ياسر بركات يكتب عن ... عواصف الغضب الأمريكى تطيح بالأمير الصغير
سيناريوهات الجحيم فى أرض الخيانة
حمد طالب نجله من لندن بالتخلى عن الحكم ونقل السلطة إلى شقيقه.. وتميم يمنعه من دخول الدوحة!
* المخابرات الأمريكية تقدم تقارير سرية عن صفقات الأمير الصغير مع داعش وجماعة الإخوان.. وترامب يضع رقبة تميم تحت المقصلة
استعدادات لوضع تميم رهن الإقامة الجبرية.. وضغوط دولية لتنصيب شقيقه عبدالله
تميم يستعد لدفع فواتير غدر الأب.. وخيانة الأم
* حمد بن خليفة طعن والده فى ظهره وجلس على عرش قطر بصفقة مع عائلة «موزة»
الشيخة موزة وضعت أبناء زوجها رهن الإقامة الجبرية وعزلتهم عن العالم
سيناريوهات سوداء تهدد مستقبل الدويلة الصغيرة بعد رفع «ترامب» يده عنها
الشعب القطرى يعانى من عهود الغدر والخيانة ويدفع ثمن الحكام الصغار الذين تحولوا إلى فئران تجارب
تتردد أنباء عن سيناريو أمريكى مرتقب للإطاحة بتميم بن حمد بن خليفة آل ثانى واستبداله بشقيقه عبدالله بن حمد، وليس من المتوقع، حال صحة تلك الأنباء أن يتم نقل السلطة بهدوء كما حدث حين انتزعها تميم من والده الشيخ حمد الذى تردد أنه حاول إقناع نجله بالتخلى عن الحكم، لكن الابن، الحاكم الحالى، رفض ورفض أيضاًً السماح لوالده المقيم فى العاصمة البريطانية لندن بزيارة الدوحة!
لو صحت تلك الأنباء، تكون الولايات المتحدة قد قررت أن تتخلى عن الأمير الصغير بعد أن فشل رهانها على تقسيم دول المنطقة بعد ما عرف باسم الربيع العربى. وهو الرهان أو الخطط الذى استثمرت فيه الولايات المتحدة علاقة الأمير تميم بجماعة الإخوان وقامت بتصعيده إلى الحكم ليحقق لها عدة أهداف أبرزها تقديم الدعم المالى والسياسى لجماعة الإخوان فى مصر وليبيا وسوريا وتونس وبقية دول المنطقة لتكون هى مخلب القط الذى تستخدمه أمريكا فى تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير.
الأهم من كل ما سبق، هو تأمل كيف أوصلنا استهتار وغباء بعض من تولوا الحكم فى دويلات لا تستحق الذكر إلى تعاظم نفوذ القوات الأمريكية فى المنطقة العربية، بالصورة التى جعلتها تحتل مناطق واسعة بشكل مباشر أو غير مباشر. إذ إن حجم الجيش القطرى، الضئيل والهزيل هو الذى دفع الشعب القطرى لابتلاع الذل والقبول بأن يتمتع بحماية أمريكية وأن يتم احتلال بلاده بقواعد القوات الأمريكية. وأن يقف موقف المتفرج وهو يرى من يحكمونه يسلمون مفاتيح بلدهم وينفقون ثرواتهم على أكبر قاعدتين عسكريتين لأمريكا فى العالم، قاعدة العديد وقاعدة السيلية، والتى طبقاً لما ورد فى تقرير للكونجرس الأمريكى دفعت قطر أكثر من مليار دولار لبناء قاعدة العديد جنوب غرب الدوحة فى تسعينيات القرن الماضى خلال فترة حكم الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، حيث لم يكن لدى قطر سلاح جوى فى تلك الفترة، وحصل مهندسو الجيش الأمريكى على أكثر من 100 مليون دولار فى عقود بناء المنشآت الجوية العسكرية لبناء أماكن للطائرات الأمريكية، ومرافق السكن والخدمات.. ولإنشاء القواعد الأمريكية فى قطر قصة وجذور، فهى لم تنشأ من فراغ بل مثلت نقطة التقاء مصالح أمريكية – قطرية. ومن تلك النقطة، وقع الاختيار على حمد بن خليفة ليكون هو رجل أمريكا فى الدويلة ورجلها أيضاً فى المنطقة.
حمد وصل إلى السلطة فى قطر بانقلاب على والده «خليفة» الذى ذهب لسويسرا فى احتفالية كبيرة أقامها له الابن وكأنه حفل وداع له فى مطار قطر، ولم يكن الأب يتوقع أن يقوم الابن بهذا الانقلاب ويمنعه من أن تطأ قدماه أرض وطنه الذى كان يحكمه. وهو ما فعله الأب خليفة بن حمد من قبل حين أطاح بحكم ابن عمه فى انقلاب، إذ إنه بعد أن استقلت قطر عن بريطانيا عام 1971 حكمها الشيخ أحمد بن على آل ثان حتى أطيح به بانقلاب عسكرى دبره ابن عمه خليفة بن حمد، الذى قام بتسليم مفاصل الدولة لأولاده الذين كان أكبرهم وأفشلهم دراسياً «حمد»، فقام الأب بإخراجه من المدرسة قبل أن ينهى تعليمه الثانوى وإرساله إلى كلية سندهيرست العسكرية فى بريطانيا ومع أن حمد لم يتمكن من إنهاء الدراسة فيها ومع أنه تم فصله بعد تسعة أشهر، عاد إلى قطر برتبة جنرال، وتولى قيادة الجيش وولاية العهد!
وبصفقة سياسية مع ناصر المسند، المعارض القطرى وقتها، قام خليفة بتزويج ابنة المعارض موزة من حمد وتخلى المعارض عن معارضته مقابل أن تدخل ابنته القصر الملكى، ويشاء القدر أن يتطور الأمر وتصبح ضحية الصفقة هى الحاكم الفعلى لقطر والعقل المدبر لانقلاب الابن على الأب! بعد أن سيطرت على حمد وأطاحت بزوجاته الأخريات وأولاده منهن.
ويوم الثلاثاء الموافق السابع والعشرين من يونيو عام 1995، كان خليفة قد غادر قطر إلى سويسرا فى رحلة استجمام كعادة شيوخ الخليج الذين يهربون من حر الصيف إلى أوروبا، ولم يكن الشيخ خليفة يعلم أن حفل الوداع الذى أجرى له فى مطار الدوحة كان الأخير، وأن الابن حمد الذى قبل يد والده أمام عدسات التليفزيون كان قد انتهى من وضع خطته للإطاحة بأبيه واستلام الحكم.
وقطع تليفزيون قطر إرساله لإعلان البيان رقم واحد، وعرض التليفزيون صوراً لوجهاء المشيخة وهم يقدمون البيعة للشيخ حمد خلفاً لأبيه، واتضح فيما بعد، أن المشاهد التى تم عرضها دون صوت تعرضت لعملية قص ولصق عبر المونتاج!!.. وأن حمد قام بتوجيه الدعوة إلى وجهاء المشيخة وقام التليفزيون بتصويرهم وهم يسلمون عليه دون أن يكونوا على علم بما يجرى.
المهم، هو أنه بعد تزايد نفوذ موزة حاول نجل حمد الأكبر الشيخ فهد المشاركة فى انقلاب ضد والده عام 1996، انتصاراً لجده وانتقاماً من زوجة أبيه، ولكنه فشل مع ابن عم الشيخ حمد ما دعا حمد لطرده من سلاح الدروع القطرى واتهامه بأنه إسلامى متطرف، وتم وضع الابن الثانى مشعل بن حمد قيد الإقامة الجبرية، وكان عزلهما بضغط من «موزة» حتى يخلو لولديها جاسم وتميم الجو.
