقليمية المحيطة بتونس، إلى جانب الأوضاع المحلية، (عدم الاستقرار السياسى وتواصل الاحتجاجات وعدم الاستقرار الاجتماعى فى مناطق الإنتاج، والتأخير فى تنفيذ الإصلاحات الضرورية ومنها مجلة الاستثمار)، من شأنها أن تزيد من الضغط على الوضع الاقتصادى فى البلاد.
أيضاًً، واجهت ميزانية الدولة لسنة 2016عجزاً كبيراً، نتيجة الصعوبات المالية التى يواجهها كثير من الهياكل العمومية، وعلى رأسها الصناديق الاجتماعية وكبرى المؤسسات الحكومية، وفاتورة مكافحة الإرهاب والزيادات المتتالية فى الميزانيات المخصصة للمؤسستين العسكرية والأمنية. وبلغ الدين الخارجى لتونس خلال السنة الحالية 27 مليار دولار، بما يوازى 69٪ من الناتج القومى الإجمالى.
وإلى جانب ارتفاع الدين الخارجى لتونس، شهدت عملتها المحلية انهياراً غير مسبوق، نتيجة تزايد الطلب على العملة الأجنبية اللازمة للحصول على الواردات، فى ظل تفضيل التونسيين للمنتجات المستوردة؛ ما خلق طلباً كبيراً على العملة الأجنبية.
ويكلف انهيار العملة المحلية، تونس، أعباء إضافية، إضافة إلى تخصيص 6.5 مليار دولار لنفقات الأجور، وتخصيص نحو 2.5 مليار دولار لنفقات التنمية، وأكثر من 25 مليار دولار للدين العمومى.
وسبق لمحافظ البنك المركزى الشاذلى العيارى، أن أكد فى وقت سابق، أن «تمويل ميزانية 2017 سيكون صعباً فى ظل عدم كفاية الموارد الضريبية، التى لا تغطى النفقات الجارية مثل أجور القطاع العام ودعم المؤسسات وميزانيات الصناديق الاجتماعية».
2
وربما تكون العودة هنا مهمة إلى تقرير نشرته مجلة «جون أفريك» تناول الدور الذى يلعبه حافظ قائد السبسى، نجل الرئيس التونسى الحالى، والذى تسبب فى كثير من الاضطرابات التى عاشتها تونس مؤخراً!
التقرير الذى نشرته المجلة الفرنسية كشف أن حافظ قائد السبسى، الذى يشغل منصب المدير التنفيذى لحزب نداء تونس، لا يتوانى عن فرض هيمنته الكاملة على الحركة، ما أثار غضب باقى أعضاء الحزب،
وذكرت المجلة أنه منذ العامين الماضيين، أصبح الحزب الذى فاز فى انتخابات 2014، مسرحاً لمعركة مبتذلة تطغى عليها المشاحنات والخلافات، والمصالح والأنانية المفرطة، وذلك بسبب الإدارة «الرجعية» وغير الديمقراطية للمدير التنفيذى للحزب الذى أسسه والده.
وفى هذا السياق، تحدث العضو المؤسس للحزب، بوجمعة الرميلى، عن السياسة الاستبدادية التى يتبعها حافظ السبسى فى إدارة هذا الحزب، مستنكراً عملية اتخاذه قرارات فردية، وفرضها على الحزب دون استشارة أعضاء المجلس التنفيذى.
وذكرت «جون أفريك» أن الانتقادات ذاتها تم توجيهها إلى القيادى فى الحزب ورئيس الحكومة، يوسف الشاهد، خلال مفاوضات تشكيل حكومة وحدة وطنية، التى عُقدت فى شهرى يوليو، وأغسطس من هذه السنة.
وفى هذا السياق، أشار مدير المكتب السياسى للحزب، نبيل القروى، إلى سياسة التفرد باتخاذ القرارات التى يتبعها حافظ السبسى، والتى تتجاهل مضمون الاجتماعات التى تُعقد فى قصر قرطاج.
وتجدر الإشارة إلى أنه خلال اجتماع عُقد فى مدينة قمرت، يوم 18 سبتمبر الماضى، أعلن حافظ السبسى بصفة غير متوقعة تعيين الشاهد رئيساً للجنة السياسات فى الحزب، ودمجه لبعض الوزراء كأعضاء جدد فى الحزب.