وفى المنتصف، جرت محاولة انقلاب فاشلة فى شهر فبراير 1996 نفذها أنصار خليفة بن حمد آل ثانى من الأفراد والضباط فى الجيش القطرى والحرس الأميرى بهدف الإطاحة بحمد.
وبعد فشل المحاولة، خضع حوالى 121 متهماً لمحاكمات استمرت من نوفمبر 1997 حتى مايو 2001 وحوكم المتهمون باتهامات «محاولة عزل أمير قطر عن الحكم بالقوة» و«حمل السلاح ضد دولة قطر» و«إفشاء أسرار عسكرية» و«التعاون والتآمر مع دول أجنبية»، وحضر للمحكمة كشهود وزير الخارجية القطرى آنذاك حمد بن جاسم آل ثانى ورئيس الوزراء آنذاك عبدالله بن خليفة آل ثانى فى سابقة تعتبر الأولى فى تاريخ القضاء القطرى، صدر الحكم النهائى بإعدام 19 متهماًً بالشنق أو بإطلاق الرصاص (لم تنفذ أحكام الإعدام إلى الآن) والسجن المؤبد لـ20 متهماًً آخرين والبراءة لـ28 متهماً.
وفى أكتوبر عام 1996 تم تعيين تميم بن حمد ولياً للعهد وهو الابن البكر للشيخة موزة وهو –مثل أبيه ومثل سائر أبناء حكام الخليج– تخرج فى كلية سندهيرست فى بريطانيا دون أن يكمل تعليمه الثانوى العادى.
وتميم ليس ابن موزة الوحيد فقد أنجبت أيضاً جاسم والشقيق الأصغر جوعان، كذلك، تم وصف انتقال السلطة إلى تميم ووالده لا يزال حيًّا يرزق بأنه يحمل بصمات «انقلاب أبيض». خاصة بعد أن تبع انتقال السلطة تنحى رئيس الوزراء حمد بن جاسم، الذى كان الرجل القوى فى عهد حمد بن خليفة.
2
السؤال المهم الآن هو: لماذا تريد الولايات المتحدة أن تطيح بتميم الآن؟!
معروف أن الولايات المتحدة هى صاحبة القرار فى أوجه صرف الأموال القطرية، طبقاً لما أصبح معروفاً للجميع وما أثبتته الطرق الملتوية، مثل الفدية وغيرها، التى حاولت قطر من خلالها أن تظهر أمام الرأى العام العالمى باعتبارها دولة مضحّية، وليست دولة ممولة للمجموعات الإرهابية المسلحة فى المنطقة وحتى فى العالم!
ولا نكشف سراً لو قلنا إن قطر لا تخطو خطوة دون إيعاز (أو أمر) من أسيادها فى واشنطن.
وما من شك فى أن قطر لعبت ولا تزال دوراً مشبوهاً وخطيراً فى الأحداث التى تشهدها المنطقة، فهى الداعم للعمليات الإرهابية، بالمال وبتجنيد شبكات الإرهابيين من عرب وأجانب وتأمين متطلبات انتقالهم إلى الدول التى تجرى فيها العمليات. وبين دوافعها للقيام بهذا الدور القذر وهم استفادتها «المحتملة» من المشروع الغربى لخط الغاز المنافس للخط الروسى القائم الذى يمد أوروبا بالطاقة، ومنع إنشاء خط يمتد من إيران عبر العراق إلى شواطئ البحر المتوسط.
وكان رفض سوريا للخط القطرى وموافقتها على العرض الإيرانى قد أزعج قطر. ونضيف إلى ذلك أن الدويلة الصغيرة ليست أكثر من حصان على رقعة الشطرنج، ولها دور حددته الولايات المتحدة، لا يمكنها غير الالتزام بأدائه، وهذا الدور هو دعم الإرهاب وتمويله، للدرجة التى جعلتها وسيطاً مقبولاً لدى أوساط معينة ومعروفة بين الإرهابيين وبعض الدول التى اختُطف منها مواطنون.
وهناك تقرير دورى لـ«وكالة الأمن القومى الأمريكية» يتناول القدرات المالية لداعش عن سنة 2014، حدد فيه ميزانيته بما يقترب من الـ2 مليار دولار، نصفها تقريباً من عائدات عمليات بيع النفط من الآبار التى سيطر عليها التنظيم فى العراق وسوريا وليبيا!
تقرير وكالة الأمن القومى كشف أن «خزانة التنظيم» يدخلها شهرياً 50 مليون دولار تقريباً، من الحكومة القطرية، من خلال 4 بنوك تقوم بتحويل الأموال عبر فروعها إلى المراكز المالية للتنظيم. غير ما يزيد على 2 مليون دولار يرسلها من داخل قطر أفراد من جنسيات مختلفة على شكل تبرعات لما توصف بـ«جبهة النصرة»، و25 حساباً بنكياً تم تخصيصها للتبرع للاجئين السوريين فى قطر وتركيا، وكل هذه الحسابات تنتهى إلى حسابات التنظيم!
وتأكيداً للدور القذر الذى تلعبه قطر، تم تسريب وثيقة منسوبة للسفير القطرى فى ليبيا يتحدث فيها عن إرسال أعداد من المقاتلين المرتزقة، تم تدريبهم فى معسكرات الــscg فى لبيبا تحت رعاية قطر.
ومن نص الوثيقة التى كانت عبارة عن خطاب رسمى من السفير لوزير خارجيته ننقل ما يلى: هناك 1800 مقاتل أنهوا تدريباتهم فى معسكرات الزنتان وبنى غازى والزاوية ومصراتة.. أقترح أن يتم إرسالهم على ثلاث دفعات إلى تركيا ومنها إلى العراق عبر كردستان.
خيوط جديدة بدأت تتكشف.. بشكل يوحى بأن الولايات المتحدة وأوروبا تحاول أن تغسل يديها من كل جرائمهم فى المنطقة، وتلبيسها لـ«الصبيان» أو للوكلاء، ونقصد تركيا وقطر!
وأمامى الآن، مقال يقترب من الدراسة لـ«ديفيد جريبر»، يطرح فيه عدداً من الأسئلة حول مدى جدية الغرب فى تصفية تنظيم داعش، ويشكك فى تلك الجدية ودليله فى ذلك هو ما يراه من تقارب مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى يصفه «جريبر»، بأنه السبب الأول والداعم الأول فى تواجد واستمرار تنظيم داعش!
«جريبر» أوضح أن متابعة الأحداث الجارية بمنطقة الشرق الأوسط، خلال السنوات التى شهدت ظهور وصعود «داعش»، تكشف أن تركيا قدمت للتنظيم ما يبقيه متواجداً، وما يجعله يمتلك القدرة على نقل عملياته إلى أوروبا والتى كان أحدثها مذبحة باريس التى أودت بحياة 129 مواطناً فرنسياً.
وبشكل أوضح، ذكر «جريبر» أن تحركات تركيا عند إعلانها الحرب على داعش، لم تتسبب فى أى ضرر للتنظيم، بل كانت تضرب الأكراد، وتمنعهم من تلقى الإمدادات عبر الحدود، وكانت غارات الطائرات التركية تستهدفت المواقع الكردية فقط، دون توجيه ضربات حقيقية لتنظيم داعش.
وفى المقال الأقرب للدراسة، يستعرض «جريبر» عدداً من الأدلة جمعها معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة «كولمبيا» بالولايات المتحدة، تثبت مساعدة تركيا لـ«داعش» و«جبهة النصرة»، ليخلص إلى أن أردوغان هو السبب الرئيسى فى ازدهار داعش.
أما الصبى الآخر أو الوكيل الآخر ونقصد قطر، فجاءته «القرصة» من ألمانيا، فى تقرير لـ«دويتشه فيله» أكد أن الدويلة الصغيرة احتضنت الجيش الإلكترونى لداعش، وأنها أكبر حاضنة لحسابات أنصار التنظيم الإرهابى على شبكات التواصل الاجتماعى، وأظهر تحليل حسابات «تويتر» مثلاً أن كل ثانية تغريدة كانت تحمل خبراً داعماً ومؤيداً لتنظيم «الدولة الإسلامية»، أى بمعدل 50% من تغريدات قطر تدعم وتساند التنظيم!
«لن نضع قواتنا فى أماكن لا يتم الترحيب فيها بنا».
بهذه الكلمات أجاب وزير الدفاع الأمريكى السابق دونالد رامسفيلد على سؤال وجه إليه بخصوص مستقبل القواعد العسكرية الأمريكية فى منطقة الخليج.
وقد كان لدخول القوات الأمريكية إلى بغداد تداعيات كبيرة تشهدها وستشهدها المنطقة العربية، لعل أخف هذه التداعيات هو مستقبل الوجود العسكرى الأمريكى فى الخليج.
فبعد دخول القوات الأمريكية إلى بغداد كشفت صحف أمريكية عديدة عن نية الإدارة الأمريكية إنشاء قواعد عسكرية دائمة أو طويلة الأمد فى العراق وهو الأمر الذى نفاه رامسفيلد. وبعد هذه الأنباء صرح رامسفيلد عن سعى أمريكا لسحب قواتها من السعودية ونقلها إلى قطر الأمر الذى سيؤدى بلا شك إلى تغيير شكل الوجود الأمريكى فى الخليج ومما لا شك فيه أثره كذلك.
قبل عدة أشهر من حرب العراق كتب صحفى أمريكى بارز مقالاً فى مجلة «أتلانتيك» أوضح فيه أن أحد أهداف حرب العراق هو إعادة توزيع القواعد الأمريكية المتواجدة فى الخليج والمنطقة العربية.
وأشار إلى أن توزيع القواعد الأمريكية لما وراء البحار الذى عززت به الولايات المتحدة وضعيتها خلال الحرب الباردة لم يأتِ نتيجة تخطيط بقدر ما كان قائماً على ما صادف أن وصلت إليه قوات الحلفاء عندما انتهت الحرب العالمية الثانية وتوابعها ؛ فقد وجدت الولايات المتحدة نفسها تتمتع بحق إقامة القواعد فى ألمانيا الغربية واليابان وكوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط وغيرها.
ثم أشار أيضاً إلى أن مثل هذا السيناريو -لكن بغموض معين- يمكن أن يعقب حرب العراق.
وأوضح كذلك أن العراق يعتبر المكان الأكثر منطقية لإعادة تكوين تمركز القواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط فى القرن الحادى والعشرين، ولا يرجع هذا الاستنتاج إلى النزعة الإمبريالية إنما من نقيضها، ووفقاً لتصريحات محللين ومسئولين أمريكيين فإنه نتيجة لإدراك أنه ليس القواعد الأمريكية فى المملكة العربية السعودية وحدها تواجه مستقبلاً قاتماً، إنما كذلك الشرق الأوسط عموماً يقف على عتبة مرحلة انتقالية خطيرة ستؤدى إلى إضعاف النفوذ الأمريكى فى أماكن كثيرة منه.
ورأى كثير من المحللين الأمريكيين أن هناك سببين رئيسيين لإعادة توزيع القوات الأمريكية وإخراجها من السعودية، الأول هو الرفض الشعبى والإسلامى لوجود هذه القوات فى قلب المملكة العربية السعودية التى تضطلع «أى المملكة» بحماية الأماكن المقدسة. والسبب الثانى: القضية الفلسطينية وهيمنة الإسرائيليين على ثلاثة ملايين فلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبهذا الشكل، كانت قطر هى أفضل بديل مناسب للقوات الأمريكية فى الخليج، حيث الترحيب الرسمى منقطع النظير، أما على المستوى الشعبى فأهم ما يميز قطر كقاعدة أمريكية هو ضعف التأثير والغضب الشعبى، وهو ما أشار إليه كينيث بولاك المحلل العسكرى السابق فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى كتاب عنوانه «نذر العاصفة الوشيكة»، والذى أكد فيه أن شعوب دول الخليج مستاءة بشكل عام من وجود القوات الأمريكية باستثناء قطر!
عملية إعادة ترتيب أوضاع القوات الأمريكية فى الخليج اعتمدت على مبدأ كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد بدأ بطرحه قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 بشأن إعادة تنظيم أوضاع القوات الأمريكية العاملة خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
ووقتها، كانت هناك مناقشات بشأن تخفيض أعداد القوات الأمريكية فى شرق آسيا، وسحب القوة الأمريكية المشاركة فى عملية حفظ السلام «MFO» فى شبه جزيرة سيناء، إلا أن عقبات مختلفة حالت دون ذلك.
لكن تطبيق هذا المبدأ حالياً فى الخليج يرتبط إضافة إلى خلفيته السابقة بحقائق ما بعد الحرب على العراق فى ظل قدرة غير محدودة لرامسفيلد على تحويل تصوراته إلى واقع، فالعراق الذى كان مصدر التهديد الرئيسى لمصالح الولايات المتحدة فى الخليج قد انتهى اليوم بحيث أصبحت المنطقة حسب تصريحاته أكثر أمناً.
ولذلك بدا من التصريحات الصادرة عن المسئولين فى البنتاجون والتى تزامنت مع بداية عملية ترتيب أوضاع القوات فعلياً أن التفكير يتجه نحو «عملية شاملة» تتضمن ثلاثة اتجاهات فرعية هى تقليص حجم الوجود العسكرى الأمريكى، وإعادة نشر (تمركز) القوات التى سيتم الإبقاء عليها. وإعادة هيكلة التشكيلات العسكرية العاملة فى المنطقة خلال الفترة القادمة.
بالنسبة للحجم، كان هناك إدراك دائم لدى المسئولين الأمريكيين بوجود تناقض كبير بهذا الشأن فى الخليج. فهناك حساسية من جانب بعض الدول كالسعودية بشأن «التواجد كبير الحجم» للقوات الأمريكية بها، أو بصورة أدق «الظهور الواضح» لها على نحو أدى إلى نشرها فى قواعد منعزلة نسبياً، والحد من الاحتكاك بالمواطنين.
فى المقابل، يؤدى تقليص حجم القوات الأمريكية إلى بروز قلق لدى بعض الدول إزاء مدى الالتزام الأمريكى تجاه أمنها، فى ظل وجود تصورات مختلفة لدى بعض العواصم الخليجية بشأن «مصادر تهديد» أمنها الخاص، فقطر الصغرى تخشى جارتها الكبرى السعودية، والكويت تخشى من عدوها اللدود العراق، والإمارات تخشى من الأطماع الإيرانية، والبحرين تخشى من قلاقل الشيعة.
مسألة إعادة نشر أو تمركز القوات الأمريكية بقدر أكبر من الوضوح، فعلى الرغم من أن الجنرال تومى فرانكس يشير إلى أنها لا تزال قيد الدراسة فيما يتعلق باختيار «الأماكن» التى تحقق أقصى عائد عسكرى، فإن التصريحات غير الرسمية الصادرة عن مسئولى البنتاجون بشأن معايير نشر القوات تشير إلى محددات واضحة لذلك أهمها مستوى المشاعر المعادية للولايات المتحدة الأمريكية فى الدول المستضيفة، ومدى سماح «الدول المستضيفة» بحرية حركة القوات البرية والجوية فى استخدامها لأراضيها. وحجم الاستثمارات المالية العسكرية التى تم إنفاقها فى كل موقع. والأهمية «الجيوسياسية» للدولة المضيفة.