وأشارت «جون أفريك» إلى أن قرار تعيين الشاهد رئيساً للجنة السياسات يعدّ إحدى مناورات حافظ السبسى، التى تهدف إلى تقويض مصداقية الشاهد، الذى يتطلب منصبه منه كرئيس لحكومة وحدة وطنية الابتعاد عن كل المواقف الحزبية، والسعى إلى تحقيق المصالح العليا للبلاد.
وقال أحد الناشطين فى حزب نداء تونس إنه «من الحكمة أن يوحّد يوسف الشاهد بين كل أحزاب تونس، ويكرّس كل جهوده نحو إنقاذ الدولة التونسية، عوضاً عن الحزب».
ويعتقد البعض أن مناورة حافظ السبسى الأخيرة تهدف بالدرجة الأولى إلى إحكام قبضته على السلطة التنفيذية، وبدرجة ثانية إلى إرضاء باقى أعضاء الحزب، الذين يعتقدون أن حزب نداء تونس ليس ممثلاً بالشكل الكافى داخل الحكومة.
وأكدت «جون أفريك» أن السبسى يقف وراء كل الأزمات التى مرّ بها الحزب منذ نشأته، فقد أدّت سياسته إلى خلق العديد من النزاعات والانشقاقات الداخلية، حيث دفعت قراراته المتعنتة إلى تهديد وزير التربية والتعليم بانسحابه من منصبه مؤخراً. كما اتهمه القيادى البارز فى الحزب، خميس قسيلة، بإلحاق الأذى بالحزب وكامل كيان الدولة.
كما أن رئيس اللجنة السياسية السابق، رضا بلحاج، الذى لطالما دافع بضراوة عن مواقف حافظ السبسى، أعرب عن قلقه من محاولة «الانقلاب» التى يقوم بها السبسى الابن، مؤكداً أنه الشخصية الرئيسية التى تقف وراء كل الأزمات التى يشهدها الحزب منذ تأسيسه.
وأوضحت «جون أفريك» أن عدم امتلاك حافظ شرعية سياسية ساهم فى تفاقم الغضب السياسى، حيث إن هذه الشخصية لطالما أثارت جدلاً كبيراً؛ بسبب مبادراتها وقراراتها المقلقة التى كانت تتخذها دون التشاور مع بقية قيادات الحزب، وهو ما عكس مدى رغبته فى إحكام قبضته على السلطة.
وعندما طالب بعض أعضاء المجلس التنفيذى بتمثيل أفضل لهم، وبوضع حدّ لممارسات نجل رئيس الجمهورية، قال نبيل القروى إن حافظ قائد السبسى أكّد أنه المسئول الوحيد عن الحزب، مشيراً إلى أن كل من لا يرغب فى الانصياع لرغباته يمكنه التخلى عن عضويته بالحزب.
تونس أيضاً هى الدولة الأولى من حيث عدد المنضمين إلى التنظيمات الإرهابية.
ولسنا نحن من يقول ذلك بل قالته وأكدته دراسة أجرتها منظمة إنترناشونال أليرت، التى ذكرت أن حوالى 95% ممن استطلعت آراءهم قالوا إنَّهم لا يثقون فى مؤسَّسات الدولة بسبب زيادة الفساد، وخيبة أملهم فى الثورة.
وجاء فى الدراسة أن أغلبية الشباب التونسى يعانى من غياب الاحتياجات الأساسية، والبنى التحتية العامة، إضافة إلى عدم وجود منشآت ترفيهية وثقافية. وشجع عدم إحكام السيطرة على الحدود منذ عام 2011 آلاف الشباب التونسيين على الهرب إلى الخارج.
كما أصبحت الجنسية التونسية وفقاً للأمم المتحدة هى الجنسية الأكثر شيوعاً بين المُسلَّحين الأجانب الذين يقاتلون فى صفوف التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، سواء من حيث العدد أو من حيث نسبتهم إلى السكان. يقاتل الآن فى سوريا وفى ليبيا حوالى 5500 مواطن تونسى، وقد تم إلقاء القبض على حوالى 8800 شاب تونسى على الحدود وفقاً لدراسة أجرتها «سى.إن.إن».