وقد أوضحت التفاعلات التى أحاطت بعملية نقل مركز العمليات الجوية التابع للقيادة المركزية من السعودية إلى قطر أهمية تلك المعايير فى تحديد اتجاهات رياح نشر القوات، كما هو واضح فى مسألة المشاعر الداخلية المعادية، والسماح باستخدام القواعد فى العمليات الحربية، فى الوقت الذى يتم التجاوز فيه عن بعضها، كالإنفاق المالى فى ظل وجود تصور أمريكى بأن قاعدة «العديد» فى قطر أكثر ملاءمة من الناحية السياسية على المدى الطويل، مع أهمية المعيار الأخير فى استكشاف اتجاهات التفكير فى البنتاجون بشأن «عمل القوات» فى المستقبل.
فاتجاهات إعادة نشر القوات فى اتجاه الكويت والعراق تشير بوضوح إلى الاقتراب من إيران وسوريا، ولو عبر الاحتفاظ بقوة قريبة تتيح خياراً عسكرياً نظرياً يعمل طوال الوقت لدعم الضغوط السياسية العنيفة ضد الدولتين مع ضبط الأمور بين دول الخليج ذاتها.
ولا توجد فى هذا السياق اتجاهات شديدة التحديد بشأن إعادة هيكلة القوات فى الخليج، لكن خبرة الحرب وتقارير البنتاجون، والتصريحات القليلة الصادرة، تشير إلى احتمالات حدوث عملية خفض واسعة النطاق فى عدد «القوات غير المقاتلة» العاملة ضمن أفرع الوحدات المختلفة خاصة أن حجم «المتعاقدين الفنيين»، وهم من المدنيين أساساً يصل إلى ما بين 25 و30% من قوة الجيش الأمريكى.
لكن المسألة برمتها لا تبدأ وتنتهى عند جوانبها العسكرية، فمع تحول خريطة الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة تحولت المعادلات الحاكمة لشكل العلاقات والتحالفات الاستراتيجية الأمريكية فيها، وعلى الرغم من الحرص الشديد الذى أحاط بالتصريحات الأمريكية -السعودية خلال عملية إنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى قاعدة الأمير سلطان الجوية والذى تم- حسب ما قيل- باتفاق الجانبين بفعل عدم وجود حاجة لبقاء القوات لم يتمكن الطرفان من إخفاء أن ما حدث «شىء كبير» بصورة اعتبرها البعض مؤشراً على تصدع العلاقات بين البلدين!
3
هكذا، تحولت دويلة قطر إلى كيان محتل يقدم خدماته الأمنية والعسكرية والإعلامية ويمارس أبشع أنواع السمسرة والوساطات السياسية القذرة ويبدد ثروات الشعب القطرى فى استثمارات وصفقات لا هدف لها غير ضمان رضا المحتل عن رجال ونساء الدويلة الصغيرة. بل ووصل الأمر حد أن تجاهر الدويلة وتفاخر بتقديم خدماتها للولايات المتحدة وإسرائيل وقيامها بمنح تنظيم الإخوان والمجموعات التكفيرية المسلحة التابعة لها خدمات إعلامية ودعاية ضخمة تخطت كل حدود الصفقات المتعارف عليها، وقامت بتحويل «جزيرة موزة» إلى ماكينة دعاية ضخمة تعمل لصالح قادة تنظيم الإخوان الدولى والمجموعات الإرهابية المسلحة، وأياً يكن الأمر فالدور المرسوم لقطر يجعل من هذه المشيخة منطلقاً لمغامرين شواذ يمارسون لعبة خطرة بين الكبار وذلك من أجل حماية مكاسبهم التى حصلوا عليها بعد أن استولوا على البلاد.
ولا نكشف سراً لو قلنا إن تفاصيل تلك الصفقة شبه معلنة!!.. وسبق أن تساءل بعض اليمينيين فى الولايات المتحدة، خلال الأيام التى سبقت زيارة تميم: «لماذا يلتقى أوباما بزعيم دولة تدعم الإرهابيين؟»، وقاموا وقتها بالتحذير من أن مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة الأمريكية لقطر قد تمكن الدولة الخليجية من دعم التنظيمات الإرهابية البارزة وحلفائها، وفقاً لخطاب إلى الإدارة تم توزيعه فى الكابيتول، وهو الخطاب الذى قال بوضوح إن قطر، كبرى حلفاء أمريكا العسكريين فى الشرق الأوسط، تمول وتقدم ملجأ لعدد متزايد من الجماعات الإرهابية ومن بينهم داعش.
الخطاب الذى قام بتوزيعه النائب الجمهورى دوج لامبورن، العضو فى لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، وصف قطر بأنها الملاذ الآمن فى العالم للجماعات الإرهابية وقادة الميليشيات، ويحث المسئولين الأمريكيين على إعادة تقييم وتقدير التحالف العسكرى معها والذى يقدر بمليارات الدولارات.
وجاء فى الخطاب الموجه إلى وزير الدفاع الأمريكى الجديد آشتون كارتر أن «البصمة العسكرية الأمريكية فى قطر قد تمكن نظام آل ثان من تقديم أراضيه كمركز لجمع الأموال للإرهابيين فى المنطقة.. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية تنامى قطر كمحور عام للعملاء الإرهابيين ولتمويل الإرهاب».
وأشار الخطاب إلى أن حكومة الدوحة تغض الطرف عن جمع التمويل الإرهابى للقاعدة وداعش، كما أنها مولت بنشاط ودعمت، على الأقل حتى وقت قريب، حركة حماس، المصنفة إرهابية فى الولايات المتحدة، وهى العلاقة التى قال عنها الخطاب إن الدوحة أجبرت على مراجعتها بعد زيادة الضغوط من دول الخليج وليس الولايات المتحدة.
وهناك أيضاًً أدلة كثيرة ومؤكدة على أن قطر قد سلحت بشكل مباشر أو مولت عدة جماعات إسلامية فى المنطقة بما يقوض الأهداف الأمريكية فى دول حيوية مثل مصر وليبيا وسوريا بدفع تلك المناطق نحو التطرف العنيف، وفقاً لما ورد بالخطاب، الذى أضاف أن قادة بارزين بجماعة الإخوان المسلمين وطالبان قد وجدوا ملاذاً آمناً فى قطر، حيث كان لهم الحرية فى تنسيق الأنشطة المتطرفة، وفى بعض الأحيان الإرهابية، فى المنطقة تدون تدخل. ومضى الخطاب قائلاً إن اعتماد الولايات المتحدة على دعم قطر، والقاعدة العسكرية الموجودة بها قد جرأ القطريين على الاعتقاد أن بإمكانهم أن يقوضوا ويضروا بالمصالح والجهود الأمريكية فى المنطقة دون عواقب، ولا يجب أن تكون المصالح الاستراتيجية الأمريكية قيد الأسر.
إنها حالة تثير الاشمئزاز وتدعو للشفقة على الشعب القطرى الذى نتمنى له أن يتحرر من الاحتلال الأمريكى الذى أوكل شئون الدويلة لـ«موزة» وخدمها!
ولكن لماذا خضع تميم للضغوط الأمريكية وأقدم على هذه المغامرة وهو يعلم أن الأمريكيين يستخدمونه كفأر تجارب؟!
بغض النظر عن الضمانات والوعود التى أعطاها الأمريكيون له، فإن مصيراً سياسياً أسود ينتظر ابن موزة المدلل، الذى نأمل أن يكون مصيره فقط هو الأسود، لا مصير قطر كلها!
حمد طالب نجله من لندن بالتخلى عن الحكم ونقل السلطة إلى شقيقه.. وتميم يمنعه من دخول الدوحة!
* المخابرات الأمريكية تقدم تقارير سرية عن صفقات الأمير الصغير مع داعش وجماعة الإخوان.. وترامب يضع رقبة تميم تحت المقصلة
استعدادات لوضع تميم رهن الإقامة الجبرية.. وضغوط دولية لتنصيب شقيقه عبدالله
تميم يستعد لدفع فواتير غدر الأب.. وخيانة الأم
* حمد بن خليفة طعن والده فى ظهره وجلس على عرش قطر بصفقة مع عائلة «موزة»
الشيخة موزة وضعت أبناء زوجها رهن الإقامة الجبرية وعزلتهم عن العالم
سيناريوهات سوداء تهدد مستقبل الدويلة الصغيرة بعد رفع «ترامب» يده عنها
الشعب القطرى يعانى من عهود الغدر والخيانة ويدفع ثمن الحكام الصغار الذين تحولوا إلى فئران تجارب
تتردد أنباء عن سيناريو أمريكى مرتقب للإطاحة بتميم بن حمد بن خليفة آل ثانى واستبداله بشقيقه عبدالله بن حمد، وليس من المتوقع، حال صحة تلك الأنباء أن يتم نقل السلطة بهدوء كما حدث حين انتزعها تميم من والده الشيخ حمد الذى تردد أنه حاول إقناع نجله بالتخلى عن الحكم، لكن الابن، الحاكم الحالى، رفض ورفض أيضاًً السماح لوالده المقيم فى العاصمة البريطانية لندن بزيارة الدوحة!
لو صحت تلك الأنباء، تكون الولايات المتحدة قد قررت أن تتخلى عن الأمير الصغير بعد أن فشل رهانها على تقسيم دول المنطقة بعد ما عرف باسم الربيع العربى. وهو الرهان أو الخطط الذى استثمرت فيه الولايات المتحدة علاقة الأمير تميم بجماعة الإخوان وقامت بتصعيده إلى الحكم ليحقق لها عدة أهداف أبرزها تقديم الدعم المالى والسياسى لجماعة الإخوان فى مصر وليبيا وسوريا وتونس وبقية دول المنطقة لتكون هى مخلب القط الذى تستخدمه أمريكا فى تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير.
الأهم من كل ما سبق، هو تأمل كيف أوصلنا استهتار وغباء بعض من تولوا الحكم فى دويلات لا تستحق الذكر إلى تعاظم نفوذ القوات الأمريكية فى المنطقة العربية، بالصورة التى جعلتها تحتل مناطق واسعة بشكل مباشر أو غير مباشر. إذ إن حجم الجيش القطرى، الضئيل والهزيل هو الذى دفع الشعب القطرى لابتلاع الذل والقبول بأن يتمتع بحماية أمريكية وأن يتم احتلال بلاده بقواعد القوات الأمريكية. وأن يقف موقف المتفرج وهو يرى من يحكمونه يسلمون مفاتيح بلدهم وينفقون ثرواتهم على أكبر قاعدتين عسكريتين لأمريكا فى العالم، قاعدة العديد وقاعدة السيلية، والتى طبقاً لما ورد فى تقرير للكونجرس الأمريكى دفعت قطر أكثر من مليار دولار لبناء قاعدة العديد جنوب غرب الدوحة فى تسعينيات القرن الماضى خلال فترة حكم الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، حيث لم يكن لدى قطر سلاح جوى فى تلك الفترة، وحصل مهندسو الجيش الأمريكى على أكثر من 100 مليون دولار فى عقود بناء المنشآت الجوية العسكرية لبناء أماكن للطائرات الأمريكية، ومرافق السكن والخدمات.. ولإنشاء القواعد الأمريكية فى قطر قصة وجذور، فهى لم تنشأ من فراغ بل مثلت نقطة التقاء مصالح أمريكية – قطرية. ومن تلك النقطة، وقع الاختيار على حمد بن خليفة ليكون هو رجل أمريكا فى الدويلة ورجلها أيضاً فى المنطقة.
حمد وصل إلى السلطة فى قطر بانقلاب على والده «خليفة» الذى ذهب لسويسرا فى احتفالية كبيرة أقامها له الابن وكأنه حفل وداع له فى مطار قطر، ولم يكن الأب يتوقع أن يقوم الابن بهذا الانقلاب ويمنعه من أن تطأ قدماه أرض وطنه الذى كان يحكمه. وهو ما فعله الأب خليفة بن حمد من قبل حين أطاح بحكم ابن عمه فى انقلاب، إذ إنه بعد أن استقلت قطر عن بريطانيا عام 1971 حكمها الشيخ أحمد بن على آل ثان حتى أطيح به بانقلاب عسكرى دبره ابن عمه خليفة بن حمد، الذى قام بتسليم مفاصل الدولة لأولاده الذين كان أكبرهم وأفشلهم دراسياً «حمد»، فقام الأب بإخراجه من المدرسة قبل أن ينهى تعليمه الثانوى وإرساله إلى كلية سندهيرست العسكرية فى بريطانيا ومع أن حمد لم يتمكن من إنهاء الدراسة فيها ومع أنه تم فصله بعد تسعة أشهر، عاد إلى قطر برتبة جنرال، وتولى قيادة الجيش وولاية العهد!
وبصفقة سياسية مع ناصر المسند، المعارض القطرى وقتها، قام خليفة بتزويج ابنة المعارض موزة من حمد وتخلى المعارض عن معارضته مقابل أن تدخل ابنته القصر الملكى، ويشاء القدر أن يتطور الأمر وتصبح ضحية الصفقة هى الحاكم الفعلى لقطر والعقل المدبر لانقلاب الابن على الأب! بعد أن سيطرت على حمد وأطاحت بزوجاته الأخريات وأولاده منهن.
ويوم الثلاثاء الموافق السابع والعشرين من يونيو عام 1995، كان خليفة قد غادر قطر إلى سويسرا فى رحلة استجمام كعادة شيوخ الخليج الذين يهربون من حر الصيف إلى أوروبا، ولم يكن الشيخ خليفة يعلم أن حفل الوداع الذى أجرى له فى مطار الدوحة كان الأخير، وأن الابن حمد الذى قبل يد والده أمام عدسات التليفزيون كان قد انتهى من وضع خطته للإطاحة بأبيه واستلام الحكم.
وقطع تليفزيون قطر إرساله لإعلان البيان رقم واحد، وعرض التليفزيون صوراً لوجهاء المشيخة وهم يقدمون البيعة للشيخ حمد خلفاً لأبيه، واتضح فيما بعد، أن المشاهد التى تم عرضها دون صوت تعرضت لعملية قص ولصق عبر المونتاج!!.. وأن حمد قام بتوجيه الدعوة إلى وجهاء المشيخة وقام التليفزيون بتصويرهم وهم يسلمون عليه دون أن يكونوا على علم بما يجرى.
المهم، هو أنه بعد تزايد نفوذ موزة حاول نجل حمد الأكبر الشيخ فهد المشاركة فى انقلاب ضد والده عام 1996، انتصاراً لجده وانتقاماً من زوجة أبيه، ولكنه فشل مع ابن عم الشيخ حمد ما دعا حمد لطرده من سلاح الدروع القطرى واتهامه بأنه إسلامى متطرف، وتم وضع الابن الثانى مشعل بن حمد قيد الإقامة الجبرية، وكان عزلهما بضغط من «موزة» حتى يخلو لولديها جاسم وتميم الجو.
وفى المنتصف، جرت محاولة انقلاب فاشلة فى شهر فبراير 1996 نفذها أنصار خليفة بن حمد آل ثانى من الأفراد والضباط فى الجيش القطرى والحرس الأميرى بهدف الإطاحة بحمد.