دراسة منظمة إنترناشونال أليرت، أرجعت ذلك إلى غياب سياسة اجتماعية من أجل تقليل التفاوت الاجتماعى يُشجِّع الشباب أكثر على مغادرة البلاد. فى دولة تصل نسبة سكانها الأقل من 35 عاماً إلى النصف، لا تتخذ الدولة أى إجراءات لإعادة كسب ثقتهم. بينما تصل البطالة إلى معدلات مرتفعة ولا يتم التخطيط لأى إصلاحات للقطاع الاقتصادى الفاسد، فى ظل سيطرة النخبة على 25% من الثروة التونسية وفقاً للبنك الدولى، وتُمثِّل قطاعات الأنشطة الكبيرة مثل النقل والتأمين والعقارات 1٪ فقط من العمالة.
كما أشار تقرير مجموعة الأزمات الدولية إلى أنَّ عيوب النظام التونسى ناتجة فى الأساس عن غياب احترام الإجراءات الأمنية خاصة فى المناطق الريفية، التى تُمثِّل أحياناً معاقل المُسلَّحين،
3
هكذا، وكلما توافرت لدينا معلومات تكشف تردى الأوضاع فى تونس، تساءلت متعجباً عن سر إشادات الغرب، وبعض المحسوبين على المعارضة المصرية، بالنموذج التونسى!
مؤشرات كثيرة تؤكد أن تونس تحولت إلى دولة مافيا. وطبقاً لغالبية تقارير المنظمات الدولية، فإن كل عشرة مشروعات هناك أكثر من ستة مشروعات تدار بالفساد. وهناك تقارير عن مليارات يتم نهبها سنوياً، وتقريباً هناك إجماع من الخبراء فى تونس على أن الفساد ينخر فى تونس ويؤكدون أن انتشار ما يعرف بـ«الفساد الصغير» جعل شرائح واسعة من التونسيين «تطبع» وتتعايش مع الفساد من أجل تسيير شئونها.
هذا غير المال الفاسد الذى يمول الأحزاب، وكثير من المتابعين يؤكدون أنها أحزاب فى غالبيتها تعانى من الفساد، وأنها مخترقة من الفاسدين أو ما أصبح يُعرف بالمال الفاسد.
ويرجع كثيرون تجنب الأحزاب الكبرى الخوض فى ملفات الفساد المتشعبة إلى المال السياسى وعلاقة هذه الأحزاب برجال الأعمال الضالعين فى قضايا فساد والمعروفين بالاسم ويمثلون نقاطاً سوداء فى سجل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة، وزاد الأمر سوءاً بدخول بعض هؤلاء (رجال الأعمال الفاسدين) على الخط الحكومى بصفة علنية ورسمية وأصبحوا من الفاعلين السياسيين وأصحاب القرار وجزءاً من تركيبة الحكم هناك.
وبشكل عام، أحدث التراجع فى مقاومة الفساد الذى يعد من الملفات الحساسة والمحورية، حالة من الإحباط عبّر عنها بأشكال مختلفة سياسيون وخبراء تساءلوا عن مصير الملفات التى تم العمل عليها طوال الفترة الماضية والتى اقتصرت على الجانب النظرى فى غياب خطوات عملية.
أضف إلى كل هذا أن آخر الإحصائيات تشير إلى أن أكثر من 90٪ من الاقتصاد التونسى خارج سيطرة الدولة. وسبق أن أعلن شوقى الطبيب، رئيس هيئة مكافحة الفساد فى تونس، «أن استشراء الفساد سيولّد ثورة ثانية تطرد الرئيس والحكومة والنوّاب، وحتى أعضاء هيئة مكافحة الفساد». وأكد أن الفساد عم أكثر فى البلاد بعد الثورة»!
غير أن الأكثر خطورة ما سبق، هو الفساد السياسى الذى يستهدف إعادة توزيع «منظومة نهب الثروات الوطنية» من خلال سعى كثير من السياسيين الجدد إلى تحقيق مصالح شخصية وتكديس الثروات بالاستعانة بالوسائل القديمة غير المشروعة وتطويع الأدوات التى سبق أن استعملها نظام زين العابدين بن على لمواصلة معادلة الفساد: تطويع القوانين للحصول على الامتيازات، وهو ما أكده تقرير للبنك الدولى حول الوضع الاقتصادى التونسى بعنوان «الثورة غير المكتملة».