وبعد فشل المحاولة، خضع حوالى 121 متهماً لمحاكمات استمرت من نوفمبر 1997 حتى مايو 2001 وحوكم المتهمون باتهامات «محاولة عزل أمير قطر عن الحكم بالقوة» و«حمل السلاح ضد دولة قطر» و«إفشاء أسرار عسكرية» و«التعاون والتآمر مع دول أجنبية»، وحضر للمحكمة كشهود وزير الخارجية القطرى آنذاك حمد بن جاسم آل ثانى ورئيس الوزراء آنذاك عبدالله بن خليفة آل ثانى فى سابقة تعتبر الأولى فى تاريخ القضاء القطرى، صدر الحكم النهائى بإعدام 19 متهماًً بالشنق أو بإطلاق الرصاص (لم تنفذ أحكام الإعدام إلى الآن) والسجن المؤبد لـ20 متهماًً آخرين والبراءة لـ28 متهماً.
وفى أكتوبر عام 1996 تم تعيين تميم بن حمد ولياً للعهد وهو الابن البكر للشيخة موزة وهو –مثل أبيه ومثل سائر أبناء حكام الخليج– تخرج فى كلية سندهيرست فى بريطانيا دون أن يكمل تعليمه الثانوى العادى.
وتميم ليس ابن موزة الوحيد فقد أنجبت أيضاً جاسم والشقيق الأصغر جوعان، كذلك، تم وصف انتقال السلطة إلى تميم ووالده لا يزال حيًّا يرزق بأنه يحمل بصمات «انقلاب أبيض». خاصة بعد أن تبع انتقال السلطة تنحى رئيس الوزراء حمد بن جاسم، الذى كان الرجل القوى فى عهد حمد بن خليفة.
2
السؤال المهم الآن هو: لماذا تريد الولايات المتحدة أن تطيح بتميم الآن؟!
معروف أن الولايات المتحدة هى صاحبة القرار فى أوجه صرف الأموال القطرية، طبقاً لما أصبح معروفاً للجميع وما أثبتته الطرق الملتوية، مثل الفدية وغيرها، التى حاولت قطر من خلالها أن تظهر أمام الرأى العام العالمى باعتبارها دولة مضحّية، وليست دولة ممولة للمجموعات الإرهابية المسلحة فى المنطقة وحتى فى العالم!
ولا نكشف سراً لو قلنا إن قطر لا تخطو خطوة دون إيعاز (أو أمر) من أسيادها فى واشنطن.
وما من شك فى أن قطر لعبت ولا تزال دوراً مشبوهاً وخطيراً فى الأحداث التى تشهدها المنطقة، فهى الداعم للعمليات الإرهابية، بالمال وبتجنيد شبكات الإرهابيين من عرب وأجانب وتأمين متطلبات انتقالهم إلى الدول التى تجرى فيها العمليات. وبين دوافعها للقيام بهذا الدور القذر وهم استفادتها «المحتملة» من المشروع الغربى لخط الغاز المنافس للخط الروسى القائم الذى يمد أوروبا بالطاقة، ومنع إنشاء خط يمتد من إيران عبر العراق إلى شواطئ البحر المتوسط.
وكان رفض سوريا للخط القطرى وموافقتها على العرض الإيرانى قد أزعج قطر. ونضيف إلى ذلك أن الدويلة الصغيرة ليست أكثر من حصان على رقعة الشطرنج، ولها دور حددته الولايات المتحدة، لا يمكنها غير الالتزام بأدائه، وهذا الدور هو دعم الإرهاب وتمويله، للدرجة التى جعلتها وسيطاً مقبولاً لدى أوساط معينة ومعروفة بين الإرهابيين وبعض الدول التى اختُطف منها مواطنون.
وهناك تقرير دورى لـ«وكالة الأمن القومى الأمريكية» يتناول القدرات المالية لداعش عن سنة 2014، حدد فيه ميزانيته بما يقترب من الـ2 مليار دولار، نصفها تقريباً من عائدات عمليات بيع النفط من الآبار التى سيطر عليها التنظيم فى العراق وسوريا وليبيا!
تقرير وكالة الأمن القومى كشف أن «خزانة التنظيم» يدخلها شهرياً 50 مليون دولار تقريباً، من الحكومة القطرية، من خلال 4 بنوك تقوم بتحويل الأموال عبر فروعها إلى المراكز المالية للتنظيم. غير ما يزيد على 2 مليون دولار يرسلها من داخل قطر أفراد من جنسيات مختلفة على شكل تبرعات لما توصف بـ«جبهة النصرة»، و25 حساباً بنكياً تم تخصيصها للتبرع للاجئين السوريين فى قطر وتركيا، وكل هذه الحسابات تنتهى إلى حسابات التنظيم!
وتأكيداً للدور القذر الذى تلعبه قطر، تم تسريب وثيقة منسوبة للسفير القطرى فى ليبيا يتحدث فيها عن إرسال أعداد من المقاتلين المرتزقة، تم تدريبهم فى معسكرات الــscg فى لبيبا تحت رعاية قطر.
ومن نص الوثيقة التى كانت عبارة عن خطاب رسمى من السفير لوزير خارجيته ننقل ما يلى: هناك 1800 مقاتل أنهوا تدريباتهم فى معسكرات الزنتان وبنى غازى والزاوية ومصراتة.. أقترح أن يتم إرسالهم على ثلاث دفعات إلى تركيا ومنها إلى العراق عبر كردستان.
خيوط جديدة بدأت تتكشف.. بشكل يوحى بأن الولايات المتحدة وأوروبا تحاول أن تغسل يديها من كل جرائمهم فى المنطقة، وتلبيسها لـ«الصبيان» أو للوكلاء، ونقصد تركيا وقطر!
وأمامى الآن، مقال يقترب من الدراسة لـ«ديفيد جريبر»، يطرح فيه عدداً من الأسئلة حول مدى جدية الغرب فى تصفية تنظيم داعش، ويشكك فى تلك الجدية ودليله فى ذلك هو ما يراه من تقارب مع الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى يصفه «جريبر»، بأنه السبب الأول والداعم الأول فى تواجد واستمرار تنظيم داعش!
«جريبر» أوضح أن متابعة الأحداث الجارية بمنطقة الشرق الأوسط، خلال السنوات التى شهدت ظهور وصعود «داعش»، تكشف أن تركيا قدمت للتنظيم ما يبقيه متواجداً، وما يجعله يمتلك القدرة على نقل عملياته إلى أوروبا والتى كان أحدثها مذبحة باريس التى أودت بحياة 129 مواطناً فرنسياً.
وبشكل أوضح، ذكر «جريبر» أن تحركات تركيا عند إعلانها الحرب على داعش، لم تتسبب فى أى ضرر للتنظيم، بل كانت تضرب الأكراد، وتمنعهم من تلقى الإمدادات عبر الحدود، وكانت غارات الطائرات التركية تستهدفت المواقع الكردية فقط، دون توجيه ضربات حقيقية لتنظيم داعش.
وفى المقال الأقرب للدراسة، يستعرض «جريبر» عدداً من الأدلة جمعها معهد دراسات حقوق الإنسان بجامعة «كولمبيا» بالولايات المتحدة، تثبت مساعدة تركيا لـ«داعش» و«جبهة النصرة»، ليخلص إلى أن أردوغان هو السبب الرئيسى فى ازدهار داعش.
أما الصبى الآخر أو الوكيل الآخر ونقصد قطر، فجاءته «القرصة» من ألمانيا، فى تقرير لـ«دويتشه فيله» أكد أن الدويلة الصغيرة احتضنت الجيش الإلكترونى لداعش، وأنها أكبر حاضنة لحسابات أنصار التنظيم الإرهابى على شبكات التواصل الاجتماعى، وأظهر تحليل حسابات «تويتر» مثلاً أن كل ثانية تغريدة كانت تحمل خبراً داعماً ومؤيداً لتنظيم «الدولة الإسلامية»، أى بمعدل 50% من تغريدات قطر تدعم وتساند التنظيم!
«لن نضع قواتنا فى أماكن لا يتم الترحيب فيها بنا».
بهذه الكلمات أجاب وزير الدفاع الأمريكى السابق دونالد رامسفيلد على سؤال وجه إليه بخصوص مستقبل القواعد العسكرية الأمريكية فى منطقة الخليج.
وقد كان لدخول القوات الأمريكية إلى بغداد تداعيات كبيرة تشهدها وستشهدها المنطقة العربية، لعل أخف هذه التداعيات هو مستقبل الوجود العسكرى الأمريكى فى الخليج.
فبعد دخول القوات الأمريكية إلى بغداد كشفت صحف أمريكية عديدة عن نية الإدارة الأمريكية إنشاء قواعد عسكرية دائمة أو طويلة الأمد فى العراق وهو الأمر الذى نفاه رامسفيلد. وبعد هذه الأنباء صرح رامسفيلد عن سعى أمريكا لسحب قواتها من السعودية ونقلها إلى قطر الأمر الذى سيؤدى بلا شك إلى تغيير شكل الوجود الأمريكى فى الخليج ومما لا شك فيه أثره كذلك.
قبل عدة أشهر من حرب العراق كتب صحفى أمريكى بارز مقالاً فى مجلة «أتلانتيك» أوضح فيه أن أحد أهداف حرب العراق هو إعادة توزيع القواعد الأمريكية المتواجدة فى الخليج والمنطقة العربية.
وأشار إلى أن توزيع القواعد الأمريكية لما وراء البحار الذى عززت به الولايات المتحدة وضعيتها خلال الحرب الباردة لم يأتِ نتيجة تخطيط بقدر ما كان قائماً على ما صادف أن وصلت إليه قوات الحلفاء عندما انتهت الحرب العالمية الثانية وتوابعها ؛ فقد وجدت الولايات المتحدة نفسها تتمتع بحق إقامة القواعد فى ألمانيا الغربية واليابان وكوريا وشرق البحر الأبيض المتوسط وغيرها.
ثم أشار أيضاً إلى أن مثل هذا السيناريو -لكن بغموض معين- يمكن أن يعقب حرب العراق.
وأوضح كذلك أن العراق يعتبر المكان الأكثر منطقية لإعادة تكوين تمركز القواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط فى القرن الحادى والعشرين، ولا يرجع هذا الاستنتاج إلى النزعة الإمبريالية إنما من نقيضها، ووفقاً لتصريحات محللين ومسئولين أمريكيين فإنه نتيجة لإدراك أنه ليس القواعد الأمريكية فى المملكة العربية السعودية وحدها تواجه مستقبلاً قاتماً، إنما كذلك الشرق الأوسط عموماً يقف على عتبة مرحلة انتقالية خطيرة ستؤدى إلى إضعاف النفوذ الأمريكى فى أماكن كثيرة منه.
ورأى كثير من المحللين الأمريكيين أن هناك سببين رئيسيين لإعادة توزيع القوات الأمريكية وإخراجها من السعودية، الأول هو الرفض الشعبى والإسلامى لوجود هذه القوات فى قلب المملكة العربية السعودية التى تضطلع «أى المملكة» بحماية الأماكن المقدسة. والسبب الثانى: القضية الفلسطينية وهيمنة الإسرائيليين على ثلاثة ملايين فلسطينى فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبهذا الشكل، كانت قطر هى أفضل بديل مناسب للقوات الأمريكية فى الخليج، حيث الترحيب الرسمى منقطع النظير، أما على المستوى الشعبى فأهم ما يميز قطر كقاعدة أمريكية هو ضعف التأثير والغضب الشعبى، وهو ما أشار إليه كينيث بولاك المحلل العسكرى السابق فى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى كتاب عنوانه «نذر العاصفة الوشيكة»، والذى أكد فيه أن شعوب دول الخليج مستاءة بشكل عام من وجود القوات الأمريكية باستثناء قطر!
عملية إعادة ترتيب أوضاع القوات الأمريكية فى الخليج اعتمدت على مبدأ كان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد قد بدأ بطرحه قبل وقوع هجمات 11 سبتمبر 2001 بشأن إعادة تنظيم أوضاع القوات الأمريكية العاملة خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
ووقتها، كانت هناك مناقشات بشأن تخفيض أعداد القوات الأمريكية فى شرق آسيا، وسحب القوة الأمريكية المشاركة فى عملية حفظ السلام «MFO» فى شبه جزيرة سيناء، إلا أن عقبات مختلفة حالت دون ذلك.
لكن تطبيق هذا المبدأ حالياً فى الخليج يرتبط إضافة إلى خلفيته السابقة بحقائق ما بعد الحرب على العراق فى ظل قدرة غير محدودة لرامسفيلد على تحويل تصوراته إلى واقع، فالعراق الذى كان مصدر التهديد الرئيسى لمصالح الولايات المتحدة فى الخليج قد انتهى اليوم بحيث أصبحت المنطقة حسب تصريحاته أكثر أمناً.
ولذلك بدا من التصريحات الصادرة عن المسئولين فى البنتاجون والتى تزامنت مع بداية عملية ترتيب أوضاع القوات فعلياً أن التفكير يتجه نحو «عملية شاملة» تتضمن ثلاثة اتجاهات فرعية هى تقليص حجم الوجود العسكرى الأمريكى، وإعادة نشر (تمركز) القوات التى سيتم الإبقاء عليها. وإعادة هيكلة التشكيلات العسكرية العاملة فى المنطقة خلال الفترة القادمة.
بالنسبة للحجم، كان هناك إدراك دائم لدى المسئولين الأمريكيين بوجود تناقض كبير بهذا الشأن فى الخليج. فهناك حساسية من جانب بعض الدول كالسعودية بشأن «التواجد كبير الحجم» للقوات الأمريكية بها، أو بصورة أدق «الظهور الواضح» لها على نحو أدى إلى نشرها فى قواعد منعزلة نسبياً، والحد من الاحتكاك بالمواطنين.
فى المقابل، يؤدى تقليص حجم القوات الأمريكية إلى بروز قلق لدى بعض الدول إزاء مدى الالتزام الأمريكى تجاه أمنها، فى ظل وجود تصورات مختلفة لدى بعض العواصم الخليجية بشأن «مصادر تهديد» أمنها الخاص، فقطر الصغرى تخشى جارتها الكبرى السعودية، والكويت تخشى من عدوها اللدود العراق، والإمارات تخشى من الأطماع الإيرانية، والبحرين تخشى من قلاقل الشيعة.
مسألة إعادة نشر أو تمركز القوات الأمريكية بقدر أكبر من الوضوح، فعلى الرغم من أن الجنرال تومى فرانكس يشير إلى أنها لا تزال قيد الدراسة فيما يتعلق باختيار «الأماكن» التى تحقق أقصى عائد عسكرى، فإن التصريحات غير الرسمية الصادرة عن مسئولى البنتاجون بشأن معايير نشر القوات تشير إلى محددات واضحة لذلك أهمها مستوى المشاعر المعادية للولايات المتحدة الأمريكية فى الدول المستضيفة، ومدى سماح «الدول المستضيفة» بحرية حركة القوات البرية والجوية فى استخدامها لأراضيها. وحجم الاستثمارات المالية العسكرية التى تم إنفاقها فى كل موقع. والأهمية «الجيوسياسية» للدولة المضيفة.