كما تكشفت طرقاً وفرصاً جديدة للفساد من خلال الصراع على إعادة السيطرة على مخصصات وأصول النظام القديم، وخاصة الشركات الكبرى التى كانت مملوكة لعائلة بن على والتى صودرت بعد الثورة وسرعان ما تم رفع المصادرة عن العديد منها.
هكذا، تدخل تونس إلى المجهول، ولا نستبعد نهايات مؤسفة، خاصة مع توالى ظهور وقائع عديدة تكشف كيف توغل الفساد فى تلك الدولة وكيف قامت حكوماتها المتعاقبة (بعد الإطاحة بزين العابدين بن على) بتعطيل الشفافية والنزاهة، بل وقيام تلك الحكومات بمحاولتها غسل الفساد أو تجميله، واتخاذ الفساد مساراً جديداً منذ تولى الباجى قائد السبسى للسلطة لتصبح ممارسته علنية ويتحكم فى المناصب الهامة والاختيارات القائمة على المحسوبية والولاء وذوى القربى، بشكل أعاد إنتاج الخراب الذى نخر جسد تونس المريضة، ليصبح الاقتصاد التونسى على مشارف «الإفلاس»، ولا يفصله عن الهاوية إلا عدة خطوات، يسارع النظام السياسى فى قطعها بشكل يجعله الخادم الأول للفساد بل وأكثر المتورطين فيه!
وسط هذه الأجواء المشحونة، وما رافقها من تشكيك فى دعم الائتلاف الحاكم لحكومة يوسف الشاهد، خرج مسئولو حركة النهضة للتأكيد على استمرار دعمهم للحكومة، وهو ما أكده رئيس «النهضة»، راشد الغنوشى، نفسه، خلال لقاء جمعه مع الرئيس الباجى قائد السبسى. وجددت الكتلة البرلمانية لحزب نداء تونس أيضاًً دعمها لحكومة الوحدة الوطنية. ودعت، فى بيان إثر اجتماع برئاسة المدير التنفيذى للحزب، حافظ قائد السبسى، إلى «الابتعاد عن محاولات خلق أزمات وهمية بين حزب حركة نداء تونس وحكومة يوسف الشاهد». وطالبت الكتلة البرلمانية كل الأحزاب المشاركة فى الحكومة «بضرورة تفعيل آلية التضامن الحكومى الذى تفرضه الأرضية المشتركة لوثيقة قرطاج». وشهدت الساحة السياسية سيلاً من تبادل الاتهامات حول الجهات التى تقف وراء الاحتجاجات، أو التى تحاول استغلالها سياسياً.
وردّ الأمين العام للحراك، عدنان منصر، فى تدوينة نشرها على صفحته على «فيسبوك»، بالقول: «أما تهمة محاولة إسقاط الحكومة، فالحقيقة أننا لا نرى حكومة حتى نسعى لإسقاطها. ستسقط الحكومة بعد بضعة أسابيع على الأكثر». وأضاف «أما أن الحراك هو وراء الاحتجاجات فهذا شرف لا ندعيه، ولو كان الأمر كذلك لما خجلنا، بل لافتخرنا. هى احتجاجات نفتخر أنها تتم بمثل هذا الرقى والسلمية والوعى والقوة.. ساندنا هذه التحركات ونساندها، طالما كانت سلمية ومشروعة، وهى سلمية ومشروعة، ليس فى تطاوين فقط، بل فى كل مكان يرفع فيه الناس قبضاتهم من أجل حقوقهم، وفى احترام كامل للأملاك العامة والخاصة».
وأمام هذه الصورة القاتمة أو السوداء، لا ينتظر المراقبون أن ينجح السبسى والشاهد فى نزع فتيل الأزمة مع المحتجين فى كل مكان، أو تقديم أية حلول حقيقية بفعل الوضع الاقتصادى الصعب جداً، وكذا الوضع السياسى بالغ الصعوبة والسوء.