وقد أوضحت التفاعلات التى أحاطت بعملية نقل مركز العمليات الجوية التابع للقيادة المركزية من السعودية إلى قطر أهمية تلك المعايير فى تحديد اتجاهات رياح نشر القوات، كما هو واضح فى مسألة المشاعر الداخلية المعادية، والسماح باستخدام القواعد فى العمليات الحربية، فى الوقت الذى يتم التجاوز فيه عن بعضها، كالإنفاق المالى فى ظل وجود تصور أمريكى بأن قاعدة «العديد» فى قطر أكثر ملاءمة من الناحية السياسية على المدى الطويل، مع أهمية المعيار الأخير فى استكشاف اتجاهات التفكير فى البنتاجون بشأن «عمل القوات» فى المستقبل.
فاتجاهات إعادة نشر القوات فى اتجاه الكويت والعراق تشير بوضوح إلى الاقتراب من إيران وسوريا، ولو عبر الاحتفاظ بقوة قريبة تتيح خياراً عسكرياً نظرياً يعمل طوال الوقت لدعم الضغوط السياسية العنيفة ضد الدولتين مع ضبط الأمور بين دول الخليج ذاتها.
ولا توجد فى هذا السياق اتجاهات شديدة التحديد بشأن إعادة هيكلة القوات فى الخليج، لكن خبرة الحرب وتقارير البنتاجون، والتصريحات القليلة الصادرة، تشير إلى احتمالات حدوث عملية خفض واسعة النطاق فى عدد «القوات غير المقاتلة» العاملة ضمن أفرع الوحدات المختلفة خاصة أن حجم «المتعاقدين الفنيين»، وهم من المدنيين أساساً يصل إلى ما بين 25 و30% من قوة الجيش الأمريكى.
لكن المسألة برمتها لا تبدأ وتنتهى عند جوانبها العسكرية، فمع تحول خريطة الوجود العسكرى الأمريكى فى المنطقة تحولت المعادلات الحاكمة لشكل العلاقات والتحالفات الاستراتيجية الأمريكية فيها، وعلى الرغم من الحرص الشديد الذى أحاط بالتصريحات الأمريكية -السعودية خلال عملية إنهاء الوجود العسكرى الأمريكى فى قاعدة الأمير سلطان الجوية والذى تم- حسب ما قيل- باتفاق الجانبين بفعل عدم وجود حاجة لبقاء القوات لم يتمكن الطرفان من إخفاء أن ما حدث «شىء كبير» بصورة اعتبرها البعض مؤشراً على تصدع العلاقات بين البلدين!
3
هكذا، تحولت دويلة قطر إلى كيان محتل يقدم خدماته الأمنية والعسكرية والإعلامية ويمارس أبشع أنواع السمسرة والوساطات السياسية القذرة ويبدد ثروات الشعب القطرى فى استثمارات وصفقات لا هدف لها غير ضمان رضا المحتل عن رجال ونساء الدويلة الصغيرة. بل ووصل الأمر حد أن تجاهر الدويلة وتفاخر بتقديم خدماتها للولايات المتحدة وإسرائيل وقيامها بمنح تنظيم الإخوان والمجموعات التكفيرية المسلحة التابعة لها خدمات إعلامية ودعاية ضخمة تخطت كل حدود الصفقات المتعارف عليها، وقامت بتحويل «جزيرة موزة» إلى ماكينة دعاية ضخمة تعمل لصالح قادة تنظيم الإخوان الدولى والمجموعات الإرهابية المسلحة، وأياً يكن الأمر فالدور المرسوم لقطر يجعل من هذه المشيخة منطلقاً لمغامرين شواذ يمارسون لعبة خطرة بين الكبار وذلك من أجل حماية مكاسبهم التى حصلوا عليها بعد أن استولوا على البلاد.
ولا نكشف سراً لو قلنا إن تفاصيل تلك الصفقة شبه معلنة!!.. وسبق أن تساءل بعض اليمينيين فى الولايات المتحدة، خلال الأيام التى سبقت زيارة تميم: «لماذا يلتقى أوباما بزعيم دولة تدعم الإرهابيين؟»، وقاموا وقتها بالتحذير من أن مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة الأمريكية لقطر قد تمكن الدولة الخليجية من دعم التنظيمات الإرهابية البارزة وحلفائها، وفقاً لخطاب إلى الإدارة تم توزيعه فى الكابيتول، وهو الخطاب الذى قال بوضوح إن قطر، كبرى حلفاء أمريكا العسكريين فى الشرق الأوسط، تمول وتقدم ملجأ لعدد متزايد من الجماعات الإرهابية ومن بينهم داعش.
الخطاب الذى قام بتوزيعه النائب الجمهورى دوج لامبورن، العضو فى لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، وصف قطر بأنها الملاذ الآمن فى العالم للجماعات الإرهابية وقادة الميليشيات، ويحث المسئولين الأمريكيين على إعادة تقييم وتقدير التحالف العسكرى معها والذى يقدر بمليارات الدولارات.
وجاء فى الخطاب الموجه إلى وزير الدفاع الأمريكى الجديد آشتون كارتر أن «البصمة العسكرية الأمريكية فى قطر قد تمكن نظام آل ثان من تقديم أراضيه كمركز لجمع الأموال للإرهابيين فى المنطقة.. وقد شهدت السنوات القليلة الماضية تنامى قطر كمحور عام للعملاء الإرهابيين ولتمويل الإرهاب».
وأشار الخطاب إلى أن حكومة الدوحة تغض الطرف عن جمع التمويل الإرهابى للقاعدة وداعش، كما أنها مولت بنشاط ودعمت، على الأقل حتى وقت قريب، حركة حماس، المصنفة إرهابية فى الولايات المتحدة، وهى العلاقة التى قال عنها الخطاب إن الدوحة أجبرت على مراجعتها بعد زيادة الضغوط من دول الخليج وليس الولايات المتحدة.
وهناك أيضاًً أدلة كثيرة ومؤكدة على أن قطر قد سلحت بشكل مباشر أو مولت عدة جماعات إسلامية فى المنطقة بما يقوض الأهداف الأمريكية فى دول حيوية مثل مصر وليبيا وسوريا بدفع تلك المناطق نحو التطرف العنيف، وفقاً لما ورد بالخطاب، الذى أضاف أن قادة بارزين بجماعة الإخوان المسلمين وطالبان قد وجدوا ملاذاً آمناً فى قطر، حيث كان لهم الحرية فى تنسيق الأنشطة المتطرفة، وفى بعض الأحيان الإرهابية، فى المنطقة تدون تدخل. ومضى الخطاب قائلاً إن اعتماد الولايات المتحدة على دعم قطر، والقاعدة العسكرية الموجودة بها قد جرأ القطريين على الاعتقاد أن بإمكانهم أن يقوضوا ويضروا بالمصالح والجهود الأمريكية فى المنطقة دون عواقب، ولا يجب أن تكون المصالح الاستراتيجية الأمريكية قيد الأسر.
إنها حالة تثير الاشمئزاز وتدعو للشفقة على الشعب القطرى الذى نتمنى له أن يتحرر من الاحتلال الأمريكى الذى أوكل شئون الدويلة لـ«موزة» وخدمها!
ولكن لماذا خضع تميم للضغوط الأمريكية وأقدم على هذه المغامرة وهو يعلم أن الأمريكيين يستخدمونه كفأر تجارب؟!
بغض النظر عن الضمانات والوعود التى أعطاها الأمريكيون له، فإن مصيراً سياسياً أسود ينتظر ابن موزة المدلل، الذى نأمل أن يكون مصيره فقط هو الأسود، لا مصير قطر كلها!